== قد يكون هذا آخر مثول لديميستورا أمام مجلس الأمن، تماشيا مع الآجال التي وضعها لنفسه، أو قد تكون نقطة التحول الجذرية التي تجعله يضع قدمه في ركاب الحل الذي يتبلور حوله أجماع دولي لا يخفى عن أي متتبع، علاوة على قراءة موازين القوة (التي سبق أن برر بها فشله في مهمته في سوريا عام 2018) كما ترتسم على أرض الواقع!.. ولعل أكثرها بروزا هو ألا يتصور أن حاملة القلم في القضية أمريكا يمكنها أن تقترح، غدا، قرارات تعارض قناعاتها الذاتية! وألا يسعى إلى أن يجعل من البوليزاريو إجباريا جزءا من الحل، إذا كانت قد خندقت نفسها على أساس أنها جزء من المشكل .. ولعل »تجاوزها « courcircuiter هي والجزائر في حال حدوث توافق دولي شامل تستوجبه المرحلة القادمة…. == كان من الطبيعي أن يكون ستيفان ديميستورا، المبعوث الشخصي للأمين العام للأمم المتحدة السيد انطونيو غوتيريس، الشخصية الأولى التي تطلعها واشنطن رسميا، على خارطة الطريق وخطة العمل الذي تراها مناسبة لتصريف موقفها الداعم لسيادة المغرب، وأيضا الخطة التي تكشف طريقتها في معالجة الملف من الآن فصاعدا. أولا: لأن ستيفان ديميستورا، وقت الإعلان الأمريكي المغربي المشترك، كانت تفصله عن الموعد الأممي السنوي حول الصحراء ( يومه الاثنين 14 أبريل)، أياما قليلة ليقدم فيها إحاطة حول تقدم مساعيه في تنفيذ قرارات مجلس الأمن.. ثانيا: هو المعني بأن يأخذ بعين الاعتبار لا الموقف المبدئي الذي مرت عليها 5 سنوات، بل تفاصيل التنفيذ التي تضعها الولاياتالمتحدة، صاحبة القلم، في ما يخص التدبير الدولي لملف القضية الوطنية أساسا فيها: السقف الزمني الجديد، قاعدة الانطلاق والوصول في الحل، ثم التزامها الدولي بتسهيل لقاء الأطراف حول الحل. بالنسبة لهاته النقط يحسن بنا أن نطرح السؤال التالي: هل سيواصل المبعوث الشخصي استيفان ديميستورا مهامه؟ وهل كانت له آراء خاصة تناقض هذا المسار؟ بالنسبة للسؤال الأول نحن نذكر بأن المبعوث السويدي الإيطالي كان قد وضع لنفسه شهر أبريل الحالي كموعد للاستمرار أو الانسحاب إذا ما فشل في التقدم على المسار الذي حدده قرار مجلس الأمن الأخير والقرارات التي سبقته. وهنا يمكن أن يكون الموقف الأمريكي ذو حدين بالنسبة له: إما أن يكون حبل النجاة، بحيث إن واشنطن هي عاصمة الملف، بطبيعة الحال في شراكة مع المغرب من حيث الحل، وإما أنه سيكون عاجزا عن مسايرتها وبالتالي يجد نفسه في تعارض مع صاحبة القرار في الملف، بالتالي خارج الفرصة الجديدة في الحل. وإذا كنا قد عرفنا ما قيل له، فلا نعرف ماذا كان رده.. وهوما سنعرفه اليوم .. وهو ما سيتحدد كذلك على ضوء الجواب الذي نقدمه على السؤال الثاني: هل له رأيه الخاص أو ميل ما: في الواقع راكم ديميستورا الكثير من نقط الخطأ في حق المغرب، الطرف الرئيسي في القضية وصاحب الحق فيها. ولسنا هنا في طور تعدادها، ولكن نذكر منها على وجه الخصوص سعيه إلى حشر جنوب إفريقيا في الملف بالرغم من مواقفها المعادية وسعيه إلى البحث عن منفذ للاتحاد الإفريقي عبرها بالرغم من حصرية الأممالمتحدة في تدبير الملف.ا .. – ثانيا كان ديميستورا قد اقترح من ضمن ما تبادر إلى ذهنه في أكتوبر الماضي فكرة التقسيم.. وهي الفكرة التي رفضها المغرب في حينها، بالرغم من محاولات التعبئة التي تجندت لها الديبلوماسية الجزائرية من داخل قنوات التفكير المهمة في واشنطن (مجلة فورنر افيرز مثلا انظر مقالنا عن الموضوع في حينه). وقد كان المغرب مُحْرجا له في الرد: طالبته المملكة بأن يعري ويكشف اسم من أوحى له بذلك لكي يستقيم الرد.. وهو ما تبين من بعد بدون رد ديميستورا! وقد دفنت المبادرة الأمريكية هذا المسار وأنهت معه كما أنهت مع فكرة الاستفتاء… النقطة الثالثة: هي أنه كان يعتبر في ديباجة مقترحاته في أكتوبر بأن الحكم الذاتي لم يكتمل بعد، وأن على المغرب أن يدقق في مقترحاته، وهو ما جاء عليه الرد واضحا أيضا: الحكم الذاتي هو نقطة الوصول وليس نقطة الانطلاق.. وهو ما يتأكد اليوم من خلال الموقف الأمريكي الذي انحاز كليا للموقف المغربي، باعتبار أن الحكم الذاتي هو السقف ونقطة الوصول وليس انطلاق التفاوض! وهنا لا بد من الإشارة إلى أن في هذا أيضا رد على تصورات مغربية نفسها ترى أن الحكم الذاتي يجب أن ينزل ويتم تفعيله على أرض الواقع، والحال أنه »مقترح موضوع أمام الأممالمتحدة« وليس مقترحا يهم التدبير الداخلي للتراب يمكن للمغرب أن يسابق فيه وبه الزمن ويسعى إلى تطبيقه باعتباره نظاما لامركزيا موسعا، بل لا بد من أن تتبناه الأممالمتحدة (مجلس الأمن بالأساس) لكي ينتقل إلى تنفيذه في إطار سياسي دولي تحت إشراف مجلس الأمن.. والخلاصة الأولى ليس أمام ديميستورا من حل سوى أن يعتبر. المظلة الأمريكيةالجديدة مظلة دولية تملك شرعيتها من داخل التدبير الأممي للملف، ثم التعامل معها كفرصة لتقدم المسار السياسي. وأمامم ديميتسورا فرصة أخرى هي أن مجلس الأمن الدولي ينعقد تحت رئاسة فرنسية في أبريل الجاري، وهي مظلة ثانية يمكن أن تساعده في تركيب الموقف السليم للخروج من الجمود الذي دخلته جلسات الحوار السياسي أو الموائد المستديرة.. ومن المفيد هنا أن نذكر أن إحاطة شهر أبريل(التي تحولت إلى كابوس يقض مضجعنا، كما قال جلالة الملك ذات أبريل من سنة 2016 أمام إخوته العرب في الخليج )،تهم المسار. السياسي، وما تراكم فيه أو تأخر فيه، كما تهم المسار الميداني ومهام «المينورسو». «المينورسو» بدورها كانت موضوع مساءلة مغربية ودولية: أولا، لفشلها في فرض سلطتها على الميلشيات الانفصالية ومن يدعمها، لاسيما شرق الجدار الأمني وتكرر تحديها ل»المينورسو» نفسها والتضييق عليها: فشلها في تأمين إحصاء جدي ومسؤول لساكنة تيندوف المحتجزة، ومحاباة الجزائر في الهروب من العملية.. الخضوع للمساومات السياسية للجزائر التي لم تعد تتفاعل مع قرارات مجلس الأمن.. ومن الأشياء التي يثيرها الوضع الحالي للمينورسو هو »سؤال الاستمرارية، بمعنى هل ما زالت لها جدوى خصوصا مع كل التماطل في الحل والعراقيل المصاحبة له: أولا، لم تعد واشنطن تحب بقاء البعثات الدولية التي تساهم فيها في العديد من مناطق التوتر: والعقيدة الجديدة في عهد ترامب التي تعتبر بأن المال الأمريكي يضيع بدون الوصول إلى حلول. من جهة، وأن المناقشات تتم بين أطراف النزاع مباشرة بدون الأممالمتحدة) أوكرانيا وروسيا والشرق الأوسط نفسه).. ثانيا: التغيير الكبير الذي حصل داخل المجتمع الدولي، من حيث مهامها، بحيث إنها تنتمي هي ذاتها إلى ما قبل 1991 أي وقف إطلاق النار والاستفتاء وغيرهما، واليوم أمام استحالة بل موت فكرة الاستفتاء وابتعاد المنتظم الدولي عنه ودعمه للحكم الذاتي لم تعد مهامها كما هي مفروضة تساير الوضع الدولي الجديد.. ثالثا :أمامنا وضع دولي متقدم لصالح بلادنا: هناك تدبير مغربي فرنسي أمريكي مشترك من زاوية اعتبار الحكم الذاتي الحل والإطار الأوحد تحت السيادة المغربية، ليست هناك معارضات قوية من داخل المجلس، توقع تغيير في الموقف البريطاني، احتمال تغيير طفيف لدى موسكو في الموقف النهائي من الحكم الذاتي بعد التقارب مع واشنطن وسقوط الذريعة المعتادة لديها، والتي تعتبر امتناعها قائما على معارضة أمريكا أكثر من معارضة المغرب، علاوة على التنافس بينها وبين حليفها الجزائري في تدبير ملفات الساحل .أما الصين فقد صارت تصوت على قرارات مجلس الأمن منذ أربع سنوات متتالية، على الأقل، حيث لم تعد تمتنع كما حليفها الروسي… هي كلها أوراق لا يمكن أن يقفز فوقها ديميستورا، وننتظر أن تتم ترجمتها في الخلاصات التي سيقدمها، وتسمية الأشياء بمسمياتها، تساعد الأممالمتحدة على تحمل مسؤولياتها ومراعاة التطور الإيجابي في الملف نحو إنهائه..