قال النقيب عبد الرحيم الجامعي إن مشروع قانون المسطرة الجنائية خطير ودقيق واستراتيجي في حياة الوطن والمواطنين، وهو خيار مجتمعي، فقد نختلف في الأبعاد السياسية والاقتصادية والاجتماعية والحقوقية لكن لا يمكن أن نختلف في مجال العدالة. وأكد الجامعي في لقاء دراسي نظمه الفريق "الاشتراكي" بمجلس النواب، أمس الجمعة، حول مشروع قانون المسطرة الجنائية، أن العدالة مصير أمة ويصنعها الجميع، وأننا أمام مفترق الطرق، بل إننا نسير إلى الوراء.
واعتبر أن هناك أمورا جديدة ومتقدمة في المشروع وهذا ليس بفضل بل واجب، لكن الخطير أن يكون في تغيير النصوص القانونية تراجعا، ومنها التحقيق الذي أخذ ضربات قوية في المشروع خاصة في المادة 83 التي نصت على تنحية التحقيق في الجنايات، وأصبح بذلك التحقيق اختيارا، متسائلا هل هذا يجوز وخاصة أننا نعلم أن التحقيق في قانون 1959 كان ملزما في جميع الجنايات؟. وشدد أنه لا يمكن بعد مرور 60 سنة أن نتراجع عن هذا المكسب الحقيقي والقوي، مناشدا مجلس النواب أن يعيد الأمور إلى نصابها وأن يقوم بإلغاء ما نصت عليه المادة 83 من مشروع قانون المسطرة الجنائية. وتساءل الجامعي لماذا نعطي القوة لمؤسسة النيابة العامة في المشروع، ونمكنها من فرصة نقل الشخص من الحراسة النظرية إلى المحكمة ونفوت عليه قضاء التحقيق. وأضاف " الذكاء الصناعي يمكن اليوم أن يصنع متهما وجريمة فمن سيبحث فيها إذا ألغينا مؤسسة قضاء التحقيق". وسجل أن المشروع يتضمن مقتضيات فيها اعتداء على سلطة القضاء الجالس وعلى الدفاع والحق في الطعن والبطلان، داعيا إلى التفكير مليا في المادة 52 من المشروع. واستغرب كيف أن المشروع أعطى سلطة تعيين قضاة التحقيق للمجلس الأعلى للسلطة القضائية بعدما كانت سابقا بمرسوم لوزارة العدل، وينص في ذات الوقت على أن الوكيل العام له الحق أن يعين قاضي التحقيق ويحيل عليه أي قضية يراها، والأكثر من ذلك ينص في المادة 91 على أنه يمكن للوكيل العام أن يتقدم بطلب للغرفة الجنحية من أجل سحب ملف التحقيق. وتساءل الجامعي كيف نأتي بعد كل هذه المقتضيات ونقول إن المشروع فيه مستجدات وملاءمة ويحترم حقوق الإنسان وضمانات المحاكمة العادلة؟. وانتقد النقيب التقليص من دور الدفاع في مسار المحاكمة، متسائلا هل لا نحتاج للدفاع خلال البحث التمهيدي؟ ولا يحتاج المواطن في الحراسة النظرية إلى من يساعده ويرشده؟ وهل لا يحتاج إلى دفاع أمام قاضي التحقيق وأمام النيابة العامة أثناء التقديم؟. وأكمل بالقول " أعطونا التجارب الفضلى في هذا المضمار، وإن كنتم تريدون إزالة مهنة المحاماة فافعلوا ذلك، لكن لا تعطى مبررات لتقليص وجود الدفاع الطبيعي وإرجاعها للمساطر السرية". وأكد الجامعي أن السرية مفروضة على كل من يساهم في إجراءات البحث، على موظف الشرطة وقاضي التحقيق وعلى وكيل النيابة والمحامي، وكلهم مطوقون بسرية البحث، مسجلا أن حضور المحامي في دهاليز البحث عند الشرطة القضائية لا يمس بسرية البحث. وناشد الجامعي البرلمان لكون الاختيار السياسي للسلطة التنفيذية ليس هو الاختيار السياسي للسلطة التشريعية، لافتا أن لا يمكن أن نقول أمام الرأي العام أن المؤسسة التشريعية لا تتجاوب مع الرأي العام، لأنه في الأخير البرلمان هو من يرسم السياسية الجنائية، والمحكمة الدستورية سبق وقالت هذا. وخلص إلى أن مشروع المسطرة الجنائية هو عبء وفي ذات الوقت أمانة لدى المؤسسة التشريعية، معربا عن أمله أن ترقى تعديلات البرلمان لطموح الرأي العام المغربي، كما عبر أيضا عن رغبته في سماع صوت القضاة لأنهم فرسان المحاكم من أجل التعبير عن رأيهم، منوها برئيس نادي قضاة المغرب عبد الرزاق الجباري على ما يساهم به في كثير من القضايا ومن جملتها قضايا حضور الدفاع وقضاء التحقيق.