لم يكن مجرد انتقال من حي إلى آخر… بل كان انتقالا من “مجرة” إلى أخرى… تركنا كل عائلتنا و أصدقائنا و جيراننا و دفء حي فاطمة الأندلسية بباب الواد.. و انتقلنا إلى حي ناشئ مهجور…. حدث ذلك في نهاية سبعينيات القرن الماضي… لم ينتظر والدي حتى اكتمال بناء (...)
في الحافلة المكتظة، عطس مريض بنزلة برد، فطار في الهواء "زيزو"، و هو فيروس إفلونزا طيب القلب، يكره كونه مسببا للألم و الحمى، لكنه مثل كل الكائنات، يقوم بما خلق له سواء أكان راضيا أم لا… أثناء طيرانه حملق في "ضحاياه" المحتملين، كان يريد أن يختار جسدا (...)
وضع "السي أحمد" الجريدة جانبا، ثم نزع نظارتيه، و أغمض عينيه ليريحهما من عناء قراءة بلا طائل. و عندما أعاد فتحهما وجد حفيدته "ملاك" تقف قبالته، و تبتسم ابتسامة ماكرة، ثم تقدمت منه و عانقته و قبلته، فابتسم في وجهها و قال:
-إذا كنت تريدين مالا فلا (...)
كان "السي أحمد" يلعن اليوم الذي اشترى فيه الحاسوب مكبدا أجرته البسيطة اقتطاعا جديدا! فقد اتضح أنه قد تم "النصب" عليه من طرف ابنته و زوجته، فقد قادتا ضغطا مزدوجا عليه حتى يتورط في الصفقة/الفخ، و أوهمتاه أن الحاسوب ضروري لدراسة البنت، و أنه المفتاح (...)
كان تجمعا عماليا "مهيبا"، ففي ظل "تواضع" احتفالات النقابات التقليدية، خلقت النقابة الجديدة الحدث هذا الصباح، كان المسير واقفا بكل شموخ، محاطا بكبار "قادة" النقابة الوليدة، و أمامه ساحة تعج بالخواء، تحدث المسير طويلا، ثم مرر الكلمة إلى المسؤول (...)
بعد غياب دام ست سنوات عاد.. كان غضب أهل القرية هذه المرة شديدا عليه، لكنه كان متأكدا أنه سيخرج الأمور -كالعادة – إلى بر الأمان، لا شيء تغير في قريته و منطقته منذ انتخب مستشارا جماعيا و عضوا برلمانيا، شعر ببعض تأنيب الضمير لأنه لم يقدم لهؤلاء التعساء (...)
خرج "أيوب" من المسجد بعد أداء صلاة العصر، و جلس على ربوة صغيرة ينظر إلى الحقول الممتدة على مدى البصر، و إلى البساتين المحافظة على اخضرارها رغم قسوة حر الصيف المنقضي، شعر أنه يكتشف المكان لأول مرة، و استعجب كيف عز عليه مفارقة أرض لطالما كرهها و أراد (...)
كان "عادل" يشعر بضيق شديد بسبب تصرفات صديقه "يوسف" الصبيانية، و ذهابه نهاية كل أسبوع إلى طنجة، و "الغرق" في حفرها و الانغماس في ملذاتها، فكان يخاطبه مؤنبا:
-على الأقل راعِ سنك و الشيب الذي اشتعل في شعر رأسك، و احفظ حقوق زوجتك و أبنائك و أنت ترمي (...)
عندما وصلنا إلى المدرسة ذلك الصباح البارد، وجدناها قد أصبحت أشبه بسوق أسبوعي، سيارات نقل سري و غرباء كثر، بينما الفرحة لا تسع التلاميذ و هم يتَجارَون في كل الأرجاء. سألت أول تلميذة عن ما يجري فأجابتني بابتسام عريضة:
-ما قاريينش يا أستاذ!
اتجهت رفقة (...)
كصياد حكيم، كان "خالد" ينصب شراكه على الفايسبوك و ينتظر. في الصباحات تفوح من "بروفايله" رائحة القهوة المعتقة ممتزجة بصوت فيروز الملائكي، فيما يمطر -البروفايل دائما- في المساءات عطرا و أشعارا، صوره كان يختارها بعناية شديدة، ابتسامة واثقة و "أثر نعمة" (...)
عندما استنفذ الكلام رصيده، أحكم الصمت سيطرته على الجالسين في الغرفة، تاركا صوت التلفزيون يصدح وحده بلا منافس، كانت الزوجة تتابع باهتمام بالغ برنامجا لاستكشاف المواهب الغنائية، بينما زوجها منكب تماما على هاتفه يبحر من خلاله إلى عوالم أخرى، أما الجدة (...)
استيقظت فجرا، و وضعت "الجسم المشبوه" داخل كيس أزرق، و دسست معه عددا كبيرا من أوراق الجرائد حتى أخفي معالمه، ثم خرجت من بيت العائلة قبل شروق الشمس مستغلا الظلام و نوم "العيون المتيقظة"، غير أنني صادفت عددا من الرجال العائدين من صلاة الفجر، فاختبأت (...)
فتحت "منال" عينيها في أسرة معدمة، ورط الأب فيها زوجته في خمسة أطفال ثم ارتمى في أحضان العشيقات و العربدة، تاركا الأم تصارع من أجل توفير مسلتزمات العيش في حدها الأدنى للأسرة، و كان عليها أن تخوض كل ليلة معركة تقاوم فيها رغبة زوجها الاستيلاء على أجرة (...)
عندما زفت فاطمة إلى زوجها حسن، اكتشفت أن طيبوبته التي ارتاحت إليها في فترة الخطوبة ما هي في الحقيقة إلا ضعف كارثي للشخصية، فرغم كونه الأكبر سنا و الأيسر حالا. إلا أنه كان يخضع تماما لأهواء أمه و أخيه الوحيد الأصغر منه سنا.
فهمت فاطمة بسرعة أنه عليها (...)
كان عدد المسافرين قليلا على متن ذلك القطار الليلي في تلك الليلة الشديدة البرودة، نساء بأجسام مصارعي "السومو" لكثرة ما لففن حولهن من أثواب مهربة، و بوجوه نحيفة متعبة خائفة، و رجال استسلموا للنوم باكرا دون خوف من السرقة خاصة بعد أن تكفل الزمن (...)
أعجبت به من أول تعليق.. بعد أن لاحظت أنه يغمرها باهتمامه و "جيماته"، كان مدافعا "فايسبوكيا" شرسا عن الحداثة و الحرية، محاربا قويا لموجة "أنشرها و لك الأجر"، مسفها لمعجزات الفوتوشوب. دفعها الفضول للإطلاع على صوره و تدويناته السابقة، فأحست أنها أمام (...)
حدث ذلك منذ ستة عشر سنة..
حيث "رصد" يوسف، الشاب "الطنجاوي" فتاة يمكن أن تكون شريكة لحياته، و رغم أنها ليست من طنجة، و رغم كونها واحدة من جيش "العروبية" الذي غزا المدينة – هي من فاس تحديدا- إلا أنه شعر أنه أمام فتاة أحلامه، كان موظفا متوسطا، و كانت (...)
اقتنى تذكرته، ثم عرج على المحل الأنيق في المحطة، و اشترى مجلة مكتوبة بالفرنسية، و علكة معطرة للفم، في الباب المؤدي إلى السكة، أخرج تذكرته للمراقب الذي أشر عليها ثم خاطبه:
-أسرع… قطارك سيغادر الآن.
أجابه بهدوء غريب:
– لا بأس، سآخذ الذي بعده!
-لكنه (...)
إذا كانت مدينة بيزا الايطالية تفخر و تنفرد ببرجها المائل، فالأمر قد تغير الآن بعد دخول القصر الكبير خط المنافسة بعواميد إنارتها المائلة التي تتحدى قوانين الفيزياء، فعلى طول شارع بلعباس، تخلت عدة عواميد إنارة عمومية عن الوضع العمودي و اختارت الوضع (...)