حينما شاهدتُ فيلم عاطف الطيب عن ناجي العلي لم أفكر فيه كفيلم، لم يهمّني ما فيه من سينما ومن فن. بحثت فيه عن ناجي الذي أعرفه، والذي كان بالنسبة لي رفيقاً صحبته وصادقته وخاصة بعد الاحتلال الإسرائيلي. كان بالنسبة لي إنساناً أكثر منه بطلاً، بينما (...)
عام آخر على غياب محمود درويش، مع ذلك فإن وداعه لم ينته بعد. ما زال المغنى الذي طار، قبل ثماني سنوات، يكلّمنا مباشرة وما زالت فلسطين تشبه أكثر فأكثر أغنيته بل تصير أحياناً الأغنية نفسها. محمود درويش هو الذي جعل من فلسطين أغنية وهو الذي جعل منها (...)
لا نجد روائياً واحداً من أميركا اللاتينية ليست لديه رواية عن الديكتاتور. الديكتاتور ليس فقط كرأس سياسي وإنما الديكتاتورية كلها كنظام وكشبكة علاقات وكمعين غني للقصص. الديكتاتور ليس فقط كحيوان سياسي وإنما كشخص له نزواته وله شطحاته وله غرائبه، هكذا (...)
رحل عبد الحكيم قاسم باكراً، ثم غاب محمد البساطي وخيري شلبي وإبراهيم أصلان، واليوم انضم إليهم جمال الغيطاني بعد كوما استغرقت أشهراً. لولا بقاء البهاء طاهر وأدوار الخراط وصنع الله إبراهيم وإبراهيم عبد المجيد «طالت أعمارهم» لبدا لنا أن عهداً من الرواية (...)
هل كان علينا أن ننتظر إلى أن تصدر (روبير لافون) مجلداً بمؤلفات صلاح ستيتيه، من قديمه وحديثه، لنعرف أن لا مناص من قراءته أو تصفحه من دون أن نخاف. لا أعرف لماذا ترددت غالبا في أن أقرأ صلاح ستيتيه، لماذا أوقعت نفسي في مشكل معه بدون ان أقرأه. أي خفة (...)
بعد أن أدت مسرحيتها »تلجتين بليز« التي كتبتها عن سيرتها ولعبتها وحدها وأخرجتها، خرجت روان حلاوي إلى الرواق حيث قابلتها. كانت الفتاة التي أعرفها صغيرة قد شبت وصار لها جمال وحياة امرأة. امتدحت عملها وقلت لها بلغني أن والدك عصام تتحسن صحته. كنت زرته في (...)
«من المتوسط في المتوسط« هذا هو اسم مهرجان سيدي بوسعيد الشعري وسيدي بوسعيد كما يعرف الجميع ناحية ساحرة في مدينة تونس. أما المهرجان نفسه فحلّ هذه المرة في تونس بعد أن كان حلّ قبلها في المغرب وإيطاليا. وهذه هي النسخة الثانية من المهرجان في سيدي بوسعيد (...)
»قامات التمرد والحداثة« اسم ضخم لكتاب يتناول بحسب ما خط على غلافه »الحداثة الثانية في لبنان« الكتاب كما لا يوضح عنوانه محصور بالشعر، هو عبارة عن حديث مع كل شاعر ومختار منه وسيرة مختصرة له، ويحسن لي أن أذكر الشعراء الذين تناولهم الكتاب بالاسم »شوقي (...)
لا أدري إذا كانت تسمية مبدع تنطبق على الفنانين والكتّاب، لكنها دارجة وهذا وحده يبرر استعمالها، المبدعون بشر ولهم كالبشر حياة وسيرة وذكريات وماض، ولهم بالطبع أخلاق ومزاج وعاهات وأمراض وعقد، يمكن لمحلل نفسي أن يجد بين إبداع هؤلاء وبنيانهم النفسي أكثر (...)
فيلم وثائقي عن مئة عام على السينما اللبنانية يبلغنا ان لنا تاريخاً، وأننا حتى في فن حديث كالسينما نرجع إلى التاريخ، والحق أن الفيلم اقتفى أثر هذه السينما مرحلة بعد مرحلة وفيلماً بعد فيلم وكان علينا، لو شردنا إلى السوسيولوجيا، أن نجد بدايات كثيرة لم (...)
فيما مضى اتهم صحافي بارز سياسيينا بأنهم جهلة لا يقرأون. وكانت ردودهم عليه أدل على صحة اتهامه. اوردوا عناوين يبدو جيداً أنهم التقطوها كيفما اتفق، وهي على كل حال لا تشير إلى شاغل ثقافي. اذكر ان أحدهم أشار إلى الإمام الغزالي ولم يكن واضحاً في أي نمط (...)
لم أتحمس ليكون لي موقع في الفايسبوك، لكني جاريت الجميع، ولما تسنى لي ذلك وصارت لي صفحة، لم أكن فايسبوكياً نشطاً. أكتب كل بضعة أيام ستاتوس وأتابع الردود التي تصلني عليه، وقلما أنظر في صفحات الأصدقاء الذين لأمر لا أدريه، تكاثروا، ولم تعد زيارة صفحاتهم (...)
العاصفة الفارغة
لخفّتها،
تركض مسرعة
وراء شيء لم يعد أمامها
لقد سبقته بأميال
وما زالت تعدو في أثره..
***
أريد أن أُقرّ. أكتب الآن قصائد، أنا في حيره من أمرها.
اليوم علمت بوفاة سميح القاسم الذي سبق لي أن قابلته في أكثر من مناسبة. هل يكون عقوقاً مني أن (...)
من هو المثقف. أهو جيش خريجي الجامعات الذين يتلقون في دراساتهم فنوناً وعلوماً نمت وترعرعت في الغرب أو أعيدت قراءتها من منظور غربي، هل هو فقط المنشغل بالثقافة والمتكرس لها والشريك في إنتاجها. هل هو الملم بالتراث وخاصة الديني منه وهنا جيش آخر من خريجي (...)
قصيدة الشعر أم قصيدة النثر، الالتزام أم الحرية، الأصالة أم الحداثة، هذه بعض قضايانا التي لم ننفك عنها ولم تنفكّ عنا منذ قرن أو ما يزيد. هذا بعض مقالتنا في الأدب والفن، أما مقالتنا في السياسة فلا تبقى نفسها إلا بمقدار ما نتأخر في الزمن عقداً بعد عقد (...)
في كتاب باختين عن رابليه والثقافة الشعبية يرد الشكلاني الروسي الشهير أدب الكاتب الفرنسي الذي سطع في القرن السابع عشر، إلى الكرنفال الشعبي الذي كان يدور في المدن الفرنسية عدة أسابيع كل فصل في السنة. الكرنفال كان تظاهراً شاملاً للروح الشعبية وللفكاهة (...)
في حمّى الإصدارات الجديدة التي تحتل واجهات المكتبات، وتحظى بحفاوة فورية، وتُكتب عنها مراجعات نقدية سريعة، نفتح هذه الصفحة للاحتفاء بالكتب الأولى لكتّاب تكرّست تجاربهم وأسماؤهم، وباتت تفصلهم مسافة زمنية وإبداعية عن بواكيرهم التي كانت بمثابة بيان شخصي (...)
»»سفر الاختفاء»« رواية فلسطينية من الداخل لروائية هي ابتسام عازم، ليست الرواية النص الأول الذي يصدر من الداخل، من يافا بالضبط، إلا أن رواية ابتسام عازم تصدر عن التشابك الاجتماعي العربي اليهودي الذي يكوّن المجتمع. الرواية تدور في معظمها بين علاء الذي (...)
لم أصدق عيني وأنا أقرأ »ماوتسي تونغ، القصة المجهولة« لجوني هاليداي ويونغ تشانغ: كنت بعيد العهد عن ماويتي السابقة وقد دلتني قراءات سابقة إلى أن »القفزة الكبرى« و»الثورة الثقافية« من بعدها لم يكونا سوى إلقاء لربع العالم في جحيم فوضى دموية محكمة، علماً (...)
لا تزال المرأة تعاني في المجتمع العربي من النّظرة الدّونيّة إليها ولا سيّما الأرملة، إذ غالبا ما يُنظَر إليها بعين الاستنقاص، بغضّ النّظر عمّا تمتلكه من قدرات تؤهّلها لمتابعة حياتها بعد وفاة الزّوج. وعلى الرّغم من التطوّر العلمي الذي شهده القرن (...)
عام يمر وكانت مرت قبله أعوام كثر ولم يحدث في الثقافة والفن ما يمكن اعتباره تحولاً أو قطعاً أو انعطافاً أو جديداً. إذا كان الانفجار الثوري الذي دعي الربيع العربي قد بدل كثيراً أو قليلاً في ركودنا السياسي فإن هذا لم يصل إلى الثقافة والفن، إذا تحرينا (...)
القتل القتل وحده هو سنّة المجتمعات العربية اليوم، ثمة دم، دم غزير يهرق كل لحظة، ثمة لائحة يومية بالقتلى في كل مكان، لائحة يومية في ليبيا وفي العراق وفي اليمن وفي سوريا وحتى في مصر وإن يكن بدرجة أقل. في كل مكان يبدو القتل هو تقريباً السياسة الوحيدة (...)
الثورات العربية لا نستطيع أن نجد لها غرضاً أكثر من الحرية، لكن حرية الثورات هي غير ما نعهده في حرية التعبير والديموقراطية، يحمل العنف الثوريين على ان يقف كل عند رأيه وعلى ان يشتبه في رأي الآخر وعلى أن يصنّم رأيه ويقيم منه وثناً، لذا ندخل في مفارقة (...)
كنا في الطائرة منذ أكثر من ساعتين وهي لا تزال رابضة في مكانها من مطار اسطمبول وكاد صبرنا ينفد، حينما أعلن على الميكروفون صوت نسائي بفصحى ركيكة أنهم يعتذرون لأن التقنيين يقومون بفحص فني للطائرة. وقت آخر من الانتظار ويعود الصوت على الميكرفون ليعلن (...)
هل هي الثورة الثانية أم أنها عودة مموهة للحكم العسكري. ثورة أم انقلاب. هذه المناظرة تكاد تكون محض خلاف ايديولوجي وتقترب من ان تغدو سفسطة كاملة، هناك بالتأكيد من يعتبرون حكم الإخوان المسلمين استيلاء على السلطة ويخصون هذا الحكم بالاستبداد والفاشية (...)