إنه أجرأ خروج إعلامي هذا الذي يسجله اليوم سليم الشيخ مدير القناة الثانية «دوزيم» مع «الأحداث المغربية»، حيث يؤرخ لموقف جد شجاع من دفاتر التحملات التي يقترحها وزير الاتصال المغربي مصطفى الخلفي، والتي يقول إنها ستزعزع القناة الثانية وإنها لم تراع أي تصور من تصورات المهنيين، بل ويكشف أنه لم يطلع عليها هو وفيصل العرايشي إلا ساعات قليلة قبل مصادقة «الهاكا» عليها. لنتابع ما الذي يقع اليوم في المشهد الإعلامي المغربي وما الذي يقع في دوزيم تحديدا؟ أولا ما هو تشخيص الواقع، والذي يفترض الحديث عن تاريخ القناة. دوزيم لديها مسار فريد وخاص بها فهي نشأت منذ 23 سنة كقناة خاصة ثم تحولت إلى قناة عمومية وطيلة هذه السنوات لعبت دورا مهما في بناء المجتمع المغربي، مجتمع متشبث بأصالته ولكن أيضا منفتح على العالم ومتسامح، هذا هو مشروع «دوزيم» وهذا هو السبب الذي جعل الدولة تتدخل في «دوزيم» وتستعملها كأداة لبناء المجتمع. هذه القناة طيلة هاته السنوات راكمت تجارب جعلتهامرآة للمغاربة على اختلافهم. كل مغربي يجد نفسه في هاته القناة علما أننا نعرف أنه ليس هناك جمهور واحد ولكن هناك جماهير عديدة وكل فئة لها انتظاراتها الخاصة بها. نحن نعرف أيضا أنه منذ 15 سنة ومع إطلاق الفضائيات المشهد يعرف عولمة ومنافسة حادتين. هناك تقريبا 800 فضائية يشاهدها المغاربة ودوزيم تلعب دور المناعة في مقابلها. فهي لديها نسبة مشاهدة تصل إلى 27 في المائة ولكي نفهم هذا الرقم يمكن الرجوع إلى ترتيب «أوروداتا» الذي صدر في سنة 2012، فمن بين 5800 قناة في 100 بلد «دوزيم» تحتل الرتبة 29 والقطب العمومي الذي يصل إلى نسبة مشاهدة 40 في المائة يحتل المرتبة 16. بالنسبة للبلدان العربية الأخرى مصر هي الثانية بنسبة 19 في المائة والجزائر أقل من 10 في المائة. فعندما نتحدث عن نسبة المشاهدة لابد من إقامة هاته المقارنات، في فرنسا القطب العمومي لايتعدى 31 في المائة إيطاليا يقارب المغرب، «البي بي سي» 43 في المائة، كل هذا التشخيص لكي أقول إن دوزيم لعبت دور حسم في الإعلام العمومي، هذا لايعني أننا كاملون بل نحن نقوم بنقدنا الذاتي وتحسين منتوجنا بشكل دائم ومستمر لذلك عندما نستعمل الأرقام يجب أن نستعملها بشكل علمي. مقاطعة صغيرة بخصوص الأرقام، اليوم يقال إن تراجع نسبة مشاهدة دوزيم هو سبب التبرم أو السخط أو عدم الرضى الذي تعاملت به القناة مع دفاتر التحملات الخاصة بها؟ علميا نسبة مشاهدة دوزيم في 2008 كانت 21 في المائة. بداية 2012 بلغت 27 في المائة والأرقام موجودة وماروك ميتري يمكن أن تؤكدها وكذلك تقارير الأوروداتا. هذه هي المكاسب التي ننطلق منها، الآن تقول لي ما الذي يقع؟ الذي يقع هو أن هناك مرحلة جديدة تتمثل في التصويت على دستور جديد ووجود حكومة جديدة ومشهد إعلامي يتغير، إذن هناك تحديات كبرى تنتظرنا جميعا. في هاته المرحلة أتى دفتر التحملات، وهي مسألة تدخل في اختصاصات الحكومة لكن العرف جرى بأننا نعد هاته الدفاتر بطريقة ليست فقط تشاركية ولكن جماعية بحيث يكون هناك أخذ ورد بين الوزارة وبين المهنيين، ويتم تقييم بنود الدفاتر إلى أن يتم الوصول إلى شيء متفق عليه، وهذا الأمر يدخل في باب الحكامة الجيدة ويؤدي إلى مردودية أفضل وينخرط في إطار الاحترام المتبادل. ماوقع هذه المرة هو أنه كانت هناك مرحلة استماع. استقبلنا الوزارة وقدمنا حصيلة دفاتر التحملات الماضية، والوزارة استقبلت المهنيين من القطاع واستمعت إلينا. المشكل هو أننا لم نتمكن من الاطلاع على مشروع دفاتر التحملات،حيث طلبناه ولم يقدم إلينا . طلبتم المشروع؟ نعم طلبناه. أنا شخصيا طلبت المشروع. ورفض طلبكم أم لم يتم الرد عليكم ؟ لا، رفض طلبنا بشكل واضح. والسبب أو المبرر الذي أعطي لكم لتفسير الرفض؟ قيل لنا إن هناك تخوفا من التسريب أو مايشبه هذا الأمر علما أننا أشرفنا على دفتري تحملات سابقين ونحن معنيون بالأمر. النقطة الثانية هي أننا تمكنا من إنجاز أول قراءة جزئية لا تتعدى 20 في المائة من دفتر التحملات كانت بضع ساعات قبل المصادقة على الدفاتر من طرف الهاكا، وبالتحديد يوم 29 مارس الماضي قرابة السابعة مساء إلى حدود الثانية صباحا والمصادقة على دفتر التحملات كانت في اليوم الموالي على الرابعة مساء. في هذه الظروف يصعب أن نتحدث عن مقاربة تشاركية ويصعب أن نفهم ويصعب أن نقدم ملاحظات أو تعديلات جوهرية. أريد فهم مسألة تبدو لي هامة جدا: هل اقتصر الأمر على دوزيم لوحدها أم امتد إلى الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة؟ الأمر امتد إلى الجميع، وكنا في نفس الاجتماع. لنتفق على أمر هام: القانون يعطي للحكومة صلاحية إصدار دفاتر التحملات بمصادقة الهيئة العليا، ولكن الحكامة الجيدة والمنطق السليم والطريقة التي كنا نشتغل بها جماعيا تفرض هذا النوع من التشارك. طيب وصلتكم دفاتر التحملات مع تجاوز هذا الجانب الشكي ولو أنه صعب التجاوز، ما هو رد فعلكم الأول عليها؟ أول رد فعل ومازلنا متشبثين به، هو رد فعل مهني جدا، نحن كإعلام عمومي في خدمة السياسة الحكومية وفي خدمة تنزيل الدستور واحترام قوانين البلاد وبتأطير «الهاكا». أول خطوة كانت هي دراسة دفتر التحملات، حيث توصلنا بأول نسخة يوم الأحد، الإثنين الماضيين بدأنا اجتماعات امتدت لعشرة أيام فقط لفهم الدفاتر وتقييم كلفته وانعكاساته على شبكة البرامج، والموارد البشرية للازمة من أجله. بدأنا في تقديم الملاحظات وعقدنا اجتماعات أخرى. اليوم لماذا نقدم رد الفعل هذا؟ هذا ليس رفضا لدفاتر التحملات ولكن كمهنيين لدينا ملاحظات أساسية وجوهرية وواجبنا في هاته المرحلة هو أن نعبر عن هاته الملاحظات المهنية وأن نفسر للرأي العام الانعكاسات وأيضا إذا تطلب الأمر أن ندق ناقوس الخطر سندقه لأن هذا هو دوري ومن عادتي ومن صلاحياتي ألا أتدخل في سياسة الحكومة أو أن أعبر عن موقفي من القيم أو التوجه. هذه مسائل تناقش بين السياسيين وفي ظل القانون والدستور. دوري المهني هو أن أعطي رأيي في الطريقة التي أنجزت بها الدفاتر وفي مضمونها وفي فلسفتها. عمليا وبشكل بيداغوجي بسيط فيم تمس هذه الدفاتر وضعية القناة الثانية؟ فلسفة دفاتر التحملات أولا. الطريقة التي تمت بها الصياغة هي طريقة نرى نحن كمهنيين تدخلا في صلاحياتنا. دفتر التحملات هذا يدخل في تفاصيل وتدقيقات تعتبر بالنسبة إلينا شبكة برامج وليس دفتر تحملات لماذا؟ هو يعطي إما موعد البث أو صنف البرنامج أو مدته أو حجمه مايجعل من دفاتر التحملات برمجة وتصورات برامج أكثر منها أهدافا واستراتيجيات يمكن أن نسهم في تفعيلها بطريقة تعطي جاذبية وتوصل الرسالة إلى الجمهور. هل من أمثلة؟ الأخبار مثلا عنذما نقول في دفاتر التحملات النشرة الإخبارية في التوقيت الفلاني والنشرة الأخرى في التوقيت الآخر ما الذي يمكن أن نفعله إذا دخلنا في حالة منافسة جديدة أو في حالة تقلص نسبة مشاهدة نشرات الأخبار. ما الذي ينبغي فعله حينها؟ لابد من الرجوع إلى وزارة الاتصال من أجل تعديل جديد للدفاتر وهذه بيروقراطية ولا أعرف بلدانا كثيرة فيها هذه الطريقة لصياغة دفاتر التحملات، حتى ولو أخذنا «البي بي سي» أو، «فرانس تلفزين» لانجد هاته الطريقة. الذي نجده هو أهدافا أو مرتكزات كبرى يتم التركيز عليها وبالمقابل نجد استقلالية للمهنيين لكي يقوموا بهذا العمل بأحسن طريقة على أن يحاسبوا فيما بعد. لو أخذنا مثلا البرامج الحوارية الاجتماعية. دفاتر التحملات تكون على شكل حوار طاولة مستديرة بحضور فاعلين اختصاصيين في الاجتماع ورجال الدين». أولا هل التطرق للموضوع الاجتماعي يتم بهذه الطريقة لوحدها؟ أليست طريقة متجاوزة؟ هل من الضروري أن يتم تأطيرنا بهاته الطريقة وتحديد من سيكون؟ هناك رمزية لهاته البنود تعطينا كمهنيين وأنا هنا مجرد صوت للمهنيين لأنني استشرت مع الجميع وكلامي أقوله الآن بعد عشرات الاجتماعات هناك نوع من الاستصغار وهناك عدم اعتراف بمهنية العاملين وهناك تخوف واضح من تقليص هامش الحرية الإبداعية. هناك أعراف وصلاحيات يسري بها العمل دائما. والسؤال هو لو وضعنا دفاتر تحملات لشركة الخطوط الجوية هل ينبغي أن نضع فيه مواعد إقلاع الطائرة أو لون الملابس التي يرتديها المضيفون؟ المثال صعب شيئا ما لكن هذا هو الإحساس الذي نحسه اليوم. هناك إحساس بنقص استقلالية المهنيين. هناك نقاش كبير أيضا في هاته الدفاتر حول السياسة اللغوية للقناة، وهناك من رأى استهدافا مباشرا لدوزيم وللفرنسية والدارجة بها؟ أنا لايمكنني أن أقول المستهدف وغير المستهدف. لكن مايمكنني قوله بخصوص لسياسة اللغوية هو أن دوزيم أو القطب العمومي لا يقرران في السياسة اللغوية للبلد. الذي يقرر في السياسة اللغوية للبلد هو الدستور الذي يقول بترسيم العربية والأمازيغية والمحافظة على التعبيرات اللسنية الجهوية والانفتاح على اللغات الأجنبية كطريقة للاندماج في العالم. الدستور يذهب أبعد ويقول بخصوص ترسيم العربية والأمازيغية في المجال العمومي بأن الأمر سيتم عن طريق قانون تنظيمي ومن يقول قانون تنظيمي يقول حوار وطني . ماهو المجال العمومي الذي نتحدث عنه؟ هو التعليم والأماكن العمومية والتلفزيون. هنا أتساءل ألم يكن ممكنا أن يكون هناك حوار في هذا الموضوع الذي يعد هاما والذي سيقرر مصير البلد في عشرات السنوات المقبلة؟ بالنسبة لي، الدستورواضح في هاته النقطة. النقطة الثانية هي الطريقة التي تمت بها صياغة الحصص الزمنية للغات في دوزيم: 50 في المائة للعربية و30 في المائة للأمازيغية والتعبيرات اللسنية و20 في المائة للغات الأجنبية. أولا الخمسون في المائة الخاصة باللغة العربية لم نفهم ما المقصود بها. نحن لدينا فهم والوزارة لديها فهم و«الهاكا» لديها فهم ثالث. هنا لابد من تدقيق. نسمع بأن الأمر يتعلق بعربية مبسطة ولكن عندما تدخل إلى التفاصيل تجد أنها تحترم مخارج الحروف، ويقال لنا إن الأمر لايتعلق بالفصحى. ما نعرفه هو أنها عربية سنضفي عليها طابعا أكاديميا. ما أقوله هنا هو هل العربية التي يتحدث بها المغاربة في جل المناحي الحياتية لم تعد صالحة؟ لو أنجزنا أعمالا تخييلية يتحدث فيها الناس لغتهم اليومية أين سنضعها؟ لو أنجزنا برنامجا اجتماعيا يتحدث بلغة الناس اليومية أين سنضعه؟ لايمكنني أن أطلب من الناس الذين يتحدثون في البرامج «تحدثوا باللغة العربية المبسطة السليمة». لذلك هناك سؤال حول هاته العربية التي تريدها دفاتر التحملات. لايجب أن نسى أيضا انعكاسا خطيرا آخر يتعلق بحديثنا بلغة غير اللغة التي يتحدثها الناس في منازلهم. هناك إمكانية لفقدان عامل القرب مع المشاهدين وتقلص نسبة المشاهدة بالنسبة للغات الأجنية هناك نشرة إخبارية كانت تبث في البرايم تايم، نصت دفاتر التحملات على أنها لم تعد في فترة ذروة المشاهدة لكن إذا أزلت الواحدة إلا ربع والتاسعة إلى ربع أين ستضعها؟ في الرابعة زوالا؟ بقيت لها النشرة الأخيرة مايعني أنه إذا لم يكن هناك إلغاء فإن نوعا من التهميش يوجد بكل تأكيد موقفنا من اللغة ليس هو إعطاء وجهة نظرنا، فقط هنا أقول إن هناك تهميشا. الوزير يقول إن الأمر يتعلق بمنافسة قنوات إخبارية أجنبية في هذه الفترة التي تشهد نزولا فظيعا لنسبة المشاهدة لو أخذنا نشرة الأخباربالفرنسية سنجد أن هناك تكاملا بين القنوات المغربية المختلفة. نحن نبث بالفرنسية والأولى تبث بالعربية لكن يقال لنا اليوم إن الناس تذهب إلىالجزيرة في تلك الفترة. طيب لنلجأ مجددا إلى الحل العلمي أي إلى الأرقام. نسبة مشاهدة نشرتي العربية في الأولى والفرنسية في دوزيم هي نسبة تصل إلى معدل مابين 4,5 و5 ملايين مشاهد. كم هي نسبة مشاهدة الجزيرة في نفس الوقت؟ 500 ألف مشاهد وفي أعلى فترات المشاهدة خلال الربيع العربي وصلت إلى 600 ألف أو 700. أنا لست ضد منافسة الجزيرة أو غيرها لكن لاينبغي أن ننسى أن الجزيرة هي قناة موضوعاتية متخصصة في الشق الإخباري، وإذا أردنا مواجهتها علينا الاتفاق على سياسة مندمجة علما أن الجزيرة ليست وحدها. هناك 800 قناة تلتقط في المغرب ويجب أن ننافس على كل المستويات، على المستوى الإخباري نعم لكن أيضا على المستوى الترفيهي وعلى المستوى التخييلي وكل هاته المجالات مهمة وهذه منافسة لابد لها من مقاربة مهنية وتدقيق في الأخبار لئلا نقع في الأخطاء، ولايجب أن ننسى أن أخبار دوزيم بالفرنسية كانت تلعب دور صلة الوصل مع الخارج سواء مع جاليتنا أو مع أصدقائنا في الخارج. اليوم نفاجأ بأننا أصبحنا لوبيا فرنكوفونيا مثلما قيل لنا هذا خطأ لا علاقة له بالواقع. برامج دوزيم الحالية الفرنسية لاتشكل فيها إلا عشرين في المائة أي أن المشكل غير مطروح نهائيا، وقد قمنا خلال الأربع سنوات الماضية بمغربة القناة ونقصنا من المقتنيات الأجنبية الكثيرة التي كنا نشتريهابنسبة 70 أو 80 في المائة وبماذا عوضناها ؟ بمنتوج وطني. جودته يجب أن تتحسن لكنه منتوج مغربي مائة بالمائة مايعني أنه من غير المقبول أن توجه إلينا هذه التهمة نهائيا. المطلوب اليوم هو أن يكون حوار فعلي يأخذ وقته الكافي لأن الأمر يتعلق بمرحلة مهمة من تاريخ البلدكنا نأمل أن تكون الأمور فيها أكثر وضوحا. الوزير في رده يقول إن الأمر يتعلق بوضع الخطوط العريضة مثلا في قضية البرامج دون تحديد أي شيء آخر، يعني بثوا ثلاثة برامج حوارية وما ستفعلونه فيها يهمكم أنتم؟ لنأخذ الحوارات الاجتماعية التي نبث اليوم هل من الضروري أن نقدمها على نفس الشكل؟ طبعا لا. اليوم نبثها على شكل نقاشات وعلى شكل تحقيقات أو روبرتاجات أو على شكل برامج الكوتشينغ، مايعني أننا نستعمل الأصناف الأكثر جاذبية للتطرق لنفس المواضيع، مثلا لموضوع الانعكاسات السلبية للخمر يمكن أن أنجز برنامجا حواريا يتحدث فيه الناس ونحقق 10 في المائة من نسبة المشاهدة ويمكن أن أنجز برنامجا بشكل آخر يقدم روبرتاجا عن مدمن في منزله أو في عمله وسيحقق 40 في المائة من هاته النسبة. هذ هي الحرية أو هامش الحرية الذي لم يعد لدينا اليوم في دوزيم. سيقال لي من الممكن أن تقوم بالمسألتين، لكن هل يمكن أن أنفذ اليوم دفتر تحملات دوزيم ودفتر تحملات الوزارة في الوقت ذاته؟ كان من الممكن تفادي كل هذا بتحديد أهداف ونقترح نحن الطرق والأصناف لمعالجة كل شيء. المنطق كان يقول بأنه كان لازما التوجه في منحنى يتسم بالنضج بناء على تحديد الأهداف العامة وترك الحرية للقنوات لكي تنفذ هاته الأهداف وبعد ذلك تتم محاسبة القنوات انطلاقا من الأرقام ومما حققته. دوزيم ستبث الآذان وصلاة الجمعة وصلاة العيدين أيضا؟ هذه مسألة أصفق لها. نحن بلد مسلم وأن نعطي المغاربة توقيت الصلاة هذه مسألة مهمة هل كانت ضرورية بالنظر إلى أن قنوات أخرى تقوم بالأمر ذاته؟ هذه خدمة عادية في بلد مسلم مثل المغرب ولاوجود لأي مشكل فيها بالنسبة لي مسألة أخرى أثارت الانتباه لدى الناس هي إشهار ألعاب اليانصيب والحظ؟ أولا نحن لسنا قناة خارج القانون. هذه الإشهارات كانت تبث في السابق وفق قانون جاري به العمل في البلد أي أن دوزيم لم تكن ترتكب فعلا غير قانوني ببثها، ثانيا دوزيم لا رأي لها في أي إشهار سيمر وأي إشهار لن يمر. هذا دور القوانين ودفاتر التحملات ودور الحكومة. الملاحظة الوحيدة التي أشرنا إليها هي أن هاته الإشهارات سيكون لمنعها وقع اقتصادي وهي ليست وحدها إذ أن هناك تقليصا في دفاتر التحملات الحالية للإشهارات في القناة في وقت يعرف فيه سوق الإشهار أخطر أزمة عالمية مر بها في تاريخه. دورنا هو أن نعطي الأرقام ونستبق الانعكاسات بخصوص هوية القناة هل من كلام؟ دفتر التحملات في هاته النقطة يقر بطريقة يمكن أن أصفها بالأحادية أن هوية القناة الجديدة هي قناة جهوية للثقافة والحوار. هذه أهداف نبيلة لكن المشكل هو التساؤل هل يمكن تقرير هوية قناة دون إشراك العاملين فيها؟ دون أخذ تاريخها بعين الاعتبار، انعكاسات الهوية الجديدة على الجمهور وعلى نسب المشاهدة وعلى تمويلها. دفاتر التحملات تتحدث عن نموذج فرانس 3 لدوزيم. لكن فرانس 3 هي قناة وظيفية تتوجه إلى شريحة معينة من الجمهور ومن الطبيعي أن يكون هناك تقلص لمشاهديها. ذكرت في السابق بدور دوزيم التاريخي التي كانت تبحث دائما عن توازن بين الوظائف المختلفة للقطب العمومي، بين التثقيف وبين الإعلام وبين اكتشاف المواهب وبين البرامج الاجتماعية وبرامج التحقيق. اليوم لو أخذنا هذه الهوية الجديدة سنجد أن الوظيفة الترفيهية التي تعد وظيفة طبيعية بالنسبة لأي قناة عامة تم حذفها تماما وتم حصرها في الترفيه بالنسبة للأطفال. هذا توجه ومن حقنا أن نتساءل: هل نريد لدوزيم أن تصبح قناة وظيفية لامجال فيها للترفيه؟ هل نريد قناة تعيسة؟ هل نعتقد أننا لوحدنا في المجال البصري؟ عندما نتحدث عن القنوات العامة، الأمر يتعلق بتوازنات جد دقيقة نعالج يوميا كل التفاصيل فيها بناء على رأي المشاهدين ونسبة المشاهدة ورأي المختصين وكل شيء وخصوصا رأي المهنيين في الموضوع ورأي العاملين. وهذا هو مكمن الخطر الكبير ألا نعير أي انتباه لكل هاته الآراء، ثم هناك خطر آخر إذا أخذنا منع إشهارات وتقليص إشهارات أخرى، ثم تحويل القناة إلى قناة وظيفية تتوجه إلى جمهور محدود أكيد سيكون هناك نقص في الموارد المالية، وأذكر أن دوزيم لديها نموذج اقتصادي يعتمد على الموارد الإشهارية، يعني نجد أنفسنا أمام زعزعة لتوازن القناة التي توجد في وضع صعب أصلا. توازننا اليوم في خطر، وهناك عواقب وانعكاسات كان من الممكن بقليل من التمهل أن نتجاوزها. هذا هو تخوفنا اليوم كمهنيين. هل نحن ذاهبون إلى الانتهاء من دوزيم مثلما عرفناها؟ لست هنا لأدافع عن الركود أو الجمود. التحولات لابد منها والمجال السمعي البصري يتطور يوميا لكن التحولات يجب أن تتم بناء على تشخيص مدقق وعمل جماعي وأهداف مشتركة، لكي نصلها دون زعزعة كل شيء. وزير في الحكومة هو بنعبد الله دعا إلى مراجعة عاجلة لدفاتر التحملات. ماهو رأيكم؟ صراحة أنا أعبر عن رأي المهنيين في مسائلنا المهنية. المسائل السياسية أتركها للسياسيين. طيب عمليا ما هو الحل، أنت نقلت تخوفات المهنيين، ما هي الخطوة الموالية؟ بالنسبة لي ليس هناك أي تساؤل حول تطبيق الدفاتر. في اللحظة التي صدرت في الجريدة الرسمية نحن ملزمون بتطبيقها وفق الدستور والقانون بالمهنية والجودة والحماس الضروريين. هذه مسألة مفروغ منها، لكن دورنا وواجبنا هو أن نعطي رأينا في طريقة التعامل وبعدها للحكومة الحق في أن تفعل ماتشاء. أعرف أنكم التقيتم الوزير الجمعة الماضية هل نقلتم له كل هذا الكلام؟ نعم وبالتفاصيل وماذا كان رد فعله؟ الاستماع. و..؟ الاستماع فقط، ولحدود الآن لم أتوصل بأي قرار، علما أنني أكن كل الاحترام له كوزير وكشخص أيضا. المسألة لاعلاقة لها بالشخصنة نهائيا، هي نقاش يهم هذه المؤسسة المسماة دوزيم والتي هي ملك للمغاربة جميعا. سؤال أخير: هذا الكلام ألن يكلفكم منصبكم أم أنكم لاتهتمون بهذا الأمر؟ دوزيم هي أكبر بكثير من شخص سليم الشيخ. دوزيم لديها تاريخ ومكتسبات و750 عاملا أعتبرهم أفضل الموارد البشرية في العالم العربي في هذاالمجال، وهي مسألة ربما لن يستوعبها العديدون، لكنني مؤمن بها حقا. المناصب ليست مهمة، الأهم هو أنني كمهني أعبر عن رأي المهنيين في إطار الصلاحيات الموكولة إلي دون أي مواقف ودون حديث عن القيم. أنا أتحدث عن المهنية فقط لا غير. حاوره المختار الغزيوي