على طولُ ساقِه جف الفنن في مأوى الخريف ، وسقط الورد كسيحا متهاويا في امتقاعة الذبول ينعيه عويلُ القيثار في لغة خرس الأوتار … وصِرُّ الرياح يولول مستدمعا نزيفَ الغمام …ويسقط محراب النور شتيتاً أقصته فحمةُ الخريف من استشراقة فيضٍ من الأمل والروح …وانزوت خضرة النبت لهثى في ذبول جفتْ بها أوطاف الندى في اجتثات الجذر العصيب الكالح … والقمر في وجه حبيبتي خبا وهجُه في خوابي تقاسيم محياها فولَّتْ مدبرةً لا يُرى إلا قفاها … وانحازت ريشة السماء مهزوزة تلتقط من شفايف الغسق أديمَ سواده انتفضت به شَراراً متطايراً في دهان مظلم كأنما نسخت من مكنون جعبتها لوحة زيتية دهماء لمست حواف السماء في تحسس مدلج في غيبة تهاويل النور … والنهر استطال في يُبُوسة وضُمور اضمحل ذرات من الحصي الرقشاء لسعت منه شمسُ القيظ نداوةَ سواقيه واخضلالَ بلَلِه ، صيرته كأنما أفعوان مترنح يفح بصرير الحصى في عقم الجَفَف اليابس المسنون . وسقطت ريشة الرسام من يده تنزف وجعاً لم تطق ما احتملته اللوحة من قوارع التصوير … فكانت لوحة زيتية لم تكتمل … الطاهر الجباري