الخط : إستمع للمقال == المثير حقا في المواقف التي عبرت عنها دولة الجوار الشرقي، سواء في 2020 أو في ما بعدها من السنوات، وسواء مع أمريكا أم مع فرنسا وإسبانيا .. هو هذا الغرور في فهم الشرعية الدولية والقانون الدولي أكثر من باريسوواشنطن مُجتمعتين! == لم يتأخر الرد الجزائري، (كما تعوَّدنا) على تأكيد الولاياتالمتحدة من جديد لاعترافها بسيادة المغرب على صحرائه. وكما هو معروف وخلال لقاء جمع يوم الثلاثاء الماضي بواشنطن، وزير الشؤون الخارجية والتعاون الإفريقي والمغاربة المقيمين بالخارج، ناصر بوريطة، وكاتب الدولة الأمريكي، ماركو روبيو، جدد هذا الأخير التأكيد على أن الولاياتالمتحدة تعترف بسيادة المغرب على الصحراء. وجاء على لسان المتحدثة باسم الخارجية الأمريكية، تامي بروس، أن رئيسة الدبلوماسية الأمريكية جددت التأكيد على أن الولاياتالمتحدة «تدعم مقترح الحكم الذاتي الجدي وذي المصداقية والواقعي كأساس وحيد لحل عادل ودائم لهذا النزاع»... بيان الرد الجزائري هذه المرة جاء مقتضبا، ركَّز على أن دولة الجوار «أخذت علما» بالموقف الأمريكي «متأسَّفة» للموقف الصادر «عن عضو دائم في مجلس الأمن يفترض به الحرص على احترام القانون الدولي وقرارات مجلس الأمن». البيان الصادر عن وزارة احمد عطاف عاد إلى أسطوانة تصفية الاستعمار واللائحة 1514 والحقائق التي أقرتها «الجمعية العامة (للأمم المتحدة ) ومجلس الأمن ومحكمة العدل الدولية».! وعلى عكس التصريح الأمريكي الذي جاء بعناصر جديدة تعزز اعتراف القوة العظمى بالسيادة ويفهم منها أنها ستسعى إلى خلق ظروف دولية للقبول بالحل المغربي، لم يشر بيان الدولة الجارة إلى أهم ما ورد في مطالب الموقف الأمريكي ونعني بذلك: اعتبار الحكم الذاتي هو الإطار الوحيد للتفاوض على حل مقبول من الأطراف حث الأطراف على الانخراط في محادثات من دون تأخير عمل واشنطن على تسهيل إحراز تقدم نحو هذا الهدف وعليه نجد أن الطرف الأساسي في النزاع المتعلق بالوحدة الترابية للمغرب، ألا وهي الجزائر، أغفل أهم ما ورد في القرار الأمريكي، هذا الجديد الذي ستكون الجزائر وجها لوجه معه في القادم من الأيام. وستكون لنا عودة إلى الموضوع بالتفصيل ونكتفي اليوم بمقارنة مع الموقف الصادر على نفس الجهة، في حالتين اثنتين: وهما حالة الموقف من قرار فرنسا بالاعتماد على نفس المنطق ونفس الشرعية في دعم سيادة المغرب على ترابه الجنوبي.. ثم موقف الجزائر من الإدارة الأمريكية نفسها منذ خمس سنوات مضت، أي بعد قرار ترامب التاريخي في نهاية ولايته الأولى. بالنسبة للموقف من فرنسا، سعت الجزائر إلى تأزيم الوضع والتهديد و«ركوب أعلى ما في خيلها» كما يقول الشعب المغربي في حكمته الدارجة. ومقارنة مع البيان الحالي يعتبر الموقف المعبر عنه وقتها بلاغا ناريا، حتى وإن كانت النتيجة هي التي صار يعرفها القاصي والداني، وبات يعرفها الجزائريون قبل غيرهم! أما ما يخص الموقف الأول من تغريدة دونالد ترامب في 2020.. فنحن نسجل ما يلي: أولا: اعتبرت الجزائر أن إعلان الرئيس الأمريكي دونالد ترامب ليس له أي أثر قانوني «(كذا) SIC!!! بل حسبته «ضد منطق القوة والصفقات المشبوهة» الذي عبرت عنه البوليساريو حينها!. طبعا لم تستطع إثبات هاته الأطروحة المتعلقة بالأثر القانوني، بل إن تطور الموقف الأمريكي يكشف لنا بأن صاحبته تسير في اتجاه الوصول إلى الأثر القانوني الدولي الواجب تطبيقه، باعتبار الحل الأوحد هو الحكم الذاتي وأن غيره من أطروحات الحل، كما تريدها الجزائر، أي الاستفتاء أو التقسيم لا مكان لمناقشتها أو اعتمادها في أي مقرر أممي تكتبه الولاياتالمتحدة مستقبلا! ثانيا: غابت في البيان الجديد أية إشارة إلى «الاتحاد الإفريقي» كما ورد في بلاغ 2020 واكتفى البيان الجديد بالحديث عن الأممالمتحدة ومجلس الأمن»، فقط ...في حين كانت الصيغة السابقة تتحدث عن «تطبيق القانون الدولي والعقيدة الراسخة للأمم المتحدة ومجلس الأمن والاتحاد الإفريقي بهذا الخصوص". بل كانت الخارجية الجزائرية قد طالبت في بيانها هذا بجعل المنظمة الإفريقية طرفا أساسيا عندما دعت إلى «حوار تحت رعاية الأممالمتحدة وبدعم من الاتحاد الإفريقي". وكل هذا.. «داز مع الزمن» كما تقول الأغنية! وتحلت عن السند الإفريقي بعد أن نجح المغرب وأصدقاؤه في حصر الملف بين يدي الأممالمتحدة فقط، عكس ما دافعت عنه الجزائر وجنوب إفريقيا تحديدا! المثير حقا في المواقف التي عبرت عنها دولة الجوار الشرقي، سواء في 2020 أو في ما بعدها من السنوات، وسواء مع أمريكا أم مع فرنسا وإسبانيا وغيرها من القوى العظمى هو هذا الغرور في فهم الشرعية الدولية والقانون الدولي أكثر من باريسوواشنطن معا! ففي كل مرة تُخْرج دولة العسكر أسطوانة القانون الدولي والشرعية الدولية، فهي تحاول من خلالها إعطاء الدروس لعضوين من الأعضاء الخمسة الدائمي العضوية في مجلس الأمن، ونتصور أنها ستفعل نفس الشيء مستقبلا مع روسيا أو الصين أو المملكة المتحدة التي لا تُخفي فتحها لحوار حول الموضوع مع السلطات المغربية! القوة الضاربة لم تنتبه بأنها «ضَربتْ راسْها مع الحيط»، حائط الشرعية الدولية وحائط القانون الدولي وأنها تثبت كل مرة بأنها الطرف الرئيسي في الملف وأنها تفقد منطق الأشياء، وراء حجاب كثيف من...الغرور والجهل والجبن ..ولغة الخشب! الوسوم الجزائر الصحراء المغربية المغرب الولاياتالمتحدةالأمريكية فرنسا