لا تفهم كثير من النساء لماذا يقدم الرجال على الزواج، والاستقرار العائلي، مادامت لديهم رغبة واستعداد للخيانة، والحقيقة أن العديد من الرجال يستمتعون بذلك ويتباهون بعلاقات خارج إطار الزواج، بل أكثر من ذلك أصبحت عند البعض من الضروريات وموضة عند البعض الآخر... فخيانة الرجل للمرأة، ظاهرة أضحت تتفشى بشكل كبير في مجتمعنا المغربي، الأمر الذي يدعو إلى الوقوف أمامها وطرح أكثر من سؤال. أسباب متعددة و ألم واحد اليوم ومع التطور التكنولوجي والتفتح الإعلامي الذي تعرفه العديد من المجتمعات، تغيرت كل المفاهيم والعقليات، في وقت كان المجتمع يؤمن بصفة مطلقة بذكورية الرجل وحقه في التمادي في غلطاته، ويكرس دونية المرأة وضعفها، ويحثم عليها أن تمكث في منزلها وتلتزم الصمت وتمتثل لأعراف وتقاليد بالية وهي الضحية التي تعرضت للخيانة. تعددت الأسباب للخيانة وقد ترتبط مبررات الرجل لخيانته لزوجته بأسباب تافهة وبسيطة، وقد ترتبط باستعداد للخيانة ، وتبقى تلك الأسباب والدوافع ، مجرد مبررات واهية وستار يختبئ وراءه الرجل حتى يلتمس لنفسه العذر. المجتمع المغربي ملئ بحكايات وقصص زوجات تعرضن للخيانة من طرف أزواجهن، وهضمت حقوقهن قبل أن تهضم حقوق أطفالهن، منهن من لم يجدن سوى الصمت والصبر، والخضوع لاستعباد التقاليد والأعراف، ومنهن من وجدن الطلاق حلا لمعاناتهن. وأخريات وجدن الانتقام والتعامل بالمثل والخيانة حلا لهن. حب أم استعباد ؟ " بصراحة اصبحت اكرهه، ، فهو يعتبر الخيانة حقا مكتسبا ، "ماعنديش الحق لمجرد أني ناقشو فيه، أو هدشي علاش معمرو ما غيتصلح"، واكثر من هذا ، حين اناقشه في الموضوع يجيبني بانه سيربي ، "باغيني نشوف أو نسكت، ما نتكلمش ، أو باغي غير فلوسي في أخر كل شهر " ، بهذه الكلمات تسرد (س) 38 سنة، قصتها مع زوج اختار أن يضحي بزواجه وأولاده من أجل نزوة للأسف طالت، فبعد 10 سنوات من الزواج، تحولت حياتها إلى جحيم ولم تجد سوى الرجوع إلى منزل والديها، لتبدأ حياتها من جديد، برفقة طفلين هما أغلى ما لديها. لقد تحول الزوج الذي كان في السابق، رجل أحلامها إلى رجل أناني، يفتقر إلى أدنى إحساس بالرجولة والمسؤولية، فتبخرت كل المبادئ في الهواء، واكتشفت (س) مع الوقت، أنه مجرد رجل تتحكم فيه الشهوات والغرائز، وتتحكم فيه عقلية أسرته المتحجرة والقاسية، والتي تؤمن أن المرأة هي كائن لا يصلح إلا ليقول كلمة (نعم)، إلى درجة نسيانه لأبوته وواجبه كزوج، ولم يبق أمام (س)، إلا الطلاق كحل لهذه المعاناة الطويلة. هي خيانة للروح قبل الجسد حكاية (س) لا تختلف كثيرا عن معاناة عدد من النساء، فسميرة (موظفة)، وبحكم معرفتها بتجارب بعض أقربائها وصديقاتها اللاتي عانين من خيانة أزواجهن، تعتبر أن الخيانة كيف ما كانت، هي خيانة للروح والمبادئ وكل قيم المجتمع قبل أن تكون خيانة للجسد. فخيانة الرجل للمرأة ? حسب سميرة - هي الأكثر انتشارا في مجتمعنا اليوم، وتتزايد يوما بعد يوم ، وهذا راجع إلى انعدام الأخلاق وعدم الإخلاص وتفكير الرجل الخاطئ، بأن المرأة بمجرد إنجابها للأطفال، فهي تهمل الزوج ويحق للرجل خيانتها. ولكن هذه في الحقيقة مجرد مبررات، يتحجج بها الرجل ليجد لنفسه العذر حتى يشبع رغباته ونزواته، ويتجاهل إحساس المرأة و يضرب عرض الحائط بكل القيم والتعاليم الإسلامية التي تدعو إلى احترام الزواج. لماذا الخيانة هي أصلا موجودة ؟ رشيدة ( إطار إداري) تتساءل لماذا هي الخيانة الزوجية موجودة أصلا؟ لماذا يقدم الزوج على خيانة زوجته ولماذا تقدم الزوجة على خيانة زوجها؟ قد تكون الأسباب كثيرة ومتعددة، قد تكمن في التربية المغلوطة التي يتلقاها سواء الرجل أو المرأة وقد يكون سببها قلة الوعي أو ضعف المستوى الثقافي، الذي يتسبب أحيانا في سوء فهم بعض المواقف أو الأفكار بين الزوجين، لكن كيفما كانت الأسباب والمبررات فعندما تفقد المرأة إحساسها بالثقة والأمان، مع الزوج الذي اختارته كشريك لحياتها، يصبح استمرار الحياة الزوجية مستحيلا. فتعرض المرأة للخيانة ? تقول رشيدة ? يشبه تعرض المرء " للنصب والاحتيال". مسألة أخلاق وتربية يقول نورالدين: " عندما قررت الزواج ، كنت مقتنعا تماما أن الزواج هو مسؤولية مشتركة واحترام متبادل وواجبات وحقوق يجب على كل طرف القيام بها، والحمد لله أنا متزوج منذ 12 سنة، وأعتبر زواجي زواجا ناجحا، فرغم المشاكل التي تعترضني أنا وزوجتي، كنت دائما مخلصا في علاقتي الزوجية، ولم أفكر يوما في خيانتها " . لذلك "أعتبر أن الخيانة الزوجية هي وسيلة للهروب من مواجهة المشاكل وحل سلبي في التعامل مع المواقف، لأن استمرار الحياة الزوجية رهين بمدى تشبُث واحترام كلا الطرفين بالآخر"، فنورالدين يرى أن التربية الأسرية والوازع الديني هما حصن الرجل من كل انفلات أخلاقي أو نزوة قد تهدد هذا الاستقرار العائلي، خصوصا مع وجود أطفال. اختلفت القصص وتعددت المبررات، لكن المعاناة واحدة. فهل يستحق هؤلاء الأطفال أن يكونوا ضحايا لنزوات الكبار؟ قد يكون الطلاق في بعض الأحيان حلا يصعب اتخاذه، لكنه في نظر بعض النساء المعذبات، يبقى الحل الأمثل في كثير من الحالات، حتى يعيش الأطفال في جو نقي غير ملوث، خال من المشاكل والعقد الاجتماعية. وحتى نتعرف على أسباب الظاهرة المؤلمة أجرينا حوارا مع المحجوب مزاوي متخصص في علم النفس الاجتماعي س:ما الفرق بين الشروع في الخيانة الزوجية وبين الشروع في زواج آخر ؟ ج: تعاني أغلب النساء من الخيانة الزوجية، تتفكك معها الأسرة و ينعدم الحوار و تصبح الحياة الزوجية مستحيلة. قد تختلف الأسباب وتتعدد المبررات التي تدفع بالرجل إلى الخيانة وكذا بالزوجة لخيانة زوجها، لكن تبقى المعاناة واحدة والانعكاسات كثيرة وخطيرة، لا تقتصر على الزوجة فقط بل تتعداها لتشمل حتى الأطفال. لتسليط الضوء على ظاهرة " الخيانة الزوجية"، أجرينا هذا الحوار مع المحجوب مزاوي المتخصص في علم النفس الاجتماعي. س : ما هو تعريفك للخيانة الزوجية ؟ ج: في البداية، الخيانة الزوجية هي إقامة علاقة جنسية خارج مؤسسة الزواج يكون بطلها عبارة عن شخص متزوج أو شخصين متزوجين، هذا هو التعريف القانوني لها، وبالطبع هذه العلاقة محرمة شرعا ولا يهم أن تكون مع شريك من جنس مختلف أم من نفس الجنس ، إذ أن منطق الحكم يكمن في الخيانة نفسها لا في هوية أو نوعية الشريك. أما التعريف الأخلاقي للخيانة الزوجية فهو أشمل، لأنه يدخل في الاعتبار بشكل أقوى الفؤاد والسريرة. ويتجاوز الأدلة والقرائن القانونية. فإعجاب الزوج بامرأة أخرى وتفكيره فيها طوال الوقت، ومصارحته لامرأة أخرى بأنه يحبها ويعشقها، كل هذا من الناحية الأخلاقية يسئ إلى العلاقة الزوجية أو على الأقل يحتمل إلى حد بعيد أن يسئ إليها. فهو شروع في الخيانة، ما لم تكن نية الزوج أن يتخذ تلك التي يحبها زوجة ثانية. وهذا ملف أخر لا يخلو من مشاكل، إّذ ما الفرق بين الشروع في الخيانة الزوجية وبين الشروع في زواج آخر ؟ كلاهما قد يتضمن تلميحات وتعريضات يصعب تأويلها، وقد يتخذ الرجل الزواج " الجديد" ذريعة للتنصل من تبعات ما يشبه التحرش، ثم إن اتخاذ زوجة ثانية، أصبح اليوم شبه خيانة في أعين شريحة كبيرة من النساء، (لا من الناحية القانونية أو الشرعية بل من الناحية الاجتماعية الصرف) وخصوصا إذا لم يكن في الزوجة الأولى أي عيب ولم يصدر عنها أي تقصير. س: في نظرك، ما هي الأسباب التي تؤدي إلى الخيانة الزوجية ؟ ج: تختلف الأسباب وتتفاعل وتتشابك وغالبا ما تكون السببية هنا بنيوية. وقد يكفي السبب الواحد إذا كان قويا، كأن تخون الزوجة زوجها على سبيل الانتقام من خيانته لها سابقا، ولو أن هذا تصرف شبه انتحاري لأنه لا يخدم مصلحة ولا يجبر ما انكسر ، أما عن الأسباب التي قد تتضافر لتنتج عنها الخيانة الزوجية فيمكن أن نذكر ما يلي : * إهمال المظهر بشكل متكرر قد يؤدي إلى تشويه الصورة التي يحملها الشريك في ذهنه عن الطرف الآخر. * احتقار طرف للآخر، بحيث يلجأ الطرف المحتقر إلى أشخاص آخرين، لعله يظفر منهم بتقدير أو مجاملة. وقد يؤدي ذلك إلى علاقة أبعد من مجرد الكلام، خصوصا وأن الطرف المظلوم يعتقد أنه وجد أخيرا من يفهمه، ويستحق عطاءاته. وهذا غير صحيح طبعا، لأن هناك أشخاصا متخصصين في إظهار المودة لكل زوج مظلوم لحاجة في أنفسهم. * استخدام أحد الطرفين سلاح الجنس ضد الطرف الأخر، كأن تحرم الزوجة زوجها من الفراش والعكس صحيح، وذلك على سبيل الضغط، أو من أجل تحقيق مصلحة. وإذا تكرر الأمر فإن الطرف الذي ينصب عليه الضغط قد يفكر في لحظة ضعف، في حل مشكلته بنفسه، باعتبار أن الطرف الظالم حق عليه القول، وعليه أن يتحمل مسؤولية كل رد فعل يصدر عن المظلوم، لأن هذا الأخير استنفد جميع الحلول. * البرود الجنسي لدى المرأة والضعف الجنسي لدى الرجل، فهناك أزواج عاشوا حياة جنسية متوازنة، في مرحلة ما، ثم لأمر طارئ أو بسبب مرض، أصيبت الزوجة بالبرود أو أصيب الزوج بالضعف الجنسي، فأصبحت في المنزل مشاكل، وصخب ونكد. * النكد المستمر وكثرة الخلافات الصاخبة. وهذه الخلافات إذا ظهرت بوتيرة أكثر من الوتيرة المعتادة، فإنها قد تقتل الحب ومشاعر النبل والرومانسية فيشعر الزوجان أو من يرى نفسه منهما مظلوما، بالندم على الدخول في هذه العلاقة الزوجية، ويبدأ عقله في البحث عن بديل أو حل وسط وهو الترويح عن النفس خارج عش الزوجية من أجل تحقيق توازن نفسي مزعوم، والحقيقة أن هذا يزيد الأمر استفحالا ويقوي مشاعر الخوف والشعور بالذنب واحتقار الذات لدى الطرف الناشز. * طبيعة ومزاج بعض الأشخاص رجالا ونساء. فهناك دراسات تتحدث عن بعض الأشخاص أو العائلات التي تتفشى فيها الخيانة وتعدد الشركاء الجنسيين، ربما بسبب عوامل وراثية أو بسبب اللاشعور العائلي الذي يتحدث عنه العالم النفساني (ليبوت زوندي )، فتجد الواحد منهم، نفسه لا يقتنع بشريك واحد وإلا عاش بائسا. وهناك دراسات أخرى في نفس الاتجاه، تركز على الطاقة المغناطيسية الكامنة في أجسام الناس، وعن كونها في حالة النقص تدخل ضمن العوامل التي تعجل بالخيانة الزوجية. س : ما هي انعكاسات الخيانة على الحياة الزوجية والأسرة بشكل عام ؟ ج: بالطبع لهذه الظاهرة انعكاسات خطيرة. فالخيانة الواحدة قد تكفي لتدمير عش الزوجية وتشريد الأطفال. على أنه لا بد أن نشير إلا أن مجتمعنا والمجتمعات العربية بشكل عام، قد تتساهل إلى حد ما مع خيانة الزوج لزوجته ( وقد يرفض البعض تسميتها خيانة بالمرة)، في حين تتشدد إزاء خيانة الزوجة لزوجها، ربما لأن خيانة المرأة قد ينتج عنها إنجاب أطفال مشبوهين ومشكوك في نسبهم ، وربما لأن العقل الجمعي يتقبل أن يكون للرجل شريكات كثيرات في نفس الوقت ولو في إطار الزواج الحلال، في حين أن هذا العقل الجمعي لا يتصور أن يكون للمرأة أكثر من زوج أو شريك في نفس الوقت . قلنا إن الخيانة الزوجية قد ينتج عنها الطلاق، وقد ينتج عنها، في حال التكرار، تفسخ وانفصال جسدي تام، ومحاولة للإبقاء على الأسرة، فقط لأجل الأطفال ومستقبلهم. وقد ينتج عن الخيانة الانتقام أو القتل. وقد ينتج عنها لجوء بعض النساء أو الرجال إلى طرق شعوذية من أجل إحكام القبضة على الشريك ومنعه من الغدر والخيانة وإلقاء الحب والوفاء في قلبه بالقوة، أو تدميره نفسيا وجسديا إن اقتضى الحال. وهناك أيضا مواجهة الخيانة بالخيانة، حيث تلجأ بعض النساء إلى صنع قصص حب وإعجاب مع رجال آخرين، نكاية في الزوج، وفي مثل هذا الجو الحربي يضيع الأطفال ويفقدون الحنان والشفقة، وقد يكرههم الطرفان معا، لأن كل واحد منهم يرى الشريك في الأطفال بوصفهم إنجازا مشتركا. ومن صور الانتقام الأخرى، أن تمتنع الزوجة عن القيام بدورها الجنسي، فتعاقب الزوج بالحرمان وقد تفعل ذلك مكرهة من باب الخوف من الأمراض المتنقلة بواسطة الجنس، وخصوصا إذا ثبت لديها أن الزوج له شريكات كثيرات، أو يتناول الخمر والمخدرات إلى أن يفقد صوابه فلا يميز بين هذه وتلك . س : كيف يمكن للمجتمع أن يتخلص من هذه الآفة ؟ ج : عن طريق التوعية بمخاطرها وانعكاساتها المدمرة، والتوعية بأهمية الأسرة ورباط الزوجية وتقوية الحس الديني لدى الأزواج ولدى الأطفال الشباب بصفة عامة ، لأن الزواج اعتبره القرآن الكريم ميثاقا غليظا وهو كذلك بالفعل، رغم عدم وعي كثير من الأزواج بهذا الأمر. وعلينا كذلك، أن نركز على المعروف والإحسان، كمفهومين قرآنيين، إذ أن الله تعالى يطلب منا الإمساك بمعروف أو التسريح بإحسان. وعلينا كذلك أن نركز على أهمية الحب كقيمة تعتبر مفتاحا للكثير من الحلول. لقد اعتبر القرآن الكريم العلاقة بين الرجل والمرأة مودة ورحمة، ويجب أن تكون كذلك وإلا فإن الخطر يهدد كيان الأسرة ونفسية الأطفال. كما أن علينا أن نشجع التواصل بين الأزواج من خلال ورشات وتداريب ومحاضرات ولقاءات ، لأن عدم التواصل قد يزيد الطين بلة ويجب على بعض الزوجات أن يهتممن بمظهرهن في المنزل. وكذلك نقول للأزواج إن المظهر السئ المتكرر، قد يجعل الشريك يقوم بمقارنات غير عادلة بينه وبين غيره وقد يؤدي به الأمر إلى احتقار شريكه ولو بصفة لاشعورية، وإلى الاعتقاد بأنه يستحق أحسن منه. كما أن الابتسامة والالتفاتات البسيطة كالهدايا الصغيرة، والعبارات الرقيقة، كلها تلعب دورا في تقوية الأواصر وتجديد العواطف، وحذار من الأمور البسيطة فقد تنتج عنها مشاكل عويصة في حال الإهمال أو التكرار أو الغفلة. وفي الختام نقول بأن الإنسان مسؤول عن كل أعماله أمام خالقه وإن وجود العقاب هو الذي أعطيت به حرية الإنسان. ليلى ازروال