شهد المغرب في الآونة الأخيرة تزايدا ملحوظا في حالات الإصابة بداء السل، ويعزى هذا الانتشار جزئيا إلى استهلاك الحليب ومشتقاته غير المبسترة، مما أدى إلى بروز خطر صحي صامت يهدد سلامة المواطنين، الأمر الذي دفع وزارة الصحة إلى إطلاق تحذيرات جدية، عقب صدور تقارير طبية تؤكد تزايد الإصابات بداء السل البقري، المنقول من الأبقار المصابة إلى الإنسان، عبر استهلاك الحليب الخام أو ما يعرف محليا ب «حليب العبار» الذي يرى المتخصصون بأنه منتج لا يخضع لأي مراقبة صحية رسمية. يعد الحليب مادة غذائية أساسية في المائدة المغربية، إلا أن غياب شروط السلامة الصحية عند إنتاجه وتسويقه، خاصة في الأوساط القروية، يحول هذا المنتج الغدائي إلى ناقل محتمل لأمراض خطيرة. ويحضر «حليب العبار» بقوة في العديد من الأسواق الشعبية والبوادي المغربية، الذي يتم استهلاكه بكثرة دون أي مراقبة صحية، وهو ما يشكل خطرا حقيقيا على الصحة العامة، حيث يؤكد الأطباء على أن الحليب الخام غير المبستر قد يكون وسيلة لانتقال بكتيريا السل البقري من الأبقار المصابة إلى الإنسان، خاصة عندما يستهلك مباشرة دون غلي أو بسترة. يظهر سل البقر الناتج عن استهلاك الحليب غير المبستر أو الحليب الملوث على شكل أعراض غير تنفسية، مثل العقد اللمفاوية أو اضطرابات هضمية، ما يجعل تشخيصه أكثر صعوبة ويتطلب تحاليل دقيقة، كما يمكن أن يصاحبه ألم في البطن، وإسهال أو إمساك مزمن، إلى جانب أعراض أخرى من قبيل انتفاخ البطن، ونادرا ما يحدث نزيف معوي. وتشير آخر الأرقام الرسمية إلى أن المغرب يسجل حوالي 100 حالة إصابة جديدة بداء السل يوميا، منها حالات كثيرة لا تقتصر على الرئة فقط، بل تشمل العقد الليمفاوية و العظام، و هي مؤشرات تثير قلق المهنيين في المجال الصحي. ولمواجهة هذا الوضع وبعد ارتفاع عدد الإصابات، سارعت السلطات الصحية إلى تكثيف حملات التحسيس بالتعاون مع السلطات المحلية، بدعوة المواطنين وتحذيرهم من استهلاك الحليب و مشتقاته غير المرخص، حيث ثم رصد عدد كبير من الإصابات المرتبطة مباشرة بالحليب غير المبستر، مقابل تشجيع اقتناء المنتجات المعالجة والمرخصة فقط. وأوصت وزارة الصحة، بأنه قبل استهلاك الحليب ، يجب غليه جيدا، وتجنب شراء منتجات الحليب التقليدية من مصادر غير موثوقة، و تعزيز حملات التوعية الصحية في القرى و الأسواق الأسبوعية، إضافة إلى دعم الكسابة لضمان مراقبة القطيع والتلقيح ضد السل البقري. إن انتشار داء السل في المغرب، خاصة عبر قنوات فدائية مثل الحليب، يمثل تهديدا صحيا يتطلب تضافر الجهود الرسمية والمدنية، فالصحة مسؤولية جماعية، والوقاية تبدأ من الوعي بخطورة ما نستهلكه. صحافية متدربة