الكوارث تحل بإسرائيل الواحدة تلو الأخرى. الكارثة التالية التي تنتظرنا ستحل في 20 يناير: سيؤدي دونالد ترامب اليمين كرئيس. إذا تمسَّكَ وزير الخارجية ووزير الدفاع ومستشار الأمن القومي والسفير في إسرائيل بتصريحاتهم، فإن السنوات المقبلة تنذر بسنوات كارثية لإسرائيل. سوف يرسمون مصيرها لتكون دولة فصل عنصري إلى الأبد، وذلك بفضل أصدقائها المزعومين، الذين ليسوا أكثر من تجار دماء، تجار سيعمقون إدمانها على الاحتلال وسفك الدماء والقوة، بشكل لا يمكن إصلاحه. لا ينبغي أن يطلق عليهم "أصدقاء إسرائيل"، بل على العكس من ذلك. وهم أسوأ أعدائها. المسؤولون الجدد عن السياسة الخارجية هم أنصار الفصل العنصري والاحتلال والاستيطان والحروب. وترامب هو المعتدل والمنضبط بينهم. ربما يكبحهم قليلا. كما سيكون إيتمار بن جفير قادرا على المشاركة في كبح جماح هذه المجموعة من الممسوسين في واشنطن، فقط إذا تغلب على صعوباته في اللغة الانكليزية.
لقد غرّد شخص ما على موقع "إكس" بأن الولاياتالمتحدة قد تفرض عقوبات على الإسرائيليين الذين لا ينتقلون إلى المستوطنات. لا أساس لذلك؟ لستُ متأكدا، إذا ما حكمنا من خلال المواقف الهاذية لهذه الشخصيات. جميعهم مؤهلون ليكونوا أعضاء في برنامج " بتريوتيم- وطنيون، على الرغم من أنهم أكثر تطرفًا من المشاركين الحاليين. إن ترقيتهم لقمة رجال السياسة الخارجية في الولاياتالمتحدة يثير الرعب. فكِّروا مثلًا أن يكون (الصحافي) يانون ماغال وزيرا للخارجية. عنصريون وجاهلون، لا يعرفون شيئاً عن واقع الشرق الأوسط، سوى دعاية المستوطنين الذين غسلوا أدمغتهم في الكنائس "الأفنغلية" وفي زياراتهم للمستوطنات. لم يحصل من قبل ان حظيت أكثر المشاريع الاستيطانية اجرامًا، المستوطنات، على دعائيين يمينيين أشد منهم. يوسي دغان على حق عندما يحتفل بتعييناتهم أمام كل كاميرا. إنهم سيدفعون إسرائيل إلى الضم والترحيل وارتكاب جرائم حرب التي لا تُعتبر جرائم في نظرهم أبدًا، والى التطهير العرقي والإبادة الجماعية؛ سوف يفككون آخر حماة الديار في العالم، ويفرغون مؤسسات المجتمع الدولي من مضمونها، ويسلحون إسرائيل أكثر من أسلافهم. ستكون نهاية محكمة العدل الدولية، ومعها نهاية بقايا العدالة العالمية. وقد تكون النهاية أيضاً لحلف شمال الأطلسي والأمم المتحدة. وفي 20 يناير/كانون الثاني، ستحصل إسرائيل على إذن بالقتل والتطهير والترحيل. سيحصل مدمن المخدرات على مفاتيح خزائن المخدرات في الصيدلية. وزير الخارجية المكلف ماركو روبيو لا يرى في الحرب الرهيبة سوى ضحاياها الإسرائيليين. "60 ألف إسرائيلي يعيشون في الفنادق وأطفالهم يدرسون على الإنترنت"، هكذا تذمّر مروّج الدعاية الموالي لإسرائيل، الذي لم يسمع عن مليوني فلسطيني في قطاع غزة ومليون لبناني فقدوا عالمهم بأكمله ويعيشون في عوز ورعب. ليس لديهم فندق ينامون فيه وأطفالهم لا يدرسون عبر الإنترنت؛ إنهم يُذبحون على يد إسرائيل. ولن نسمع عن ذلك من روبيو وأمثاله. روبيو هو رجل "حقوق الإنسان"، ولا يمس قلبه سوى مصير أقلية الأويغور كجزء من صراعه مع الصين، ولا يقع الفلسطينيون تحت هذا الاطار بالنسبة له. ومن المشكوك فيه أنه يعرف عنهم شيئًا، أو التقى بأحدهم. مصيرهم لا يعنيه، فكلهم إرهابيون، هذا ما قاله له المستوطنون. ويتحدث مستشار الأمن القومي الجديد، مايكل والتز، مثل شمعون ريكلين. وكتب منذ وقت ليس ببعيد: "يجب تمكين الجيش الإسرائيلي من إنهاء المهمة". والسفير الجديد، مايك هاكابي، وهو ضيف دائم على المستوطنات ومؤيد متحمس للضم، يعتبر فك الارتباط "أحد أكبر إخفاقات الحكومة الاسرائيلية". لقد سبق أن استاء هذا الأميريكي السخيف ذات مرة من حقيقة أن اليهود مضطرون لزيارة قبر يوسف في ساعات الليل، بعد أن سجد على القبر المشكوك فيه في نابلس، وهو يرتدي القلنسوة. وقال ذات مرة أيضًا إنه يفكر في شراء منزل في المستوطنة. إن السنوات التي ستقضيها هذه المجموعة في السلطة سوف تحدد المستقبل بطريقة لا رجعة فيها تقريبا. والأمل في تخليهم عن مواقفهم، كما يحدث للسياسيين الإسرائيليين، هو الأمل الأخير، حتى إن بدا بعيد المنال. المصدر: "هآرتس" يوم 14 نوفمبر 2024