العرائش أنفو ودعنا اليوم إلى الأبد، الأستاذ الذي كان من الذين يؤمنون بأن العلم في الرأس وليس في الكراس. كان رحمه الله يؤمن إيمانًا راسخًا أن المعرفة ليست مجرد حروف مكتوبة على الأوراق، بل هي خلاصة تجارب وحياة، وهي التي تبقى في قلوبنا وعقولنا مهما مر الزمن. علمنا أن العلم ليس مجرد معلومات تُحفظ، بل هو فكر حي يتجدد في كل لحظة، ويدفعنا نحو التفكر والوعي المستمر. كان من أساتذة الزمن الجميل، الذين تركوا بصماتهم على جيل كامل. تتلمذ على يديه طلاب ثانوية محمد بن عبد الله بالعرائش، التي كانت تعرف بيننا ب "التيجيريا"، تلك المدرسة التي كانت بمثابة منارة للعلم والتربية في قلب المدينة. لم يكن مجرد معلم في الفصول الدراسية، بل كان أيضًا مربّيًا وصديقًا، يُغرس فينا قيم التفكير النقدي، والبحث المستمر عن الحقيقة. كان يتعامل مع كل طالب كفرد، يحترم عقليته ويسعى لإبراز مواهبه وإمكاناته. لم يكن مجرد معلم في مادة التربية الإسلامية، بل كان مصدر إلهام لنا جميعًا. علمنا كيف نعيش بأخلاق، وكيف نواجه تحديات الحياة بعقل مفتوح وقلب صادق. كانت دروسه دائمًا تتعدى حدود المادة التعليمية لتصل إلى الحياة نفسها، وتعلمنا منه كيف نعيش بصدق في زمن يعج بالمتناقضات. أستاذنا الفاضل، رغم رحيلك الجسدي، ستظل حاضراً في قلوبنا. ما علمتنا إياه لا يمكن أن يُنسى، بل سيظل منارة نسترشد بها في حياتنا. كنت مثالا للمربي الفاضل الذي يزرع فينا بذور العلم والإيمان والمقاومة لأجل الوطن. رحمك الله، وأدخلك فسيح جناته، وجعل ما قدمته لنا من علم وتوجيه في ميزان حسناتك. سيظل اسمك محفورًا في ذاكرتنا إلى الأبد، وستظل ذكراك حية في قلوب كل من عرفك.