يحاول العديد من لاعبي كرة القدم نسيان مرارة موسم عنوانه العطالة، يرفضون الرد عن سؤال مستفز أحيانا ويدعو إلى الشفة أحيانا: «لماذا لا يختارك المدرب ضمن تشكيلته؟»، أو من خلال سؤال أقل شحنة «ما هي دوافع الغياب؟». تتعدد الروايات وتتناسل الحكايات، ولكل لاعب مبررات ودوافع الاختفاء، أغلبها ذات ارتباط بإصابات الملاعب وبعضها بسبب خلافات مع المسيرين أو المدربين، لكن مهما تعددت الأسباب فإن الغياب واحد. في ظل ممارسة كروية في منزلة بين منزلتي الهواية والاحتراف، يصبح الغموض عنوانا للمرحلة، ويضطر اللاعب إلى قبول أنصاف الحلول خوفا من الانضمام إلى جيش العاطلين. في كل الفرق المغربية يوجد لاعب أو لاعبان على أقل تقدير يعانون من العطالة، منهم من يواصل تداريبه رفقة زملائه متحديا كل الصعاب، ومنهم من يختفي عن الأنظار خوفا من مضاعفات الإقصاء. للجيش الملكي ترسانة من اللاعبين المعطلين الذين خاضوا دقائق معدودة بقميص الفريق العسكري، وتحولوا إلى قوات احتياطية في ثكنات العسكر رغم أنفهم، نذكر من بينهم الحارس الاحتياطي الأبدي بوطربوش القادم من الراسينغ البيضاوي منذ أربع سنوات، والمدافع عبد الصمد شاهيري المجلوب من الدفاع الجديدي والمهدي خرماج القادم من الكوكب المراكشي، ولكل من هؤلاء حكاية تستحق أن تروى. داخل الرجاء البيضاوي عاش لاعب الرشاد البرنوصي السابق حالة عطالة طويلة، تأخر شفاؤه من ألم قيل إنه يحتاج إلى عملية جراحية بسيطة قبل أن يصبح لغزا محيرا، وعانى اللاعب حسن الداودي من لعنة «الشوماج» الكروي حين فشلت صفقة انتقاله إلى نادي الإمارات، واضطر إلى استكمال موسمه الكروي ضمن مباريات ودية في كرة القدم المصغرة، أما الحارس أمين البورقادي فقد كان ضحية سوء الطالع وأدى «كاش» فاتورة الإخفاق في مباراة أمام الجيش الملكي، رغم أن استقطابه كلف مالية الرجاء أزيد من 100 مليون سنتيم. ولم يسلم الوداديون من عدوى العطالة، حيث قرر بادو الزاكي وضع اللاعب عبد الرزاق سقيم في ثلاجة الاحتياط الأبدي، رغم أن عملية انتدابه شهدت نزاعا بين الغريمين التقليديين، كما تحول الحارس الثالث للفريق حكيم موزاكي إلى مجرد أثاث على كرسي البدلاء بعد أن اعتمد الزاكي مبدأ التناوب بين لمياغري وفكروش. وعانى لاعبون آخرون في فرق تنتمي للقسمين الأول والثاني وفرق الهواة من الغيابات الطويلة المدى، ومنهم من قطع علاقته بالكرة بعد أن أيقن أنها بلا ضمانات. ومن المفارقات الغريبة في هذا الملف، انتقال لاعبين إلى ما وراء البحار دون علم المسؤولين، بل إن تشكيلة الاختفاء القسري لم تعد تقتصر على اللاعبين فقط، بل تعدتها لتشمل المدربين والمسيرين والحكام وأفراد الطاقم الطبي والإداري وكل من له صلة بالفريق.