كيف يمكن إنقاذ الثورة السورية، انتشالها من بين الأيدي العجيبة والمشبوهة المتلاعبة بها. كان للثورة هدف مركزي واحد هو إسقاط نظام الاستبداد، وكانت تظاهرات الشارع هي الطريقة الجماهيرية للإعلان عن انفصال قاعدة المجتمع عن قمته المتسلّطة؛ فالحُكْم الذي (...)
هل تنازل أوباما عن مشروع «مظلة الصواريخ المضادة» المرصودة لمحاصرة أجواء روسيا الغربية مع أوربا؟ هل ألغى هذا المشروع بدون موعد محدد؟ هل تبرع أوباما بضمانات أخرى يحفظ بعضها مراكز نفوذ استراتيجية معينة لروسيا في جغرافية سورية؟ هل فعل أوباما ذلك وربما (...)
... وأخيرا رجعت إسرائيل إلى عاداتها القديمة، فهي لم تبارحها تماما خلال عصر الربيع العربي، فقد شاركت في تخريبه وراء ظهور الثوار، وأحيانا ما بين فئاتهم، وأحيانا أخرى داخل هذه الفئات، وما بين عناصرها القيادية والقاعدية. لم تكن إسرائيل قادرةً على (...)
في السياسة الأمريكية لا تحدث المنعطفات الكبرى مع تغيّر أشخاص المسؤولين الكبار، فكما يُقال: لأن الدولة الأمريكية قائمة على مؤسسات دستورية راسخة وثابتة، فإن مسيرة السياسة هي نتاج استراتيجية شاملة، قد تتبدل خلالها وسائلُ فهمها وتنفيذها، أما أهدافها (...)
كأنما يريد نظام دمشق المتهاوي أن (يستدفع) ما أمكنه من أفرقاء الأزمة، أعداء كانوا أو أصدقاء، أعلى التكاليف قبل أن يستسلم لنهايته؛ فهو ما إن تخطى أعلى حدود العنف وفظاعاته، لم يعد يهتم بأية عاقبة تحل فيه، ما دامت نهايته أمست محتومة. ماذا يمكن أن يسوّغ (...)
عندما شرع الأخضر الإبراهيمي في التوسط لحل معضلة الحرب الأهلية اللبنانية المتمادية سنوات بعد أخرى، كان هناك قرارٌ إقليمي مشفوع بآخر دولي بوقف هذه الحرب. كان ذلك هو المدخل المساعد من أجل حصر جهد الوسيط في فرض شبكة هدنةٍ على مختلف المقاتلين، أي أن (...)
يحتاج حديث «الحروب الشرق أوسطية» إلى إعادة تصنيف في كل مرة تنفجر فيها واقعة صراعٍ دموي شامل في بقعة ما من هذه الخارطة الخاصة بفواجع أحداث القرن العشرين، وما يتبعه من فواجع القرن الحالي.
فالحروب القائمة حاليا، والمتوقعة بين وقت وآخر، لا يمكن تصنيفها (...)
لو كان «عدم الانحياز» ما زال قائما لما احتاج الطقس الإنساني إلى الربيع العربي، فقد انقضى زمن الحرب الباردة عندما استقال أحد الجباريْن المتصارعيْن، أي الاتحاد السوفياتي، من وجوده ومشروعه الثوري الأممي.
فمن انتصر في تلك الحرب لم يكن القطب الآخر، أي (...)
هل حان الوقت للربيع العربي كي يَشْرع في إنتاج نوع التحولات التاريخية الكبرى المنتظرة منه، لأول مرة يتصدّع كيان السلطان السياسي المطلق المدعو بدولة العسكر في العالم العربي.
هذا السلطان قد تسلم عديد الدول العربية المستقلة من يد الاحتلال الأجنبي لكي (...)
الثورة العربية واحدة وإن تعددت أحداثها، فهي لها أسبابها الكلية المستمرة تاريخيا وبنيويا، وهي لا تنفجر مرة في ظروف معينة طارئة إلا لكونها معبأة مقدما بكل عوامل الانفجار المكبوتة. وإذا أردنا لها ثمة سياقا زمنيا رأيناها تصاحب عصر النهضة منذ بدايته (...)
هل نقول إن آفة السياسة هي السلطة، هذا لا يعني أنه لا يمكن تصور السياسة من دون حوافز السلطة، لكن علاقات الالتباس وسوء التفاهم هي السائدة غالبا بين هذين الحدين، أحدهما لا يمكن فصله عن الآخر، لكنهما معا يشكلان غالبا معادلات غير متكافئة، فيطغى أحدُهما (...)
إذا كان الربيع العربي بات أحدث مصطلح ثوري للتغيير الشعبي ذي الصفة الجذرية والعفوية معا، غير المؤدلجة وغير قابلة للاستيعاب والتوظيف السياسوي مهما كانت خصائصه أقرب إلى صيغته الأهلية المباشرة، فقد تبرز الثورة السورية كأعلى نموذج في سياقه عما يعبر عن (...)
في اللغة السياسية اليومية المتفاعلة مع أزمة الحلول الدولية الفاشلة إزاء تطورات مذابح النظام السوري، يلعب التوقيت الأمريكي الدور الحاسم في مصير هذه الأزمة. وقد ارتكزت مواقف الدبلوماسية الأمريكية إلى التشبث بمنطق رد الفعل على الدبلوماسية الروسية، حيث (...)
الثورة والتدويل، ثنائية لا فكاك من إسارها والتدويل أمر متحقق، سواء كان مع الثورة أو ضدها، وفي حين يريد «الربيع العربي» أن يفخر بخصوصيته أنه كانَ وليد ذاته، كان ولا يزال متفجرا من لحم إنسانه ومن رحم تراب أرضه، فإن العالم الخارجي ليس مستعدا لترك الأمم (...)
هل نقول إن العرب قد يجتاحهم وباء الحرية، بعد أن عانوا دهورا من أوبئة الطغيان وظلاماته المتنوعة من إنسانوية بطاشة ولاهوتيات جامحة جائرة. العرب اليوم ينتخبون (زعيمهم) المصري الجديد، إنهم في مختلف صحاريهم يعانون شظف العيش من دون زعامة، يصفونها (...)
حقا، هل يأتي الربيع الإسلامي نقيضا للربيع العربي، هل من المعقول أو المقبول أن يلد الفكر الواحد ذاتَه وآخرَه في وقت واحد، أم إن المسألة كلها عائدة إلى بنية هذه التسمية؛ فهناك ربيع متفق على حدثانه، أما موضوع المفارقة فمصدره التوصيف الذي يخصّص الربيع (...)
ليست الأزمة السورية مستعصية على الحلول إلا إذا نقلنا النظر من ظروفها الذاتية إلى ما هو خارج مجالها الإنساني والواقعي المباشر، فحين انطلق شباب الانتفاضات الأولى ضد الإذلال المستديم، لم يكن داريا بأية قوة أخرى خارجة عن غضبه. لم تكن الهبة الجماعية (...)
قد يكون أعلى عناوين الربيع العربي أنه يمنح لثوراته فرصة جديدة عظيمة في أن تكون ثوراتٍ للتحرير السياسي والتنوير النهضوي في وقت واحد. فإذا كان يسارنا الصاعد باحثا عن منطلقه المبدئي، فلتكن هديته لذاته أولا هي النهوض بأعباء ثقافة التنوير، بعد أن مارس (...)
لا يمكن لشعب أن يغضب إلا وتكون أسباب غضبه قد بلغت حدودها القصوى من تحمل المظالم. وفي علم الثورات الشعبية، يلعب الغضب دور المنتج الأول للقوة التي كان يفتقر إليها كل مظلوم؛ فالغضب يوحد المظلومين ليكتشفوا أنهم قادرون على دفع الظلم. لكن المشكلة في الغضب (...)
«سفك الدم أسوأ شاهد ضد الحقيقة»، هذه ليست حكمة تجريدية، صارت واقعية. يفاخر بها العقلُ الغربي بقيةَ عقل العالم، لأنه يبرهن على أساسية الديمقراطية، إذ إنها وحدها المانعة للحروب بين الدول ذات الأنظمة الديمقراطية.
كأوربا وأمريكا اللتين لم تثيرا أية (...)
لماذا لا يريد أكثر الناس أن يصدقوا أن النظام القاتل سوف يتوقف عن القتل. ليست المسألة عائدة إلى فقدان الثقة في وعود النظام التي كذبها هو نفسه في كل مهلة أعطيت له كيما يصحّح ممارسته، لكنه يضاعف من وحشيتها بالكم والكيف معا. هذه الممارسة ليست جديدة، لم (...)
يفرح أنصار الأسد أن تحرك أنان لا يتضمن تنحيه أو اعتزاله، وبالتالي فالنظام قائم ومستمر، وكأن الثورة هبت كالعاصفة، دمرت وقتلت، ولكنها خمدت ورحلت، وإهرام الاستبداد/الفساد يغطي دمشق ويحفظ قمته. هذه الواقعة مسؤول عنها النظام الدولي، بما يعني أن افتراقا (...)
لعل الأسوأ مما ابتُليت به نهضةُ الاستقلال العربي، في معظم تحولاتها البنيوية الشاقة، هو أن السياسة في مسارها الدولاني سريعا ما سقطت صريعةَ السلطة، وأن السلطة بدورها أضحت أقصر طريق لجني الثروات ذات الأرقام الفلكية الفاجرة؛ فقد تكون مرحلة الإيديولوجيات (...)
ثلاث أيد قذرة تحاول اختطاف زهرات الربيع العربي قبل أن تصير إلى ثمرات ناضجة متمتعة برحيقها الصافي الصاعد إليها من جذورها العميقة في تربة صيرورتها التاريخانية. وهي كلها أيد متفرعة من أخطبوط واحد اصطلحت أحداث النهضة على تسميته ب«مركّب (...)
كل ثورات الربيع حققت بعض مكاسبها التأسيسية ما عدا الثورة السورية التي طال أمدها في الصراع السلبي، دون أن تكسر عنف النظام الذي أعلنت رفضه، والعمل على إسقاطه. ومع ذلك، يمكن الحكم بموضوعية بأن الثورة لم تنتصر على عدوها نهائيا، لكنها جعلته يعجز عن (...)