لكل ينتظر خروج فيصل العرايشي، والكل يعتبر أن ماسيقوله بخصوص دفاتر التحملات هو الموقف الرسمي لمسؤولي التلفزيون، لذلك اختار الرجل بعناية كلماته وهو يتحدث وبدا رجل دولة راغبا في حل الإشكال وفي الوصول إلى توافق حول أزمة حقيقية أصبحت اليوم تهدد المشهد التلفزيوني المغربي والمشهد العام ككل. عندما يتحدث الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة ل«الأحداث المغربية» بكل الصراحة الممكنة، وبكل المسؤولية الضرورية أيضا يكون هذا الحوار لنبدأ من البدء ولنطرح السؤال مباشرة : ما الذي يقع اليوم في التلفزيون المغربي؟ وما كل هذا اللغط الذي أثير حول دفاتر التحملات؟ الذي يقع بطبيعة الحال هو أننا أمام دفتر جديد للتحملات, وهذا الدفتر سيتيح لتلفزيوناتنا أن تحدد شبكاتها البرامجية المقبلة حسب التوجيهات سواء المتعلقة بالتوقيت أو بالأخلاقيات أو بالبرامج, أو بالتوازن اللغوي, أو بتغيير الخط التحرير لبعض القنوات أو بخلق أقسام جديدة. باختصار دفاتر التحملات الجديدة هاته هي تغيير عميق بالفعل للتلفزيون, يجب إعادة النظر في كل شيء بموجبها: البرمجة والبرامج والموارد البشرية, والوسائل التقنية واللوجيستيكية والمقرات التي نشتغل منها, ثم الوسائل المادية التي سنصنع بها كل هذا. كل هذا يتطلب عملا جبارا, وهذه التغييرات هامة للغاية بالتزامات على مستوى الموارد البشرية والمادية لايمكن تجاهلها. اليوم الذي يقع هو أن كل قناة إذاعية وكل قناة تلفزيونية تدرس حاليا هاته الدفاتر, وتحدد برمجتها وإنتاجها وتوقعات إنتاجها وحاجياتها على مستوى كل ماتحدثت عنه. هذه فترة انتقالية, ومنعرج يجب أن يتم التعامل معه وفق ما هو ممكن التحقق ووفق ماليس ممكنا التحقق. هناك أشياء من الممكن أن نقوم بها, وهناك أشياء يجب أن نتحدث عنها, خصوصا مايتعلق بالضغط الرهيب المرتبط بالتوقيت الذي فرض علينا والمتعلق بالفترات التي ينبغي بدء تطبيق دفاتر التحملات هاته فيها, فاتح ماي, فاتح يوليوز, فاتح شتنبر, فاتح يناير 2012..باختصار هناك فصول يمكن البدء في تطبيقها ابتداء من الغد, وهناك فصول يجب أن نوضح الشيء الكثير بخصوصها, ويجب أساسا أن نحدد هامش الحرية الذي سيعطى لنا على مستوى تأويل هاته الفصول, خصوصا وأننا إذا ذهبنا في اتجاه تطبيق حرفي لهاته الدفاتر كلمة بكلمة فسنجد أنفسنا أمام أمور غير قابلة للتحقق نهائيا. غير قابلة للتحقق على مستوانا ولكن أيضا غير قابلة للتحقق على مستوى السوق المغربي. هنا لابد من القيام بهذه القراءات بشكل جد دقيق، هذا الأمر يعني أننا نعيش اليوم نموذجا اقتصاديا لم يتم تحديده بعد لأن العقد البرنامج انتهى في دجنبر 2011 والعقد البرنامج الجديد لم يتم التفاوض حوله، ولايمكن أن نتفاوض حوله إلا بعد رؤية دفاتر التحملات الجديدة، لذلك أخذنا علما بهاته الدفاتر منذ أسبوعين ونحن الآن نقرأها وندرسها ونقوم بتقييم كل شيء والفرق تشتغل بشكل جد عميق لكي تجيب على كل الأسئلة المطروحة ولتوضيح كل الغموض الكائن.
طيب بخصوص هذا الغموض القائم، تبع الرأي العام المحلي خرجات مدوية لمدراء القنوات العمومية مؤخرا من سليم الشيخ إلى سميرة سيطايل والتي عبروا فيها عن رفضهم التام لهاته الدفاتر، اليوم الكل يترقب موقف الرئيس المدير العام للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة الذي هو أنتم. ما الذي يمكن أن تقولوه في هذا الصدد؟ أولا النقاش صحي ولايمكن أن ينتج لنا إلا أشياء إيجابية للغاية تسير وفق المناخ العام للبلد الذي يناقش كل شيء، ثانيا سليم الشيخ مدير القناة الثانية تحدث في إطار القانون وفي إطار ماتكفله له صلاحياته كمدير للقناة طلب منه رأيه إعلاميا في دفاتر التحملات ولم يكن ممكنا على الإطلاق أن يجيب بألا رأي لي، أو أن يصمت أو أن يقول بأنه لايعرف عم يتحدث الناس. سليم تحدث بشكل مسؤول ومن موقع المسؤولية عن القناة وعن المشتغلين فيها وعن خطها التحريري ومن هنا يجب اعتبار ماقم به عاديا جدا ويندرج في إطار مهامه التسييرية والتدبيرية للقناة. ثانيا لنعد إلى البداية، والبداية كانت باجتماعات مع الوزارة طلبت فيها اقتراحات من المهنيين بخصوص هاته الدفاتر. مهنيون من داخل الشركتين أو من خارجهما مثل المنتجين والفنانين أو النقابات أو غير هاته الجهات. وفعلا تلقت الوزارة هاته الاقتراحات، وتمت كتابة دفتر التحملات وهو يدخل في إطار صلاحيات الحكومة. الآن السؤال هل اطلعنا على دفتر التحملات ككل؟ أجيب لا، لم ترسل إلينا نسخة كاملة من الدفاتر إلا ساعات قليلة قبل المصادقة عليه من طرف الهاكا. تم تقديم نسخة لنا يوما واحدا ماقبل وقرأنا نسبة معينة منه ولم نقرأه في كليته، لكن النقاش كان حول انعكاس بعض المواد على التوازن المالي وعلى الهيكلة وعلى طريقة العمل والتبليغ، لكن لم يسبق لي أن توصلت بأي نسخة منه. هل أخذت دفاتر التحملات باقتراحات المهنيين التي أرسلت إلى الوزارة؟ فعلا تم الأخذ بعين الاعتبار ببعض الاقتراحات وهي موجودة اليوم في دفاتر التحملات، لكن هل اتخذت كل الاقتراحات؟ لا أظن
اقتراحات الشركة أقصد؟ نعم هناك اقتراحات من لدنا أخذت بعين الاعتبار، لكن ينبغي ألا ننسى أن دفتر التحملات هو نتاج سيرورة تاريخية وتراكم فعلي. نحن لم نأت من فراغ. هنك اليوم مقاربة جديدة والصلاحيات هي صلاحيات الحكومة. دفتر التحملات مثلما توصلتم به الآن هل هو قابل للتطبيق أم لا؟ طريقة التعامل مع دفتر التحملات يجب أن تكون مهنية. هذه المسألة ممكنة، هذه المسألة غير ممكنة، ولماذا. وكل شيء يناقش. عندما نقرأ الدفتر يجب أن نفعل ذلك بكيفية واضحة. لدينا دستور جديد هل يتعارض هذا الدفتر أم لا يتعارض مع الدستور؟ هل ماسنقدمه هو انعكاس للدستور الجديد الذي يحدد مبادئ واضحة: الانفتاح، التعددية، التنوع اللغوي، الاحترام، الكرامة، الهوية الوطنية، ودور الإعلام العمومي هو احترام كل هذا ويجب أن نجد كل هاته المبادئ في دفاتر التحملات وعلى شاشة التلفزيون. ما الذي يعنيه هذا؟ يعني أننا يجب أن نشتغل في اتجاه تحديد الممكن من المستحيل وتحديد ما لانفهمه في دفتر التحملات، وتحديد ما الذي يمكن القيام به للأشياء الصعبة لكي تصبح قابلة للتطبيق. في كل الحالات يجب وضع كل الأسئلة، وهذا هو دور المهنيين في هاته اللحظة. المستحيل سيظل مستحيلا، وهذا ليس تقييما أو حكما على دفاتر التحملات، هذه خلاصة مهنية، ولايمكننا أن نجعل مسألة مستحيلة ممكنة التطبيق مهما فعلنا. أن نعبر عن رأينا اليوم هي مسألة شرعية ومسألة مهنية مطلوبة وأن نفتح نقاشا حول كل هاته الأمور هو واجب علينا جميعا الانخراط فيه هذا يعني أنه ستتم مراجعة دفاتر التحملات هاته ؟ هذا يعني أننا سنطلب توضيحات كافية، وتحديدات ضرورية. بأي طريقة؟ لا أدري. لست أنا الذي سأحدد، لكن مهنيا اليوم نطرح أسئلة أساسية عندما نجد أن هناك أمورا غير قابلة للتطبيق وللتحقق، بحثا عن حل ما… وإذا لم نعثر على هذا الحل؟ إذا لم نعثر على هذا الحل فإننا لم نعثر على هذا الحل. لأن اللاحل هو حل في حد ذاته.
لكن في حالة اللاحل كما تسمونه، ما الذي سنفعله؟ أكرر مرة أخرى. نحن كمهنيين لم نفهم بعض الأمور ولم نقتنع ببعض الأمور الأخرى ونعرف أنها غير قابلة للتطبيق. ربما هناك جهة أخرى ستجد هذا الحل. إذا لم أكن أتوفر على الوسائل المادية والبشرية لتطبيق هاته الدفاتر كيف سأفعل؟ إذا كانت الأجندة المحددة لي طموحة أكثر من اللازم وأكثر من إمكانياتي ماذا سأفعل؟ مسؤوليتي هي أن أطرح النقاش اليوم. هناك من قال بأن الأمر لايتعلق بدفاتر تحملات ولكن بشبكة برامج؟ أعتقد أن هامش المناورة لدى المهنيين في دفاتر التحملات هو هامش مهم، وعلينا نحن أن نحدد شبكات برامجنا. آخرون يقولون إن هذا الهامش لم يعد متوفرا نحن الآن بصدد وضع الشبكات البرامجية التي تستجيب لدفاتر التحملات هاته، والتمرين لم ينته بعد وهو تمرين معقد للغاية لأنه يعتمد على إعادة وضع شبكة جديدة وفق مقاربة مغايرة تماما، وسنصل إلى خلاصة بالتأكيد، وهذه الخلاصة هي : هذا الأمر ممكن، أو هذا الأمر غير ممكن ولا يمكننا القيام به. لكن كمهني أقول إننا يجب أن نذهب حتى آخر التمرين وفي النهاية نستطيع أن نحكم هناك تخوف كبير يعبر عنه المهنيون اليوم هو سؤال وضع اليد من طرف الحكومة على الإعلام العمومي، من خلال طرح سؤال استقلالية الإعلام العمومي عن السلطة التنفيذية وهي مسألة واردة في الدستور الجديد. كيف ترون أنتم هذا الأمر؟ أناواضح في هذا الأمر: استقلالية وسائل الإعلام العمومية عن السياسة هي مسألة مقدسة . هناك الدستور، وهناك قانون السمعي البصري وهناك دفاتر التحملات وهناك الهيئة العليا للاتصال السمعي البصري، وكل هاته الجهات ترعى هذا الميدان، الأشياء الأخرى تبقى للمهنيين. الاستقلالية واضحة ويجب الحفاظ عليها كيفما كان الحال. هي ليست مهددة الآن ؟ هي ليست مهددة، وكيفما كان الحال نحن حريصون عليها وعلى القيام بواجبنا في إطارها. معذرة على الإلحاح ولكنني أحاول نقل النقاش الدائر في الساحة الإعلامية والسياسية اليوم كما هو، البعض يقول من الأفضل أن تتحكم حكومة نعرفها منتخبة لمدة خمس سنوات في الإعلام العمومي من أن تتحكم الجهات التي توصف بالخفية في هذا الإعلام مثلما هو رائج إلى حدود الآن ؟ أعتقد أن هذا الكلام سهل جدا. نضع جهة معروفة في مواجهة جهة خفية وغامضة ولا وجود لها. المسألة محسومة، والنتيجة لا تشويق فيها. كيف جهات خفية؟ يجب أن نوضح هذا الكلام. هذا الكلام موجود وهو رائج في الساحة أعتقد أن الأمر يتعلق بخرافة قديمة جدا، وبواحدة من الأساطير التي لازلنا نعيش على وقعها. لأن أسهل شيء هو أن تقول حين لاتجد أي شيء تبرر به بعض الأمور بأن هناك أيادي خفية تتحكم في الإعلام العمومي. من السهل اتهام جهات مجهولة دائما. لكن لماذا يتكرر هذا الكلام دائما ؟ أليس له أي جزء من الصواب؟ لأن الإعلام العمومي مسألة تناقش يوميا في الصحف، وهو نقاش موجود في أي بلد. استقلالية الإعلام العمومي وحريته هي موضوع يشغل بال كل البلدان الديمقراطية، وكل واحد يعبر عن رأيه مثلما يتخيله، وكل واحد لديه خلفية لتحليل الأمور، وبالنسبة لي هو عادي جدا وسيقال باستمرار، لكن يمكن أن نعود للهيئة العليا لكي نرى مدى احترام التعددية السياسية والمدنية في التلفزيون، لكي نعرف من مر والنسب التي مر بها، وكيف أن الكل مثل في التلفزيون في نهاية المطاف. وهناك تقارير واضحة في هذا المجال. دفاتر التحملات تحدثت عن كل قناة من القنوات التابعة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، وأعطت تصورات عن كل واحدة منها، بل أحيانا غيرت قنوات إلى قنوات أخرى، مثلا في الرياضية التي تتوجه إلى جمهور عريض، هل ناقشتم تصورها؟ ناقشنا الرياضية طبعا وإحدى الأمور التي ناقشناها هي مادة معينة لو طبقناها مثلما هي مكتوبة في الدفاتر سيكون الأمر صعبا للغاية وتتعلق بإلزامية بث كل الرياضات في المغرب، علما أن الأمر غير ممكن، لأن كلمة جميع هي كلمة صعبة جدا، علما أن المادة تتضمن في آخرها جملة تنسب المسألة وتقول “حسب الإمكانيات”، وهذه الجملة كان من الممكن أن تكتب في جزء آخر من الجملة لكي تفهم جيدا المادة. وقد ناقشنا المسألة وهل يتعلق الأمر بنقل كل الرياضات داخل وخارج أرض الوطن أم فقط داخله لأن الفهم الأول غير ممكن والفهم الثاني ممكن التطبيق، وهذا نموذج فقط للنقاشات التي دخلناها. هناك أيضا إلزامية نقل مباريات الأحياء على ما أعتقد ؟ هي مسألة يمكن أن نقوم بها على شكل روبرتاجات، وهنا لابد من أن أقول شيئا هاما كرياضي مهتم بالرياضة وممارس لها ومسؤول في جامعة رياضية في البلد. الرياضة هي المدرسة. يجب أن نهتم بالأجيال الجديدة ودور الرياضية هو دعم الرياضة والروح الرياضية كوسيلة تربوية نبيلة لتطور البلاد وتأطير الشباب وليست فقط تقديم أخبار رياضية. مادمنا تحدثنا عن الرياضية هل يمكن القول إن الهدف الذي أنشئت من أجله حققت منه جزءا أم لم تحقق منه شيئا ؟ هل يمكنها بعبارة أخرى أن تنافس القنوات الرياضية التي يشاهدها المغاربة اليوم ؟ يجب أن نكون واضحين في هذا الجواب. نحن لانمتلك إمكانيات اقتناء المبارايت الكبرى التي يريدها الجمهور المغربي. لايمكن أن ننافس هذه القنوات. وفي هذا الإطار مطلبي هو أن يكون كل مايتعلق بحقوق بث المباريات الكبرى خارجا عن العقد البرنامج. هذه السنة يطلبون منك هذا المبلغ وفي العام الموالي يطلبون منك ضعفه، ونحن لم نعد نعرف إلى أين نحن سائرون. الأمر يتعلق بدوريات معروفة هي كأس العالم والأولمبياد وكأس أوربا وكأس إفريقيا وهي ليست أمورا جديدة. الجديد الوحيد اليوم هو أن مبالغ اقتناء حقوق البث هي مبالغ ترتفع في كل دقيقة ونحن لا نملك إمكانيات التنافس حول اشترائها. هل يمكن أن نؤدي ثمنها أم لا؟ هذا القرار ليس قراري لأن المسألة أصبحت بلا حدود فعلا، وهو خارج صلاحياتي. صلاحياتي هي أن أقدم هذا الطلب أما القدرة عليه فلا أتوفر عليها. يجب على الجهات المعنية بالأمر أن تتحمل مسؤوليتها من أجل ضمان التمويل اللازم لهذه المسألة. هناك سؤال آخر يطرح حول الإخبارية أو المغربية. يقال اليوم إنها ستتغير وتصبح أكثر استقلالية من أجل أن تنافس القوات الإخبارية التي يشاهدها المغاربة؟ لنكن واضحين مرة أخرى. نحن لن ننافس الجزيرة. نحن سننافس “شوية” من الجزيرة، ولن ننافس العربية، سننافس “شوية” من العربية ولن ننافس بقية القنوات الكبرى، لأننا لو أخذنا ميزانية قناة “الجزيرة” الإخبارية لوحدها، أقول لوحدها دون بقية القنوات الأخرى فهي تعادل ثلاث مرات ميزانية القطب العمومي كله بميزانياته المختلفة. يجب فعلا أن نقارن المقارن وأن لانعيش في الخيال بشكل يجعلنا نحقق ما نريده نحن فقط. الأحلام أمر طيب للغاية وهي سبب الطموح الذي يجعل الإنسان يصل إلى الأفضل في حياته، لكن الأحلام غير كافية. تطبيق الأحلام يجب أن يسنده العمل والإمكانيات. وهذا الأمر يجب أن يكون واضحا، المنافسة لها شروط واضحة، ويجب أن نختار من ننافس بالتحديد لكن وفق الممكن لا وفق المتخيل. وفق الواقع لا وفق الأحلام. لو أعطيت لنا غدا 500 مليون دولار لكي ننشئ قناة إخبارية حينها سأقول لك “نعم سننافس الجزيرة” مباشرة… هل سنجد الموارد البشرية التي تستطيع القيام بهذا الأمر؟ الموارد البشرية مسألة تعالج. هناك مؤهلات حقيقية في البلد، وهناك عدد كبير من المغاربة الذين يتألقون في هاته القنوات، وهناك سياسة للتكوين يمكنها أن توصلنا إلى كل مانريد، لكن مرة أخرى يجب أن نقارن مايقارن. مع التأكيد على أن الحلم جميل وجيد لأننا ودون أحلام لن نستطيع العيش ولن نتطور أبد، فقط يجب أن تكون أحلامنا قابلة للتحقق. هناك نقاش مطروح من الآن حول شبكة برامج رمضان. البعض يقول إن وزير الاتصال يريد وضع بصمته عليها، والبعض الثاني يقول إنها لم تنجز بعد علما أن دولة مثل مصر عاشت ثورة وسقوط نظام وقلاقل كثيرة وتلفزيونها انتهى الآن من وضع شبكة برامجه الرمضانية بالكامل. كيف هو الحال بالنسبة لرمضان التلفزيون المغربي؟ وهل سنعود للاستماع لنفس الانتقادات التي تتكرر كل عام ؟ بالنسبة لشبكة برامجنا الرمضانية يجب أن نعرف أنها جاهزة ومنتهية لأننا بدأنا عملنا عليها بعد انتهاء شهر رمضان الماضي تفاديا للانتقادات التي قلت إنها تتكرر كل سنة. ليس هناك أي إشكال. الآن تقول لي بصمات وزارة الاتصال أقول لك إننا صنعنا شبكتنا الرمضانية سواء في الأولى أو في دوزيم بكل استقلالية. فلا كان هناك نقاش حول هذه الشبكة مع الوزارة في اتجاه الرفع من مستواها وتحسيناها تفاديا للقيل والقال الذي يتكرر باستمرار لكن هذا كل ما في الأمر. ألن ترتفع وتيرة البرامج الدينية مثلا؟ لا، هناك برنامج حواري واحد سيضاف في هذا الصدد لكن ليست هناك هاته الأشياء التي تتحدث عنها. هناك سؤال آخر مطروح اليوم حول السهرات والترفيه. في دوزيم يقولون إن الترفيه قد تم قتله نهائيا. كيف هو الحال لديكم أنتم؟ المسألة أعتقد بسيطة للغاية ولها تفسير مهني جد سهل. أنا كمهني راكمت خبرة تفوق 22 سنة في هذا المجال أستطيع أن أدلي بدلوي في هذا المجال لكي أعرف المبادئ التي تجعل قناة تنجح أو لا تنجح. أول مبدأ من مبادئ العمل التلفزيوني والإقبال عليه هو مبدأ الفرجة والمتعة. إذا لم يجد المتفرج راحته في برنامج ما سيغادر. مشاهد اليوم يجلس أمام التلفزيون وهو يمسك آلة التحكم عن بعد في يده. وحين يفقد فرجته ومتعته ولو لثانية يغادر القناة ويعبر عن عدم ارتياحه لها. هذا المبدأ أساسي. يجب أن يشعر المتفرج بالمتعة لكي يشاهد القناة. أنا لاأقول إننا يجب أن نبث الترفيه والرياضة والأفلام فقط، لكن يمكن أن تمتد المتعة لكي تشمل كل شيء في التلفزيون، حتى في البرامج الحوارية. هناك برامج حوارية يقبل عليها الناس وينتظرون موعد بثها أسبوعيا وهناك برامج حوارية أخرى لايشاهدها أي أحد. السؤال هنا هو سؤال الإبداع والإمكانيات. كم ستبلغ كلفة هذا البرنامج الحواري،؟ كيف سيكون ديكوره؟ هل سيتضمن روبرتاجات؟ ماهو توقيته؟ أي برنامج يطرح على المهني سؤال واحدا وأساسيا هو سؤال الإمساك بالمشاهد وعدم تركه يذهب إلى برنامج آخر. لذلك ولكي نعود إلى مبدأ التلفزة هي فرجة وهي راحة للمشاهد ويجب أن نصل إلى هذا المبدأ في كل برامجنا في الترفيه وفي غير الترفيه، وإلا فإن المشاهد سيهجرنا وسيذهب إلى قنوات أخرى. قناة شاملة دون ترفيه يغير هويتها تماما ويجعلها شيئا آخر، ونحن نمتلك وفق دفاتر التحملات التي نتوفر عليها إمكانية إنجاز برامج ترفيهية في شبكة برامجنا، لأننا نقرأ عن الموسيقى المغربية وعن الموسيقى الأخرى وعن الأفلام وغيرها أي أن المشكل غير مطروح. هناك سؤال يهم الناس كثيرا ويخص الأخبار مثلما تمر في القناة الأولى. متى سننتقل من “الخطبة” إلى الأخبار في هاته القناة وإلا سيستمر التعامل العتيق مع الأنشطة الرسمية فيها؟ هناك إحساس أن هذه الأخبار بالتحديد استعصت على كل تغيير في المغرب اليوم لقد تغيرت تماما يجب أن تشاهدوها جيدا. أنا قلت إحساس. لماذا يوجد هذا الإحساس لدى المشاهد والمتتبع المغربي؟ هذا الإحساس يأتي من أين؟ يأتي من الأشياء التي نرثها ونعتقد أنها أصحت مسلمات ويقينيات لاتناقش ولا نعطي لأنفسنا حتى إمكانية إعادة النظر فيها أو اكتشافها من جديد. عندما تأخذ شبكة البرامج في التلفزيون المغربي كله، تجد أن الفقرة التي يشاهدها الناس أكثر من كل الفقرات الأخرى هي نشرة الأخبار الرئيسية. الأمر يومي ودائم ومستمر. المغاربة يأتون إلينا لكي يعرفوا أخبار بلدهم ولكي يعرفوا تصور بلدهم للأخبار المحيطة بهم. هذا لقاء يومي ضروري بالنسبة للجميع، وهو المصدر الأول للأخبار في المملكة المغربية. فعلا هناك نقاش حول إمكانية تحسين الديكور، حول إمكانية تحسين الجوانب التقنية مثل بقية القنوات التي تتوفر على نشرة إخبارية مهمة في شبكتها،حيث يطرح السؤال دائما حول التطور الدائم. لكن هذا لايعني أن الأداء غير جيد، لأن نسبة المشاهدة تقول العكس، وتقول إن المغاربة يثقون في هاته النشرات، علما ألا أحد يجبرهم على مشاهدتها. لدينا اليوم أكثر من 800 قناة تلتقط في المغرب اليوم. لماذا يذهب المغربي في الثامنة والنصف مساء إلى القناة الأولى لمشاهدة هاته النشرة بالتحديد؟ الرقم واضح وهو يصل إلى خمسة حتى ستة ملايين يوميا، ومن يبدؤون معنا النشرات لايغادرونها. ينهونها حتى الختام، سواء استمرت نصف ساعة أو ساعة إلا ربع أو ساعة كاملة. اسمح لي على المقاطعة، هل من المعقول أن تستمر النشرة كل هذا الوقت؟ طبعا معقول إذا تطلب الأمر ذلك. هناك نشرة إخبارية في فرنسا اسمها الثانية عشرة الواحد زوالا، تمتد على ساعة كاملة. أهمية الأنشطة هي التي تفرض هذا التوقيت وهذا الأمر، ومن حق المغاربة أن يعرفوا مايجري في بلدهم باستمرار. وهناك دراسة جادة تقول لنا إن أول منبع للأخبار في البلد هي هاته النشرة بالتحديد. الأرقام واضحة وهي تقول كل شيء. لكن يجب أن نحسن المستوى وأن نفكر في ستوديوهات جديدة للأخبار وأشياء من هذا القبيل. على ذكر الاستوديوهات لماذا لا تستغلون ستوديوهات عين الشق الكبيرة جدا في هذا الأمر؟ هناك مشروع حول بناء ستوديوهين اثنين في عين الشق “600″ و600″، وهناك مشروع للانتقال إلى تكنوبوليس في مقر جديد للقناة سوف يتحقق بعد سنتين ونصف من الآن وهناك مشاريع كثيرة مماثلة يلزم الدفع بها مجددا لكي تتحقق وتخرج إلى حيز الوجود. سيتم التخلي عن العنوان التاريخي في دار البريهي إذن ؟ لا سيتم الاحتفاظ بجزء منه لأن هذا العنوان يدخل في إطار جيناتنا ولا يمكننا أن نلغي جيناتنا أبدا. كلمة أخيرة أو رسالة إلى المشرفين اليوم على قطاع الاتصال المغربي أو للمشاهدين المغاربة. اختر الجهة التي تريد الحديث إليها رسالتي واضحة وبسيطة للغاية وتهم كل المغاربة. هدفنا هو إرضاء كل المغاربة دونما استثناء. وأنا ورفقتي كل العاملين معي في القطب الذين يقدمون عملارائعا ويجب التنويه به،نشتغل يوميا من أجل أن أعكس هذا المغرب الذي نعيش فيه، غناه، تعدده، كل مكوناته، داخل وخارج أرض الوطن. يجب أن نحرص على هذا الأمر فهو الأهم في كل هذا النقاش.