مع بداية الصيف الحالي، بدأت بعض الملفات تطفو على السطح، وهو ما يؤشر على أن الصيف الحالي سيكون صيفا ساخنا بعد تحريك المتابعة القضائية ضد 17 مسؤولا سابقا بالمكتب الوطني للمطارات، وكذا تحريك المتابعة في حق العديد من المسؤولين في مختلف القطاعات والمؤسسات العمومية، كان المجلس الأعلى للحسابات قد كشف في آخر تقرير له عن تسجيل اختلاسات كبيرة طالتها خلال الفترة الماضية، وهو الأمر الذي وصلت أصداؤه إلى قبة البرلمان ودفع العديد من الجمعيات والمتابعين إلى المطالبة بفتح المتابعة القضائية في حق المسؤولين عن تلك الاختلاسات. في دولة الحق والقانون، هناك مبدأ مقدس لا يجب التهاون فيه، وهو مبدأ المحاسبة، لأن المسؤولية بدون محاسبة تشجيع على الفساد، و«المال السايب كيعلم السرقة» كما يقول المثل المغربي، لذا فإن فتح ملف هذه الاختلاسات يأتي في الوقت المناسب بعد أن بحت أصوات الداعين إلى تحصين المال العام من التسيب، وهي رسالة قوية تؤكد أن الدولة لا تحتمل التساهل وأن سيف القانون هو الرقيب. وإذا كان فتح القضاء لهذه الملفات خطوة إيجابية، فإن الإيجابي أكثر هو أن يتم التعامل مع هذه الملفات بحرص ونزاهة، فقد أظهرت بعض الملفات السابقة المتعلقة بالفساد أن الحيتان الصغيرة هي التي كانت تدفع الثمن بدلا عن القروش الكبيرة التي هي المستفيد الأول، وذلك وفاء لشعار استقلالية ونزاهة القضاء الذي ترفعه الدولة من أجل القطع مع سلوكات الماضي.