قال المخرج الفلبيني لافرينتي إنديغو دياز، المعروف باسم لاف دياز، مساء الأحد، إن "صناعة السينما تُعدّ حلقة مفصلية بالنسبة لأي مجتمع في الجنوب العالمي"، معتبرًا أن "الحكومات في هذه الرقعة المسكونة من الكون تُمعن دائمًا في منح الأولوية للقضايا السياسية والاقتصادية على حساب الثقافية؛ تضعها جانبًا وتُهمّشها، مع العلم أن المسألة الثقافية والفنية في الواقع تُعدّ ضمن أسس البناء الوطني وتحقيق التغيير". المخرج الفلبيني، الذي كان يتفاعل مع سؤال لجريدة هسبريس الإلكترونية حول "غياب الحسم" في بعض البلدان النامية في أهمية الصورة السينمائية أمام ظهور وجهات نظر تجرّ النقاش لحصره "في مشاكل مجتمعية أعمق"، عزّز جوابه بالقول إن السينما ليست ترفًا، مورِدًا أن "أكبر خطيئة ترتكبها الأنظمة السياسية أنها تُغفل دور الفن السابع في عملية بناء الإنسان"، وزاد: "الأعمال الفنية التخييلية تنفخُ الروح في التداول الإنساني والبشري". ومنطلقًا من دفاعه عن السينما ك"رابط ناعم" بين الشعوب والثقافات أكد الفاعل السينمائي، المشارك في الدورة ال11 من ملتقى "قمرة" السينمائي بالدوحة، أن "الجمال والفن، مثل الرقص والرسم والموسيقى، تتوفر لديها طُرقٌ قوية لتدمير أنساق الهيمنة السياسية والاقتصادية"، مبرزًا أن "عملًا فنيًا واحدًا يكفي ليُسائل سرديةً ما؛ ومن ثمّ تخريبها إن كانت غير صالحة أو مبنية على اختلال في التوازن العالمي". وتابع المخرج الفلبيني، خلال لقائه مع الصحافيين، بأن "الفنون غنيمة نفيسة في يد حركات التحرر والمقاومة في العالم"، مشيرًا إلى أن "الفاشية التي فرضتها الولاياتالمتحدةالأمريكية عبر الأعوام والسنين لا تستطيع الصمود إزاء مادة جمالية"، وأردف: "بوسعنا اختراق العقبات والجدران بالفن"، وذلك جوابًا عن سؤال صحافي استفسر حول إمكانية ذلك، إذا "لم يكن الإبداع مُهادنًا للآلة الغربية في وجهها السياسي أو الاقتصادي أو الثقافي". كما سُئلَ دياز عن معرفته بالسينما العربية، بحكم القرب الثقافي والجغرافي رغم البعد اللغوي، فأفاد بأن "الفلبين تحتضن جماعة كبيرة من المسلمين يتقاطعون مع غيرهم في الاهتمام العقدي والروحي"، معتبرًا أن "هذه الجماعة، مع ذلك، تواجه تحديات للولوج إلى الإنتاجات العربية، خصوصًا أن كافة شبكات التلفزة تُركز على أفلام هوليود وأفلام أخرى"، وواصل: "الوضع تسبّب في تهميش للأعمال الناطقة بالعربية التي أتطلّع إلى تكوين معارف بشأنها". ودافع أحد رواد السينما البطيئة في العالم عن استثمار الأبيض والأسود في الأعمال التي يُنتجها، قائلاً: "عندما كنتُ يافعًا كنتُ أشاهد الأفلام باللونين، لذلك أستحضرُ دائمًا تلك المرحلة التي تجعلني غير راغب في الخروج من اعتمادهما"، وزاد: "ذكريات الطفولة هي مشاهدة الأفلام، كان ذلك الحبّ الأول، ورافقني هذا المعطى في كل مسيرتي، والحديث عنه بإسهابٍ يحتاج وقتا طويلًا". وتطرّق المتحدث ذاته إلى مشاركته في الملتقى الذي تحتضنه الدوحة القطرية، موضحًا أن "الحدث حقّق تطورًا بشكل تصاعدي"، ومتحدّثًا في جوابه عما وصفها ب"أهمية جمع أبرز المتدخلين في السينما العالمية وتقريبهم من أصحاب المشاريع الشباب"، واسترسل: "اشتغلت مع أسماء من أوروبا وأمريكا حضرت هذا الملتقى، ونحن اليوم نلتئم خلال النسخة الجارية مع مديري مهرجانات سينمائية عالمية، ومنتجين، ومخرجين، ومبرمجين، وموزعين، وهذا قيمة مضافة". ويُعرف دياز بانشغاله المهني بتصوير قضايا إنسانية وتاريخية في بلاده الفلبين، كما أنه يجمع قُبَعًا كثيرة: تأليف الموسيقى، والتمثيل، والكتابة، والإخراج، وخبرتا المونتاج والتصوير السينمائي؛ ولديه عدة أعمال من قبيل "تطور العائلة الفلبينية" (2004) الذي يمتد إلى 11 ساعة تقريبًا، وفيلم "الشمال، نهاية التاريخ" (2013) الذي عُرض في مهرجان كان السينمائي الدولي ضمن "نظرة ما"، وصولًا إلى فيلمه "المرأة التي رحلت" (2016) الحائز على جائزة الأسد الذهبي في مهرجان فينيسيا السينمائي. وتتناول أعمال المخرج مواضيع الحزن، والبقاء، والمقاومة، والظلم الاجتماعي؛ واستطاع تقديم رؤى مغايرة للعمل في بلاده تتحرر من معايير تقليدية جاهزة ومسكوكة في الحقل السينمائي عالميًا ووطنيًا، وتصفه مؤسسة الدوحة للأفلام، المنظمة لملتقى "قمرة" السينمائي، بأنه "يُعدّ الأب الروحي للسينما الفلبينيةالجديدة، إذ ألهم جيلًا كاملًا من صناع الأفلام لاعتماد نهج سردي جريء وغير تقليدي".