يحفل تاريخُ الثقافات البشرية بحالات كثيرة انصبَّ فيها جهد بعض تلك الثقافات على التفكير في ذاتها بدلَ التفكير في العالَم خارجها، وكلّ غايتها أن تُنير عتماتها، وتُجدِّد وعيها بحركتها، وتكشف عن كلّ ما من شأنه أن يُعيق جسدها الإبداعيّ عن التطوّر. ومن (...)
أكدت جائحة كورونا حقيقة أن الغرافيتي ليس فنّا نخبويا تحتضنه المتاحف وترعاه دور المزادات الكبرى وتقام له المعارض بالأحياء الراقية وتشدد حوله الحراسة، وإنما هو فن العامة، وتتركز غايتُه على مراقبة معيش الناسِ حتى إذا وجد فيه سوءة حشد كل جهده وراح (...)
عاشت الكاتبة وعالمة الاجتماع المغربية فاطمة المرنيسي ما يناهز خمساً وسبعين سنة، ونشرت خمسة عشر كتاباً من بينها «أحلام النساء: طفولة في الحريم» و«شهرزاد ترحل إلى الغرب» و«نساء على أجنحة الحلم».
وحاضرت في جامعات ومنتديات فكرية عربية وغربية، ونالت (...)
لا نشكّ في أن الرواية العربية الحديثة راحت تتطوّر بنسق سريع، عبّر عنه تنامي عدد إصداراتها، وشغفُ النقاد بدراستها، وزحزحتُها لعرش الشعر حتى صارت بتوصيف جابر عصفور «ديوان العرب المحدثين». ولأن لكلّ تطور نجاحات ممزوجة بهَنات هي بدورها ممزوجة بعراقيل، (...)
هل تصنع الكتابة بهاء الأشياء؟ هذا السؤال يُحيل إلى آخر وصورته: هل يمكن للفعل الكتابي أن يهب الأشياء نضارتها؟ وهما سؤالان تكفّلت بالإجابة عنهما مجموعة علي بنساعود القصصية القصيرة جدا «ظلال ذابلة» الصادرة مؤخرا عن دار «الأمان» بالرباط.
ولأنّ هذه (...)
بعد أن أصدر القاص والناقد المغربي حميد ركاطة مجموعته القصصية القصيرة جدا"دموع فراشة "عن دار التنوخي 2010 ، ينشر اليوم، عن مطبعة الأنوار المغاربية بوجدة، كتابا في النقد الأدبي بعنوان "البحث عن المعاني اللامرئية ودلالة الأشياء في شعر محمد علي (...)
هل يحقُّ لنا الحديثُ عن السعادةِ في زمننا العالميِّ الراهن؟ قد يعترِضُ مُعترِضٌ بالقولِ إنّ عصرَنا الراهن عصرٌ غيرُ سعيدٍ بأشيائه وساكناتِه، وقد يزيدُ إلى قوله حُجّةً بإشارته إلى ظهور جدارِ اللاَّفَهْمِ المُتَبادَلِ بين الثقافات "حسب تعبير فرانسوا (...)
لا نعدِمُ من تاريخِ البشريّة محاولاتٍ صادقةً لاستنباتِ الخيرِ بين الناس تكفّل بإنجازِها بعضُ الفلاسفة والعلماء والأديان والأدباء، وقد ظلّت قليلةَ الحضورِ في ما وصلنا من أخبار، وأمّا أغلبُ هذا التاريخِ، فدماءٌ دماءٌ. كان العنفُ في بداياتِه ذاتيًّا (...)
لا أحدَ منّا عاقِلاً إلاّ بمقدارٍ، بمعنى أنّنا كلّنا مجانينُ بمقدارٍ أيضًا، وهذا ما يجعل حياة الكائن البشريّ تنوسُ بين فضاءَيْن من التواجُدِ الأرضيِّ، وحركةُ نَوَسانِها تهدِّئُ من روعِ الإنسانِ وتُنسيه آلامَه وتُدخِلَه في حالةِ خَدَرٍ واقعيٍّ يتجاوز (...)
يمكنُ أن تَجِدَ أمامَ بيتِكَ كلَّ صباحٍ جَبَلاً من الأفكارِ التي تليقُ بمَديحِ غيرِكَ، يمكنُ أن تكون سواكَ في اللُّغةِ دون خوفٍ من التتبُّعاتِ الدَّلاليّةِ، ويمكنُ مثلاً أن تخرُجَ من جلدَتِكَ مثلَما أفعى بالكلامِ فقط، وتترك وراءَك ماضيك وما فيه من (...)
كلُّ الناسِ وُلِدوا بالصُّدفةِ. وأغلبُهم تزوّجوا بالصُّدْفةِ. وفيهم مَنْ أحبَّ بالصُّدفةِ حُبًّا جَمًّا وباتَ يسهر لياليَه مُعنَّى بخيالِ محبوبِه. وهناك مَنْ بلغ أعلى مراتب الحياة الاجتماعيّة وهو لا يدري كيف وصل إليها، ولا ماذا يفعل فيها، ولا حتّى (...)
يبدو أنّ أُمنيةَ كلِّ امرأةٍ في هذه الأيّام هي الزَّواجُ، هذا ما أوقفَتْنَا عليه مُشاهدتُنا الدَّقيقةُ الواقعَ المعيشَ. فالإناثُ في مجتمعنا العربيّ جاوَزْنَ الذُّكورَ عدَدَا، وهو أمرٌ لا بدّ أن ينتبه إليه علماء الجناسة والاجتماع والأنتروبولوجيا (...)
لن نتحدّث في مقالتنا هذه عن المحتوى الأدبيّ الذي يُدرّسَ للطلبة في مدارسنا العربية، لأنّ لنا فيه رأيًا لا يسعه كتابٌ، ولكنّنا سنكتفي فيها بالحديث عن السلوكات المدرسيّة ومحتوياتِها القِيميّة. ذلك أنّ لأدبِ السلوك البشريّ أثرًا في المجتمعات كبيرًا قد (...)
ظهرت في الآونة الأخيرة عياداتٌ نسائيّةٌ خاصّةٌ بأمراضِ العواطفِ والقلوبِ والأجسادِ. وفيها تتلقّى المريضة علاجاتٍ كلاميّةً تضمنُ لها استمرارَ زواجِها من بَعْلِها ووضعِه في الطريق الصحيح الذي لا يستطيعُ فيه تصديقَ لفظةِ قَدْحٍ في زوجتِه مهما رأتْ (...)
المدن كالناس، تولد بالصدفة مثلما هم يولدون «و دائما إثر رغبة سريرية سريّة في مكان لا تراه الشمس»، ولا تختار أسماءها أبدا، و تشبّ على ما يراد لها أن تكون عليه من أخلاق فاضلة سامية، وقد تتعنّت قليلا أو كثيرا في اختيار تفاصيلها «في فترة المراهقة» و (...)
أغلبكم "أعني كلّكم تقريبًا" يعرفُ أنّ الزوجةَ، أغلبَ الزوجاتِ، ما أنْ تحيضَ وتبيضَ وتتجاوز سنتَها الرابعةَ زواجًا حتى تصير في عينيْ بَعْلِها "وهي تُسمّيه عادةً بَغْلَها" كتلةً من اللّحم البارد، بل تصير مثل دجاجة إسبانية مثلَّجة كثيرة الشحم قليلة (...)
خُلِقَ الإنسانُ كامِلاً في نَقْصِه. تقولُ الحكمةُ لو كنّا نُلِمُّ بجميعِ المعارِفِ لانتهينا إلى فسادٍ، ذلك أنّ كثرةَ المُجرياتِ الاجتماعيّةِ والسياسيّة والثقافيّة والاقتصاديّةِ تخلق عتمةً بينَنا وبين فهمِ أنساقِها. وهو أمرٌ يدعونا إلى البحثِ (...)
هذا زمنُ اللاَّمعقول، زمنٌ صفتُه أن الإنسانَ فيه لا يستطيع إثباتَ وقوعِ الأحداث في سياقاته الاجتماعيّة والسياسيّة أو نفيها بالحجّة والبرهان، ومن ثمة يُصيبُه التردّدُ والحيرةُ اللذان تحدّث عنهما تودوروف في كتابه مدخل إلى الأدب الفانطستيكي، ويغيبُ عن (...)
لا يُحيلُ عنوانُ مقالتِنا إلى المرأة الحديديّةِ التي حكمت بريطانيا وفعلتْ ما فعلتْ في السياسةِ العالميّةِ، ولا يعني البتّةَ أنّ أجسادَ نسائنا مليئةٌ بالحديدِ وهو ما يجعلهنَّ بارداتِ العواطف في الصباحِ "قبل التَّحْميةِ التي تَتمُّ تلقائيًّا بفعلِ (...)
كلُّ ما في الأمرِ أنّ الحيواناتِ، وبخاصّةٍ منها القِطَطَ، تُجيدُ أفضَلَ منّا فعلَ التبويسِ أو التقبيلِ شفةً بشفةٍ. بهذا يمكنُ أن ينتهي معنى مقالتي. أو يمكنُ أن أجعلَها تنتهي باعتبارِ أنّ للحيواناتِ عواطِفَ وقلوبًا تخفقُ وأجسادًا تأكُلُها نارُ (...)
جاء في دراسةِ أجرتْها الباحثتانِ الاجتماعيتان الأمريكيتان ماريا كانشين، وديبورا ريد "وهما من اللواتي لهنّ خبرةٌ في التزوُّجِ" ونشرتاها في كتاب "تغيير الفقر.. تغيير السياسات"، أنّ من الأمور التي تزيدُ من نسبةِ الفقرِ في العالَمِ انخفاضُ مُعَدَّلات (...)
يذهب البعضُ إلى القول بأنّ فيروسَ H1N1 المُسمّى «أنفلونزا الخنازير» «والخنازير بريئة منه»، هذا الذي اجتاح بلدانَ العالَم في ظرف زمنيٍّ قياسي ما هو إلاّ مؤامرةٌ يقودها سياسيون ورجالُ أعمال وشركاتُ أدويةٍ في البلدان الغربية الكبرى بتحريضٍ من قِبَلِ (...)
فاتَ شهرُ رمضان ولم يبقَ منه إلاّ بعضُ القُبُلاتِ التَعْييديّةِ التي يتبادلُها النّاسُ في شيءٍ من النِّفاقِ الاجتماعيِّ. ولم يَبقَ من أيّامِ العيدِ إلاّ تَلَمُّضُ الأفواه لِبََواقي الحلوياتِ أملاً في استِدامةِ طعمِها للتقليلِ من مَرَاراتِ المُقْبِلِ (...)
كثيرًا ما تنصبُّ عليَّ مجموعةٌ من الأسئلةِ الصباحيّة انصبابًا مفاجئًا لمعقوليّاتي الكونيّةِ، فلا يجد لها دِماغي الطيِّبُ أجوبةً صافيةً مَا يزيدُ من اغترابي عن كائناتِ هذا العالَم الأرضيِّ ويُشْعِرُني بالتوحُّدِ والإفْرادِ. ولولا أنّي أعرِفُ أنّ (...)