أكد جوني تو، أحد أبرز صُنّاع السينما في هونغ كونغ، مساء الأربعاء، أن "صناعة الأفلام في الوقت الحالي، وأمام ظهور منصات جديدة مثل المسلسلات مثلا، صارت حكاية القصة متعددة، ولديها قدرتها الخاصة على التأثير في كافة الطبقات الموجودة داخل أي مجتمع، أثرياء وفقراء، خصوصا في الدول النامية"، مورِدا أن "الأمر لم يعد يتعلّق بما يفهمه المتلقي من عمل ما، بقدر ما يتعلّق بضرورة استحضار حس ثقافي أولي". وجوابا عن سؤال لهسبريس يتعلق بهذا السجال حول "قدرة السينما على التغيير؛ هل يعتبرها حقيقة لمسَها في مساره أم أنها تظلّ شعارا أو وعدا ذا بعد لغوي فقط؟"، أفاد جوني تو بأن "هذا الزمن صار يتطلب إرساء توافق ثقافي بين بعض الثقافات"، موضحا أن "الوصول إلى هدف التغيير يحتاج أولا إلى توفر تقدير محلي ووطني للأعمال المنتجة. هذه، بالنسبة لي، هي الخطوة المفصلية للحديث عن قدرة رسالة السينما فعليا على التغيير". وشدّد المخرج نفسه، خلال لقائه مع الصحافة في الدورة الحادية عشرة لملتقى "قمرة" السينمائي المنظم من لدن مؤسسة الدوحة للأفلام، على أن "بعض من يشاهدون أعماله يحاولون أحيانا بذل جهد لاستيعاب الرسالة الكامنة داخلها"، مسجّلا أن "المهرجانات والملتقيات، من قبيل 'قمرة'، تساهم في فكّ الشفرات التي تطفو إلى السطح بين الفينة والأخرى إزاء عمل ما"، وزاد: "الملتقى منصة تسمح بتبادل الخبرات وتقوية التفاهم الثقافي". وقال المشارك ضمن فقرة "خبراء قمرة": "بلوغ النضج بالنسبة لصنّاع الأفلام الموجودين في الدوحة يبدأ بتعزيز الثقافة السينمائية عبر تكثيف مشاهدة أفلام أكثر، وعبر فهم الثقافات المختلفة التي يتمّ عكسها في هذه الصور"، مضيفا أن "رهان الشغف اللامتناهي والطويل الأمد للصناعة أمر أساسي؛ فكل عمل ينجح، إلا وقام بالضرورة، في تقديري، على عنصرين: عمق الرؤية والنظر الاستشرافي". وانتقد الفاعل السينمائي حكومة بلاده في هونغ كونغ، معتبرا أنها "لا تبدو متحمّسة كثيرا لدعم صناعة الأفلام وتنظيم ملتقيات وفعاليات تخلق النقاش وتُساهم في التداول بشؤون الفنون بشكل عام، والسينما بشكل خاص"، مفيدا بأن "الدولة لا تلبّي الاحتياجات الخاصة بالكثير من النخب في البلد، كما أنها تتعاطى فقط مع المواضيع التي تصبّ في جهة البنية السياسية القائمة". كما ناقش جوني تو الذكاء الاصطناعي، مُطمئنا المهنيين في مجال السينما، وقال: "على صنّاع الأفلام ألّا يقلقوا منه. ثمّة اليوم العديد من القنوات المختلفة لمشاهدة الأفلام"، مسجّلا أنه "مع وتيرة التقدّم التكنولوجي، ستتطور أنواع جديدة من البرمجيات؛ لكن، كمبدعين في صناعة المحتوى، حتى في ظل وجود الذكاء الاصطناعي، لن تنتهي أدوارنا". وتابع شارحا: "سنحافظ على بقائنا وقيامنا بالمهام نفسها. ولهذا، يجب على المخرجين الشباب أن يوسّعوا آفاقهم، أن ينظروا إلى آسيا، إلى العالم بأسره، إلى الشرق الأوسط وخارجه، حيث تُنجز أعمال استثنائية"، مشدّدا على أن دافعه إلى دخول هذا العالم الفني بامتياز هو الشغف. "كنتُ مصمّما منذ البداية أن أصبح مساعد مخرج خلال خمس سنوات. واصلتُ مراقبة الآخرين وهم يصوّرون الأفلام. كنت أريد بشدة أن أصنع الأفلام". أخرج تو العديد من الأفلام العالمية الشهيرة؛ من ضمنها "انتخابات"، "وحدة المهام الخاصة"، و"حياة بلا مبدأ". وأشار إلى أن شغفه بالسينما بدأ في سنّ مبكرة، عندما كان في الثامنة من عمره فقط، قائلا: "كان والدي يعمل في مستودع قريب من دار سينما، وكان يُسمح لي بالدخول إلى الكواليس، حيث كنت أشاهد الأفلام من خلف الشاشة. كنت مضطرّا إلى الالتفات من جانب إلى آخر لمتابعة المشاهد، ولكنني وجدتُ أن الأفلام شيء مذهل، أقرب إلى المعجزة". وشدّد كذلك على أن الاشتغال إلى جانب عمالقة السينما في هونغ كونغ خلال السبعينيات والثمانينيات "كان له تأثير بالغ عليه"، وزاد: "كنتُ محظوظا؛ لأن الناس في تلك الفترة كانوا متحمّسين جدا لشيء اسمه الصناعة السينمائية. وكانت للمخرجين الحرية في ابتكار أنواع جديدة من الأفلام ومواضيع تهمّ الجمهور".