أغلب الشهادات التي تصف ما جرى بعد انتهاء المجازر والتصفيات العرقية والانتهاكات الجسيمة لأجساد المختطفين والمحاصرين والأسرى، تنطق عبر لغة الحس ولمحاته وذاكرته، وتتأرجح كلها بين حدي العري والحجاب، الخفاء والتجلي، مع اقتصاد لغوي ظاهر، وزهد في البلاغة، (...)
لا يفهم كثير من المغاربة طقوس اللطم عند الشيعة في عاشوراء، فهو يوم فرح وأكل وشرب وترفيه على الأطفال، شيء شبيه باحتفالات رأس السنة في أوروبا، حيث يزور الأب نويل الأطفال وهم نيام حاملا لهم الهدايا واللعب... والشيء المؤكد أن الأصل في هذا اللهو البريء (...)
" قاص جيد، كلاسيكي بالتأكيد، وملازم لمقررات الفرنسية، ولأدب التعلم عند المغاربة، قد نحبه بطعم التعود، والتطبع على تقاليد راسخة،
لكنه ممل في النهاية، وصاحب علل، ونكبات تخييلية موجعة، لكن الرباطيين لم يعد يهمهم كل ذلك، عندما سميت حانة مقابلة لحزب (...)
الحرية اختراق وتحليق وكفاءة استرسال، في القول والفعل معا، لا مجرّد مناخ أو محيط، الحرية ممارسة يستطيعها الإنسان الحرّ، إذ هي خروج عن قيد الداخل ورقابة الذات وعن كوابح المجتمع والسلطة والعقيدة، وهي كفاءات لا يمتلكها المماليك، ممن استعبدهم المحيط. (...)
كنا على موعد في رواق فلسطين، بمعرض الكتاب بالدار البيضاء، في دورته الواحدة والعشرين، لنحضّر حوارنا المبرمج ضمن الفعاليات المصاحبة. حين لمحت «عبداللطيف اللعبي» رفقة «جوسلين»، يدلفان من المدخل الرئيس. إننا لم نلتق منذ ست سنوات، مذ كان لمناضلي ومثقفي (...)
أحب أم كلثوم لأسباب شتى، لأن أول إسطوانة عرّفتني معنى الغناء كانت «رباعيات الخيام»، على جهاز عتيق أدّى ثمنه والدي بالأقساط الطويلة.
ولأن الإسطوانات التي دخلت منزلنا بعد ذلك كانت كلها للست ذات المنديل الأبيض، والشعر المعقوص كتاج عثماني على الرأس، قبل (...)
في محكياته التي تحمل عنوان «لا أحد يستطيع القفز فوق ظله»، الصادرة عن «دار النايا للدراسات والنشر»، دمشق، (2014)، بدا شعيب حليفي مشغولا بالإمكانيات التخيلية التي تمنحها السجلات البدائية، في جوهر اللعبة الروائية، وكيف يمكن أن تشكل مدونات كتبت على (...)
حين هاجم الثلاثي "سعيد ومراد وشريف" صحيفة "شارلي ابدو" وأعدمو رسامي الكاريكاتور والشرطة والعابرين الأبرياء، كان ثمة حدثان رئيسان في العالم العربي لا يقلان عنفا وإجراما، الأول في موريتانيا حين حكم على كاتب بالإعدام بعد إدانته بجرم الإساءة للعقيدة (...)
في الموسيقى الأندلسية المغربية ثمة نوبات معدودة، لا تتجاوز 11 نوبة، هي الحياة بشمائلها وانتكاساتها، والجسد بصبواته وصدوده، والروح بانتشائه وسقمه، لكن ثمة موازين تشرح صدر العدد المقفل، وثمة لغات ومقامات، والشرح لا ينفي القبض، لأن هناك دوما لوعة (...)
الخسارة بعد لازم في روايات المصائر الجماعية، تبدو ثابتا جوهريا في هذا الصنف من السرود الذي يعج بالأسماء الشخصية والعائلية المنذورة للاختفاء، والأمكنة المتحولة المحكومة بالتلاشي والانهيار، والأخبار الواقعية والمتخيلة، التي تحكي سير أفراح ولوعات (...)
من أسباب عزلة بروست فضلا عن مرض الربو الذي أنهكه، ضيقه الشديد بذلك العدد الكبير من المتحذلقين الذين ازدحمت بهم الصالونات الباريسية، كانت التعابير العامية غير الذكية، وتلك التي تنحو إلى العشوائية، تستثير حساسيته الأخرى التي لا علاقتها لها بضيق (...)
تزاحمت في ذهني صور الجثث المتناثرة، والحفر، والبنايات الدارسة، والغبار الكثيف...، وأنا أتخيل جبال كردستان العراق. تبدّت إلى ذهني، البلاد هناك، سلسلة جبال متجاورة، ولا سهل، إلا أن يكون أرضا يبابا. لم أستطع انتزاع إشراقات مضيئة من مدن، أو ربوع، أو (...)
في الحكايات القديمة يحدثنا الراوي عن العبد المملوك الذي يحمل كتابا ما لأمير ما، كتابا قد يخط على صفحة ورق، أو على صلعة رأس، لكنه في كل الأحوال يحمل رسالة إعدام، هكذا كانت حكاية ?السموأل?، وحكاية غيره، كان الكتاب قرينا لإزهاق المهج، وكان حملا ثقيلا (...)
قد يفقد الكاتب أي معنى لوجوده إلا معنى وحيدا هو أنه اختار قدره، وكان حرا يوما ما، عندما ترك كل مغريات العيش السهل، وقرر أن يكون كاتبا، شاعرا أو روائيا أو ناقدا أو حتى كاتب طرائف وملح، للناس المعذبين. بالتأكيد هو مصير حرّ لأنه لا يرتهن لأحد وليست له (...)
حين شاهدت للمرة الأولى فيلم ?أنا كارنين?، التبس في ذهني معنى رواية تولستوي مع ما تقوله ملامح ?صوفي مارصو? التي تنبت في كل تقاسيمها معاني طفولية تزلزل أساسات القلب. قبل مشاهدة الفيلم، كانت ?أنا كارنين?، دون ملامح، امرأة روائية تنوب عن معنى الرواية، (...)
بقدر ما كانت الألمعية في السياسة مرتبطة بالنبوغ البلاغي، فقد كان الإخفاق فيها -في أحيان كثيرة- متصلا بالعيّ، وضعف البداهة، وركاكة القول.
ثلاثة أرباع السياسة كلام، لهذا كانت للبلاغة دوما مكانة في صلب السلطة. زعماء وقادة وملوك عديدون ذكرهم التاريخ (...)
السفر مدخل للتخييل، منذ انطلق عوليس في تيهه الملحمي في أوديسة هوميروس، بيد أن حكي ما جرى هو حرفة أكثر منه شهادة، من هنا فإن ما بات يستثير القارئ اليوم هو سفر حرفيين استثنائيين في عوالم الأدب، لأن ما يعد به هؤلاء المغامرون في الكتابة، و»جوابو الآفاق» (...)
لمجابهة النسيان ربما، أو للتخلص من وشم قديم في الروح والحنايا، كتب عبد اللطيف اللعبي «قاع الخابية».وكما يحدث دوما عندما نقلب الترسبات الثاوية في القرار، تتهوش الصورة، ويطفح الإناء بالكدر، ونحتاج إلى الانتظار لتمييز ما استقر في القعر. لم يخطئ الكاتب (...)
يبدو نجيب محفوظ معاصرا اليوم أكثر من أي وقت مضى، الروائي الذي مثل على نحو دال مرحلة صعود الطبقة المتوسطة المتنورة في المجتمع المصري، بوصفها أحد أهم إفرازات عصر النهضة العربية، كان معنيا قبل غيره برصد التحولات الكبرى في عمق النماذج البشرية وفي باطن (...)
نعلم جميعا أن آلية التوافق الفوقي، وانتخاب الأجهزة بناء على تصور قبلي، تبدأ قبل المؤتمر بشهور، حيث يستقر الرأي على رئيس وجهاز مركزي «واحد»، يحقق توازنات عدة يتداخل فيها السياسي بالثقافي بالجغرافي بجبر الخواطر، على النحو الذي يضمن تصويت الناخبين. وهو (...)
يخيل إلي أن المسار الذي اتخذته أزمة اتحاد كتاب المغرب منذ المؤتمر 17، كان من شأنها التأكيد على نهاية مرحلة تاريخية من التدبير والتعاطي مع الشأن الثقافي، بما تضمنته من مكاسب وما انطوت عليه من خلل، مرحلة حافظت فيها المنظمة على هويتها الثقافية، دون أن (...)