حسب الراحل محمد عابد الجابري، أنتج العقل العربي الإسلامي، ثلاث بناءات إبستيمية كبرى يمكن أن تنسب إليها جميع التيارات الفكرية التي يزخر بها تراثنا المعرفي. هذه البناءات الثلاث هي: البيان والعرفان والبرهان.
أما الخلاصة التي انتهى إليها، فترجع سبب (...)
كأننا داخل مصيدة عالقون. الزمن شرك قاتل. والحياة عنكبوت شره، تمتصك حتى النسخ الأخير، وتتركك على حافة الوجود صدفة خاوية.
# # #
عندما ألج بعض الفضاءات من المدينة، خاصة تلك التي عرفت بعضا من ذكرياتي الموغلة في القدم، ينتابني إحساس عنيف بالتمزق واغتراب (...)
يقول أحد الشعراء
إنما دنياي نفسي...
فإذا هلكت نفسي
فلا عاش أحدْ
ليت أن الشمس بعدي غربتْ
ثم لم تشرق على أهل بلدْ
يطرح الوجود إشكالا أنطولوجيا أصيلا على الذات المتكلمة والتي تفتقد لفعل الوجود والكينونة، خلو يمنع الذات المتكلمة من ترسيخ وجودها في (...)
نشأت في جو سياسي طغى عليه صراع محموم بين الاشتراكيين والإسلاميين، صراع لم يكن من اهتمامات أسرتي الصغيرة. أبي كان من الكادحين الذين يجرون وراء لقمة العيش، وفي البيت كانت أمي مشغولة بأفواهنا وأبداننا الصغيرة النهمة.
هذا الصراع كان باديا متأججا بوضوح (...)
قراءة في نصوص منفلتة ومسافات.. محمد آيت علو: "باب لقلب الريح... من أجل كوة فرح"
وكان، ويا ما كان..!
العبارة الأثيرة في السردية العربية، بها تبتدئ الحكاية، ولا تنتهي، إلا بانتهاء الحكي المباح، واستئناف الكلام اللامباح، المرغوب بذاته، كاكتمال لغواية (...)
1
في البدء كانت الرحلة
في مقالي الأخير انتهيت إلى القول: "الحياة لا تحمل أي قيمة في حد ذاتها، نحن من نمنحها القيمة المناسبة، أي إن الجدوى لا توجد خارج ذواتنا، ففينا يكمن المعنى، وليس في مكان آخر من حفلة التفاهة هاته".
منذ زمن بعيد، عندما كنت مراهقا، (...)
العنوانُ أعلاه مقتبسٌ عن عنوان رواية لميلان كونديرا سبق لي أن اطلعت عليها. مع ذلك، هذا المقال لا يمت بأية صلة إلى الرواية، حتى أني لا أتذكر أحداثها، فضاءاتها، شخصياتها... دون أن أنكر، أنها ربما أثرت في (الرواية)، ويمكن أن يتسرب شيء منها، علق في لا (...)
عدت من المشوار القصير الذي قادني إلى بقالة الحي، وأنا في حالة انشراح شاسعة، ارتسمت على محياي، وأغرقتني بالكامل في الحديث الذي دار بيني وبين صاحب البقالة، حتى أن أحد الجيران حين تقاطعت خطواتنا دعاني إلى "الرجوع إلى الله"، فتنبهت إلى الابتسامة البلهاء (...)
وأنا مسافر على إحدى طرقات بلادي، التقطت عيني هذا المشهد: على ربوة متوسطة الارتفاع، في أرض خلاء، يستقر مسكن. أقول مسكنا تجاوزا. حتى النوالات المبنية بالقش والقصب، التي تظهر في بعض الصور الملتقطة لمنازل البدو المغاربة بداية القرن الماضي تبدو بجدرانها (...)
في السوق الشعبي، مررت على الخضارين وبائعي الفواكه، أملأ من سلعهم العربة اليدوية التي أجر خلفي. في إحدى اللحظات، توقفت عند بائع الموز، كان يعرض بعض العناقيد الجميلة. اشتريت بعضا منها بعد أن راقني الثمن. دفعت له النقود، وبما أنه لا يتوفر على الصرف، (...)
وأنا مسافر على متن ناقلة متهالكة تتهادى على طريق مهترئة تؤدي بي إلى مقر عملي، أثار انتباهي "الكريسون" (الشحّام) بهيأته وحركاته. كان رجلا عجوزا، بملامح متعبة، وحركات خجولة، يتحرك ببطء وأناة في الردهة الضيقة الفاصلة بين الكراسي، يستخلص ثمن الرحلة.
بعد (...)
رغم أنني لا أحب استعمال هذا المصطلح (مفترق الطرق) للمرات الكثيرة الذي استعمل خلالها حتى أصبح مبتذلا خاصة في توصيف المسار العالم للتجربة التاريخية للبلد. ففي كل مرة استعمل فيها هذا المصطلح واعتقدنا فعلا أن ما بعد حدث استعماله لن يكون كما قبل، (...)
الحقل السياسي المغربي يكتنفه الكثير من الضباب، يصعب معه تكوين صورة تقريبية عن طبيعة نوايا وتطلعات الفاعلين السياسيين. والأكثر خطورة هو أن هذا الحقل يزداد ضبابية وغموضا مع توالي الأيام والسنوات، حتى بتنا لا نعرف إلى أين تسير بنا سفينة الوطن في بحر (...)
من حسنات الأنظمة السياسية الديمقراطية الغربية الحديثة أنها أضفت على الصراع السياسي طابعا أخلاقيا، جعلت منه صراعا حول البرامج، يختار من بينها المواطنون الأفضل، فيعترف الخاسر بهزيمته ويتسلم الفائز السلطة.
تمر الاستحقاقات الانتخابية دوريا وتتداول (...)
في كل مرة تورط فيها مواطنونا في أحداث دامية في الجهات الأربع من العالم، نسارع إلى التبرؤ من هؤلاء وتبرئة الإسلام من أعمالهم، والاستماتة في الدفع بتهمة الإرهاب التي يحاول متطرفو الجانب الآخر إلصاقها بنا وبحضارتنا.
بدل تحمل المسؤولية التاريخية الملقاة (...)
الاتحاد الأوربي بني على أكتاف ألمانيا وفرنسا، ولا يزال واقفا على قدمي الأولى (ألمانيا)، بعد أن اجتاحت الأزمة المالية الجنوب وتنذر بإغراقه (الاتحاد). لكن، الجميع متشبث بهذه الحلم، ولم تقم أي دولة بالانسحاب من الباخرة، كالجرذان التي تحس أولا بقرب غرق (...)
نشرت إحدى الجرائد الوطنية، صورة كتبت تحتها التعليق التالي: "الوزيران يتجاهلان المتسولة".
في الواقع ليس المسؤولون وحدهم من ابتلوا بآفة التطبيع مع مظاهر الفقر والعوز والهشاشة والقبح، كلنا أصبنا بآفة التآلف مع مثل هذه المظاهر، فأصبحنا نغض الطرف عن كثير (...)
حالة من الغضب الشديد استبدت بي، أكثر مما أثاره في نفسي خبر العفو الملكي عن مغتصب الأطفال، بعد ما رأيت وسمعت وقرأت عن القمع الذي ووجهت به المظاهرات التي دعى إليها ناشطون فايسبوكيون الجمعة الفائت.
أن يقع خطأ ما، فهذا يمكن تفهمه، لأنه من الممكن تداركه (...)
شريط أحداث قضية العفو عن مغتصب الأطفال الإسباني دانيال كالفان فينا، كما تناقلته وسائل الإعلام المحلية والدولية، وكذا تصريحات وزير العدل المغربي، يؤكد بالملموس أن الحكومة تعيش «في دار غفلون».
فلا العفو مر من دواليبها (خاصة وزارة العدل)، ولا القوة (...)
وأخيرا، خرج حزب الاستقلال من الحكومة، بعد جولات شد وجذب دامت لعدة شهور، بين الحليفين بالأمس الغريمين اليوم. معركة لم تضع أوزارها بعد، لأن أحد وزراء الاستقلال الذي هو وزير التربية الوطنية السيد محمد الوفا، لم يقدم استقالته بعد، وتلكؤ السيد عبد الإله (...)
شيئا فشيئا تغرق سوريا في بركة من دم قاني... أما السيد حسن نصر الله أمين عام حزب الله اللبناني، فيجد ما يكفي من الوقت ليعد أتباعه ومريديه بالنصر...
على من ستنتصر يا من نصب نفسه مدافعا عن الكرامة والعزة العربيين؟ ستنتصر على الشيوخ والأيتام والأرامل (...)
جميل جدا، القاموس الذي أصبح سياسيونا يستعملونه في خطاباتهم وحواراتهم وتدخلاتهم، وحتى في حروب الرسائل المشفرة التي يرسلونها فيما بينهم، ولمن يهمهم الأمر.
عندما أقول "جميل جدا"، فإنني أعني ما أقول، ولا أقصد من وراء ذلك، التهكم أو السخرية. (...)
المتتبع للشأن العام المتعلق بالحياة السياسية الوطنية لا بد أن يصاب بالإحباط أو على الأقل بارتفاع الضغط، مع ما نراه من صراعات "خاوية" سواء بين مكونات الائتلاف الحكومي، أو بينها وبين أحزاب المعارضة.
فبدل أن يشمر الفاعلون السياسيون عن سواعدهم لخوض غمار (...)
يتعامل معنا الإسلاميون، نحن معشر العلمانيين، "كخراف شاردة"، فتجدهم، في كل مرة يحتد فيها النقاش بيننا، يلوحون بعصاهم، يهشونا كي نعود إلى "حظيرة القطيع".
يهدف الإسلاميون من وراء حوارهم للعلمانيين، إلى إقناعهم بوجهة نظرهم، لأنهم يعتقدون، مدعومين بفهم (...)
الأطفال يتراكضون في الساحة غير عابئين، بالمطر النازل من السماء، أو البرك الموحلة المتناثرة على الأرض. يركضون وصراخهم الصاخب يملأ الفضاء المكفهر بهجة ودفءا...
مثلهم، في ما مضى من السنوات، عندما كنت صغيرا، كان تساقط المطر يفرحني كثيرا.
غير مبالين (...)