قرر الوكيل العام للملك تحريك المتابعة القضائية في حق عدد من المتورطين في الاختلالات التي عرفتها عدد من المؤسسات العمومية، من بينها المكتب الوطني للمطارات خلال فترة ولاية عبد الحنين بنعلو. وقالت مصادر مطلعة ل«المساء» إن الوكيل العام للملك بالمجلس الأعلى للحسابات قام، وفق المسطرة القانونية، بإحالة هذا الملف على وزير العدل من أجل اتخاذ الإجراءات التي يراها مناسبة، مضيفة أن لائحة تضم 17 اسما لمسؤولين بالمكتب السابق للمكتب الوطني للمطارات توصلوا باستدعاء من أجل البحث معهم في الاختلالات التي عرفها المكتب، من بينهم المدير العام السابق عبد الحنين بنعلو ومدير ديوانه محمد أمين برقليل. وكشف التقرير الأخير، الذي أصدره المجلس الأعلى للحسابات، عن عدد من الاختلالات التي شهدها تدبير المكتب الوطني للمطارات، من بينها على سبيل المثال استفادة المدير العام من إقامة عائلية في فندق بمراكش على حساب المكتب الوطني للمطارات طيلة الفترة الممتدة من 27 دجنبر 2007 إلى 3 يناير 2008، وحجز غرفتين ثمن الواحدة منهما 2800 درهم لليلة بدون احتساب الرسوم، وشراء مقتنيات فاخرة من متاجر «Duty Free» الموجودة بمطار محمد الخامس على حساب المكتب الوطني للمطارات. وشملت هذه المقتنيات حقائب من ماركات مختلفة وسجائر كوبية وعطورا. كما سجل التقرير على المدير العام السابق إفراطه في اقتناء الهدايا الفاخرة كالمحافظ وحقائب الغولف وسلع فضية وسلع من البورسلين والكريستال. كما قام المدير العام السابق ببيع قطع أرضية تابعة للمكتب لفائدته ولفائدة أشخاص آخرين. وإذا كانت الاستدعاءات لم تشمل إلا متورطين في اختلالات المكتب الوطني للمطارات، فإن المصادر المطلعة لم تستبعد أن تشمل التحقيقات باقي المتورطين في ملفات فساد مالي داخل مؤسسات عمومية أخرى مثل المركز السينمائي المغربي، الذي يوجد على رأسه السينمائي المغربي نور الدين الصايل. وقد أثير مؤخرا بعد نشر المجلس الأعلى للحسابات نقاش قانوني حول صلاحية وزير العدل في إحالة الملفات، التي كشف فيها المجلس عن وجود اختلالات تشكل وقائع جرمية، على القضاء. وقال وزير العدل محمد الناصري في البرلمان إن الوكيل العام للملك بالمجلس الأعلى هو الذي يحيل الملفات على وزارة العدل في حالة ما تبين له أن الوقائع الواردة في التقرير يجرمها القانون. ومن جهته، قال محمد السكتاوي، نائب المنسق الوطني للهيئة الوطنية لحماية المال العام في اتصال مع «المساء»، إن المتابعات القضائية في حق المتورطين في هدر المال العام، التي كشف عنها التقرير الأخير للمجلس الأعلى للحسابات، هي أمر طبيعي بعد الضغوط التي مارستها الصحافة والمجتمع المدني والبرلمانيون من أجل وضع حد للإفلات من العقاب في الجرائم الاقتصادية. وتمنى محمد السكتاوي ألا تكون هذه المتابعات القضائية «مجرد مسرحية جديدة»، داعيا إلى التشدد في محاربة هدر المال العام، خاصة أن وزارة المالية، يضيف نفس المصدر، أعلنت أن ميزانية السنة المقبلة ستكون ميزانية تقشف. وقال السكتاوي «إن استعادة الأموال التي تم تبذيرها يمكن أن تضخ في ميزانية الدولة». وتمنى السكتاوي أيضا أن يتم تعديل القانون الحالي حتى يتم تفادي النقاش القانوني، الذي أثير مؤخرا حول تحريك المتابعات القضائية في حق المتورطين في هدر المال العام، والتي تكشف عنها تقارير المجلس الأعلى للحسابات، وقال إن الهيئة الوطنية لحماية المال العام طالبت بأن يفرض على الوكيل العام للملك بالمجلس الأعلى للحسابات أن يحيل الملف على وزير العدل قبل متم ستة أشهر من نشر التقرير في الجريدة، حتى يتخذ الوزير الإجراءات المناسبة إذا كانت الوقائع تستوجب عقوبة جنائية.