صورة نادرة جميلة ومشوقة تحن إليها النفوس وتقرب إليها القلوب ، يظهر على طرف شمالها بيت والدينا الحبيب منزويا منفردا بأربع نوافذه قبل إحداث وبناء المساكن التي هي بجواره الآن . الصورة تعود إلى أوائل الستينات .
حديقة زاهية فسيحة بكراسيها الجدارية (...)
ممزقةٌ أسمالُه ، منتشرة الفتوق .. لا يطاق لها رتقٌ .. حافي القدمين .. متورمتين .. اكتنفتا بكدمات محتقنة .. وجْهُه لعِبتْ فيه تقاسيمُ الزمن بأقصى مثانيها وتجاويفها الغضنة .. يتمايل على جنبيه في ترنح مضن ثم ينعرج الى الخلْف بقامته المتقبضة حتى تظن أنه (...)
انها لا تجعلني أن أتودد اليها ، كيف أتودد لانسانة وجهها مفطور على التعبس ، وغبش يَقِبُ في قسمات وجهها كما يَقِبُ الخسوف بظلامه في وجه القمر . وترتعد النشوة في القلب ، ويرمي هذا الغبش نباله المقيتة كأنما هي من سيول لزجة من قطران أَسْقطَها في مهجة (...)
ما كان يدري أبداً أنها لن تفارقه ، وما كان يدري أن قامتها بوسامتها المتموجة في كل أشكال الدلال والجمال ستبقى طيفاً زائراً محبوبا لن تُغَيِّبه غشاوةُ عينيه الحالكة ، ولن تبتلعه أبعاد الظلمة الملتفة في محيط حركاته وسكناته ، وما كان يدري أن هذا الطيف (...)
أمشي في زقاق مدينتي العتيقة … وشمس الأصيل تتهاوى في تيه وخيلاء على مدارج الأثير في سكون ذهبي رهيب ، وخيوطها المتموجة تميس في رقصات أفعوانية مغرية توحي بمساء عذب أنيق في ألوان مذهبة … ثم يستكين هذا المساء رويداً رويداً في لحاف ذليل منقادا في استسلام (...)
قرأ على لوحةِ القبرِ في خشوعٍ:
كل نفس ذائقة الموت، هنا يرقد المرحوم إسماعيل بن محمد الصروخ، كان قيد حياته ملحدًا، عالةً على نفسه وعلى المجتمع، عاطلاً عن العمل. غفر الله لنا وله.
بجانب القبر الذي يقف عليه، قبرٌ بهيٌّ، مزركشٌ بفسيفساءَ أندلسيةً، (...)
ينفجر غضبي شعراً.. ويثور حزني نثراً .. كيف يثور هذا .. وكيف ينفجر ذاك … كأنما أجد نفسي
على متن قارب مترنح وسط بحر لجوج لايستقيم معي على ثبات .. متهور .. عنيف .. يَكِرُّ بي إلى سواحله مدّاً .. ثم يفِرُّ بي إلى أعاليه زجراً …
كل رغباتي في الحياة فلسفة (...)
كنت أكتب لأحلامي .. لفرديتي .. لسوء ما لقي فؤادي .. كنت أكتب لأحلامي المحتملة وأرقبها متشوقا بغريزة التفاؤل وفلسفة التيمن والرجاء .
كنت ألتزم بأوجاع قلبي .. وقضايا أنفاسي في زقاق ذاتي … لكن رأيت اليوم ألا تظل كتاباتي دوما مجرد لصدى حياتي تصطرع فيها (...)
قبلّها ثم أخبرها بذهابه، أخبرته بأنّها تحبه وهي تغط في نومٍ عميق. أدارت عنه وجهها ثم سكنت أنفاسها.
اتجه صوب الحمام، بحث جيدا عن فرشاة أسنان جديدة فلم يجد غير البرتقالية في مكانها. إنّه يتذكر جيدا أنها أخبرته عن عزمها ابتياع فرشاة أسنان له؛ لم تفِ (...)
وسط غرفة استقبال رفيعة راقية بتأثيث جميل متناسق في مستوى الذوق الراقي الشفيف شِفَّ الحس الأخاذ الذي يأخذك إلى الإعجاب والإبهار بهذا التناسق المرتب المتكامل في أبهى نهاية كماله، صاغته سيدة القصر بذوقها العذب اللائق كأنما نسخته أو نسجته من عذوبة (...)
في غرفته.. يجلس كالعادة مستقبلا بوجهه على نافذة تطل على جسر النهر .. وخياله يسبح به على الدوام في آفاق الأحلام البعيدة المترامية أحيانا إلى أطراف الخيالات المستحيلة تعجز أقلام الواقع عن حبكها في ثنايا سطور الحكاية أو تنميقها بلغة السرد على مسامع (...)
أنا فلسطين … أنفاسي محنطة بأستار سود … منكمشة في مسارب الضمور … أود إبحارا على سفائن الوجود ..أريد التحليق فوق مسالك النور ..أرفض الأفول في أعماق هذا الزمان .. وآبى الركود في قبضة العدوان …
أنهكني طول نفض الغبار .. وجيراني في مسافات لا تنتهي غشيتهم (...)
كان لا يدري ماذا سيفعل ولا إلى أين سيتجّه. اتصل بصديقه مرّات عديدة لكن من دون جواب. أنهكت العلبة الصوتية رصيده وأفرغته ممّا تبقى فيه.
قرر أخيرا بعد مناقشات حامية الوطيس -بينه وبين نفسه- أن يتوجه إلى القهوة د السطاح. لطالما تساءل عن سر مواظبته عليها (...)
"تِلوم عليَّ إزّاي يا سيدنا
وخير بلادنا ماهوش في إيدنا"
...
- "والو آ البّا عبد العزيز، منقدرشي عليها عالية عليّ"
"- وا بلّاتي نشوف نطيّحالك شي شويّش"
تناول البّا عبد العزيز عوده ليضبط أوتاره من جديد؛ نِصفُ السّهرة يضيع في ضبط أوتار العود! في حين (...)
فلأعرفكم بنفسي أولاً قبل أن أخوض فيما سأخوض فيه في هذا المقال الذي أرجو من الله أن أُتوفق وأن أُهدى أثناء صناعته إلى سبيل الحياد ما أمكن، ذلك أن تعريفًا بنفسي كافي -في تقديري- لوضع القارئ داخل المشهد بكل تعقيداته، كما أنّه قد يمزّق الهوة ما بين (...)
بجوار محطة الحافلات سابقا في منطقة سيدي بوعبيد (أو الجُّوطيا كما يحلو لأبناء المدينة العتيقة تسميتها) يوجد سرداب، كغار أفعى يوحي منظره، أو كملجأ للمتشردين يحميهم من التراص ليلا على قارعة الطريق. الغار كان حفرة بالفعل، لكنها بدلا من أن تأوي المتشردين (...)
سقط الليل بردائه المدلج الكثيف ، فحجب عني تهاويل الضياء مع هذا الرمق الأخير من النهار ، وخف الطير في رفيف رشيق إلى أعشاشه المرتجة بين أفنان الشجر وثقوب الجدران .. وأطل القمر خافتا من جرابه المختنق الخجول.. ومرت السحاب مرورَها مزهوة متثاقلة فانتشلت (...)
الساعة تشير الى السادسة مساء، والجو لازال حارا يبتلع رطوبة المساء المنعشة، فالفصل اذن كان صيفا .. قدمت راجلا من وسط المدينة قاصدا مسكني بحي المعسكر القديم ، وبالقرب من المسكن امتد بصري الى ثلة من الفتيان يصل عددهم خمسة ، لازالت أعمارهم تندرج في ظلال (...)
الساعة تشير الى السادسة مساء، والجو لازال حارا يبتلع رطوبة المساء المنعشة، فالفصل اذن كان صيفا .. قدمت راجلا من وسط المدينة قاصدا مسكني بحي المعسكر القديم ، وبالقرب من المسكن امتد بصري الى ثلة من الفتيان يصل عددهم خمسة ، لازالت أعمارهم تندرج في ظلال (...)
مشدود الحواس…
أرقد في عمق ذاتي ..
تهزني رعدة بهياج المحيط ..
أترجح في هزيمة مدينتي ..
بقي لها سر الانسان
طلسما .. لا يعرف حلَّها ..
ولا تعرف كيف تنجو من نواميسه ..
هو كسطح الموج ..عاصف بالرعود..
هي تبقى كالقاع..
في دنيا الوجوم ..
وعود.. سمعتها .. (...)