ما تزال العوائق أمام الوصول إلى بطولة احترافية بمعنى الكلمة كثيرة ويصعب حصرها. الحديث هنا عن أمور تمس جوهر الاحترافية التي تصبو إليها جامعة الكرة ومن معها. فها نحن على وشك إنهاء الفصل الأول من مسلسل البطولة الاحترافية .!!وما زلنا نرى أمورا لا علاقة لها بتاتا بالاحتراف، فلاعبو النادي القنيطري أعلنوا عصيانا مدنيا إلى حين تسلمهم مستحقاتهم العالقة في ذمة الفريق، ومدربون يشتكون من التهميش الذي يطال أنديتهم على حساب الفرق الكبيرة، وأندية تنعم بوسائل الراحة وأخرى لا تجد قيمة تسديد أجور لاعبيها... فكيف نتحدث عن الاحتراف.!!؟ عندما يشتكي مدرب فريق الاتحاد الزموري للخميسات من أن ناديه غير قادر على الاستمرار في خوض اللقاءات بسبب الحالة المادية المزرية لفريقه، وأن أفق انتظار معونة جامعية أو وزارية بدأ في التلاشي، وهو ما يهدد مسيرة الفريق في البطولة الاحترافية في حالة غرق المركب الزموري، وربما ستكون العودة إلى أحضان القسم الثاني أرحم بكثير من السقوط في دوامة سوداء ظهرت بظهور شبح الاحتراف. هذه الحالة لناد غير قادر على توفير موارد مالية تساعده على أقل تقدير في الاستقرار النسبي، ما هي إلا مثال بسيط عما تعيشه الأندية الصغيرة في البطولة الاحترافية، أندية صغيرة تعيش وتتنفس ببقايا الفرق الكبرى وعليها أن تحاول الاعتماد على ذواتها للاستمرار في الحياة والمزاولة بدوري المحترفين. ومن المفروض أن يكون «الاحتراف» حلا للتخفيف من التفاوت الطبقي بين الأندية ولو بشكل نسبي، لا أن يزيد في توسيع الهوة بينها مما يطعن في المنافسة الشريفة، خصوصا وأن الأعراف الكروية تشير إلى أن الرصيد المالي للنادي بات عنصر مهما وأساسيا للمنافسة وتحقيق الألقاب، ومن هذا المنطلق يمكننا أن نحصر عدد الفرق المتوقع أن تنافس على لقب أول بطولة احترافية هذا الموسم. عندما تجد اتساع الهوة بين أندية كبيرة وصغيرة، فذلك شيء متوقع في جميع الدوريات الكروية بالعالم، لكن الخطير في الأمر أن لا يحاول المسؤولون عن الكرة ببلادنا التدخل لإنقاذ الموقف. الجيش الملكي -وكما يعلم الكل- يحظى بمناعة خاصة تحميه من نوائب الزمن المالية، دون أن ننسى أن قوته العسكرية تسمح له بدخول سوق الانتقالات بقوة وتغيير جلده بالكامل.. المهم أن يقرر العسكريون ذلك وما على البقية إلى السمع والطاعة. عندما يملك قطبا الدارالبيضاء في جعبتهما حصانة من نوع آخر.. فقيمة الرجاء والوداد بالمغرب لا غبار عليها، وشعبيتهما الجارفة في شتى أرجاء الوطن تطيح بباقي الأندية، كل هذا يجعل من الرجاء والوداد من الأندية التي تحظى بضمانة مالية وبعيدة عن أي طاعون يضرب خزائنها المدعومة في أوقات «الحزة» بعائدات مراكز التكوين والنقل التلفزي والحضور الجماهيري المتواصل، دون إغفال تهافت المستشهرين على رعاية الفريقين. إذن بالاحتراف أو دونه، فإن الرجاء والوداد لا يعانيان أية مشاكل يمكنها أن تهز استقرارهما المالي، وحتى -لا قدر الله- وحصل ذلك فبإمكانهما تجاوز ذلك بفضل حصانتهما الخاصة. عندما يستطيع الفتح الرباطي وبفضل قوة الإشهار الحفاظ على توازنه، ولذلك فمن الصعب أن نتحدث عن أزمة مالية في فريق يحظى بدعم خمس مؤسسات تابعة للدولة، إضافة إلى دعم من نوع آخر يؤكد أن الفريق بمنأى عن أي انتكاسة مالية ما دام الفريق الثاني للعاصمة يحظى بمعاملة خاصة على حساب أندية أخرى لا تقل عراقة عن الفريق الرباطي. فالأكيد.. أننا في واد والاحتراف في واد ثان، لأن الاحتراف الحقيقي سيكون إذا نجح القيمون على الكرة الوطنية في انتشال هذه الأخيرة من دوامة المشاكل الكثيرة التي تقض مضاجع كافة أطيافها أندية ولاعبين ومدربين وأنصارا .!! الخلاصة أن الاحتراف الذي كان منتظرا منه أن يأتي بمظهر المنقذ للأندية المغربية من زوبعة المشاكل التي تطحنها على رحى الأزمات كل بداية ومنتصف ونهاية موسم كروي، لم يترك إلى الساعة أثرا عن احترافية حقيقية في تسيير النوادي أو الرفع من مستوى البطولة، فالواقع ما يزال يعرض صورا عن الهواية التي ما تأبى إلا الظهور بشكل لافت في الأوساط الكروية ببلادنا، أما جامعة الكرة التي كانت صاحبة فكرة دخول عالم الاحتراف، فإنها لا تفكر في إيجاد حلول لمشاكل الكرة ببلادنا وتفضل أن يستمر الحال على ما عليه بسياسة اللامبالاة، ففي جميع الأحول، فبطولتنا احترافية ولكن على الطريقة المغربية .!!!