غدا تنطلق.. غدا تدور رحى البطولة الوطنية -عفوا- الدوري المغربي الممتاز.. غدا يوم مشهود في تاريخ كرة القدم المغربية.. غدا ستودع أندية القسم الأول زمن الهواية لترتدي عباءة الاحتراف في أول موسم احترافي كروي، يستجيب لمعايير جامعة كرة القدم ويخطب ود ورضا (الفيفا). غدا الجمعة سيقص فريقا المغرب الفاسي وحسنية أكادير شريط انطلاق البطولة الوطنية برسم الجولة الأولى.. جولة ستستمر على مدى ثمانية أيام بمعدل مباراة في اليوم. والهدف من هذه البرمجة أن الجامعة تسعى من وراء ذلك إلى أن تستفيد الأندية كبيرة وصغيرة من عائدات النقل التلفزي التي تعد من بين الركائز التي تقف عليها الدوريات الاحترافية لأنها مورد مالي مهم للأندية. كما هو الحال بإسبانيا وإنجلترا. وبالتالي فإن قرار الجامعة يصب في مصلحة الأندية، علما أن توقيت إجراء المقابلات ليلا مناسب لأنصار الفرق، وسيسمح للجمهور المغربي -في سهرات رمضانية كروية- بمشاهدة كل لقاءات دوري المحترفين المغاربة. السؤال: هل أنديتنا مستعدة لدخول عالم الاحتراف؟ لاعبون، مدربون، تقنيون، إداريون... مستعدون لذلك!!؟ أم أن الأمر يقف فقط عند تغيير المظهر الخارجي دون الدخول إلى كنه الاحتراف. هنا لا بد أن نقول لجامعة الكرة أن معايير الاحتراف ليست فقط في الاستجابة إلى دفتر التحملات المحدد من لدن الجامعة، والقاضي بأن يتوفر كل ناد كروي يشارك في الدوري الاحترافي على حساب بنكي ب 900 مليون سنتيم.. وهنا مكمن النقص الذي يعتري شروط الجامعة بتركيزها على الجانب المادي وإغفال جوانب أخرى قد تكون أكثر أهمية. فالأكيد أن تأمين الوضع المادي للفرق المحترفة أمر بالغ الأهمية، لكن هناك أمور أخرى لها الدرجة من الأهمية.. نقصد أن الجامعة أغفلت الجانب القانوني المتعلق بالهيكلة الإدارية للأندية، وما يستتبع هذا من ضرورة وجود مقر خاص، والتعاقد مع مكتب حسابات معترف، ومدير رياضي وآخر تقني ومراكز تكوين وغير ذلك، دون أن ننسى توفر الأندية على كفاءات قادرة على تدبير شؤون النادي بطريقة هي الأخرى «احترافية».. وإلا فما الداعي لهذه الجلبة التي أثارها «الاحتراف»؟ إن كانت المسؤولية ستناط لأشخاص لا علاقة لهم بالرياضة، وغير مؤهلين لتسيير ناد محترف.. آنذاك ستصبح الأندية كمن يصب الماء على الرمل وينتظر زرعا. والواضح أن مسؤولي الجامعة سيتبنون سياسة لينة في أول موسم للبطولة الاحترافية كما قيل في إحدى اجتماعاتها.. لأن الأندية الوطنية لن تستطيع من البداية التأقلم مع وضع غريب، وستحتاج كثيرا من الوقت لتعتاد على نفسها فريقا محترفا.. ولذلك ستغض الجامعة الطرف عن كثير من ثغرات الأندية المغربية.. وقد تكون هذه الثغرات عيوبا تقدح في عمق الاحتراف، ولنقل أن هذا الموسم سيكون بمثابة البث التجريبي للدوري المغربي الممتاز. على أن يتم انطلاق البث الفعلي بدء من الموسم القادم.. حينها لابد لجامعة الكرة من تغيير سياستها لتغدو أشد حزما مع الأندية المحترفة فيما يخص ضرورة الاستجابة لكافة شروط «الاحتراف»، وليس الرصيد البنكي فقط. هذا إن كنا نبحث عن بطولة احترافية، تمكننا من تجاوز أخطاء الماضي.. وتمنحنا توجها على الصعيد العربي والإفريقي، ولما لا أن تصبح بطولتنا مركزا يستقطب المحترفين من الخارج. خاصة لاعبي الخليج!!؟ إذا كانت الفرق الوطنية التي عانى بعضها الأمرين من أجل جمع مبلغ ال 900 مليون، لن تتمكن من مسايرة معايير الاحتراف وسط دوامة المشاكل الموسمية التي تتنوع حسب كل فريق. وأن تسارع الجامعة على إجبار الأندية على ارتداء عباءات الاحتراف، والمثل يقول: «لبس قدك يواتيك». وهي التي تزيت طويلا بثوب الهواية، يعني شيئا واحد، وهو أننا ما زلنا بعيدين عن دخول عالم الاحتراف الذي بات بمثابة الغول المخيف لمستقبل كرة القدم الوطنية، وأن الجامعة ستكون مجبرة على العودة إلى الخلف، وإعادة النظر في قرار اتخذ قبل أوانه.