يبدو أنّ أُمنيةَ كلِّ امرأةٍ في هذه الأيّام هي الزَّواجُ، هذا ما أوقفَتْنَا عليه مُشاهدتُنا الدَّقيقةُ الواقعَ المعيشَ. فالإناثُ في مجتمعنا العربيّ جاوَزْنَ الذُّكورَ عدَدَا، وهو أمرٌ لا بدّ أن ينتبه إليه علماء الجناسة والاجتماع والأنتروبولوجيا باعتباره مؤشِّرًا على بداية انقراضِ الذُّكورِ على طريقة الديناصورات مع اختلافٍ في الأسباب، حتى أصبحت الأنثى كلّما رأت ظِلاًّ حسبته ذكرًا أو طيفَ ذَكَرٍ وهرولتْ صوبَه لكي لا تسبقها غيرُها إليه، لا بل إنّ أحلام يقظةِ الأنثى صارت مكتنزة بخيالات الرِّجالِ التي تلتقطها عيناها من الفضائيات رغم قناعتنا بأنّ من يظهر من ذكور على الفضائيات لا يمتلك أغلبهم من الرُّجولةِ إلاّ الاسمَ، فأجسادهم اصطناعيّة طريّةٌ وبَشَرَةُ وجوههم ناعمةٌ وحديثهم ليِّنٌ وحياؤُهم كثيرٌ حتى أنّي أشتهي مرّاتٍ لو تُتاحُ لي فرصةُ ملاقاة أحدهم لأصفَعَه صفعةً تشفي غليلي، لكأنّ الرّجالَ العربَ بأشكالهم الأنثويّة التي صاروا عليها وبعديدِهم الضئيلِ "وهو سببٌ من أسباب خسرانِنا الحروبَ التي خُضنا منذ 48 إلى الآن لعدم كفايتنا الرِّجاليّة والرُّجوليّة" أصبحوا عُملةً صعبةً كاليورو والدّولار، إذْ كلّما نشبت حروب شهوانية وعاطفيّة واجتماعية في جسد الأنثى وعقلها ارتفع سعرُ برميل خامِ "الرجال" ليتجاوز سقفَ تكهّنات أصحاب البورصة وعلماء الاقتصاد ومندوبي الأوبيك وحتى تكهُّنات المناضل تشافيز. *** ولأنّ العربَ اشتهروا بالتمعُّشِ من انهزاماتهم ومن مشاكلهم ومن أزماتهم، فقد ظهرت شركاتٌ عملاقةٌ خفيّةُ الاسم، للواحدة منها فروع في كامل أقطارنا العربية، ولها أطْقُمٌ مختصَّةٌ في تحديد الحاجات الأنثويّة للذُّكور ومن ثمّة التخطيط بما يساعد على مزيد استغلالِ الظروفِ العلائقيّة وتحقيق الربح السريع باستعمال أرقى تِقانةِ العصر، فترى الإناثَ يصطففنَ طوابيرَ أمام تلك الشركات وكلّ واحدة تحمل صورتَها وسيرَتَها التي تُنقّيها من أشواك الماضي وتملأُ استمارةً وتدفع مبلغًا ماليًّا كمقدَّم الزّواج وتخرجُ تمنّي نفسَها بواحد من الرجال تتصيَّدُه نساءٌ خبيراتُ من تلك الشركات من أوساط العامّة أو من أوساط عالمةٍ مُثَقَّفة "وهي الأوساط الأغبى اجتماعيًّا" فتختلي به في مكانٍ مَّا وتغسلُ دماغَه غسلاً بالبوطاس ثمّ تملاُه بالرّغبات الزوجيّة من معاشرة امرأة وإنجاب صغار والحصول على دفءٍ عائليٍّ حتى إذا استكان وسالَ لُعابُه عرَضَتْ عليه مجموعةَ من صورٍ الإناثِ فيختار المسكين واحدة ولا يمضي يومٌ حتى ينوَجِدَ في قفصِ الزوجيّة ومِنْ على كتفيْه تتدلّى ديونٌ بنكيّة وأحيانًا تتدلّى رِجْلاَ امرأةٍ لا يعرفُها ولكنّه...