لم يسع المغرب، من وراء الحكم الذاتي، إلى الطي النهائي لملف النزاع فقط، بل أعلن صراحة، من خلال هذا المقترح، عن أمله في أن يشكل الحكم الذاتي «فرصة من أجل فتح صفحة جديدة في تاريخ المنطقة»، وهي روح بناءٍ وجِدِّيةٍ، سوف تحضر في المفاصل الكبرى من عناصر المقترح المغربي. ومنها عدم إلغاء مبدأ الاستفتاء بحد ذاته، كاستشارة جماعية للمصادقة على الحكم الذاتي… لقد تجاوز المغرب مبدأ الاستفتاء بعد أن أشهد الأممالمتحدة على استحالة تنظيمه، وبعد أن اقتنعت الهيئة الدولية بأن هناك ضرورة للبحث عن منافذ أخرى للحل، حيث ما فتئ مجلس الأمن، منذ 2004، يدعو "الأطراف ودول المنطقة إلى مواصلة تعاونها التام مع الأممالمتحدة، لوضع حد للمأزق الراهن، ولإحراز تقدم نحو إيجاد حل سياسي". وقد نص المقترح المغربي المقدم إلى الأممالمتحدة، بناء على ما تمت معاينته من استحالة الحل الاستفتائي Réferendaire، على ضرورة التفاوض على طريقة أخرى للحل (لأن الحل عند المغرب موجود، وهو سيادته على صحرائه)، ولكن هذا التفاوض يشمل أيضا مبدأ الاستفتاء، كإجراء لتأكيد ما تم الاتفاق عليه. وهكذا تنص الوثيقة المقدمة للأمم المتحدة بتاريخ أبريل 2007، في فقرتها الثامنة (8) على : خضوع نظام الحكم الذاتي، المنبثق عن المفاوضات، لاستشارة استفتائية للسكان المعنيين،»طبقا لمبدأ تقرير المصير ولأحكام ميثاق الأممالمتحدة». وهي فقرة تسلم بتطبيق الأحكام الأممية على الاتفاق، وبالتالي فإن الاستفتاء متفق عليه، لكن بشرط بعدي أي كاستفتاء تأكيدي للحكم الذاتي من طرف الساكنة المعنية. وفي هذا الإطار لا يمكن أن نغفل ما كان المغرب يدافع عنه عند قوله الاستفتاء بالصيغة التي كان مطروحا بها منذ 1981! وظل يعتبر بأن هذا الاستفتاء لن يكون إلا تأكيدا «للبيعة» التي أثبتتها المحكمة الدولية… كما أن هاته الصيغة، هي التي يجب أن تحكم ما ورد في إحاطة ديميستورا المقدمة مؤخرا، في 14 أبريل 2025، أمام مجلس الأمن، والتي أثارت حفيظة المغاربة، والتي يقول فيها إن الأطراف يجب أن تتوصل إلى حل»وهو ما يتطلب، أيضا في الوقت المناسب، نوعا من الآلية الموثوقة لتقرير المصير». وخارج الفهم الذي ورد في المقترح أصلا منذ 18 سنة، فإن ملاحظة المبعوث الشخصي يمكن أن تؤدي إلى نتيجة مغايرة، وهو ما كان موضوع ارتياب مغربي… وعلى كل، ترد كلمة الاستفتاء مرات عديدة في المقترح المغربي، بمعنى استكمال حلقات تقرير المصير على قاعدة الحكم الذاتي، في الشكل الخاص بالحل وليس في مضمون الحل نفسه . وفي السياق ذاته، يعتبر القول بالحكم الذاتي بابا لممارسة الاستفتاء كما هو مطروح في بلورة تقرير المصير، وفي هذا الباب ورد في الفقرة 27 أن: « نظام الحكم الذاتي للجهة يطرح على السكان المعنيين بموجب استفتاء حر ضمن استشارة ديمقراطية «. «يعد هذا الاستفتاء، طبقا للشرعية الدولية وميثاق الأممالمتحدة وقرارات الجمعية العامة ومجلس الأمن، بمثابة ممارسة حرة من لدن هؤلاء السكان، لحقهم في تقرير المصير.» وقد تطرح هوية السكان المعنيين بعض التساؤلات إن لم تكن خلافات، قد تتشابه مع الخلافات التي طالت لائحة الأسماء التي كان يسجل أصحابها للمشاركة في الاستفتاء في صيغته الأولى. ولا بد من أن تكون موضوع تفكير مغربي من الآن، مع ما طبع التركيبة الديموغرافية في الصحراء من تحولات جذرية . ولعل السيد عمر هلال كان قد وضع بعض الجواب لما صرح في وقت سابق أمام مجلس الأمن «لن يعود إلى أرض الوطن إلا من كان مسجلا في لوائح إحصاء الإدارة الإسبانية لسنة 1974 وأن من هم غير ذلك فهم مواطنون جزائريون حسب منظور القانون الدولي. على اعتبار أنها المرجعية الوحيدة التي تعترف بها الأممالمتحدة لتحديد الأشخاص الذين يحق لهم المشاركة في أي حل سياسي مستقبلي». علما أن الانطلاق من الحكم الذاتي يختلف في الواقع عن الانطلاق من الاستفتاء لتقرير المصير ! وقد حدثت تطورات أساسية في ما يتعلق بالسكان المعنيين بطبيعة الحال، على اعتبار أن ممارسة السيادة فوق الأرض كانت من خلال نظم التمثيلية المتعارف عليها، كما تبين من خلال مساهمات الساكنة في انتخاب ممثليها، ( بما هو انتخاب يشكل التعريف الدستوري للسيادة في دستور 2011)، ومن خلال إطارات أخرى قد تفسر نفسها كما هو حال «صحراويون من أجل السلام» وباقي الساكنة الموجودة في الشتات . ستكون الموافقة من خلال الاستفتاء مسألة محورية في طي صفحة الملف من خلال الحكم الذاتي.. وهو ما يفترض وجود الهيئات المرجعية(الأممالمتحدة ومجلس الأمن في كل أطوار الحل وبالضرورة في ختام الحل)!