على هامش الاحتقان الذي تعرفه مناجم عوام بإقليمخنيفرة، والأوضاع المأساوية التي يشكو منها عمال هذه المناجم، أنجزت الجمعية المغربية لحقوق الإنسان (فرع مريرت) تقريرا مفصلا في الموضوع، حصلت «الاتحاد الاشتراكي» على نسخة منه، هذا نصه: « إن الحقوق الشغلية و نعني بها الحق في الشغل وكافة الحقوق العمالية، منها حقوق الأجراء، تشكل مكونا أساسيا لحقوق الإنسان، و قد تم الإقرار بهذه الحقوق في الإعلان العالمي لحقوق الإنسان، وفي عدد من الإعلانات والمواثيق الدولية، خاصة منها العهد الدولي حول الحقوق الاقتصادية والاجتماعية والثقافية، والمصادق عليه من طرف المغرب، إلى جانب الاتفاقيات والتوصيات الصادرة عن منظمة العمل الدو لية، ولو أن بلادنا لم تصادق على ثلثي الاتفاقيات من بين 185 اتفاقية شغل صادرة عن منظمة العمل الدولية. وبينما أقر الدستور والتشريع المغربي بهذه الحقوق رغم ما طبعها من نواقص وتقصير، فإن هدف هذه التوطئة هو تسليط الضوء على الخروقات والإنتهاكات التي ما فتئت تتعرض لها الحقوق الشغلية لعمال مناجم جبل عوام، التابعة للشركة المنجمية لتويسيت C.M.T، والذين دخلوا في الخامس من دجنبر 2012، في إضراب عن العمل احتجاجا على تراجع إدارة الشركة عن عدد من الحقوق والمكتسبات التي سبق أن حصنوها بنضالاتهم المستمرة، إذ طالبوا ب : * احترام وتطبيق المقتضيات المنصوص عليها في مدونة الشغل وقانون العمل بالمناجم. * توفير شروط الصحة والسلامة من الأمراض المهنية وحوادث الشغل التي تهدد حياتهم. * توفير طبيب شغل خاص بالعمال. * الكشف عن الصيغة التي يتم بها صرف المنح. * استفادة عمال المقاولات من الباطن ( تيغانمين وتيكترا)، من تعويض السلة (تعويض عن العمل الليلي). * تمكين عمال المقاولات من الباطن من الحق في منح عن المردودية. * احترام القانون المنظم للساعات الإضافية. * الحق في سحب شهادة العمل التي تخول للعمال المطالبة بالتعويض عن المرض المهني. * إيجاد حل لمشكلة قروض السكن. إن الفرع المحلي للجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمنطقة مريرت، وبعد تتبع أطوار هذا الإضراب وما ترتب عنه من أحداث و وقائع، وفي إطار الرصد والمعاينة والتتبع، سجل تورط إدارة الشركة المنجمية لتويسيت، ومعها السلطات المحلية في جملة من الانتهاكات والخروقات التي طالت الحقوق الشغلية للعمال، وهي كالتالي : 1 . عدم تمتيع عمال مناجم جبل عوام بكافة الحقوق التي تضمنها لهم القوانين المنظمة للشغل بالمغرب على علتها (مدونة الشغل و قانون العمل بالمناجم)، و كمثال صارخ على ذلك نجد أن المدونة ومراسيمها التطبيقية تقر في الباب الثالث من (المادة 304) بوجوب إحداث مصالح طبية مستقلة للشغل، بمعنى أن تتوفر الشركة على طبيب شغل طيلة ساعات العمل يستعين بمساعدين اجتماعيين، أو ممرضين حاصلين على إجازة الدولة (المادة 315)، طبيب الشغل الذي يؤدي حسب (المادة 318) دورا وقائيا من خلال إجراء فحوص طبية للعمال وخاصة الفحص الرامي إلى التأكد من مدى ملاءمة مناصب الشغل للحالة الصحية للأجراء عند بداية تشغيلهم، و إلى تجنيبهم أيضا ما يضر بصحتهم بسبب الشغل، من خلال مراقبة أماكن العمل والحالة الصحية للعمال. و في هذا الصدد ما فتئ المكتب المحلي لفرع الجمعية المغربية لحقوق الإنسان بمنطقة مريرت، يدق ناقوس الخطر ويطالب الجهات المسؤولة عن تطبيق القوانين المنظمة للشغل بالمغرب (مندوبية الطاقة والمعادن ومندوبية التشغيل والسلطات المحلية) بالتدخل لحث الشركة المنجمية لتويسيت على تطبيق القانون. 2 . غياب شروط الصحة و السلامة بأماكن العمل، مما ينتج عنه إصابات كثيرة بالأمراض المهنية وعلى رأسها «السيلكوز»، و حوادث شغل بالجملة لعل آخرها وفاة ثلاثة عمال في ظرف لا يقل عن شهر (عصام الراجي، في العاشر من أكتوبر 2012، ومصطفى فوغالي في 23 أكتوبر 2012 ثم سعيد الزمزامي في 06 نونبر 2012)، هذا الوضع المأساوي سبقت الإشارة لخطورته من خلال إصدار بيان و تنظيم وقفة تضامنية مع ضحايا حوادث الشغل بمناجم جبل عوام. 3 . التضييق على الانتماء النقابي والحريات النقابية من خلال : * حرمان عمال المقاولات بالمناولة (تيغانمين و كولد مين و تيكترا ..) من الحق في التنظيم النقابي والإنتماء النقابي . * من فصول التضييق على العمل النقابي والحق في الإضراب قرار طرد 6 عمال ( إسماعيل الزمزمي وعبد الله أيوكو ومحمد الزقلاني وأحمد أوزالي ومحمود توسا ومحمد الزمزامي)، مع التلويح بطرد عمال آخرين في أعقاب مشاركتهم في الإضراب الأخير الذي عرفته المناجم. * استدعاء 7 عمال من طرف سرية الدرك بمريرت على خلفية مشاركتهم في الإضراب، و إنجاز محاضر لهم بدعوى تنظيم مسيرة احتجاجية غير مرخصة، و منع بعض رؤساء المصالح من العمل، ما اعتبرته عناصر الدرك مسا بالحق في العمل في محاولة لترويع العمال بتوظيف الفصل 288 من القانون الجنائي . * التضييق على العمال الذين شاركوا في الإضراب إما بتنقيلهم تعسفا من أماكن العمل أو أوقات العمل. 4 . التمييز بين العمال على أساس الانتماء النقابي (منتمي للنقابة وغير منتمٍ )، إذ هناك تضييق على العمال الذين شاركوا في الإضراب الأخير، و بالمقابل العمال الذين لم يشاركوا يتمتعون بوضع مريح، إضافة إلى التمييز على أساس الترسيم، إذ يتم التمييز بين عمال مرسمين وعمال غير مرسمين، ورغم التساوي في العمل يظل هناك تفاوت في الأجر وفي عدد من الامتيازات الأخرى. 5 . استمرار تشغيل العمال عن طريق مقاولات من الباطن لا تحترم أبسط الحقوق الشغلية للعمال، وتشغلهم بأجور زهيدة لا ترقى لمستوى الاستغلال الذي يعانون منه، الأمر الذي يمس باستقرار الشغل ويسهل عملية تسريح العمال، بل وتحويلهم إلى سلعة، كما هو الحال مع عمال مقاولة E.C.G ، الذين تم تفويتهم من مقاول لآخر بدعوى عدم تجدد العقد الذي يربط مشغلهم بالشركة الأم مقابل تعويض هزيل لا يراعى سنوات الاستغلال. 6 . الشركة الأم C.M.T تتحايل على القانون في علاقتها بالعمال غير المرسمين، إذ تتنصل من مسؤوليتها القانونية من خلال استغلالها لهؤلاء العمال عن طريق مقاولات من الباطن (تيكترا و تيغانمين نموذجا) بشكل مباشر وفي أوراش لا يحق لغير المرسمين دخولها، وفي نفس الأشغال التي يقوم بها العمال المرسمون في أجور غير متساوية ودون أن يشملهم تطبيق قانون العمل بالمناجم الذي ينص في بابه الثالث على ضرورة ترسيم العمال المنجميين الذين يشتغلون في الإنتاج بشكل مباشر بعد استيفائهم للمدة القانونية، والتي حددها القانون في 3 أشهر و 12 يوما، ما لن يعتبر إلا ضربا للحق في الترسيم و استقرار الشغل. أما المقاولات في الباطن فتشغل العمال بعقود عمل مفروضة لا تحترم القانون المعمول به في هذا الإطار، وكما تنص عليه مدونة الشغل خاصة (المادة 15)، إذ يتم انتهاك شروط تراضي الطرفين ومدى أهليتهما للتعاقد، كما أن عقد الشغل يجب أن يحرر من نظيرين موقع عليهما من طرف الأجير و المشغل و المصادقة على صحة إمضاءيهما من قبل جهة مختصة مع احتفاظ العامل بأحد النظيرين. لهذا يطالب فرع الجمعية بوضع حد لهذا الاستهتار بمصير العمال وعائلاتهم، وبالتصدي للتحايل على القانون من طرف إدارة الشركة التي تعمد إلى إحداث أكبر قدر ممكن من المقاولات من الباطن بهدف تسهيل التخلص من العمال (عمال مقاولة E.C.G نموذجا)، كما يسجل ذات الفرع هذه الخروقات والتجاوزات، وعرضها على الرأي العام الوطني والدولي مع المطالبة بما يلي : 1 . إرجاع العمال المطرودين، ووقف المتابعات في حق العمال الذين تم استدعاؤهم من طرف سرية الدرك بمريرت. 2 . ضرورة تدخل الجهات المسؤولة (مندوبية التشغيل ومندوب الطاقة والمعادن وعمالة إقليمخنيفرة ..)، من أجل حمل إدارة الشركة على احترام الحقوق الشغلية وتفعيل تطبيق القوانين المنظمة للشغل بالمغرب (مدونة الشغل وقانون العمل بالمناجم). 3 . على مختلف الجهات المسؤولة التدخل لوضع آليات فعالة وعادلة للمعالجة السريعة لنزاعات الشغل الفردية والجماعية، وهو ما يفرض بالخصوص تطوير دور مفتشية الشغل وتمكينها من الوسائل اللازمة للقيام بمهامها وتطبيق القانون بشأن تأسيس وتفعيل اللجن الإقليمية للبحث والمصالحة، والبت من خلال مقتضيات التحكيم وتحريك الدعاوى العمومية ضد المشغلين في شأن انتهاك القوانين وضمان استفادة العمال من المساعدة القضائية والتأسيس لقضاء اجتماعي نزيه ومستقل و متخصص في علاقات الشغل وما يرتبط بها . 4 . جعل حد لوقف تنفيذ الأحكام القضائية الصادرة لصالح العمال ضد بعض المقاولات من الباطن التي تشتغل لصالح الشركة الأم C.M.T . 5 . احترام الحقوق النقابية على المستوى الواقعي، و احترام الحق في تكوين النقابات والانتماء إليها، والحق في الإضراب وفي الاستقلال النقابي. 6 . احترام الحق في التأمين الاجتماعي، من خلال احترام المقتضيات القانونية المتعلقة بالصندوق الوطني للضمان الاجتماعي عبر تعميم تسجيل كافة العمال في هذا الصندوق والسهر على تصريح المشغلين بكافة الأجور المسددة للعمال. 7 . التشديد على تحسين شروط العمل وربطها بشروط الصحة والسلامة ، بدءا من تطبيق القوانين الجاري بها العمل في المدونة من (المادة 336) إلى (المادة 344)، و ضمان المساواة الفعلية بين كافة العمال، وإلغاء كل أشكال التمييز».