تحولت إسبانيا في السنوات الأخيرة إلى أكبر مصدر للانتحاريين إلى العراق ، وذكرت يومية«إيل باييس» في تحقيق مطول عن الطرق السرية التي تنهجها الخلايا المرتبطة بالقاعدة لتجنيد وإرسال متطوعين إلى بلاد الرافدين ، أن هذه الخلايا تمكنت منذ احتلال العراق سنة 2003 من تجنيد حوالي مائة شخص ، أغلبهم مغاربة ، تمكن العديد منهم من التسلل إلى العراق عن طريق سوريا وتنفيذ عمليات انتحارية خلفت العديد من القتلى . التحقيق الذي نشرته «إيل باييس» تطرق إلى النشاط الخفي الذي كانت تمارسه إحدى هذه الخلايا في كاطالونيا وكان يتزعمها مغربي يدعى محمد المرابط ، الذي ألقي عليه القبض رفقة أعضاء آخرين في انتظار محاكمتهم. وتوضح وثيقة سرية عثر عليها في شقة أحد المعتقلين ، التدابير التي يجب على كل « متطوع للجهاد» في العراق ، الالتزام بها انطلاقا من إسبانيا وصولا إلى بلاد الرافدين، حيث كانت تستقبلهم عناصر تابعة للقاعدة في انتظار تكليفهم بإحدى العمليات الانتحارية. وجاء في الوثيقة ، وهي على شكل أجندة ، تعليمات مدققة لكل متطوع ابتداء من الوصول إلى مطار دمشق والتوجه إلى منطقة محددة ، الميرة ، بواسطة سيارة أجرة تكلف حوالي 10 أورو ، والنزول بأحد الفنادق هناك قبل الاتصال ببعض الأرقام الهاتفية لوسطاء بينهم مغاربة أعضاء ب« الجماعة الاسلامية المغربية المقاتلة» . التعليمات التي جاءت في هذه الوثيقة ، يقول الحرس المدني الاسباني ، سهلت على خمسة من الذين استقطبتهم خلية المرابط الالتحاق بجماعة الزرقاوي في العراق ، الذي قتل لاحقا في غارة أمريكية استهدفت المنزل الذي كان يختفي فيه. من بين الذين تمكنوا من الدخول إلى العراق بهذه الوسيلة ، المغربي حسن الحسيسني المنحدر من العرائش الذي بعد تسلله إلى هناك اتصل هاتفيا بوالدته ليودعها وبعد أيام نفذ عملية انتحارية في الفلوجة ، بعدها تلقى والده مكالمة هاتفية تخبره أن ابنه مات في العراق دون مزيد من التفاصيل . قبل ذلك كان حسن قد طلب من شقيق له يدعى أحمد سعيد ، في اتصال هاتفي ، عدم الزواج وأن يظل عازبا. وكان ذلك يعني ألا يأتي إلى العراق ، حيث أن الزواج تعبير كودي لدى هذه الخلية يعني «التوجه إلى العراق للجهاد». لكن أحمد سعيد لم يلتزم بما قال له شقيقه ، فتوجه إلى سوريا رفقة صديق له يدعى مردود بنية التسلل إلى العراق ، لكنهما لم يتمكنا من ذلك حيث اعتقلتهما السلطات السورية ورحلتهما إلى المغرب . وتؤكد السلطات الإسبانية أنه ما بين مارس وأبريل 2005، غادر أربعة مغاربة من أعضاء الخلية ، إسبانيا للتوجه إلى العراق، الأول يدعى عبد اللطيف ، اعتقل بالحدود التركية يحمل هوية مزيفة ، الثاني ، عبد الجليل تمكن من الدخول إلى العراق حيث تلقى على يد عناصر القاعدة تدريبا على كيفية صنع المتفجرات ، وكان مقررا أن ينتقل إلى بلجيكا قبل أن تعتقله السلطات السورية في دمشق ، فيما اعتقل الثالث في سوريا قبل أن يتمكن من التسلل إلى العراق ، أما الرابع ، محمد سعيد الخف ، فقد اعتقل ببلاد الرافدين ونقل إلى سجن أبو غريب وهناك قد يكون تعرض إلى التعذيب ، حيث اعترف بهوية الانتحاري الجزائري الذي فجر موكبا تابعا للقوات الايطالية في العراق. وجاء في التحقيق المذكور أن عددا من الذين لم يتمكنوا خلال هذه الفترة من التسلل إلى العراق ، عادوا إلى إسبانيا ك«خبراء» لتدريب متطوعين آخرين على أفضل الطرق للالتحاق بالقاعدة في بلاد الرافدين، وأغلب هؤلاء تمكنت السلطات الاسبانية من اعتقالهم وحولتهم إلى المحكمة. وكانت إسبانيا قد شنت في الأشهر الأخيرة حملات واسعة استهدفت خلايا القاعدة المنتشرة في العديد من المدن، وخصوصا في إقليمكاطالونيا ومدريد ، ويؤكد تقرير صادر عن المخابرات الاسبانية ، قدمته إلى حكومة ثاباطيرو، أن نشاطها الرئيسي يتمثل حاليا في البحث عن مصادر التمويل واستقطاب أتباع جدد في أوساط المغاربة والجزائريين لإرسالهم إلى العراق أو إلى منطقة الساحل للتدريب على يد « القاعدة في المغرب الاسلامي»، لاستهداف الجزائر والمغرب.