بأغنيّة ووتر، كان الفنّان يغوص عميقاً في ماضٍ غابر ويمتطي حلماً ستفيض به خُطاه وتنبسط ظلاله أبعد وأبعد.. كان اللّيل يخلع عتمته وكانت قامته تستقبل الشّمس وهدير البحر وتأتي بالنّشيد لحناً مغسولا بنكهة الأرض..
في تفاصيل صغيرة وكبيرة، كان الفنان (...)
في خلاصة مُدهشة لا تحدّها المراحل ولا تؤطّرها الحدود.. وعبر ومضات استثنائية ونادرة وتعابير شديدة الدّلالة، كان الكاريكاتوريست المغربي العربي الصبّان متوقّد الذّهن وسط الفعل والواقع، يقول صباح الخير للوطن وللنّاس من خلال إطلالته اليوميّة السّاخرة (...)
يمضي الرّجال واقفين كالأشجار، صامدين كالجبال، شامخين كنجوم بعيدة تلمع في القلوب..تلمع بألف معنى، حيث يتحوّل المصير إلى أمصار والخطوة إلى خطوات من أجل الكلّ لا غير...هكذا كان الأستاذ عبد الرحمان اليوسفي، الزّعيم السّياسي والمناضل الوطني البارز من أجل (...)
عبر نافذة مديدة كان اللّيل يميل إلى أغصانه، فيما الهواء يحمل رقّة الأغاني وعذوبتها، والتي لم تكن إلاّ لملحّن اكتملت فيه مواصفات التّعبير الفنّي، عبر شاعريّة موسيقية فذّة، تفيض حيويّة ونضارة..وتُضيء مسيرة أصوات طربيّة عربية ومغاربيّة أصبح لها حضور (...)
عبر امتدادات بعيدة وينابيع هاربة، عرفتك أخي الغالي الشاعر والروائي، الراحل الدكتور محسن أخريف، طاقة متوهّجة نبلا وعطاءً وإنسانية. كنّا نهتف معاً بلوعة الكلمات ونحن على الطّريق نتبادل الصّلة دوماً، لا تعوزنا ضروب الحياة بينما نعدّ الحلم على سكّة (...)
ككل البدايات التي تكون استثنائية من أوّل الضّوء إلى آخر النّبع البعيد، كان هذا الفنان شديد الإحساس، يرسّخ تعلقه بالأنغام ويشتبك في نفثة واحدة مع حمامته البيضاء تطوان، سليلة الفن والأصالة وخزانة البهاء، ليحلّقا معا بالاسم والمعنى وليصير بعدها قطباً (...)
عديدة هي الصور والمشاهد والوجوه التي تطرق باب الذاكرة من حين لآخر، لتواصل حضورها الكثيف كأطياف النهار.. ولتبذر في وجه الأشياء والصّمت نبضاً وتقديراً واعترافاً بما كان وسيبقى.
مازلت أستحضر في منتصف الثمانينيات، بحسِّي الطفولي، أشرطة الكاسيت العتيقة (...)
في قلب حياتنا جميعاً سينبثق عالياً اسم مُحاصر بالتحديات، تقاطعت في مسيرته الشخصية والفنية ومنذ الهواء الأول تحولات من الأحداث المتلاحقة، وكلنا يُخيط مسافاته في شوارع الأحلام، التي أخذت حيزاً أوسع مع هذا الصوت الممتلئ نضارة والمتغلغل في جبين الأيام (...)
قليلة هي الأصوات التي نذرت نفسها لرسائل كبرى، وتركت تأثيراتها على دروب الحياة وإيقاعاتها، وتغلغلت في الذاكرة الجماعية بكل بساطتها وغناها عبر تجاربها التي تنوعت وحققت كشفا في النظرة والأسلوب، ووازنت بين مضمار الوعي بالحاضر الذي تكامل وتضاعف مع عمق (...)
وقفت أتأمل أضواء الليل الذي يعبر بنا، فقلت في نفسي: النخلات السامقات لا ترحل مادامت ثمارها وظلالها باقية على امتداد السنين، لن يرحل أبداً من تصل كلماته الأفق بكثافة الجوهر وتورق بين هذا الكوكب إلى بعيد المدى، لأنه ببساطة هنا وفي كل مكان..
حين أستحضر (...)
أكيد أن الطرق الداخلية هي طرق الإنسان، كما هي أيضا طرق القدر، وللشاعر طرقه الداخلية الشّتيتة، المزدحمة بالعبور ومن تِرحاله الموزّع النّفس فيها إلى الأعمق والأرحب والأبعد والأصفى... فالحديث عن الشاعر الكبير عبد الكريم الطبال (من مواليد مدينة شفشاون (...)
الكتاب هو امتحان الزّمن بين وجدان الشعوب، قد يبقى بستاناً أخضر مديداَ كما فصاحة النّايات.. وقد يمسي عنواناً بدون سماء لا تصدّقه طرقات الحياة... وقليلون هم من تقاس أعمالهم بالاستبصار والرّويّة ومدارج الأفق، عبر مكابدة ومجاهدة تستنطق الأرواح وتشكل (...)
حينما أسترجع من محطات بعيدة صفحات السنين ودهشة الكتابة ومسافاتها المستبدة بالكيان، أستحضر جريدة "العلم" وصفحة "الباب المفتوح" في بداية التسعينات وهي تحتضن نصّي الأول.. لتتوثق الصلة بين الجريدة عبر صفحة "حوار" ثم الملحق الثقافي.. ولأجدني أنسج خيوطاً (...)
لطالما سجل الكاريكاتوريست المغربي الفنان عبد السلام المريني (65 سنة)، بريشته، مراحل مهمة من انتظاراتنا..وشكل بجوهره الإنساني الصّافي أفقاً وطريقاً للعديدين..ولطالما حمل أصواتنا رمزاً وحكاية إلى مساحات أوسع وهو يخط بحبر القلب أمنياتنا، لعلها تجد (...)
حينما فتح الكاتب العالمي محمد شكري (2003/1935) النافذة على ذاكرة "طنجة العالية" والأسطورية بكل صخبها وأفراحها وهو طفل نازح من قرية آيت شيكر بإقليم الناظور في بداية الأربعينيات رفقة عائلته الباحثة عن سماء أرحب وعن خبز تسد به رمق الجسد وجرح الأيام، (...)
قليلون هم الذين يتركون أثراً في الذّاكرة واللسان.. وقليلون هم من يستوطنون مساحات ممتدة في وجدان الأجيال وفي معالم الأوطان.. هم كثمار الكتب اليانعة نختبرهم بالأفكار والمواقف والقيم والمبادئ.. وقبل هذا وذاك، بلغتهم المتزنة والملتزمة بقضايا الأمة، (...)
يقول النّفري في موقف حجاب الرؤية من أعماله الصوفية (ص: 106): "من عرف الحجاب أشرف على الكشف..."، وهي جملة عميقة الدلالات سكنت خزائن العديد من الأسماء الأدبية التي كانت أكثر براعة وخبرة وتأثيراً على مسارات أدبنا العربي واقتربت من حكمة الكشف والرّؤيا (...)
حينما عانقتُ مدينة تطوان في زمن بعيد من سنوات طفولتي رفقة والدي الذي ساقته لقمة العيش إلى هناك، هربَ بصري للوهلة الأولى صوب سبع جداريات تشكيلية تزيّن قبة فضاء الاستقبال بالمحطة الطرقية القديمة وترمز إلى الحياة اليومية لهذه المدينة وضواحيها، من توقيع (...)
كلّما فتحت النّافذة يأتيني الجواب سريعاً، ضوءٌ قريبٌ محاط بمئات العصافير ومطر يطلّ عالياً من غيمة صديقة..وبعض الشجن، راسمين من صوتها نشيداً لا ينمحي على لوْحِ الرّوح..
فيروز: حين يسري الصوت في الخلايا، يصير التيّار قطعة أرض تتوغّل فينا..في امتدادنا (...)