في الحافلة المكتظة، عطس مريض بنزلة برد، فطار في الهواء "زيزو"، و هو فيروس إفلونزا طيب القلب، يكره كونه مسببا للألم و الحمى، لكنه مثل كل الكائنات، يقوم بما خلق له سواء أكان راضيا أم لا… أثناء طيرانه حملق في "ضحاياه" المحتملين، كان يريد أن يختار جسدا قويا حتى يسبب أخف الأضرار. نظر إلى أم تحمل طفلتها، استغرب ""للرجال" الذين يشغلون المقاعد المحدودة و يتركون مثل هذه المسكينة تعاني واقفة في صمت، فقرر استبعادها، وتمنى لو أنه استطاع الوصول إلى أشباه الرجال الجالسين. ثم بحث عن ضحية ثانية توجد في "مرمى نيرانه"، فوجد شابا يحمل كتبا، فقدّر أن جسمه سيستحمل المرض، لكن ماذا لو كان متجها إلى إمتحان أو مباراة مصيرية؟ كيف سيعيش الفيروس الطيب بجريرته؟؟ فاستبعده و بحث عن ضحية ثالثة، فوجد فتاة خارقة الجمال، لكنه -ككل الذكور- يشعر بعجز قاتل أمام الإناث الجميلات، فقال: -قلبي الرقيق لا يحتمل هذا.. كيف يمكن لهذا الأنف الجميل أن يحمر؟ وكيف لهذه العيون الفاتنة أن تدمع؟ فاستبعدها، و بحث عن ضحية جديدة. فلم يجد سوى رجل كهل يبدو متعبا، شعر بتأنيب ضمير، لكنها الحياة، لو لم يجد جسدا يسكنه، فسيموت لا محالة. عقد الفيروس العزم، و اتجه إلى أنف الرجل مسرعا، لكنه فرمل بشدة في الهواء و صاح: -لااااااا!! لقد انتبه إلى أن الرجل يحمل محفظة، و عرف أنه رجل تعليم، فقال: -لو أصبت هذا الرجل، فغالبا سيكتفي ببعض الأعشاب أو حبة "دوليبران".. لكن ماذا لو كان جسده متعبا و متخنا بالجراح؟؟؟ ماذا لو اضطر للتغيب بضعة أيام و أرسل شهادة طبية لمديره؟؟ كيف سيعيش بعاره عندما سينشر اسمه في "لوائح العار"؟؟ كيف يمكنني أن أسبب له كل هذا الذل و الأذى؟؟ و ماذا ستقول الفيروسات و الميكروبات عني؟؟ نظر إلى الرجل بشفقة، و اتجه إلى حتفه مرتطما بزجاج نافذة الحافلة.