لم تنفع لا حملات التضامن، ولا نداءات مواقع التواصل الاجتماعي والفاعلين المحليين بمريرت، إقليمخنيفرة، في إنقاذ العامل المنجمي، سعيد سلاك، من وضعيته الصحية الصعبة، جراء تعرضه لحادثة شغل أثناء مزاولة عمله تحت أعماق الأرض بمناجم عوام، تسببت له في كسور بليغة على مستوى الظهر والحوض، وألزمته الفراش، دون اهتمام جدي من طرف "باطرون" المقاولة الذي عمد إلى التنكر له وحرمانه من وثائق التأمين، ما حمل عددا من الفعاليات المحلية إلى مؤازرته في موقف عكس روح التضامن المعروفة عن أبناء مريرت المناضلة، من خلال السعي إلى إيصال صوته إلى الرأي العام والجهات المسؤولة. وفي هذا الصدد، لم يجد المعني بالأمر أمامه غير رفع نداء لجلالة الملك، تتوفر "الاتحاد الاشتراكي" على نسخة منه، ملتمسا التدخل من أجل فتح تحقيق في ما اعترضه من تلاعب وتحايل وتواطؤ على يد مسيري الشركة المنجمية والمقاولة المناولة، وحرمان ظالم من راتبه الشهري بدعوى أن نفقات العلاج والتطبيب بكل من المستشفى الإقليميلخنيفرة ومصحة مكناس، تعادل راتبه الشهري، حسب المقاول ، كما لو أن مصاريف علاج ضحايا الشغل تسدَّد على حسابهم الشهري، الأمر الذي أكد للمراقبين أن المقاولة تشتغل خارج قوانين الشغل وأعين المسؤولين، بالأحرى الإشارة إلى عدم توفرها على التأمين. ولم يفت العامل المذكور استعراض تفاصيل قضيته منذ تعرضه لحادثة الشغل بأعماق مناجم عوام، يوم 28 أكتوبر الماضي، أصيب على إثرها بكسور على مستوى الظهر والحوض، وتم نقله بواسطة سيارة "رونو فركونيط"، رغم توفر الشركة على سيارة إسعاف خاصة، ومن المستشفى المحلي لمريرت، تم نقله صوب المستشفى الإقليميبخنيفرة، حيث "ظل مهملا على رصيف المستشفى لمدة ساعتين"، حسب قوله، إلى أن حل الطبيب وأخضعه لبعض الفحوصات، وبعد مضي ساعة أخرى من الزمن فوجئ بالطبيب يقول له بأن حالته طبيعية، رغم إحساسه بكسور، ليطلب منه ذات الطبيب أن يمكث بالمستشفى يوما آخر، إلا أن إحدى الطبيبات طالبته بالمغادرة بدعوى أن حالته لا تستدعي الاستشفاء، وكل ذلك تم في ظروف كافية لإثارة استفهامات المعني بالأمر. وارتباطا بالموضوع، قام المنجمي المذكور بمحاولة الاتصال بصاحب المقاولة ، غير أن هاتف هذا الأخير ظل يرن دون مجيب، قبل أن يتطوع أحد أقاربه بنقله من المستشفى إلى بيته على متن سيارته الخاصة، وهو في حالة صحية حرجة، ليظل الحال على ما هو عليه لمدة ثلاثة عشر يوما، والمقاول غير مهتم بأمر العامل المنجمي الذي بقي طريح الفراش، كأي معاق، أمام مرأى من طفليه وأسرته الصغيرة التي لا معيل لها غيره، ما حمل بعض أصدقائه إلى نقل معاناته عبر مواقع التواصل الاجتماعي، لتنتشر حالته المأساوية على الصعيد المحلي والإقليمي ثم الوطني. وتحت ضغط الرأي العام، وجدت الشركة المنجمية نفسها مجبرة على نقل العامل المعني بالأمر إلى إحدى المصحات بمدينة مكناس، حيث خُضع لبعض الفحوصات الطبية، تبين من خلالها أنه مصاب بكسور على مستوى الظهر والحوض، عكس ما قاله طبيب المستشفى الإقليميبخنيفرة، ولم يكن يتوقع، وهو بالمصحة، أن يتصل به ممرض بالشركة المنجمية ليطلب منه القبول "بتزوير" الحقيقة عبر الادعاء بأنه لم يصب في حادثة الشغل، مقابل قيام المقاول بالإجراءات القانونية والاستفادة من التامين، غير أنه واجه "العرض " بالرفض، قبل أن يتسلم شهادة طبية تثبت عجزه لمدة 45 يوما قابلة للتمديد . وبعد انتهاء مدة الشهادة الطبية وعودته إلى المصحة، حسب ندائه، الذي تتوفر "الاتحاد الاشتراكي" على نسخة منه، اكتشف أن المصحة لا تتوفر على أي ورقة تثبت خضوعه للعلاج بها، وكل ما قامت به الشركة لم يكن سوى محاولة لربح الوقت واحتواء غضب الرأي العام، وكم كانت صدمة المعني بالأمر كبيرة لما تأكد أن الشهادة الطبية هي الأخرى غير قانونية، ليتصل بممرض الشركة في الموضوع، ويجري الاتصال بالطبيب الذي سلمه شهادة ثانية، الأمر الذي أكد للكثيرين حجم التلاعب بأرواح العمال، سيما بعد توقف الراتب الشهري للعامل موضوع القضية. وارتباطا بالموضوع، واصلت عدة مكونات محلية مناشدتها للمسؤولين التدخل من أجل فتح تحقيق في تفاصيل النازلة، ومطالبة الإطارات الحقوقية والنقابية والإعلامية، بالتفاعل المكثف مع حالة الضحية، ووضعية أسرته العاجزة عن توفير قوتها اليومي، علما بأن مناجم عوام قد سجلت العديد من الوفيات والجرحى والمعطوبين، ولا يهم الشركة المنجمية إلا الاستمرار في مظاهر الاستغلال لتحقيق ما تصبو إليه من نسبة الإنتاج على حساب حق العمال في السلامة والتأمين الاجتماعي، بالأحرى الحديث عن إحداثها لعدة مقاولات المناولة للتخلص من العمال، وحتى هذه المقاولات لم تسلم من سياستها بعد إقدام صاحب مقاولة، مؤخرا، على محاولة إحراق نفسه. ولم يفت بعض الهيئات المدنية الدخول على الخط، وأبرزها "المنتدى المغربي لحقوق الإنسان"، لجهة الداخلة وادي الذهب، الذي أعلن عن استنكاره لما وصفه ب "السلوك التعسفي البائد الذي يذكرنا بتاريخ الإقطاع"، مشددا على ضرورة "تدخل عامل إقليمخنيفرة لإعمال القانون في وجه تجاوزات الشركة المنجمية"، ومطالبا المدير الإقليمي للتشغيل ب "مساءلة إدارة هذه الشركة وإلزامها بصرف مستحقات العامل المنجمي، ومنحه كل حقوقه العادلة والمشروعة"، رافضا ما يحاك في حق هذا العامل من "مساومات وتهديدات ومؤامرات"، حيب مضمون البيان الذي تسلمت "الاتحاد الاشتراكي" نسخة منه.