واصلت مدينة طنجة غيابها عن مؤشر المدن الذكية الصادر عن مركز التنافسية العالمي التابع للمعهد الدولي للتنمية الإدارية بشراكة مع جامعة سنغافورة للتكنولوجيا والتصميم، في مفارقة لافتة بالنظر إلى تموقع المدينة كقطب صناعي استراتيجي ورهان رسمي في مشروع التحول نحو الاقتصاد الرقمي. ورغم الترويج لمشروع "طنجة تيك" منذ 2017 كأحد أكبر أوراش الذكاء الصناعي في المغرب، لم تجد المدينة الساحلية مكانا لها ضمن قائمة 146 مدينة شملها تصنيف 2025، ما يعكس غياب أثر ملموس لهذا المشروع في المؤشرات المعتمدة دوليا. ويعتمد التصنيف على بيانات تتعلق بالبنية التحتية الذكية، وتوفر الخدمات الرقمية، وجودة الحوكمة التكنولوجية، إلى جانب آراء المواطنين بشأن استخدام التكنولوجيا في الحياة اليومية. ويُجمع متابعون على أن غياب مدينة طنجة لا يرتبط فقط بتأخر تنفيذ المشاريع الكبرى، بل يعكس أيضًا محدودية الرؤية الرقمية على المستوى الترابي، وضعف التنسيق بين الفاعلين في ميادين النقل الذكي، والخدمات الحضرية، والإدارة الرقمية، مقارنة بمدن ذات حجم اقتصادي أقل لكنها استطاعت التموقع في المؤشر. ويُسجل كذلك أن مدينة بحجم طنجة، تحتضن أحد أكبر الموانئ المتوسطية وتستقطب استثمارات صناعية ضخمة، لا تتوفر إلى اليوم على منصة حضرية رقمية موحدة تتيح تتبع مؤشرات الأداء في الخدمات، أو إشراك الساكنة في التسيير من خلال أدوات رقمية مفتوحة. وهو ما يشكل أحد أبرز المعايير المعتمدة في المؤشر. ويثير هذا الغياب المتكرر تساؤلات حول مدى قدرة المشاريع الكبرى في طنجة على تجاوز الطابع الإعلاني إلى الأثر المؤسساتي، خصوصًا في ظل ما يوصف بعطب في دمج البعد الرقمي في السياسات الحضرية، ما يهدد بتكريس اختلال مزمن بين النمو الاقتصادي والمواكبة التقنية في المدينة.