في محاولة لتسليط الضوء على اضطرابات النمو العصبي وصعوبات التعلم لدى الأطفال والفروق فيما بينها ومداخل تشخيصها وعلاجها، فضلا عن ترسيخ حقيقة أن "إصابة الأبناء بها ليست مؤشرا ولا دليلا بأي حال على نقص الذكاء عند الأبناء" في أذهان الأسر المغربية، نظمت أكاديمية المملكة بمقر المعهد الملكي للبحث في تاريخ المغرب ندوة تطرق فيها الأخصائي في علم النفس العصبي JÉRÔME BIANCHI جيروم بيانشي إلى هذه الاضطرابات. وخلال الندوة، التي نظمت بشراكة مع معهد الدراسات والأبحاث حول اضطرابات التعليمLerta ، استعرض الأخصائي نفسه عدة أنواع من الاضطرابات المذكورة، التي تشمل اضطرابات التعلم، واضطرابات نقص الانتباه أو فرط الحركة، فضلا عن اضطراب طيف التوحد، مبرزا أن القاسم المشترك بينها جميعا هو أن الكشف المبكر يبقى الوسيلة المثلى لعلاج ورعاية المصابين بها. أعراض وفوارق وأكد أخصائي علم النفس العصبي أن "الكشف المبكر يظل هو السبيل الرئيسي لعلاج اضطرابات النمو العصبي TND لدى الأطفال"، مستحضرا، وهو يكشف للحاضرين عناصر تمكن من هذا الكشف، "إحصائيات منظمة الصحة العالمية، التي تذكر أن ما بين 6 و8 بالمائة من الأطفال يعانون من هذه الاضطرابات، على أن هذه النسب لا تشمل الأطفال الذين لم يتم اكتشاف أو تشخيص إصابتهم، ولذلك فهي جد متدنية". وأشار جيروم إلى بعض الأبحاث المحلية، التي أجراها رفقة زميله ريان شارتييه، والتي بيّنت أن "هذه النسبة تصل في مدينة نيس الفرنسية إلى 30 بالمائة في بعض المدارس"، مضيفا أنه "كلما تأخر التشخيص تضاعفت احتمالية تطور بعض أنواع الاضطرابات المذكورة لدى الأطفال، وفي حالة اضطراب فرط الحركة ونقص الانتباه (TDH)، فإن متوسط العمر ينخفض بمقدار 9 سنوات لدى المصابين". وقال الباحث إنه وزميله أدركا أنه "يجب تزويد الآباء بأداة مجانية تساعدهم على اكتشاف الصعوبات الموجودة لدى أطفالهم"، مضيفا "لذلك قمنا بإنشاء مقياس (Identidys)؛ وهو عبارة عن استبيان يمكن لجميع الآباء ملؤه". وأردف أنه "يغطي خمسة مجالات يمكن للآباء الحصول على نظرة عامة حول قدرات أطفالهم فيها كالانتباه واللغة الشفوية واللغة المكتوبة والحركة". وتابع قائلا: " في حال قيام الآباء بملء الاستبيان، وظهر لهم في المقياس أن النقاط خضراء، فأبناؤهم لا يعانون من أي إشكال مرتبط بالاضطرابات المذكورة، أما إذا كانت برتقالية، فيجب أن يتحققوا من سلامة سمع وبصر أطفالهم وزيارة الطبيب، أما إذا كانت حمراء، فهذا يعني أن هناك احتمالًا كبيرًا بأن الطفل مصاب"، مشيرا إلى إعدادهما الدليل 2.0 الذي يشرح طرق استخدام المقياس ويشرح عبر النصوص ومقاطع الفيديو أنواهع اضطرابات النمو العصبي. وعرض الأخصائي في علم النفس العصبي عدة بطائق تقنية توضح أنواع الاضطرابات المذكورة، وما يتعين القيام به لأجل الكشف عنها لدى الأطفال، مشيرا إلى أن "اضطراب عسر الكلام TDA هو مرض يجعل الأطفال يعانون صعوبات لإنتاج خطاب متماسك ليس لأنهم لا يملكون المفردات، بل لأنه يصعب عليهم ترتيبها في جمل مفيدة"، قبل أن يضيف "بالنسبة لتشخيصه، فهو يتولاه أخصائي في النطق، حيث يتأكد من قدرات الطفل على التمييز بين الأصوات، مثلا بين main وpain إلخ". "اهتمام مغربي محدود" وأكدت نجية حجاج الحسوني، عضو أكاديمية المملكة المغربية، أهمية "هذه الندوة التي تدارست الاضطرابات التي يلاقيها الأطفال لدى التعلم، والتي تجعلهم يعانون صعوبات في حياتهم المدرسية والمهنية، خصوصا إذا لم يتم الكشف عنها بشكل مبكر من قبل أسرهم"، مضيفة أن "الآباء والأمهات يجب عليهم أن يكونوا يقظين بشكل جيد في هذا الجانب، وأن يدركوا بأن هذه الاضطرابات ليست لها علاقة البتة بنقص الذكاء عند أبنائهم". وأوضحت الحسوني، في تصريح لهسبريس، أن تقليص نسبة انتشار هذه الاضطرابات "يتطلب التحسيس بها وإفهام الناس أعراضها وطرق علاجها، على أن الأسر يجب عليها أن تعي ضرورة مساعدة أطفالها المصابين حتى يبصموا على نتائج دراسية جيدة". وتابعت قائلة: "أكاديمية المملكة المغربية أعطت الفرصة للمعهد للاشتغال حول أبحاث واضطرابات صعوبات التعلم، خصوصا أن الاهتمام المغربي بهذا الموضوع لا يزال محدودا، ورغم أن هناك مدارس تشتغل في هذا المجال، فإن الأساتذة المشتغلين بها غير كافين، وكذلك الشأن بالنسبة للأطباء".