على هامش المشاركة في قافلة المصباح في دورتها السادسة المتجهة لجهة الصحراء و التي أصبحت تشكل سلوكا متجذرا في الثقافة السياسية التواصلية لحزب العدالة و التنمية حاولنا بمعية أعضاء القافلة رصد أهم الإشكالات المرتبطة بتدبير الشأن المحلي بالصحراء،و دون الوقوف على تفاصيل و جزئيات برنامج القافلة الممتد على مدى أربعة أيام و الذي عرف إسهابا في الزيارات و اللقاءات التواصلية مع ساكنة الصحراء، استوقفتنا أسئلة المقاربة المعتمدة كنهج لدعم أوراش الإصلاح بالصحراء. فباستثناء الدراسة التشخيصية التي قام بها المجلس الاقتصادي و الاجتماعي من خلال الورقة التأطيرية لنموذج التنمية المراد تنزيله بأقاليمنا الجنوبية و التي لم تتجاوز التوصيف المحدود لبعض الإشكالات التي تعترض مسلسل التنمية بأقاليمنا الجنوبية من قبيل تدخل الدولة بشكل مباشر في مجال الاستثمار العمومي و عدم وصول الإعانات المقدمة من طرف مؤسسات الدولة لأصحابها و مستحقيها وهو ما يطرح مشروعية مساءلة منظومة الفساد بالصحراء و من المستفيد من الوضع القائم بكل تجلياته وأثاره الاقتصادية و السياسية. إن المتتبع للواقع السياسي بالصحراء لابد أن تثير شهيته مجموعة من الأسئلة التي تفرضها طبيعة المرحلة السياسية التي يميزها صدور دستور جديد يضمن الحقوق ويصون الحريات و يجد ترجمته السياسية في تشكيل حكومة منسجمة تملك برنامج سياسي طموح يقطع و بشكل جذري مع ظاهرة الريع السياسي و الاقتصادي ويؤسس لثقافة سياسية جديدة قوامها مؤسسات الدولة في خدمة المواطنين. غير أن ما يثير حفيظتنا هو أن تستثنى أقاليمنا الجنوبية من عملية الإصلاح الذي بدأت أوراشه تفعل بمختلف مناطق المملكة خاصة الشمالية منها و هنا لابد من استحضار حقيقة مفادها طبيعة الوعي و الثقافة السياسية السائدة بالمناطق الصحراوية و التي تختصر قراءة الواقع في حدود النزاع السياسي المفتعل حول قضيتنا الوطنية لتجد كمقابل لها نهج المقاربة الأمنية لدرجة أصبحت بعض مدن الصحراء عبارة عن ثكنات عسكرية تفاجئ كل زائر للمنطقة و تجعله يسجل نقاط سلبية في سجل الزيارة. إن التشدد و المبالغة في المقاربة الأمنية سبب مباشر في تغذية نزعة الانفصال والتطرف السياسي، كما أنه يناقض مسار الإصلاح المعلن عنه منذ المبادرة الملكية بتاريخ 09 مارس 2011 و التي قطعت مع كل ممارسة أو سلوك سياسي يستند على مشروعية العنف و أسست لمسار جديد قوامه الخيار الديمقراطي و التعايش السلمي في ظل الاستقرار السياسي الذي ينعم به بلدنا و لله الحمد. إن تكريس ثقافة المقاربة الأمنية و البحث لها عن مصوغات بأقاليمنا الجنوبية يجعل عملية الاصلاح في وضع إعاقة دائمة و غالبا ما تكون سببا مباشرا لإخفاء جذور الأزمة الحقيقية،و مساهمة منا في معالجة الواقع السياسي بالصحراء و رصد بدائل تؤسس لمستقبل زاهر هناك، نقترح تفعيل المقاربة التنموية بكل أبعادها على أساس أن يكون منطلق البناء هو الإنسان قبل العمران و أن ينصب الاهتمام على جواهر وعمق الأشياء بدل التركيز على الصور و الأشكال. إن توفير شروط العيش الكريم و في مقدمتها صون كرامة المواطنين و الحفاظ عليها تعتبر إحدى كنوز الصحراء التي تختزن معاني التنمية الحقيقية بأقاليمنا الصحراوية. *نائبة برلمانية، حزب العدالة والتنمية بجهة العيون بوجدور الساقية الحمراء