توقعات أحوال الطقس اليوم الأحد    تفكيك أطروحة انفصال الصحراء.. المفاهيم القانونية والحقائق السياسية    مجموعة بريد المغرب تصدر طابعا بريديا خاصا بفن الملحون    بيدرو سانشيز: إسبانيا تثمن عاليا جهود الملك محمد السادس من أجل الاستقرار الإقليمي    السعودية .. ضبط 20 ألفا و159 مخالفا لأنظمة الإقامة والعمل خلال أسبوع    المجلس الأعلى للدولة في ليبيا ينتقد بيان خارجية حكومة الوحدة ويصفه ب"التدخل غير المبرر"    الأستاذة لطيفة الكندوز الباحثة في علم التاريخ في ذمة الله    الأمن في طنجة يواجه خروقات الدراجات النارية بحملات صارمة    لأول مرة بالناظور والجهة.. مركز الدكتور وعليت يحدث ثورة علاجية في أورام الغدة الدرقية وأمراض الغدد    إسرائيل تتهم البابا فرنسيس ب"ازدواجية المعايير" على خلفية انتقاده ضرباتها في غزة    المغرب أتلتيك تطوان يتخذ قرارات هامة عقب سلسلة النتائج السلبية    أمسية فنية وتربوية لأبناء الأساتذة تنتصر لجدوى الموسيقى في التعليم    لقاء بوزنيقة الأخير أثبت نجاحه.. الإرادة الليبية أقوى من كل العراقيل    وفاة الممثل محمد الخلفي عن 87 عاما    التوافق المغربي الموريتاني ضربة مُعلمَين في مسار الشراكة الإقليمية    من الرباط... رئيس الوزراء الإسباني يدعو للاعتراف بفلسطين وإنهاء الاحتلال    مسؤولو الأممية الاشتراكية يدعون إلى التعاون لمكافحة التطرف وانعدام الأمن    المناظرة الوطنية الثانية للجهوية المتقدمة بطنجة تقدم توصياتها    توقع لتساقطات ثلجية على المرتفعات التي تتجاوز 1800 م وهبات رياح قوية    سابينتو يكشف سبب مغادرة الرجاء    الممثل القدير محمد الخلفي في ذمة الله    ال"كاف" تتحدث عن مزايا استضافة المملكة المغربية لنهائيات كأس إفريقيا 2025    ألمانيا تفتح التحقيق مع "مسلم سابق"    الدرك الملكي يضبط كمية من اللحوم الفاسدة الموجهة للاستهلاك بالعرائش    التقلبات الجوية تفرج عن تساقطات مطرية وثلجية في مناطق بالمغرب    مدان ب 15 عاما.. فرنسا تبحث عن سجين هرب خلال موعد مع القنصلية المغربية    دواء مضاد للوزن الزائد يعالج انقطاع التنفس أثناء النوم    المديرية العامة للضرائب تنشر مذكرة تلخيصية بشأن التدابير الجبائية لقانون المالية 2025    توقيف شخص بالناظور يشتبه ارتباطه بشبكة إجرامية تنشط في ترويج المخدرات والفرار وتغيير معالم حادثة سير    علوي تقر بعدم انخفاض أثمان المحروقات بالسوق المغربي رغم تراجع سعرها عالميا في 2024    جلسة نقاش: المناظرة الوطنية للجهوية المتقدمة.. الدعوة إلى تعزيز القدرات التمويلية للجهات    نشرة إنذارية: تساقطات ثلجية على المرتفعات وهبات رياح قوية    الحوثيون يفضحون منظومة الدفاع الإسرائيلية ويقصفون تل أبيب    أميركا تلغي مكافأة اعتقال الجولاني    بطولة انجلترا.. الإصابة تبعد البرتغالي دياش عن مانشستر سيتي حوالي 4 أسابيع    "فيفا" يعلن حصول "نتفليكس" على حقوق بث كأس العالم 2027 و2031 للسيدات        مهرجان ابن جرير للسينما يكرم محمد الخياري    دراسة: إدراج الصحة النفسية ضمن السياسات المتعلقة بالتكيف مع تغير المناخ ضرورة ملحة        اصطدامات قوية في ختام شطر ذهاب الدوري..    بريد المغرب يحتفي بفن الملحون    العرض ما قبل الأول للفيلم الطويل "404.01" للمخرج يونس الركاب    الطّريق إلى "تيزي نتاست"…جراح زلزال 8 شتنبر لم تندمل بعد (صور)    جويطي: الرواية تُنقذ الإنسان البسيط من النسيان وتَكشف عن فظاعات الدكتاتوريين    مراكش تحتضن بطولة المغرب وكأس العرش للجمباز الفني    طنجة: انتقادات واسعة بعد قتل الكلاب ورميها في حاويات الأزبال    كودار ينتقد تمركز القرار بيد الوزارات    مؤتمر "الترجمة والذكاء الاصطناعي"    البنك الدولي يدعم المغرب ب250 مليون دولار لمواجهة تغير المناخ    أخطاء كنجهلوها..سلامة الأطفال والرضع أثناء نومهم في مقاعد السيارات (فيديو)    المستشفى الجامعي بطنجة يُسجل 5 حالات وفاة ب"بوحمرون"    "بوحمرون" يخطف طفلة جديدة بشفشاون    للطغيان وجه واحد بين الدولة و المدينة و الإدارة …فهل من معتبر …؟!!! (الجزء الأول)    حماية الحياة في الإسلام تحريم الوأد والإجهاض والقتل بجميع أشكاله    عبادي: المغرب ليس بمنأى عن الكوارث التي تعصف بالأمة    توفيق بوعشرين يكتب.. "رواية جديدة لأحمد التوفيق: المغرب بلد علماني"    توفيق بوعشرين يكتب: "رواية" جديدة لأحمد التوفيق.. المغرب بلد علماني    







شكرا على الإبلاغ!
سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.



الأديبة أمنة برواضي في " حوار مع الناقد " (أسئلة الباحث العربي ) الجزء الثاني الحلقة 27 (شغف التقد والإبداع)
نشر في أريفينو يوم 12 - 02 - 2024

الأديبة أمنة برواضي في " حوار مع الناقد " (أسئلة الباحث العربي ) الجزء الثاني
الحلقة 27 (شغف التقد والإبداع)
مع الأديب والناقد السينمائي د . محمد اشويكة.
أولا أرحب بكم وأشكركم على تفضلكم بالموافقة على الإجابة على أسئلتي.
سؤال:
1- من هو محمد اشويكة؟
جواب:
* يستعصي عَلَيَّ في الكثير من الأحيان تعريف نفسي لأنني لا أحب التصاق الكثير من الألقاب بي، أحبذ أن يتحدث منجزي في الكتابة عن ذاته سواء في مجال الجماليات البصرية أم القصة القصيرة (إبداعا وتأملا) أم في شؤون الكتابة والثقافة بشكل عام. أتمنى أن تكون الكتابة مدخلا أساسيا للجمع بين عناصر تجربتي الثقافية التي يحركها الشغف قبل كل شيء.
سؤال:
2 – محمد اشويكة حاصل على الدكتورة في الفلسفة وناقد سينمائي.. الفلسفة والسينما أية علاقة؟
جواب:
* تتشابك العلاقة بين السينما والفلسفة اشتباكَ الحياة بالإنسان، فكل فيلم جاد يحقق رؤية معينة للذات والآخر والعَالَم، وهو صادر عن رؤية للحياة، يتبناها مؤلفه ضمن رؤية شمولية لأعماله السينمائية، تماما كما يفعل الفيلسوف. هناك وجهات نظر رئيسية تتعلق بالفلسفة في علاقتها بالأفلام، فلا يُفهم الفيلم بوصفه موضوعا للتفكير الفلسفي إلا بقدر ما يُفهم بِعَدِّهِ وسيلة للانخراط في الفلسفة. ازدهرت المساهمات في هذا المجال منذ بداية القرن الحادي والعشرين، تزامنا مع الناقشات الفكرية حول مدى إمكانية فهم الفيلم على أنه "يمارس" الفلسفة، وذلك عوضاً عن كونه محض مصدرٍ للتوضيح أو المثال الذي نقدمه أثناء لحظات التأمل الفلسفي. هناك اعتراضات حول الموضوع، لكن أصولها تعود إلى أوجه التشابه الملحوظة بين السينما وكهف أفلاطون، بينما يعود بعضها إلى الانتقادات الأفلاطونية الأكثر عمومية حول قدرة الفنون الخيالية على كشف الحقيقة. في مقابل هذه الاعتراضات هناك بعض وجهات النظر الجريئة والمدهشة حول قدرة الفيلم على القيام بالفلسفة، ومفادها أن الكثير مما يمكن القيام به في المجال اللفظي يمكن تمثله، أيضًا، في الوسط السينمائي، فضلا عن وجود نوع مميز من التفكير السينمائي يقاوم إعادة الصياغة عن طريق اجترار المصطلحات الفلسفية التقليدية. نشير كذلك إلى وجهات النظر الأكثر اعتدالا، تلك التي ترى بأنه يمكن للفيلم الانخراط في بعض الأنشطة الفلسفية المعروفة من قبيل التجربة الفكرية مثلا كما أنها قادرة على تقديم أنواع معينة من المواد الفلسفية بشكل أفضل. عموما، أثبتت التجارب أن الأفلام السينمائية قادرة على تقديم تصورات خلاقة حول الذات والعَالَم، وهي لا تقل في الواقع عما يقدمه الفيلسوف.
سؤال:
3 – دكتور لكم إصدارات عديدة في السينما منها ما هو فردي وما هو جماعي نذكر على سبيل المثال لا الحصر "الصورة السينمائية: التقنية والقراءة"، "السينما المغربية: أطروحات وتجارب"، "مجازات الصورة"، "السينما المغربية: رهانات الحداثة ووعي الذات"، "السينما المغربية: تحرير الذاكرة.. تحرير العين"، "التفكير في السينما.. التفكير بالسينما"، "السينما المغاربية: قضايا الفرادة والتعدد"، "السينما المغربية: جدل الموضوع وسؤال الإبداع"، "العرض السينمائي تصورا للعَالَم"، "السينما المغربية: من الخدمة العمومية إلى النقاش العمومي"، "السينما العربية: تجارب.. رؤى.. رهانات"، "السينما المغربية: من التراكم إلى الحساسية الجمالية".. كما أن لكم إصدارات جماعية منها: "سينما داود أولاد السيد: المرتكزات والخصوصية"، "صورة المهمش في السينما: الوظائف والخصوصيات"، "نظرات في سينما مصطفى الدرقاوي"، "المكونات الجمالية والفكرية لسينما محمد عبد الرحمان التازي"، "أسئلة النقد السينمائي المغربي"، "التجربة السينمائية للمخرجة فريدة بليزيد"، "سينما مومن السميحي: قلق التجريب وفاعلية التأسيس النظري"..
ما هي في رأيكم أهم الخصائص التي تتميز بها السينما المغربية مقارنة بغيرها في باقي الدول العربية؟
جواب:
* تتميز السينما المغربية عن مثيلاتها في العالم العربي بانتظام وثيرة إنتاجها الذي تدعمه الدولة على مستويات متعددة (دعم إنتاج الأفلام، دعم التظاهرات والمهرجانات السينمائية، دعم تصوير الأفلام الأجنبية بالمغرب، دعم بناء وتجديد ورقمنة القاعات السينمائية)، فضلا عن تَجَدُّدِ دماء الإبداع فيها بفضل اجتهادات أجيال مبدعيها الذين لامسوا قضايا وموضوعات معينة بطرق سينمائية مغايرة لاقت احتفاء خاصا في كبرى المحافل الدولية لاسيما بعض الأعمال التي أنجزتها المخرجات، ويمكن ذكر فيلم "كذب أبيض" الذي قاربت فيه المخرجة أسماء المدير أحداث أو انتفاضة 1984 بالدار البيضاء استنادا على حكاية عائلية، بطلها الجدة والأب والأم وبعض الجيران، وذلك وفق معالجة بصرية تجمع بين الوثائقي والدرامي، واعتماد التماثيل والمجسمات الصغيرة لاستعادة الماضي، وربطه بالحاضر والمستقبل، وفي ذلك جرأة كبيرة استندت على المحكي العائلي...
سارت السينما المغربية نحو خلق حساسيتها الخاصة التي تستند على التذويت والتجريب والتجديد على مستوى اللغة السينمائية، فضلا عن ملامستها للموضوعات ذات الحساسية الخاصة داخل المجتمع المغربي، فاتحة أفقا مغايرا داخل المغرب وخارجه بالرغم من انحسار القاعات السينمائية وتقلص الثقافة السينمائية في الفضاءات العمومية. يمكن الجزم بأن بعض التجارب السينمائية المغربية تَصُوغُ أفقا حداثيا يستدعي تمثله ضمن منظومة فكرية تساير ما يقع في مجالات بحثية تخلخل قيم الأزمة والتقليد والخرافة وتكريس الرؤية النمطية لأساليب العيش المغربية.
سؤال:
4 – بصفتكم ناقدا سينمائيا ما هي السبل للوصول بالسينما المغربية إلى تطلعات المشاهد المغربي؟
جواب:
* يصعب القول إن السينما المغربية لا تحقق، كليا، تطلعات المشاهد المغربي لأن أرقام مشاهدات الأفلام المغربية في القاعات السينمائية المتبقية، وتلك التي تتحقق عبر المنصات الرقمية، وتحميل الأفلام، ومتابعة ما تبثه التلفزيونات الوطنية وبعض القنوات الأجنبية، وتداول الأفلام عبر أقراص ال"DVD" سواء بطريقة شرعية أو مقرصنة، كلها معطيات تنم عن تتبع معين، لا يمكن وصفه إلا بالمختلف لأن هناك إقبال على الأفلام الكوميدية (ولو كان بعضها لا يلبي شروط الجودة، والمعايير الفنية الخاصة بالنوع) أو تلك التي تناوش الطابوهات (الجنس مثلا).. لكن الأفلام ذات الطابع غير التجاري أي سينما المؤلف أو السينما التجريبية تظل منحسرة ومحاصرة بفعل احتكار مجال التوزيع وتحكم بعض الشركات في دواليبه حيث أنها لا توزع أو لا تغامر بترويج الأفلام ذات الطابع غير التجاري، أي تلك التي تقدم لغة سينمائية مختلفة أو لا تعتمد الوجوه المعروفة أو تتبنى الحكايات غير النمطية أو تتوفر على جرعات من الجرأة غير المرغوب فيها أخلاقيا.. وفي ذلك نوع من التقليص من فاعلية السينما المغربية التي تُرَوِّجُ أفلامها في المهرجانات والملتقيات الوطنية والدولية. وعليه، فالرهان على تكوين الجمهور مدخل أساسي لقيام الصناعة الإبداعية ببلادنا خاصة وأننا نتحدث عن سينما مدعومة ماديا من قِبَل الدولة، فلا يستقيم الدعم والجمهور لا يرى الأفلام، إنها مسألة مُحْبِطَة للمبدعين ككل.
سؤال:
5 – ما هي في رأيكم أهم الخصائص التي تتميز بها السينما المغربية مقارنة بغيرها؟
جواب:
* يمكن التركيز لدى بعض المخرجين على قيمة التجاوز بمعناها الشامل، تجاوز الذات عن طريق الانتقال من الازدراء إلى النقد والإثبات وتطوير الهوية، فضلا عن تطوير التجربة وتعميق البحث في الأساليب الإخراجية، وعدم السقوط في اجترار المواضيع مما أبعدهم وأبعد السينما المغربية عن التدني والرداءة (Médiocrité) التي صارت تكتسح القطاع بحثا عن أشياء خارج الفن.. وهناك حديثٌ عن تجاوز المجتمع، تُلَخِّصُهُ بعض التجارب الطليعية، موضوعا وأسلوبا، بفعل خروجها من شرنقة الجاهز والمتداول، وتطويرها للغة السينمائية.. ثم هناك تجاوز لحدود الوطن والسفر بعيدا بالأفلام عبر البحث عن الداعمين والمنتجين المشتركين بالرغم من اختلافنا عن وجهات النظر التي يفرضها هؤلاء وتتبناها الأفلام كليا أو جزئيا.. ولنا في أفلام ثلة من المخرجين مثل فوزي بنسعيدي ونبيل عيوش وأسماء المدير ومريم التوزاني وغيرهم خير مثال.
سؤال:
6 – دكتور تشرفون على برنامج "صدى الإبداع" على القناة الأولى. هل كان لهذا البرنامج تأثير على اتجاهاتكم الإبداعية والنقدية؟
اقرأ أيضا...
* الناظور : جمعية الحي العمالي ودار الشباب يعطيان انطلاقة برنامج...
* الناظور+الصور : جمعية فضاء الطفل للتربية والتكوين تنظم حفلا فنيا...
* روبورتاج ...اشغال الجمع العام العادي لمكتب اتحاد ملاك المجمع...
* هلال ناظور المنفوخ يستسلم أمام واقعية أجاكس طنجة
جواب:
* جاءت تجربة الانخراط في البرنامج بعد انقطاع عن الاشتغال في التلفزيون لمدة طويلة، وهي تجربة شملت مجالات إبداعية وتقنية وفنية.. كانت كلها خلف الكاميرا، لكن تجربة المشاركة في التنشيط، فضلا عن الإعداد والتنسيق، فهي جديدة، لم أكن أرى في نفسي ذلك الشخص الذي يمكنه الوقوف يوما أمام الكاميرا لأنها بالقدر الذي تبدو فيه مرغوبة من طرف الناس، فهي تمسح ما قبلها، لاسيما في مجتمعنا الذي ينتصر للثقافة الشفاهية على حساب المكتوب، وفي زمننا هذا الذي تكتسح فيه الصورة كل شيء. شخصيا، أرتاح داخل الكتابة لأنها تخصني لوحدي، وهي مسؤولية فردية من حيث التطوير والإبداع والإخفاق أو الانحباس أما العمل التلفزيوني فهو جماعي بامتياز، تتحكم فيه توجهات عامة كثيرة بالرغم من قدرة الفرد على دمغه ببصمته الخاصة. هذا، وتظل متعةُ تقديمِ خدمةٍ ثقافيةٍ للمثقفين والمبدعين والباحثين من جهة، وللجمهور الواسع من جهة أخرى، رهان صعب، أظن أننا نجحنا فيه كفريق بالرغم من اختلاف رهانات وحساسيات وتكوين وطموح كل واحد من أعضاء الفريق.
سؤال:
7 – دكتور هل استطاع النقد السينمائي مواكبة الإنتاج السينمائي؟
جواب:
* لم نصل بعد إلى احترافية الناقد بالمعنى الذي يجعله متفرغا لذلك العمل مع استثناءات معدودة على رؤوس الأصابع، لا تستطيع تكسير القاعدة. تتفرق أدوار المهتمين بالكتابة عن السينما في المغرب بشكل وضاح، فمنهم من يمارس الكتابة لصالح الصحافة لأهداف كثيرة، ومنهم من يجعل موضوع السينما مجالا للبحث الأكاديمي والتأمل الفلسفي، ومنهم من تدخل ضمن هواياته التي تكمل شغفه السينيفيلي، ومنهم من يجعلها صكا تجاريا تجعله حاضرا في دواليب المنظومة.. وفي النهاية، هم قلة يعرفون بعضهم جيدا، يتعايشون ويتناقشون، استطاع بعضهم أن يكون داخل تنظيمات جمعوية أو سينيفيلية أو مؤسساتية، ومنهم من يقع خارجها بدعوى "الاستقلالية"، ولا يمكن، بموضوعية، تجاهل مجهوداتهم باستثناء المتسلطين على المجال من أولئك الذين لم يفهموا بأن الأشياء لا تقع خارج التاريخ، وأن من لم يتدرج في إتيان الشيء وتعلمه سيظل خارجه أو سيكون وقودا سرعان ما سيتحول إلى دخان.
وعليه، فالمواكبة الفعلية حاصلة، بمعنى الحرص على التتبع والمشاهدة، لكن الكتابة حولها تظل لدى الكثير من الأقلام الجادة مسؤولية، فحين يكتب النقاد الحقيقيون يعني أنهم اختاروا، والاختيار مسؤولية تقع خارج حسابات التكتلات والانتماءات والتوصيات وغيرها.
سؤال:
8- كيف يرى الناقد دور الجوائز في الإبداع بشكل عام؟ وما هو تقييمكم لها؟ وهل هناك إنصاف من وجهة نظركم طبعا؟ وهل الجوائز في رأيكم كافية لتتويج المسيرة الإبداعية؟
جواب:
* لم أفكر يوما في إعداد كتاب معين قصد الترشح لجائزة من الجوائز نظرا لإيماني الشديد بأن الكتابة مسؤولية ذاتية قد لا تتناسب ظروف إنتاجها مع مواقيت ومواعيد الجوائز التي صارت لها أجندة شبيهة بمباريات كرة القدم، وصارت الأهداف الإيديولوجية – غير الأدبية – لبعضها واضحة، منها ما لا يخدم الأدب في شيء، فضلا عن أن ملابسات الموضوعية تلاحق الكثير منها.. ولكن هذا لا يمنع من كونها محفزة على الإبداع، ومشجعة على الإنتاج، وقد يكون لها دور – لو كانت لها استراتيجية أدبية فنية – في ترويج الكتاب الإبداعي والأدبي عموما.
سؤال:
9- أستاذي الفاضل لكم إصدارات عديدة في مجال القصة. أين يقف القاص المغربي اليوم عربيا؟ وكيف ترون العلاقة بين المبدع المغربي والنقد؟
جواب:
* يصعب تلخيص هذا السؤال المركب الذي يُتَاخِم حدود التماس بين النقد والإبداع، لكن المقاربة في نظري تبدأ من نسيان النقد والانخراط في العملية الإبداعية التي تتطلب تحقق لحظات من الصفاء تساعد على الإتيان بنص إبداعي جديد إلى الوجود، يتحقق فيه تجاوز ما سبق ولو بجرعات طفيفة، سرعان ما تتوافق ظروف التلقي لتجعله محفوظا ومتداولا مع مرور الوقت. بمعنى أن القراءة، أقصد إقبال القراء على النصوص الإبداعية، أهم من القراءات النقدية؛ لأنها ترفع من انتعاش النص. أعتقد أن حيزا مهما من النقاش يدخل على المحك فيما يخص العلاقة بين العمل الإبداعي والمقروئية إذا ما نظرنا إلى علاقة النص بالناقد بوصفه قارئا محترفا، ستدفعه قراءته إلى إنتاج نص حول المقروء، والقارئ العادي، بوصفه قارئا متذوقا، ستقوده قراءته إلى المتعة في حد ذاتها. قد يرفض منظرو نظرية الإبداع التمييز بين الخلق والحفظ هاته، ولكنها محاولة تنسب الامتياز لكل طرف وفق غايته.
وعليه، فموقع القاص المغربي، عربيا، متميز لأنه يضيف إلى إبداعية القصة، ويرفع من منسوب التذوق القصصي، والدليل أن دُورَ نشرٍ كبرى تحتضن النصوص القصصي المغربية بما فيها المغامرة أو المغالية في التجريب، وإن كانت المتابعات النقدية شبه مفقودة للأسف.
سؤال:
10- ما علاقة محمد اشويكة القاص والمبدع بمجتمعه المغربي وبقضاياه على اختلافها وتشعبها؟
جواب:
* علاقتي مزدوجة بالمحيط الذي أعيش فيه، منغمس فيه حتى النخاع، ومبتعد عنه بما يتطلبه فعل الكتابة والإبداع والنقد والتأمل، لقد صارت علاقاتي – خارج ما هو مِهَنِي وإنساني – تتقلص باستمرار، فهناك ملفات كثيرة تحتاج إلى مواجهة. أظن أن ممارسة الكتابة في خضم مجتمع مركب مثل مجتمعنا، وفي ظل ظروف عالمية مضطربة، تغري كثيرا بإحداث قطائع قصوى، وهو الأمر الذي يستدعي القدرة على خلق لحظات الكشف والانكشاف والاكتشاف، فالتغير السريع للقيم يجعل البشرية تقف على مفترق الطرق ما دام الاقتراب من الهاوية مفتوح على مصراعيه. وهنا، بالضبط، تتلخص قيمة الكتابة في تحرير النفس من الارتماء في مستقبل مضطرب: جديد مشرق ومتسامح، أو رجعي قاتم ومتوحش. ومع ذلك، يقودنا التفكير إلى كشف الحقائق ولو قادنا هذا البحث إلى الوقوف على أكثرها ابتذالا؛ إذ لن يكون هناك الكثير مما يمكن كسبه من التشاؤم المروع أو التفاؤل المطمئن.
سؤال:
11 – ما الذي يؤرق الناقد؟
جواب:
* أمور كثيرة تقع في دوائر القلق النقدي، فأن تمارس النقد، معناه أن تنتج تفكيرا قادرا على مراجعة مبادئ الفكر أو تأزيمها، ومناوشة الذات باستمرار، وبما أن النقد السينمائي حيوي، يتجدد مع تطور الميكانيزم السينماتوغرافي، إنتاجا وإبداعا، فهو مُطَالَبٌ لا بالمسايرة والمواكبة فقط، بل بفهم وتفسير وتأويل التجارب السينمائية، ونقد بيئاتها الفكرية والإيديولوجية، دونما السقوط في التسرع وإرضاء العواطف التي تقع في عمق التذوق الفني بمعناه العادي. أعتقد أن الناقد الحقيقي هو مثقف بالمعنى الذي تحدث عنه إدوارد سعيد، فهو صاحب القطائع، والمراجعات غير المُهَادِنَة، لا ينتمي إلى المؤسسات كي يضمن لنفسه هوامش الحرية، رُوحُهُ تمزيقية بالمعنى الذي أضفاه الروائي الروسي "تورغينيڤ" في روايته "الآباء والبنون" عن شخصية "بازاروڤ"، فلا ضرورة من الصدام الفني والفكري الذي من المحتمل أن يفضي إلى إحداث مشاكل مع المؤسسات والأشخاص، وذلك ما نعيشه بالفعل في أوساطنا. تصعب مهمة الناقد، اليوم، بالنظر إلى كمية الأفلام الصادرة في شتى أنحاء المعمور، وتصاعد تدخلات الذكاء الاصطناعي في مختلف مراحل الإبداع السينمائي، ولكن الناقد المطلع على المرجعيات المُؤَسِّسَة للإبداع السينمائي، والمدارس والتيارات والاتجاهات والنظريات السينمائية والفنية يظل يقظا ومجددا، عسى أن نتجاوز الغرق في الرداءات التي صارت تطوقنا وتؤرقنا.
سؤال:
12- لكم كتاب مشترك سنة 2020 حول "صورة المرأة في السينما العربية"؟ هل لكم أن تحدثونا عن هذه التجربة؟
جواب:
* يظل مجال الدراسات السينمائية النسوية (Feminism studies cinematography) محصورا في بلداننا العربية بشكل ملحوظ، ومرد ذلك إلى بنية التفكير في موضوعة المرأة، والنظر إلى كينونة المرأة، وما شملته من منظومات ذهنية بالغة الاشتباك والتعقيد، لكن السينما بوصفها فنا يفكك بنيات المجتمع عن طريق التصوير، استطاع أن يقرب صورها السلبية والإيجابية من الناس. نتحدث هنا عن هذا النوع من الدراسات التي تتراوح بين العامة والمتخصصة، ونحن نشير إلى أن الخطابات الثقافية النقدية النسوية، مدعومة بالرصيد النضالي الذي راكمته الحركة النسوية في شقها الاجتماعي والسياسي، قد شكلت بشكل حاسم صعود الدراسات السينمائية الأنجلو أمريكية في سبعينيات القرن المنصرم. في المقابل، يوفر هذا الكتاب، وسابقيه مما أصدره مهرجان أسوان الدولي لأفلام المرأة بمصر، وترجم المهرجان الدولي لفيلم المرأة بمدينة سلا المغربية جزءه الأخير، دراسات فيلمية مهمة، وأرضية خصبة لبسط بعض ملامح الدراسات السينمائية النسوية تتجذر في الدرس الأكاديمي خارج أي تسييس. أعتقد أن كتبا كهذه من شأنها أن تشكل منعطفا أساسيا لتقريب الرؤى الخاصة والمتخصصة حول النقاشات النظرية حول التمثيل والمشاهدة والاختلاف الجنسي كي يتم استثمارها على مستوى التأثير الثقافي، خاصة وأنها تركز، أيضا، وبشكل مزدوج على النقد والإنتاج الثقافي.
شكرا لكم مرة أخرى أستاذي الفاضل.


انقر هنا لقراءة الخبر من مصدره.