قادت التحقيقات مع الشبكات المفككة، خلال السنة الجارية في المغرب، إلى معطى مفاده أن هذه الأخيرة تربط جميعها علاقات مع تنظيمات خارجية متطرفة، منها تنظيم القاعدة التي أنشأت فرع لها في شمال إفريقيا بعد اندماج عناصر "الجماعة السلفية للدوعوة والقتال الجزائرية في صفوفها". "" وأفادت مصادر أمنية، "إيلاف"، أن أغلب هذه الشبكات تعمل باستراتيجية مزدوجة تتمثل في استقطاب المقاتلين وإرسالهم إلى العراق، والتخطيط في الوقت نفسه إلى استهداف مواقع حساسة في المغرب، منها المراكز الأمن. وذكرت المصادر أن عدد الموقوفين في ملفات الإرهاب، منذ بداية السنة إلى غاية الشهر الجاري، وصل إلى حوالي 130 متهما، من بينهم قاصرين استقطبوا من طرف الشبكات المتخصصة في التجنيد بهدف إرسالهم إلى العراق، حيث عهد إليهم تنفيذ عمليات انتحارية بواسطة سيارات مفخخة. وأفادت المصادر أن نسبة كبيرة من المعتقلين تتحدر من المدن الشمالية والشرقية، فيما كانت تتحدث تقارير عن أن مدينة الدار البيضاء تحتل الصدارة في عدد الشباب المجندين للقتال في بلاد الرافدين، مشيرة إلى أن عدد الخلايا المفككة، في السنة الجرية، أقل بالمقارنة مع السنوات السابقة. وأوضحت أن هذه الخلايا ترتبط بعناصر متطرفة تنشط دول أوروبية، منها بلجيكا وإسبانيا، كما أنها تقدم لها المساعدات المادية حتى تتمكن من تغطية نفقات المسافرين إلى ساحات الحرب في العراق أو الالتحاق بمعسكرات القاعدة في الجزائر. كشفت المصادر أن الأجهزة الأمنية المغربية تمكنت، منذ سنة 2003 إلى نهاية 2007، من تفكيك حوالي 30 شبكة لتجنيد مقاتلين مغاربة بهدف إرسالهم إلى العراق لمواجهة القوات الأميركية وتنفيذ عمليات انتحارية بواسطة سيارات مفخخة. وتمكنت مصالح الأمن، في بداية 2007، من تفكيك هذه الخلية الإرهابية التي كشف التحقيق أنها "ذات تفرعات دولية متخصصة في استقطاب وإرسال متطوعين إلى العراق، وتنشط في بعض المدن والقرى المغربية". كما طوى القضاء المغربي، أخيرا، ملف خلية محمد رحا المواطن البلجيكي من أصل مغربي، التي توبعت في إطار قانون مكافحة الإرهاب، بعد أن قررت غرفة الجنايات الدرجة الثانية، المختصة في قضايا الإرهاب بملحقة محكمة الاستئناف بسلا، بتأييد أحكام ابتدائية جنائية، تراوحت بين البراءة وعشر سنوات سجنا نافذا. ومن أبرز الشبكات المفككة، خلال هذه السنة، توجد خلية المهاجر المغربي ببلجيكا عبد القادر بليرج، التي اتهمت بالتخطيط لاختراق مؤسسات الدولة والأحزاب والمجتمع المدني واغتيال شخصيات مغربية وازنة. ورغم أنها لا تدخل في خانة الشبكات المتخصصة في التجنيد، إلا أنها أثارت جدلا قانونيا وإعلاميا، لكون أن لائحة المعتقلين، التي بلغت 36، ضمت في صفوفها ستة اسماء لقياديين سياسيين، يتقدمهم الأمن العام لحزب البديل الحضاري المنحل المصطفى المعتصم، ومحمد المرواني، الأمن العام للحركة من أجل الأمة، إلى جانب ضبط بحوزة بعض الموقوفين ترسانة من الأسلحة والذخيرة في كل من الناظوروالدار البيضاء. وأظهرت التحريات أن هذه الشبكة "ذات صلة بالفكر الجهادي"، وأنها نظمت ما بين سنتي 1992 و2001 عددا من عمليات السطو أو حاولت ذلك، كما قامت سنة 1996 بمحاولة اغتيال استهدفت مواطنا مغربيا معتنقا للديانة اليهودية في الدارالبيضاء، وعملت على التخطيط لاغتيالات أخرى سنوات 1992 و1996 و2002 و2004 و2005. كما عملت على نسج علاقات مع مجموعات وتنظيمات إرهابية دولية، من ضمنها على الخصوص "القاعدة " و"الجماعة الإسلامية المقاتلة المغربية" و"الجماعة السلفية للدعوة والقتال الجزائرية". وآخر صيد سقط بين يدي الأجهزة الأمنية هي شبكة التجنيد، التي أوقف 35 من عناصرها بخمسة مدن. واعتقل المتهمون ضمن هذه الشبركة في العرائش وتطوان وطنجة والناظور ووجدة، بعد أن أظهرت التحريات أنهم أرسلوا 30 مرشحا للقيام بعمليات انتحارية في العراق، وثلاثة متطوعين للقتال في صفوف تنظيم "القاعدة في بلاد المغرب الإسلامي" بالجزائر. وأكدت مصادر متطابقة أن هذه الشبكة امتداد لخلايا تجنيد أخرى فككت أخيرا، من بينها خلية فاسوالناظور، التي اعتقل 11 من أفرادها، الذين خططوا لضرب بناية البرلمان الأوروبي يطلق عليها "أكابريس دي ديوه" وفندق شيراتون في بروكسيلببلجيكا. وانطلق رصد هذه الشبكة منذ سنة 2007، بعد أن توصلت السلطات الأمنية إلى معلومات دقيقة حصلت عليها من خلال التحقيق مع متهمين ينشطون في جماعات إرهابية تربط صلات وثيقة بتنظيمات متطرفة في الخارج، من بينها القاعدة التي يتزعمها أسامة بن لادن. وأظهرت التحريات أن هذه الشبكة يتزعمها مهاجر مغربي في بلجيكا، يدعى لحبيب بنعلي، الذي وضع تحت المراقبة منذ دخوله إلى المغرب، حيث بدأ في وضع اللمسات الأخيرة لمخططه. وكان قاضي التحقيق المكلف بقضايا الإرهاب بملحقة محكمة الاستئناف بسلا، أمر بإيداع سبعة متهمين، من أصل 11 متهما من أعضاء هذه الشبكة، السجن المحلي بمدينة سلا. وتوبع هؤلاء الأظناء من طرف النيابة العامة بتهم "تكوين عصابة إجرامية للإعداد والقيام بأعمال إرهابية تهدف إلى المس الخطير بالنظام العام بواسطة التخويف والترهيب والعنف والمس بالمقدسات، والتحريض على القيام بأعمال إرهابية، وعقد اجتماعات عمومية بلا تصريح مسبق".