في إطار سعي الحكومة المغربية لتعزيز الاقتصاد الوطني وتحفيز النمو المستدام، أعلنت نادية فتاح العلوي وزيرة الإقتصاد والمالية، عن قرب اعتماد مرسوم مخصص لدعم المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة وذلك في سياق ميثاق الإستثمار الذي يشمل مجموعة من المبادرات والبرامج الموجهة لهذه الفئة الحيوية من النسيج الاقتصادي المغربي. وأكد عبد الله فركي، رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، ترحيبه بتصريحات وزيرة المالية حول المراسيم التطبيقية للقانون الصادر منذ 2013، الذي يمنح نسبة 20 بالمئة من الصفقات العمومية للمقاولات الصغيرة. وأشار إلى أن هذه الخطوة كانت مطلبا طال انتظاره حيث عقد اجتماعا مع الوزيرة في 11 شتنبر 2022، وتم الاتفاق على إصدار القوانين التطبيقية لتفعيل هذا المرسوم، إلا أن هذا الالتزام لم يتحقق بعد رغم مرور الوقت. وبخصوص تصريحات الوزيرة ووزير المقاولات الصغرى، يونس السكوري، حول تخصيص 12 مليار درهم لدعم المقاولات الصغيرة والمتوسطة، تساءل فركي عن كيفية توزيع هذه المبالغ والجهات المستفيدة منها. وذكر أن جزءا كبيرا من هذه الميزانية يتم توجيهه لمكاتب الدراسات ومؤسسات التكوين تحت ذريعة تقديم نصائح أو برامج تكوينية، في حين أن المقاولات الصغيرة تحتاج إلى دعم مالي مباشر وليس إلى توجيهات غير ملموسة. وانتقد رئيس الكونفدرالية المغربية للمقاولات، سياسة وزير المقاولات الصغرى والمتوسطة، معتبرا أن ميزانية الدعم يتم تمريرها بإسم المقاولات الصغيرة ولكنها تذهب إلى جهات أخرى غير معروفة، وأوضح أن الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة لم تشرك في الحوار حول هذا البرنامج، مما يثير الشكوك حول كيفية صرف 14 مليار درهم من الميزانية المخصصة. وأشار فركي، إلى أن الميزانية المقدرة ب 14 مليار درهم لدعم التشغيل لم تظهر نتائجها على أرض الواقع رغم أهميتها في تقليل البطالة، وشدد على ضرورة إشراك الفاعلين الإقتصاديين في تنفيذ هذا البرنامج، حيث لا يمكن للوزارة وحدها تحقيق النجاح المنشود دون التعاون مع الكونفدرالية المغربية للمقاولات الصغيرة التي تعد المحرك الأساسي للاقتصاد الوطني وتمثل 94.8 بالمئة من إجمالي المقاولات في المغرب. وفيما يتعلق بالسياسات الضريبية، نفى فركي وجود أي تسهيلات ضريبية للمقاولات الصغيرة جدا والمتوسطة أو المقاولين الذاتيين، وأوضح أنه منذ اعتماد قانون المالية لعام 2023، تم رفع الضرائب على المقاولات الصغيرة جدا من 10 بالمئة إلى 20 بالمئة، بينما تم تقليص الضرائب على المقاولات المتوسطة والكبيرة من 26 بالمئة إلى 20 بالمئة، وانتقد هذا الإجراء معتبرا أنه يناقض مبدأ العدالة الضريبية المنصوص عليه في الدستور المغربي والذي ينص على أن الشركات الأكثر ربحية يجب أن تتحمل نسبة ضرائب أعلى. واعتبر فركي أن هذه السياسات تساهم في زيادة معاناة المقاولات الصغيرة، مما يؤدي إلى تفاقم الفجوة الاقتصادية بين الشركات الصغيرة والكبيرة، ويعزز من هيمنة الأخيرة على السوق. يرى عبد الله فركي، أن الحكومة بحاجة لاتخاذ تدابير ناجعة وفعالة لدعم المقاولات الصغيرة جدا والصغرى والمتوسطة، التي تشكل المحرك الأساسي للاقتصاد الوطني، ويشدد المتحدث على أن هذه الفئة من المقاولات تحتاج إلى رعاية خاصة واهتمام كافٍ لتسهيل عملها، نظرا لدورها المهم في خلق فرص العمل وتشغيل أكثر من 25بالمئة من اليد العاملة في المغرب، فضلا عن مساهمتها في الحفاظ على السلم الاجتماعي. وأشار فركي إلى أن المقاولات الصغيرة تشارك في تنفيذ العديد من المشاريع الحكومية الكبرى عبر المناولة، حيث تعتمد الشركات الكبرى في الغالب على هذه المقاولات لإتمام الأعمال على أرض الواقع وعلى الرغم من أن عدد المقاولات الصغيرة جدا والمتوسطة تتجاوز 5 ملايين مقاولة، بينما لا يتعدى عدد المقاولات الكبرى 300 مقاولة في المغرب، إلا أن الحكومة غالبا ما تعطي الأولوية للمقاولات الكبرى في صياغة القوانين والمراسيم والبرامج. وأوضح المتحدث ذاته، أن هذا التمييز يشكل خطأ استراتيجيا ارتكبته الحكومات المتعاقبة، وهو ما يستدعي تصحيحه بشكل عاجل فالمقاولات الصغيرة والمتوسطة تلعب دورا حيويا في التنمية المحلية، سواء في المدن أو في المناطق القروية، وتسهم بفعالية في الاقتصاد الوطني ومع ذلك، يتم تجاهلها في النقاشات الاجتماعية والقوانين والمجالس الإدارية، مما يعرقل تطويرها ويحد من قدرتها على المساهمة الفعالة في المشاريع التنموية. وأخيرا، يدعو فركي الحكومة إلى إعطاء اهتمام أكبر لهذه الفئة، والعمل على إدماجها في عمليات التشاور وصياغة السياسات الاقتصادية، كما يؤكد على ضرورة توفير الدعم المالي واللوجستيكي وتسهيل الإجراءات الإدارية والضريبية بهدف تعزيز دورها كركيزة أساسية للاقتصاد المغربي لتحقيق نمو مستدام وشامل.