الشاعر عبد الكريم الطبال واحد من رواد الحداثة الشعرية العربية بالمغرب، وهو إلى ذلك شاعر مشاء. راهب يتحصن بمعبد القصيدة، وأيقونة شعرية تحرس مدينة الشاون الصغيرة- شمال المغرب- من عاديات اليباس. بعيد عن الأضواء لكن قصائده تجتذب إليها الأضواء من كل فج (...)
في روايته الجديدة «لا سلّم يتيح الصعود إلى الطابق فوق السفلي» يعيد الأستاذ عبد الله العكوشي طرح إشكال الترقي الاجتماعي عبر التحصيل العلمي، باعتباره مجرد وهم تدحضه قوة الوقائع، فكما أنه شخّص في روايته الأولى «شغب الذاكرة» معضلة جدوى معارف يكد (...)
لم تعد الأعراس والحفلات، اليوم، ولائم مفتوحة للعموم كما كان الحال عليه أيام زمان، حين كان الكرم خصلة يتسابق إليها سادة العرب وأشرافهم ويتغنى بها الشعراء ويرويها الرواة. خاصة وأنه قد صار لمثل هذه المناسبات متعهدون لا يتركون، في تخطيطاتهم لها، مجالا (...)
في حوار جانبي، وفيما الدكتورة آمنة بلعلي، أستاذة السيمياء، بجامعة تيزي وزو بالجزائر، تصوغ بأناقتها الأسلوبية، البيان الختامي للندوة الدولية حول «الكتابة والذاكرة» التي انعقدت، مؤخرا، بكلية الآداب والعلوم الإنسانية بالقيروان في تونس، أشرت عليها بحذف (...)
هَبْ أنك تبيع الذهب بالقراريط وأن الآخرين يبيعون التين والزيتون بثمن التراب. هبْ أنك سباح ماهر يغوص على اللؤلؤ والمحار في أعالي البحار وأن غيرك يكتفي من اليم بمد الرجلين بحذر من على الجروف. هبْ أنك عازف سمفونيات، أو بيتهوفن حتى، وأن سواك يدندنون (...)
تحكي الأمثولة- عن والدي رحمه الله- أن وليا صالحا مرّ على زنبورة تطن في القفير فسألها عن صنيعها، فردت عليه- بالدارجة- «أنا أخرّف لا غير»، فدعا عليها ب«الخرَف» إلى يوم الدين، فكان. ومرّ على نحلة شغالة فسألها السؤال ذاته فأجابته- بالدارجة أيضا- «أحضّر (...)
ما رأيكم لو حكيت لكم اليوم حكاية بدل الخوض في قضايا كبرى من قبيل قانون التحرش أو سجال الدارجة والفصحى؟ هي مجرد حكاية، لكنها قد تلخص بعضا مما يجري أو سيجري. حكاية يقال إنها وقعت، والراجح أنها لم تقع. لكن الشهود، دوما، موجودون في المكان الخطأ والزمن (...)
حين أشرتُ في مقالة سابقة إلى الفئات المهددة بالخرف والجهل، لم يكن في بالي أن أحصر ماسماه الأستاذ عبد الله العروي «الآفة «في المعلمين ورجال السلطة والأطباء. أولاً، لأن التحذيرات منبثقة من استنتاجات لعلماء نفس وعلماء اجتماع رصدوا الظاهرة تاريخيا (...)
ما من شك في أن اللغة هي الواقع المباشر للفكر، كما قال كارل ماركس، إلا أنها قد لا تكون الواقعَ المباشر للواقع نفسه. ومعناه أننا، أحيانا، قد نغير في لغة الخطاب من دون أن نغير في مسلكياتنا، خاصة ونحن أمة بارعة في التحايل باللغة على الواقع قصد تكريسه لا (...)
حين التقيتُه ذات غروب، ترقرقتْ عيناه بدمع هطول لا يناسب صحته وسنه. بكى صاحبي لا لأنه «رأى الموت دونه» أو تذكر العشيرة البعيدة، وإنما من فرط الإهانة التي تعرض لها- كما قال - وهم يكرّمونه بمناسبة إحالته على المعاش، منحوه برّاد شاي، في حجم منمنمة، (...)
رغم أنهم لا يكتبون فهم كُتاب.كتاب رغم أنوف القراء الكرام والقراء اللئام على السواء. وهمْ في هذا ليسوا بدْعا في العالمين. إذ إن أمثالهم في انتحال «الصناعات» الأخرى أشر وأمَرّ. وهم للأسف كثر. ففي الأراضي المشاعة يجوز لكل من حمّم شاربه أن يدعي الحدادة. (...)
دفعا لكل إيحاء غير مرغوب فيه فإننا نبادر إلى التنويه بأن»النص» المقصود - هنا- هو» النص الأدبي «وفق نطقه الفصيح (بفتح النون وتشديدها). وكل ضمّ لنونِه لا يلزم سوى أولئك الذين صدمهم، تلك الليلة، مشهد راقصة بلا سريولات، لا فوق خشبات» موازين» العمومية (...)
ما معنى أن تكون قاصا مغربيا؟ إنه سؤال مركب يروم اختبار الهوية المزدوجة للكائن القصصي، بما هو قاص أولا، ومغربي ثانيا. ولأنه سؤال معقد، فإن هناك أكثر من طريقة للالتفاف عليه وعلى أي سؤال قد يتقصد «المعنى»، سيما أن سؤال المعنى- إن كان هناك معنى أصلا- قد (...)
المسألة هنا» خطيرة» جدا، فيما نظن، إلى الحد الذي يستلزم من القراء التماسك قليلا قبل مطالعة المقال كاملا. إذ لا يتعلق الأمر بتحذير من «قومة» أو«رؤيا» نتوقع حدوثها كتلك النبوءات التي حلم بها نوسترادموس- بحرص يليق بالغموض الدال- ومن دون دخول في (...)
يحكي غابرييل غارسيا ماركيز، بتسليم، عن الأخبار التي تروجها عنه الصحافة دون أن يتمكن من تأكيدها أو نفيها، فهو مشارك في مهرجان دون علمه، أحيانا، وهو مسافر إلى أرض لم تطأها قدماه قط، أحيانا أخرى، وهو يحاضر، وهو يحاوَر، وهو، وهو... دون أن يكون هو. (...)
هل جرّب أحدكم أن يكون من هواة «حل المشاكل»؟ إنها هواية ساذجة وطريفة مررنا بها جميعا يوم كنا لا نرى من الدنيا إلا الأراجيح والطيور والمروج والغيوم الشفافة المسافرة، بمعنى يوم كنا لا نرى شيئا أو نكاد، وما أن استفقنا من غيبوبتنا الحلوة حتى انذهلنا مما (...)
هم عندنا فئة لابأس بها في المطلق، رغم تواضع كتلتها في الواقع، قياسا إلى التاريخ والديموغرافيا، وبالنظر إلى ما ينبغي أن يكون، ويشكل قراء المقاهي شريحة محترمة منهم، رغم أن كثيرا من هؤلاء غير جدير بالاحترام، لا في شخصه وإنما في مسلكه الذي قد لا يخلو من (...)
عادة ما نرتاح لأوهام مجنحة فيما تجرحنا الحقائق الشاخصة. نفضل أكذوبة ًمرقشة على حقيقة عارية، ننحاز إلى ما لا معنى له ونتفادى الاصطدام بالمعنى مَهْما غارَ أو فاض، نهرب من واقعنا العيني كما نهرب من جذام، نلومه واللوم فينا. الوهم شاعري بينما الحقائق (...)
الآن وقد طويتْ صفحة ُالطبعة التاسعة عشرة من المعرض الدولي للكتاب، الذي احتضنته الدار البيضاء مؤخرا، يجوز لنا الحديث عن هذه التظاهرة دونما وقوع في شطط التأويلات المغرضة، سيما أن ربط مثل كذا حديث بمطالب ذاتية أو جماعية بات، بقوة التقادم، في حكم (...)
للغة سطوة كبيرة على الواقع حتى أنها تصادِر عليه من دون أن يصادِر عليها، أي أنها تؤثر فيه، أحيانا، أكثر مما يؤثر فيها. ولا شك أن وقعها عليه سحري بكل ما تحمله كلمة السحر من دلالات، مادام السحر في عمومه ممارسة لغوية (تعويذات وهمهمات) قد تفعل فعلها في (...)
قبل حوالي عشرين سنة من الآن جمَعَتني مناسبة مع شاعر مغربي- أصبح له اليوم اسم ومركز- وفيما نحن نتطارح هموم الكتابة وأزمة تصريف الكِتاب، اقترحتُ عليه، مازحا، أن يوزع ديوانه مجانا مع عشرة دراهم للتحفيز على القراءة، فلربما وجدَ شعرُه قارئا، هذا إذا لم (...)
لئن كان لي أن أتموقع ضمن «جدلية الكاتب والقارئ» فإنني سوف لن أتردد في الاصطفاف إلى جانب القارئ نكاية في بعض الكتاب. لا لأنني أعتبر نفسي قارئا بالدرجة الأولى وحسب، وإنما دفاعا عن حقوق القراء في ما يقرأون وما لا يقرأون (فمتى استعبد كاتب قراءه وقد (...)
يساور المرءَ شبهُ يقين بأن كثيرا من كتاب اليوم ومبدعيه، عدا استثناءات، هم أقل تجربة في الحياة من سواهم، وهم بالتالي أفقر من دونهم خيالا ومعرفة.لذلك تجدهم في واد والواقع في واد .وإذا اختلف الوادُ مع الوادِ انتصروا إلى واديهم ضدا على» الحقيقة .»نحن (...)
الترجمات الدقيقة ليست ترجمات حرفية بالضرورة، وإنما هي تلك الترجمات الملائمة. هذا إذا افترضنا أن هناك ترجمات نهائية. ومعناه أن المقابِلات الموضوعة بأمانة لبعض الكلمات والتعابير قد لا تكون مناسبة لترجمة واقع الحال، فكلمة «المظلة»، مثلا، أكثر ملاءمة، (...)
كلاهما كان ضريرا ومشعا كمنارة.. وكلاهما وُضِعَ له تمثال في الميدان يشار إليه بالبنان بما هو رمز من رموز الثقافة العربية.. وكلاهما كان زاهدا أو يكاد.. وكلاهما تعرض تمثاله، مؤخرا، للتحطيم.. هما معا يتفقان في العبقرية ونفاذ البصيرة وإن فرقت بينهما (...)