بوضعه لدفاتر تحملات جديدة للشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة والقناة الثانية يكون مصطفى الخلفي قد أرسى الخطوة الأولى على درب ترجمة وتأويل مضامين الدستور المغربي الجديد فيما يخص قطاع الإعلام بالبلد. بيد أن الرجل كان كمن يرمي حجرا في بركة، ويسعى لوسم مروره على رأس وزارة الاتصال بدمغته الخاصة. وفعلا، يُحسب له ما أبداه لحد الآن من رغبة في إصلاح ما أفسده المسؤولون، الظاهر منهم والمتخفي، عن إعلامنا الوطني، هذا الذي تلزمنا الدولة بتمويله من قوت المغاربة اليومي. كما يُحسب له النفخ من جديد في شعلة النقاش العمومي الذي دشنه الحراك الاجتماعي حول الإعلام منذ ظهور حركة 20 فبراير _ التي حملت بنكيران وأصحابه إلى السلطة _ على الساحة، ونهوض النقابات الناشطة في القطاع بدورها في المطالبة بإصلاح الإعلام العمومي. ملحق إذاعة وتلفزة كعادته، ومواكبة منه لكل نقاش جدي ينصب حول المسألة الإعلامية، يفتح الباب لاستقصاء آراء أطراف من مواقع مختلفة للتعليق على ما جاءت به دفاتر التحملات الجديدة. ويستضيف في عدد هذا الأسبوع محمد العربي المساري، أول وزير اتصال حمل معه مشروعا إصلاحيا حقيقيا لقطاع حساس حاول به انتزاع وسائل الإعلام من دار المخزن ووضعها في خدمة المجتمع، لكنه دفع ثمن “جرأته” عند أول تعديل وزاري في حكومة التناوب. كما ينصت الملحق للهيئات النقابية التي تعرف خبايا الدار وناضلت طويلا من أجل إعلام يخدم السواد الأعظم من المغاربة. أما الانفتاح على الباحث السياسي في شخص محمد ضريف فكان من أجل استبطان بواعث عدد من مواد دفاتر التحملات ومعرفة الخلفيات التي أملتها. محمد الوافي : دفتر التحملات يزكي الخدمة العمومية على حساب البرامج الجالبة للإشهار عقدت النقابة التابعة للاتحاد المغربي للشغل بدوزيم اجتماعا يوم الجمعة الفارط لمناقشة ما جاء به دفتر التحملات الجديد الخاص بالقناة والإذاعة. وخرجت الهيئة الممثلة للصحافيين والعاملين بقناة عين السبع بجملة من الملاحظات كان أغلبها يصب في اتجاه تثمين مضامين الدفاتر التي حاول من خلالها وزير الاتصال مصطفى الخلفي أن يضع على عهده دمغته الخاصة. وبيَن محمد الوافي، الكاتب العام للنقابة، أنه تم تسجيل نقطة إيجابية فيما يخص استقبال الوزير للهيئات النقابية قبل شهر من الآن حيث قدمت له مذكرة مكتوبة وأمدته بمجموعة من الملاحظات. تلى ذلك تعميم الوزارة لمذكرة تطلب فيها من المؤسسات الإعلامية نشر إعلان يدعو العاملين والنقابات إلى تقديم اقتراحات بخصوص دفاتر التحملات المرتقبة وهو ما استجابت له الشركة الوطنية ولم تلتزم به القناة الثانية. واعتبر الوافي في حديث مع الأحداث المغربية أن دفتر التحملات الحديث الولادة يدشن منعطفا جديدا في مسار القناة الثانية، وذلك من حيث أنه يفرض عليها روزنامة من الالتزامات المتسمة بالصعوبة، وكذا من جهة إلحاحيته على برامج معينة مما يستوجب بذل جهد كبير من طرف أبناء القناة وسيضعهم على محك تحد عليهم أن يجدوا الصيغ الممكنة لكسبه كإعلاميين يمثلون المؤسسة. وقال الوافي أن من ضمن البنود المهمة تلك التي تتعلق بضبط الإنتاج، وهي الأقرب في الوقت نفسه لرفع التحدي. فقد نص دفتر التحملات الجديد على نسبة 60 في المائة كإنتاج داخلي و10 في المائة كإنتاج مشترك ثم 30 في المائة كإنتاج خارجي. وهذا عكس ما كان معمولا به من قبل، إذ أن النسبة الكبرى كانت تنصرف للإنتاجات الخارجية التي تتولاها شركات خاصة، وهو ما كان يخلق نوعا من الفوضى خصوصا في ظل غياب الشفافية، ويطرح مجموعة من علامات الاستفهام على دور المسيرين الذين كانوا يمنحون مثل هذه الصفقات. ووقف الوافي عند مسألة التمويل ذات الحيوية الكبيرة في استمرار أي منبر إعلامي ملاحظا أن دفتر التحملات يرسم توجها جديدا يركز فيه بالأساس على البرامج ذات الخدمة العمومية أكثر منه على البرامج الجالبة للإشهار وهو ما ستكون له انعكاسات على مداخيل القناة الثانية. لكنه افترض أن الوزارة لا بد أن تكون قد وضعت في حسبانها هذا الأمر وأن الحكومة مستعدة فعلا لتقديم ثمن وضريبة الخدمة العمومية. وأشار الكاتب العام لنقابة دوزيم بارتياح إلى ما أولاه دفتر التحملات من اعتبار مهم للإذاعة، حيث ألزمها في مجال الأخبار وحدها بثلاث نشرات كبرى على الأقل في اليوم، واحدة منها بالأمازيغية. وذكر أن النقابة كانت دوما تطالب بتطوير أداء راديو دوزيم ليلعب دوره الإعلامي المنتظر منه كإذاعة وطنية فاعلة وليس مجرد إذاعة موضوعة من أجل الشكل فقط. كما سبق للنقابة أن طالبت بهيكلة الراديو واستقلاليته وتعزيز موارده البشرية ضمانا لتفاعله مع الجمهور واضطلاعه بتوفير خدمة عمومية للمستمعين. وخلص الوافي إلى أن المعول عليه لإصلاح الإعلام يتجاوز دفتر التحملات مهما تضمن من مواد ليلامس السياسة الاستراتيجية ويرتهن بوجود رؤية حقيقية وحكامة جيدة واعتراف أكيد وملموس بالموارد البشرية يجد ترجمته واضحة من خلال إشراكها الفعلي في التسيير والتدبير والاعتراف لها بقدرتها على بلورة السياسات لأنها بتعبير عبد الله ساعف هي نخب إصلاحية بالأساس. ****************************************** خالد أكدي : دفتر التحملات لم يتحدث عن القطب العمومي وصف خالد أكدي دفتر التحملات الجديد بأنه إنشاء جميل يمتزج بالخطابة لكنه لا يحدد الكثير من التوجهات الدقيقة، معتبرا أن الإشكال الحقيقي في المسألة الإعلامية بالمغرب سياسي بالدرجة الأولى. وقال أكدي في حوار مع ملحق إذاعة وتلفزة أن دفاتر التحملات من حيث الصياغة تستنسخ مجموعة من المقولات السياسية التي يطرحها الآن المسؤولون، وتتحدث من حيث المضمون عن تنزيل الدستور. في حين أن الإعلام هو قضية عولمة اليوم وقضية ثقافة ويذهب في العمق إلى ملامسة جوهر الإعلان العالمي لحقوق الإنسان نظرا لارتباطه العضوي بحرية التعبير والرأي والديموقراطية. وذكر أكدي أن المطلوب من الإذاعة والتلفزة ليس أن يكونا جزء من تنزيل الدستور وإنما أن يعكسا قيم الحداثة والديموقراطية وحقوق الإنسان وثقافة الإنسان المغربي ولعب دور طليعي في تنميته. وتساءل عن أسباب غياب أي إشارة إلى القطب العمومي بالرغم من أن هذا المفهوم شكل عصب كل الأدبيات الإعلامية التي أثارت سؤال إصلاح الإعلام منذ عام 2006. وقال «هناك حديث عن الشركة الوطنية للإذاعة والتلفزة، لكن الغائب الأكبر هو الكلام على القطاع العام للإعلام العمومي. لماذا لم يشر دفتر التحملات لا من ناحية البرمجة أو الانتماء إلى القطب العمومي وإلى وضع أسس له تدبيرا وسياسة. ثم إلى أي حد يوجد قطب عمومي على أرض الواقع الآن؟». وأوضح أكدي أن العقد البرنامج هو القادر على تنزيل المقولات التي جاء بها دفتر التحملات. لذلك أثاره أن هذا العقد يستنسخ شكلا ومضمونا السياقات السابقة بخلاف ما يُقال عن تنزيل الدستور. وأشار إلى ورود إضافات قليلة على مستوى الشكل من قبيل التنصيص على الحسانية والانتماء إلى المغرب الكبير ثم القنوات الجديدة. وفي هذا الإطار طرح أكدي علامة استفهام عن تغييب السياسة والحوارات السياسية من القناة الثقافية مستندا إلى التجربة الفرنسية الرائدة في هذا المجال عبر فرانس 5 القناة العامة ذات التوجه الثقافي. وعبر عن خشيته من وجود تصور خاص للثقافة من شأنه أن يجعل القناة مصطبغة بطابع أكاديمي سيؤثر سلبا على مستقبلها بدون شك. نفس التساؤل طرحه أكدي بخصوص إنشاء قناة للأسرة والطفل في وقت كان من الممكن تخصيص حيز مهم لهذه القضايا في القنوات الأخرى دون تضييع الجهد والمال في قناة لن تضيف شيئا. في حين رأى أن التحدي الأكبر يكمن في الإذاعات الجهوية التي ستبث برامجها على مدار الساعة وهو ما يتطلب مالية ووسائل لوجيستيكية وتقنية وموارد بشرية إضافية. أما مفهوم الحكامة فقال عنه أكدي أنه “كلام جميل ربط المسؤولية بالمحاسبة. كيف سيتم ذلك؟ الشهور القادمة كفيلة بتقديم الإجابة. هل هناك نية حقيقية لربط المسؤولية بالمحاسبة أم سيكون الأمر مجرد شعار سيتم تجاوزه بمنطق أن هناك إكراهات وصعوبات في تطبيقه كما هو الأمر الآن فيما يخص محاربة الريع». ************************************************ محمد العربي المساري : أخبار على الطريقة الستالينية ودار البريهي على حالها - دافعت عن تخليص الإعلام العمومي من قبضة الحكومة. هل استطاع هذا الإعلام فعلا اليوم أن يخلع عنه لبوسه الرسمي ويضطلع بالخدمة العمومية؟ ** بين توصيات المناظرة التي طالبنا فيها بتخليص الإعلام العمومي من توجيه الحكومة وما هو مقبول الآن ومكرس بالقانون مرت مياه كثيرة من تحت الجسر. الآن عندنا في الدستور بند يوضح أن المرفق العمومي مطالب بأن يعكس التعددية والشفافية ويمتثل لقواعد الحكامة. إذن ما هو مطلوب الآن هو تفعيل المضمون الوارد في الدستور مع الامتثال لتوجيه ملكي واضح وحاسم وهو إعمال التاويل الديموقراطي لدى تنزيل أحكام الدستور. وهذا كفيل فقط بتفاوض جدي بين الأطراف المؤهلة التي ستحضر القوانين التطبيقية. أما التساؤل عما إذا كان الإعلام العمومي قد تخلى عن لبوسه الرسمي فمن الواضح أن دار لقمان بقيت على حالها. نشرة الأخبار ما زالت على طبيعتها الستالينية لا تقيم حسابا لوجود متلقي له طلباته. نعم أقيمت هيئة للإشراف على دفاتر التحملات، وصدرت نصوص تنظم التعددية والشفافية لكن منطق التعليمات بقي مستمرا ولم تخرج النشرة عن جلبابها التقليدي وظلت الأمور على حالها، لأن الدواليب التي تشرف على التنفيذ كانت مجرد هياكل شكلية. وهو أمر يجب أن يتغير الآن. - تقضي بعض مواد دفاتر التحملات الجديدة باعتماد العربية الفصحى والأمازيغية حصريا في دبلجة المسلسلات الأجنبية مما يعني استبعاد الدارجة. هل هذا كاف لمعالجة إشكال استخدام اللغة في الإعلام ولتجاوز ما تسميه ب”الهرطقة اللغوية” في بعض وسائل الإعلام؟ ** رأيي في استعمال الدارجة في الإعلام مضمن في بحث قدمته في ندوة نظمتها حول الموضوع أكاديمية المملكة. وباختصار أرى أن الدراجة لها مكانها في الأغنية وفي التمثيل حيث لابد من التأقلم مع لغة الحياة اليومية. هناك أعمال درامية يحسن صبها في حوارات بالفصحى وأخرى وهي الغالبة تلائمها الدارجة بكيفية أفضل. هذا بالنسبة للعربية. أما الأمازيغية فهي كلها دارجة ولا تطرح مشكلة لأن لغة البيت والشارع هي لغة الحياة. المشكلة تطرح بقوة بسبب اللغة الساقطة التي تروج لها بعض الإذاعات بحجة التماس القرب، وهذا ليس القرب بل الإسفاف والسوقية. إن من يعملون في تنشيط البرامج الإذاعية يجب أن يتلقوا تكوينا في اللسانيات وأن يتشبعوا بعبقرية الدارجة المغربية لكي يتصرفوا بها بكيفية ملائمة. - يحتل مفهوم الحكامة موقعا أساسيا في دفاتر التحملات الجديدة. ماذا يعني هذا المفهوم في مجال الإعلام العمومي؟ وهل يمكن أجرأته في ظل الشروط الحالية؟ ** المقصود بالحكامة هو أن تتحق النجاعة. أي أن تتحقق الأهداف المتوخاة من الرسالة الإعلامية سواء من الناحية التواصلية أو من حيث حسن تدبير الوسائل المستعملة. وقد وردت في الدستور قواعد ومفاهيم واضحة من شأنها أن توجه السلطات العمومية والمؤسسات المنتخبة والفاعلين الإعلاميين إلى صياغة دفاتر تحملات تؤدي إلى أن تكون المرافق العمومية في خدمة المجموعة الوطنية بكامل مكوناتها. في النهاية يجب أن تكون الوسيلة الإعلامية موظفة في خدمة الثقافة الوطنية وتمكن الإعلام الوطني العمومي منه والخاص قائما بدوره البناء بكيفية مسؤولة. وهذا رهين بأن تكون السلطة التي تهيئ دفتر التحملات نابعة من الإرادة الشعبية التي تمنحها الشرعية المطلوبة، وبأن تجري مفاوضات جدية بين المؤسسات المخولة بحكم القانون للبت في المسألة، وأن تكون هناك كفاءة مهنية لدى المتدخلين في المجال. ******************************************* محمد ضريف : الدفاتر تعبر عن رغبة في تصفية اللوبي الفرنكوفوني بدوزيم * أثارت بعض المواد المرتبطة بالهوية في دفاتر التحملات الجديدة ردود فعل قوية في وسائل الإعلام. كيف تقرأ هذه البنود والسجال الذي فجرته في ظل حكومة يهيمن عليها الإسلاميون؟ ** البنود المتضمنة في دفاتر التحملات الجديدة ينبغي ربطها بعاملين أساسيين. الأول متعلق بالانتقادات التي كان يوجهها كل الفاعلين في الحقل الإعلامي والرأي العام المغربي لطبيعة المنتوج الإعلامي الذي كان يُقدم عبر هذه الوسائل. وكان ثمة شبه إجماع حول رداءة هذا المنتوج. هناك عامل ثان. ويرتبط بالدستور الجديد وتشكيل حكومة جديدة تضع من بين أولوياتها علاوة على تنزيل الدستور الجديد الالتزام بما ورد في برنامجها الحكومي. لذلك كان الرهان على اعتماد رؤية واضحة لإصلاح الإعلام وهذه الرؤية لا يمكن أن تتحقق إلا من خلال دفتر تحملات. وعليه من الصعب أن نصدر أحكام قيمة حول دفاتر التحملات الجديدة التي يمكن على ضوئها تقييد سلطة المشرفين على وسائل الإعلام العمومي ومحاسبتهم على مدى التزامهم بما ورد في هذه الدفاتر. من جهة أخرى عندما نتحدث عن أمور ترتبط بالهوية من قبيل فرض اللغة العربية وبث الأذان كما أثير في الصحافة فإننا نتحدث عن تفعيل للدستور الذي ينص على أن اللغة العربية هي اللغة الرسمية بالإضافة إلى اللغة الأمازيغية والصحراوية الحسانية. ثم إذا نظرنا إلى القنوات الفرنسية فهي تبث برامجها باللغة الفرنسية ولم يُعتبر ذلك في يوم ما تقوقعا وانغلاقا بل له صلة بالهوية الفرنسية.. * بخصوص اللغة دائما، ماذا عما أثير حول استبعاد الدارجة مثلا من المسلسلات الأجنبية وتعويضها بالعربية والأمازيغية؟ ** ينبغي أن نتعامل مع هذه المسألة من زاوية صراع المواقع. بصرف النظر عن موقفي من استعمال الدارجة، كان يلاحظ أن بعض المغاربة كانوا يُبدون تحفظهم من بعض المفردات المستعملة في تلك المسلسلات المدبلجة. هذه نقطة أولى. كان المغاربة في الستينيات والسبعينيات يتابعون المسلسلات اللبنانية باللغة العربية الفصحى ولم يكن هناك إشكال في متابعتها. ثم إن المغاربة اليوم يتابعون قنوات مشرقية وخليجية تبث موادها باللغة العربية الفصحى. نقطة أخرى مرتبطة بصراع المواقع أحب أن أضيفها. نحن نعرف أن أغلب الأحزاب وليس فقط حزب العدالة والتنمية كانت تعاني من لوبي فرنكوفوني داخل القناة الثانية بالخصوص. وهذا اللوبي كان يحاول أن يفرض اللغة الفرنسية وفي نفس الوقت يحارب العربية الفصحى بدعوى أن المغاربة لا يفهمونها وبالتالي ينبغي اللجوء إلى استعمال الدارجة المغربية. لذلك فالذين كانوا يريدون التمكين للغة الفرنسية والتيار الفرنكوفوني يفعلون ذلك عبر فرض الدارجة المغربية. بل أكثر من ذلك كان الذين يشاركون في برامج يُطلب منهم قبل ذلك أن يتحدثوا بالدارجة بدعوى أن القناة تقدم خدمة لعموم المغاربة الذين يتكلمون بالدارجة... يفعلون هذا دون أن يتساءلوا هل كل المغاربة يفهمون اللغة الفرنسية. لذلك فدفاتر التحملات الجديدة نشتم من ورائها رائحة صراع مواقع بحيث أن هناك. الآن رغبة في تصفية اللوبي الفرنكوفوني الذي كان ولازال مهيمنا على القناة الثانية. * بموازاة خروج دفاتر التحملات بدأ الحديث في الصحافة عن سعي ل”أسلمة الإعلام”. ما مدى مصداقية هذا التوصيف؟ ** في نظري مسألة دفاتر التحملات هي بالنسبة لي جد إيجابية بصرف النظر عما سيقال حولها. على الأقل ينبغي على المتحكمين في القرار الإعلامي أن يتعاقدوا مع المغاربة على ضوء التزامات واضحة. مفهوم “أسلمة الإعلام” الرائج اليوم في الصحافة يرتبط بحضور الخطاب الديني في القنوات التلفزية والإذاعية المغربية. وهو ليس بالأمر الجديد. لدينا قناة السادسة وقد رأت النور قبل وصول حزب العدالة والتنمية إلى الحكم. هناك إذاعة محمد السادس للقرآن الكريم، وهي محطة ذات توجه ديني. كما أن القناة الأولى والثانية والرابعة والمغربية تخصص منذ وقت طويل حيزا للبرامج الدينية. الكل يتذكر أن القناة الثانية التي كانت تنظم “استوديو دوزيم” كانت تنظم أيضا مسابقة في تجويد القرآن الكريم. الأساسي بالنسبة لي هو أن السياسة الدينية بالمغرب منذ 2003 حاولت أن تعطي زخما للخطاب الديني في القنوات الإعلامية. ثم هناك عامل آخر يدفع المشرفين على القطاع للتفكير في ترجمة ما جاء به الدستور من مواد لها علاقة بالهوية. والمسألة التي ينبغي التركيز عليها هي أن المغرب اليوم يواجه منافسة من قنوات فضائية ذات مضمون ديني واضح خليجية ومشرقية تستقطب المغاربة. لذلك يحاول الماسكون بالقرار أن يسترجعوا جزء من كتلة المشاهدين التى تهاجر إلى هذه الفضائيات.