أغلبكم "أعني كلّكم تقريبًا" يعرفُ أنّ الزوجةَ، أغلبَ الزوجاتِ، ما أنْ تحيضَ وتبيضَ وتتجاوز سنتَها الرابعةَ زواجًا حتى تصير في عينيْ بَعْلِها "وهي تُسمّيه عادةً بَغْلَها" كتلةً من اللّحم البارد، بل تصير مثل دجاجة إسبانية مثلَّجة كثيرة الشحم قليلة الفهمِ باعتبار أنّ بوصلةَ قلبها تصبح متّجهةً دومًا إلى تلبية رغائب أولادها وتَغضّ الطرف عن حاجات زوجها الميكانيكيّة التي دونها لا يستطيع الحراكَ والعملَ وجلبَ المال من اليمين ومن الشمال. ولأنّ الحديث انطلاقًا من التجربة خير منه إذا كان مستنِدًا إلى فرضياتٍ وهميّة لا صلةَ لها بالواقع البشريّ، فإنّي سأحاول مدَّ القارئ بفوائد مخاصمة الزوجة حتى ينتفع من تقنياتي الاجتماعية الغنيّة بالأزمات وبالانفراجات وبالحبِّ وبالانكسارات وبالغِنى وبالفقر لكثرة ما جرّبتني الحياةُ حتى جفَّ من تجاربها ريقي وجمدتْ من عطشها دماءُ عروقي. *** فالمألوف في عاداتنا الاجتماعية أنّ الزوج مُطالَبٌ بأنْ "يُغمض عينيه" عن أخطاء زوجته في حقّه لأسباب عديدة منها ما يُسمّيه البعض"المحافظة على الاستقرار العائلي" ومنها كثرة القوانين التي تُلجمُ فَمَ الرجل حينما يريد أن يُصرِّحَ بما في داخله من غضب بفعل سلوكات زوجته، ومنها "قلّة الرّجولة" التي صار عليها أغلب المتزوّجين. وعليه، فقد خالفتُ قوانين الناسِ، واتّبعتُ بَداوتي وقوانينَها الصارمةَ في التعامل مع الزوجة، واكتشفتُ حقائق في الغرض كثيرةً. *** الحقّ أقول إنّ تعاملي مع زوجتي يحكمه الصّدقُ والنزاهة والشفافية، وهي أمور أعترف بها أمامها وأمام العالَمِ، ولكنّ لي أشراطًا أخرى تحكم علاقتنا لا أذكرها لكم، وسأكتفي بذكرِ نواتِجها. فأنا مثلاً حينما أريد إضافة اسمٍ جديد إلى ملفّ الأسماء بهاتفي المحمول أميل به إلى التأنيث، فإذا كان "كريم" كتبته "كريمة" وإذا كان "نبيل" كتبته "نبيلة"، أفعل ذلك حتى إذا تلصّصت زوجتي المصون على ملفّ الأسماء لا يُصيبُها الذُّعرُ ولا تخشى أن تختطفني واحدةٌ من بنات حوّاء من بين يديها، فتلين شكيمتُها، وتنصاع لما أُملي عليها من أوامر وقوانين أكثرَ إجحافًا من قوانين مجلس الأمن، كما أنّي أتعمّد أحيانًا تكسير بعض الأواني القديمة لأعرب عن غضبي وتبرُّمي من جوِّ البيتِ وأمتنع عن مكالمتها مهما توسّلت إليَّ، فلا تجد المسكينةُ أُُذنًا تُصغي إليها سوى أُذُنِ بطني، فتراها تطبخ ما لذّ من أكلات وتنوّع من المُفَتِّحاتِ، وتزيد من المُحَلِّيات حتى أرضى عنها وأبتسم لها نصفَ ابتسامةٍ، فتحتضنني وتهمسُ إليَّ بأنّها رهنُ إشارتي في كلّ شيءٍ، فأزيدها نصف الابتسامة المتبقّية وأتكسّلُ كما يتكسّلُ أعزب في ليلةِ صيفٍ..