* أستاد بجامعة الحسن الاول -سطات- على إثر التطورات التي عرفتها قضية الصحراء، خاصة بعد أحداث "اكديم إزيك" الأليمة، وما تلاها من تغييرات مشهودة سيكون لها، من دون شك، تأثير على ملف وحدتنا الترابية، عبر مساراته المختلفة محليا ووطنيا ودوليا. ذلك أن مسار التعاطي مع الحدث قبل وأثناء وبعد تفكيك المخيم، أوحى للمتتبعين والمهتمين والدارسين وعلماء السياسة والاجتماع، بالأولويات التي تشغل بال الصحراويين في الفترة الراهنة، في ظل التحولات المتسارعة التي تشهدها المنطقة على المستوى السياسي والاقتصادي والاجتماعي، كما يعطي الإنطباع الواضح بضرورة القطع مع المقاربة الأمنية التي فشلت فشلا ذريعا هذه المرة، كما سابقاتها، في احتجاجات العام1999 و العام 2005. وقد ساهمت هذه المقاربة بقراراتها تلك الغير محسوبة النتائج، في خلق نسيج اجتماعي من الرافضين لقراراتها المتعسفة، اتسع مداه يوما عن يوم، حتى طفح الكيل، وتمخض عنه، انبعاث موجة الحقوقيين المدافعين عن حقوق الإنسان الذين انتعشوا في ظل أجواء الانفتاح و احترام الحريات التي دشنها العهد الجديد. والحقيقة التي يجب أن يعترف بها الجميع، هي أن عنصر الثقة في الصحراويين، الذي كان يمكن أن يتعزز بعد استرجاع المغرب لأراضي المستعمرة الاسبانية السابقة، يكاد يشكل، بعد كل هذه السنوات، عاملا مساعدا على تعميق الشقاق والفرقة بين هذا الفريق والفريق الآخر. فعنصر الثقة هذا، لم يكن فقط ليكون عاملا لامتلاك قلوب السكان، واستقطاب العناصر الوازنة في المجتمع الصحراوي، (بعيدا عن مجموعة الأعيان ورموز النخبة الحالية) وتكوين الأطر، وصناعة نخبة قوية واثقة في إمكانياتها ومُقدرة لالتزاماتها إزاء مواطنيها ووطنها، بل سيصبح، مع مرور الوقت، هاجسا يؤرق صُناع القرار، ووسيلة لإضاعة الوقت والجهد واستنزاف الطاقات، وربما ستضيع معه المكتسبات التي تم تحقيقها بالكثير من التضحيات في العقود الثلاثة الماضية. فكيف السبيل إلى جبر الضرر ومعالجة ما انكسر؟ الجواب حتما، لابد أن يمر عبر الحديث عن الحل السياسي المتفاوض عليه، الذي نرى شروطه رهينة بالإنفتاح على جميع ألوان الطيف القبلي والمجتمعي بالصحراء، و تحديث بنياته الاقتصادية والاجتماعية والسياسية والثقافية، ومن تم المرور إلى تقليدهم زمام أمور حكمهم الذاتي بالإقليم. ومن المؤكد أن السمو بالديموقراطية المحلية وإقرار جهوية موسعة بإختصاصات واضحة، وإحترام تام لحقوق الإنسان وفق أعرافها العالمية، سيساعد المغرب على مواجهة مختلف النزوعات نحو الانفصال أو محاولات التلويح باستخدام الورقة الحقوقية. هذا الحل التوافقي العادل والنهائي لنزاع الصحراء ينبغي أن يقوم على قاعدة لا غالب ولا مغلوب كما أن المنتصر لا يأخذ كل شيء وأن الخاسر لا يخسر كل شيء، وهو ما من شأنه تجنيب تحول المنطقة إلى فضاء للتوتر، خاصة في ظل الأحداث التي تجتاح العالم العربي بشكل عام والمنطقة المغاربية على وجه الخصوص، وما تمكين هذا الإتحاد المغاربي من النهوض بدوره على الوجه الأكمل في محيطه المتوسطي، وعلاقاته مع دول الساحل الإفريقي، لكفيل بتحصين منطقة الشمال الإفريقي برمتها من مخاطر البلقنة والإرهاب الدولي. كما أن الجواب يمر أيضا من خلال تحليل الوضع الاقتصادي للمنطقة و مستويات التنمية بها، للوقوف على مدى استجابة الخيارات التي تم إعمالها في المنطقة لطبيعتها و لاحتياجاتها و انتظارات سكانها، ولمعرفة مصير ما تتوفر عليه من ثروات فوق أو تحت الأرض أو في مياه البحر في أفق أي حل سياسي يمكن التوصل إليه بالتوافق أو غيره. اجتماعيا، الحل يكمن في وضع العلائق الاجتماعية و الأنساق القبلية بالإضافة إلى التوازنات التي تحكمها،موضع تحليل للوقوف على درجة التحولات و التطور اللذان عرفهما المجتمع الصحراوي تأثرا بالسياسات التي مورست منذ ثلاثة عقود و نصف من الزمن. ولهذا الغرض فإن استرجاع الثقة في المؤسسات الوساطة التقليدية، التي يقوم بها بعض الشيوخ والأعيان البعيدين عن الأضواء، والمعروفين في أوساط قبائلهم وعائلاتهم بالنزاهة والعفة والاستقامة، وهم مستعدون لتقديم المشورة والرأي متى طلب منهم. الواجهة الأخرى التي يتعين تعزيزها، هي الواجهة الإعلامية من خلال تحقيق مصالحة الصحراويين مع بعض منابر الإعلام الوطني، التي كان لها دور سلبي في وسمهم بشتى النعوت بعد كل أحداث تشهدها المنطقة، أو حينما ساهمت تلك المنابر بشكل أو بآخر في إذكاء نعرات الشقاق والفرقة بين مواطني الجنوب والشمال. ثم من خلال العمل على دعم وتطوير خطة عمل لهذا الإعلام على المستويين الوطني والمحلي، حتى يمكن أن يرق إلى مصاف الفضائيات الرائدة، في عالم لم يعد يعترف إلا بالإعلام العابر للحدود والقارات. انطلاقا مما سبق، و استشعارا لدقة المرحلة، ارتأت التنسيقية الوطنية لمغاربة العالم من اجل الدفاع عن الوحدة الترابية، بتنسيق مع جامعة الحسن الأول بسطات، وبمشاركة ثلة من الأساتذة الجامعيين الغيورين من ابناء الصحراء، تنظيم مناظرة وطنية تحت شعار: "قضية الصحراء و أسئلة المرحلة" هدفها الأساسي، البحث عن الحل أو الحلول بصيغة الجمع، التي من الممكن أن تشكل السبيل الأنجع قصد إخراج الوضع "الستاتيكو" بالصحراء ، من النفق الذي وضعته جملة من الأخطاء التاريخية. تحدوها رغبة عارمة في تفعيل دور الدبلوماسية الشعبية، التي أثبت نجاعتها في تدبيرا لشان المحلي في بلدان كثيرة، وذلك وفق الإطار العام والتوجهات التي يفرضها ملف الصحراء، وبالنظر إلى الاكراهات والمعيقات البنيوية التي تحول دون تحقيق الأهداف المسطرة لخدمة مخططات التنمية المستدامة في المنطقة. منهجها في ذلك المقاربة التشاركية، من خلال الإنفتاح على كافة الفعاليات السياسية و النخب والأطر والكفاءات، من أبناء المنطقة وكل القبائل الصحراوية، بشكل يمكن من إشراك المعنيين وذوي الشأن، في صنع القرارات المتعلقة بقضيتنا المصيرية، خصوصا وأن الجميع يحدوه رهان إنجاز عمل نوعي يمكن من القطع مع البهرجة والشعارات التقليدية والملتقيات الجوفاء، التي ينمحي أثرها بمجرد إنتهاء أشغالها. ومن منطلق الإيمان بالحوار الفكري الخلاق، الذي كان ولا يزال دائما، يخط التوجهات الكبرى للأمم ويصنع التاريخ والأمجاد. فإن دعوة المشاركة في هذه المناظرة وجهت إلى جميع القوى الحية بأقاليمنا الصحراوية بدون إستثناء، من فرقاء سياسيين، واقتصاديين، واجتماعيين ونقابيين، وحقوقين، وباحثين...، قصد المساهمة في نقاش وطني حر و مسؤول وهادف، يتناول ماضي وراهن ثم رهانات قضيتنا المصيرية، بشكل يمكن من الخروج بمقترحات وحلول وتوصيات تكون مدعومة بسند شعبي ومدني وفكري، بإمكانها أن تشكل خارطة طريق تقدم لأصحاب القرار. 1. محاور المناظرة: المحور الأول: السياسة في الصحراء، أي مستقبل؟ المحور الثاني: القبيلة و النخبة في الصحراء، أي مرتكزات اجتماعية؟ المحور الثالث: التعاطي الإعلامي و الحقوقي مع قضية الصحراء المحور الرابع: الوضع الاقتصادي في الصحراء و سؤال الثروات؟ ملخصات المداخلات : 1- تفاعلات قضية الصحراء بين الأولويات الوطنية و التجاذبات الإقليمية و الدولية الدكتور الطالب بويا ماء العينين، دكتور في العلاقات الدولية، باحث في شؤون الصحراء عضو مجلس أمناء المنتدى ألمغاربي للتنمية والديمقراطية، عضو مركز مدى للدراسات والأبحاث الإنسانية/ الدارالبيضاء. تندرج مداخلتي ضمن المحور الأول : السياسة في الصحراء ،أي مستقبل؟، وقد عنونتها ب : "تفاعلات قضية الصحراء بين الأولويات الوطنية و التجاذبات الإقليمية و الدولية"، حيث حاولت إثارة التفاعلات المحيطة بالقضية الوطنية الأولى التي تتجاذبها داخليا و خارجيا العديد من التحديات و الرهانات نظرا لما تعرفه من تطورات متسارعة جعلتها مسألة ذات أولوية على كل الأصعدة،الشيء الذي يستوجب بل يفرض على صانع القرار المغربي التكيف مع مجريات الأمور والسعي للبحث الجاد عن كل ما من شأنه احتواء التداعيات السلبية ، والإسراع بالإعلان عن حلول كفيلة بضمان السيادة الوطنية و الوحدة الترابية للمملكة بناء على هذه الأرضية خصصت الجزء الأول من هذه الدراسة لمقاربة المبادرة المغربية للحكم الذاتي على المستوى النظري و التطبيقي ؛باعتبارها آلية جديدة مبتكرة تشكل منتجا مغربيا خالصا يستلهم التجارب العالمية و لا يستنسخها ،و باعتبارها كذلك أداة لتحريك المياه الراكدة في الفضاء الجيوسياسي ألمغاربي ، خاصة أن هذه المبادرة قد قطعت الطريق على كل محاولة لاحتكار الحل و الحد من مناورات الخصوم . كما مكنت من طي كل المعالجات الارتجالية و العشوائية التي تم التعاطي معها سابقا في ما يتعلق بملف الصحراء .كما أن هذه المبادرة بمثابة مخرج للمأزق على مستوى المعالجة الدولية ،طبعا، إن صدقت النيات و توفرت الإرادات . لذلك سنقف على دراسة هذه الصيغة المغربية من خلال تسليط الضوء على مفهوم الحكم الذاتي من منظور القانون الدولي ، و بعض التطبيقات المتعلقة به ،و آفاق الحل السياسي للمقترح المغربي و الإشكالات التي مازال يطرحها .و كذا التفاعلات الإقليمية و الدولية التي أثارها ملف الصحراء عموما،وهو ما سيكون محورا لحديثنا في الجزء الثاني من هذه الدراسة ،حيث اعتبرت المبادرة المغربية بمثابة دم جديد بعث الروح في هذا الملف من خلال الفعل الحركي الملموس عقب الركود الذي خيم على مجريات القضية برمتها طيلة ثلاث عقود و نصف ،الشيء الذي خلق تعبئة دبلوماسية مغربية ذات بعد إقليمي و دولي واكبها تحرك جزائري موازي مما ساهم في إحياء و تغذية التوتر بين الجارين ،و مدى انعكاسات ذلك على مستوى البناء ألمغاربي الهش ،الأمر الذي فتح الباب أمام تدويل القضية التي أصبحت الآن محط اهتمام قوى كبرى يهمها إيجاد موطئ قدم لها في منطقة تفيد الدراسات الإستراتيجية الغربية أنها من الناحية الجيوسياسية بوابة هامة نحو إفريقيا و منطقة الصحراء الكبرى الغنية بالثروات ،مما يؤكد أهمية المنطقة المغاربية في استراتيجيات الدول الكبرى،وهو العامل الذي يفسر عدم قابليتها و استعدادها لاتخاذ قرارات حاسمة لحل مشكل الصحراء لرغبتها في تفادي التسبب المباشر في نشوب نزاع عسكري حتى يبقى حبل الود قائما و متصلا بينها و بين طرفي النزاع الرئيسيين المغرب والجزائر حيث يبقى الخلاف والتنافر سمة دائمة تخيم على العلاقات بينهما مما يستبعد وجود حل يلوح في الأفق القريب.
2- المشهد السياسي بالصحراء بين الإشكال القبلي و الرهان الديموقراطي الدكتور سيدي الأشكل فاعل جمعوي يعتبر مجتمع الصحراء مجتمعا قبليا بامتياز ،فالقبيلة لها دورها في تحقيق اللحمة الاجتماعية و تجميع الجماهير بدافع العصبية والانتماء للأصل الواحد ، غير أن ذلك قد يشكل تحديا بالنسبة للمفاهيم الجديدة التي أصبحت توجه الحياة السياسية و لعل من أهمها الديموقراطية التي تستوجب تحقيق النزاهة و الشفافية و المصداقية عبر إشراك الجميع من خلال تأطير و تأهيل المواطنين داخل تنظيمات سياسية تملك مشروعا مجتمعيا تسعى من خلاله إلى الوصول لمركز القرار السياسي أو على الأقل التأثير فيه؟ الشيء الذي يدفعنا إلى التساؤل عن إمكانية التعايش بين مفاهيم تنتمي في صلبها إلى الأصل التقليدي للمجتمع كما هو الشأن بالنسبة للقبيلة و مفاهيم أخرى قد تبدو غريبة على اعتبار أنها دخيلة ، لكنها أصبحت مفروضة و لا يتصور الانخراط في منظومة الحياة الجديدة دون الاعتماد عليها كما هو الشأن بالنسبة للديموقراطية. فإذا كانت العلاقة بين القبيلة و الديموقراطية تبدو منذ البدء كجدلية قائمة الذات في الحقل السياسي ، فالسؤال المطروح :
فهل المشهد السياسي الصحراوي سيقبل بتعايش هذه المفاهيم و تحقيق نوع من الانسجام بينها بشكل يجعلها تخدم مصالحه الخاصة و العامة ؟ أم أن الأمر قد يتجاوز ذلك إلى وجود علاقة غير طبيعية ستؤثر لا محالة على مستقبل الواقع السياسي المحلي ؟
سنحاول مقاربة هذا الموضوع من خلال العناصر التالية :
جدلية الخطاب الجماهيري التعبوي و التصور العقلاني النخبوي
القبيلة بالصحراء بين المعطى السوسيولوجي و الكسب السياسي
الديموقراطية كمفهوم جديد داخل المشهد السياسي الصحراوي
خلاصات و استنتاجات خاصة
3- النخبة السياسية في الصحراء؛ أية رهانات ذ/ لحبيب عيديد عضو اتحاد كتاب المغرب إن السؤال المركزي الذي يؤطر ويحدد معالم الاشتغال الأساسية لهذه المداخلة يتلخص في الأسئلة التالية: ما المقصود بالنخبة؟ ما هي حدودها وامتداداتها في النسق السوسيوسياسي الصحراوي؟ وما الذي يحدد بالضرورة إمكانات الانخراط في النخبة أو الخروج منها؟ وهل نتوفر على نخبة صحراوية فاعلة في صنع القرار؟ لابد من طرح هذا النوع من الأسئلة ونحن نحاول استيعاب شروط إنتاج وإعادة إنتاج النخب في الصحراء، فقد شهدت الساحة السياسية في السنوات الأخيرة تحت تأثير روح التوجس التي ولدها ضعف الثقة في العديد من المؤسسات الرسمية والتقليدية، تشكيكا في نية الفاعل وفي دوره وفي خطابه انطلاقا من أن الفئات الاجتماعية تميل إلى إضفاء طابع مثالي على خطابها وسلوكها، في إطار ميل طبيعي إلى التمجيد الذاتي. وفي هذا السياق وجهت العديد من الانتقادات إلى دور النخبة وإلى ادعاءاتها وإلى سعيها إلى إبراز دورها على حساب إقصاء وتهميش الفعاليات الأخرى، تحت ذريعة التحدث باسمها أو "بالنيابة" عنها.
4- مقاربة سوسيو انتروبولوجية للزعامات المحلية بالأقاليم الصحراوية د. محمد دحمان أستاذ علم الاجتماع بجامعة ابن طفيل القنيطرة
عرفت الأقاليم الصحراوية في الجنوب المغربي نظاما اجتماعيا، قام على أساس القبيلة وأواصر القرابة والتحالف، وبرزت فيه زعامات زمنية وروحية قي شكل "أشيوخ" أو "اجماعة" آيت أربعين وزعماء زوايا بعينها، وظلت هذه الزعامات هي المدبرة لشؤون الترحال والتجارة العابرة للصحراء وهي الواسطة مع السلاطين، إلا أن جاء الاستعمار وعمل على تقويض البناء الاجتماعي وصناعة "شيوخ" تحت الطلب وكانت تلك بداية غراسة ما يعرف اليوم ب "النخبة" في المنطقة وبعد استقلال المنطقة والتحاقها بالوطن، تبلورت "نخب مسكوكة" متربصة سواء في علاقتها بالسلطة المركزية أو في علاقتها بالمجتمع المحلي، وكان لهذه الدينامية انعكاسات بالغة الأثر على المجتمع المحلي في ميادين التنمية والاستثمار والتدبير المجالي، ناهيك عن انفصال هذه "النخب" عن المجتمع وتضخم الهوامش والتهميش الذي ينال فئات عريضة من الشباب والمثقفين والجمعيات الجادة...فأي مستقبل لهذه الأقاليم في إطار جهوية موسعة عمادها تدبير الشأن المحلي اعتمادا على "النخب" المحلية التي من المفروض أن تكون لديها مقدرات فكرية ومؤهلات تقنية وكفاءة تفاوضية لجلب الاستثمار وتقديم الاقتراحات وخلق تنافسية ما بين الجهات، والانفتاح على العالم الخارجي ؟
5- Les ralliés : Quelle politique pour une meilleure integration ? Mohamed Oueld Al Fadel EZZAHOU La présente communication a pour objet de cerner le phénomène du « Ralliement de Tindouf » en exposant, dans un premier lieu, les principaux constats de la situation et en proposant, en second lieu, des recommandations en matière de politiques publiques pour surmonter les difficultés qui entravent l'intégration des ralliés au sein de la société. Elle est présentée suivant trois aspects qui sont le contexte (1), les constats (2) et les recommandations (3).
6- السلوك السياسي للنخب المحلية بالصحراء وإشكالية التدبير العقلاني للسياسات العامة المحلية ألأستاذ خالد فريد أستاذ جامعي، جامعة القاضي عياض بمراكش تنطلق هده المساهمة من فرضية أساسية مفادها أن جزء كبير من أسباب ومظاهر الخلل الذي ظل يعيق تطوير النهج اللامركزي في صنع القرار المحلي الذي تبناه المغرب مند عدة عقود لا يرجع فقط إلى الإمكانيات المادية والبشرية للهيئات المحلية وضرورة منح مزيدا من الاختصاصات عبر صياغة نصوص قانونية متطورة، وإنما يتوقف بالدرجة الأولى على وجود الكفاءة السياسية والمعرفية التدبيراتية المتجددة لدى صناع القرارات والسياسات المحلية و الجهوية، أي النخب. و يمكن تعريف النخبة بأنها مجموعة من الأفراد لهم من المؤهلات ما يخولهم القيام بأدوار مؤثرة داخل المجتمع مما يجعل منهم فاعلين في عمليات صنع القرار في مختلف مجالات الحياة. بفضل مؤهلاتها الفعلية أو المفترضة. وتعتبر نظرية النخبة السياسية من أهم موضوعات علم الاجتماع السياسي الحديث. وفي هدا الصدد تكتسي النخبة السياسية المحلية أهمية بالغة في مجال تطوير المشاركة السياسية وتحسين أداء المؤسسات المحلية على اعتبار أنها تعد صلة وصل رئيسية بين المجتمع المحلي والدولة، فالنخبة المحلية تشكل ادن إحدى الوسائط الرئيسية بين المجتمع المحلي والسلطة المركزية. لدلك فالنخبة السياسية المحلية تؤثر ادن بشكل مباشر على السياسات العامة للدولة. لذلك فإن البطء الذي ظل يميز الانتقال الديمقراطي بالمغرب بالرغم من النتائج الإيجابية، يرجع في جانب كبير منه إلى معضلة تدبير الشأن العام المحلي وفق طرق ومناهج حديثة وعقلانية، حيث لازالت العديد من القرارات والسياسات المحلية تعاني من سلبيات الزعامة السياسية، وضعف إنتاج وتداول النخب، وتراجع مصداقية المؤسسات المنتخبة، وطغيان الشعبوية السياسية المبنية على الزبونية، وعدم وجود آليات علمية للمراقبة والتقييم، وغياب منطق الحسابات السياسية الخ فما هي آليات تأهيل النخب المحلية المؤهلة لتدبير الشأن العام في ظل مناخ سياسي واجتماعي واقتصادي مختل؟ المحور الأول- مكونات النخبة المحلية للصحراء وتتكون هده النخبة المحلية عادة من خمس عينات رئيسية وهي: أولا- النخبة الاقتصادية: و تتكون هذه الفئة من كبار الملاكين المحليين و كبار التجار و المقاولين المحليين و تضم أيضا بعض كبار الموظفين في القطاعين الخاص و العام، بالإضافة إلى أصحاب بعض المهن الحرة وقد استفاد هده العينة من الظرفية الاقتصادية العامة التي عاشها المغرب في العقود الأخيرة وخاصة منها سياسة الخوصصة، كما استفاد من تشجيع الدولة للخواص من خلال نظام الصفقات . وبخصوص تكوينها العلمي فيلاحظ على العموم افتقارها لتكوين متخصص في مجالات تسيير الأعمال وتدبير المقاولة. أما فيما يتعلق برأسمالهم المادي فهم يعتمدون إما على رأسمال عائلي، يمكنهم لاحقا من تأسيس مقاولات صغيرة أو متوسطة تعتمد في تسييرها على طرق تقليدية وتشتغل ضمن الاقتصاد التجاري قليل المخاطر كالمضاربات العقارية و المتاجرة في المواشي و الدور السكنية و البقع الأرضية... ثانيا- النخبة السياسية المحلية. تتكون النخبة السياسية المحلية من كل الفعاليات المنخرطة في المنافسة السياسية المحلية، المنافسة الدائرة حول القرار المحلي. ويعتبر الزمن الانتخابي الفترة الذهبية لنشاط هده العينة ثالثا- النخبة الإدارية تكون هذه العينة من مجموع الأشخاص الذين يحتلون أهم المواقع الرسمية داخل المؤسسات الإدارية المحلية التابعة للدولة. وتتميز بالرغبة في الظهور البيروقراطي لكنها لاستطيع التخلص من مرجعياتها العشائرية رابعا-النخبة الثقافية. وتتكون خصوصا من بعض الطلبة خريجي الجامعات الدين انخرطوا في العمل الجمعوي مستفيدين كذلك من الظهور الإعلامي. خامسا- النخبة الدينية. و تتكون أساسا شخصيات ذات أصول تعتمد على الشرفاء والزوايا المحلية أو الجهاد. أو كل من استطاع أن يقنع العامة بأنه ينتسب لأهل البيت بالمفهوم الواسع بغض النظر عن صحة ذلك النسب أم لا. المحور الثاني- ضعف النخب المحلية أمام رهانات التدبير مبدئيا لا يمكن الإحاطة بكل أسباب ومظاهر عدم الفاعلية التدبيراتية لمكونات النخب المحلية بالمنطقة لدلك سأقتصر على بعض المعوقات الملحة. أولا- من حيث مصادر المشروعية تنبثق النخب المحلية في المنطقة عادة من خلال شكلين أساسيين هما التعيين والانتخاب. فالنخب التي جاءت عن طريق الانتخاب غالبا ما كانت تعبر عن انتماء حزبي متغير وغير منسجم، يرجع بالأساس إلى ضعف تمثل التمايزات الحزبية لفائدة مؤسسات اجتماعية بديلة أهمها القبيلة قوة السلوك السياسي الشخصاني على حساب الطابع المؤسساتي لبرامج النخبة والنتيجة أن أصبحت قرارات واختيارات هده النخب تعبر عن سيرورة سياسية تفتقر للمصداقية والنزاهة الشيء الذي أفرز نخبة غير قوية وجدت نفسها في حاجة إلى قوى خفية تساندها و تدعمها، أهمها جماعات المصالح و كتل الضغط والمصالح الفئوية
ثانيا- من حيث الرأسمال الرمزي حيث تتميز هده النخب عموما باضمحلال مستواها المعرفي وبطابعه التقليدي إن وجد. كما ان المستوى التعليمي وان كان في الماضي يعتبر من المحددات الأساسية في انتقاء النخب السياسية المحلية، فإن هذا العامل قد أخذ يتوارى بشكل واضح في السنوات الأخيرة بسبب هيمنة سلطة المال على العملية السياسية مما فتح المجال من جديد لفئة الأعيان المحليين (التقليدين أو الجدد) والتي احتكرت الساحة السياسية المحلية لدلك وبالنظر إلى التحولات التي حصلت في السنوات الأخيرة على مستوى القيم الاجتماعية، فقد تأثر الحقل السياسي المحلي بشكل كبير بهذه الوضعية. وهذا ما أدى إلى إضعاف الطبقة المتوسطة،ومن ثم إنتاج نخب محلية ضعيفة مجردة من مقومات القيادة والتدبير الناجع والفعال على المستوى المحلي. المحور الثالث- النخبة السياسية على محك مشروع الجهوية الموسعة وعليه يعتبر تفعيل مشروع الجهوية الموسعة من أبرز التحديات التي ستواجه نوعية النخب السياسية التي سيناط بها تدبير هذا المشروع الحيوي. لدلك لابد من المراهنة على أولا- تجديد النخب وفق حركية المجتمع نفسه وربط سلوك النخب المحلية بمفهوم المصلحة العامة والثقافة المؤسساتية، من خلال التخلص من السلوك السياسي الاعياني ثانيا - تأهيل قدرات النخب في مجال اتخاذ القرار على اعتبار أن النخبة المحلية هي تلك الفئة التي تمثل المواطنين، رغم اختلاف مكوناتها، فان غايتها الأساسية هي تامين دور الوساطة بين دوائر القرار و الجمهور. ثالثا- الرفع من مستوى الوعي السياسي و الثقافي للنخبة بشكل مستمر مما يسهل عملية التجاوب والتواصل مع باقي الفاعلين، ذلك أن عدم نضج الفئات المنتخبة و عدم أهلية النخب السياسية يبقى أهم العوائق التي تواجه المشاركة السياسية. رابعا- تكريس ثقافة التداول أو التناوب عن السلطة و فتح المجال أمام الجماعات و الأفراد لتحمل المسؤولية و الوصول إلى دوائر القرار المحلي على أسس ديمقراطية أهمها نزاهة الانتخابات المحلية ودفع المواطنين للمشاركة السياسية. المراجع المعتمدة - حماني أقفلي " السلوك الاجتماعي و السياسي للنخبة المحلية" مركز طارق بن زياد، 2002 - حسن قرنفل "المجتمع المدني و النخبة السياسية: إقصاء أم تكامل" ،إفريقيا الشرق، الدارالبيضاء،2000. - محمد زين الدين " إشكالية تجديد النخب بالمغرب"، مجلة فكر و نقد، العدد 81، 2006 رشيد كديرة " النخب الإدارية في المغرب" أطروحة لنيل دكتوراه في القانون العام، جامعة محمد الخامس، الرباط 2004-2005 - عبد الرحيم العطري "صناعة النخبة بالمغرب المخزن والمال والنسب والمقدس، طرق الوصول إلى القمة"، مطبعة النجاح الجديدة، منشورات دفاتر وجهة نظر (9) ط 1. 2006.
7- المجتمع المدني في الصحراء بين التبعية و الاستقلالية الحيرش عبد الله، فاعل جمعوي شهد النسيج الجمعوي نموا سريعا في السنوات الأخيرة، واليوم يقر الجميع بمكانته كطرف هام في مجالات متعددة في جميع أنحاء العالم من خلال ما يقوم به من متابعة للسياسات العامة، وتقديم الخبرة الفنية، والمشاركة مع الحكومات في تقديم الخدمات للمجتمعات المحلية. إلى مرحلة الثمانينيات لم تحظى فكرة المجتمع المدني بالاهتمام الذي نلاحظه اليوم و حين ترجعنا الذاكرة إلى تلك الفترة لا نرى إلا جمعيات جيرية أو رياضية أو بعض الجمعيات التربوية. في مطلع التسعينات أصبح يثار مصطلح " المجتمع المدني" بشكل ملموس، وذلك تعبيرا ودفاعا عن أفكار من قبيل الديمقراطية وحقوق الإنسان وسعيا إلى تنمية مجتمعية منبثقة من الجماعات القاعدية ومستقلة نسبيا عن الدولة. وقد ساعد اليسار المغربي في الدفع بهذا الطرح. وبعد صعود حكومة يسارية، تم صدور أول تصريح حكومي يركز على دور المجتمع المدني في المشاركة والتنمية المجتمعية، واعتبرت الجمعيات شريكا استراتيجيا للدولة في العملية التنموية. إلا أن هذا التطور الملحوظ الذي عرفه النسيج الجمعوي في مدن الشمال لم يكن بنفس الصورة في الأقاليم الجنوبية، وذلك راجع إلى بعض الخصوصيات السياسية و الاجتماعية لمنطقة الصحراء، و لك كون المجتمع الصحراوي حديث عهد بالتمدن رغم ما هو معروف بالدور الذي عرفت به المؤسسة القبلية من عمل جماعي يرتكز أساسا على التضامن والتكافل بين الأفراد، و تدبير النزاعات و الشؤون الاقتصادية و الاجتماعية، إلا أن المدن تختلف بشكل كبير عن البادية، إذ هذا التغيير إلا إيرادي إلى صعوبة التأقلم و الاندماج للمجتمع في الوسط الحضري، وابرز عن هذه الإشكالية مجموعة من المشاكل الاجتماعية والاقتصادية و أيضا السياسية. وسنحاول من خلال هذه الورقة التطرق إلى خصوصيات النشاط الجمعوي بإقليمالعيون، مع إعطاء نبذة عن العمل الجماعي المبني على النمط القبلي البدوي، مرورا بمراحل الانتقال من العمل الجماعي و صولا إلى العمل الجمعوي المؤسساتي و يعرف من اكراهات و سنختم ببعض المقترحات، و ذلك من خلال النقط التالية: 1- نبذة عن العمل الجماعي في الصحراء 2- مراحل تطور العمل الجمعوي في الصحراء 2-1- الفترة مابين الثمانينات ونهاية التسعينات 3-2- المرحلة ما بين نهاية التسعينات إلى يومنا هذا. 3- الدور التشاركي للجمعيات في تدبير الشأن المحلي 3-1- الدور من خلال الميثاق الجماعي 3-2- الدور من خلال المبادة الوطنية للتنمية البشرية 4- مجالات التدخل 5- الإكراهات و أسباب الضعف 6- مقترحات من اجل تفعيل دور و حيوية المجتمع المدني في الصحراء
8- النخبة الصحراوية في ضوء مشروع الجهوية المتقدمة توفيق البرديجي، فاعل جمعوي
من خلال المشروع المقدم من طرف اللجنة الاستشارية للجهوية، يبدو أن هناك تغييرات تمس بنية الجهات، والصلاحيات المسندة للمجالس الجهوية، كما أن هناك مفاتيح لتوسيع دائرة المشاركة في التدبير الجهوي، وفي الوقت الذي لازالت الجهات الصحراوية تتلكأ في إفراز نخب مؤهلة للمساهمة في أجرأة الحكامة الجيدة والمقاربات التنموية، نتساءل في مساهمتنا هذه عن شروط و آليات إفراز النخب في الأقاليم الصحراوية، في الماضي والحاضر والمستقبل، ومدى تكيف النخب المفرزة مع متطلبات الواقع و رهانات المنطقة السياسية والاقتصادية والاجتماعية، كما نتساءل عن قدرة النخب الصحراوية المتعلمة على التعبئة والتأثير، في مناخ سيادة منطق المال و الولاءات القبلية وتدخل الإدارة
9- سلطة "أجماعة": بين دوري درء الانشطار الداخلي وخلق الانصهار الخارجي هباد حمادي، باحث، جامعة فاس. لقد شكلت "أجماعة" أو "أيت لربعين" سلطة حقيقية بمجتمع الصحراء المتحرك والمترامي الأطراف، والذي لا يقيم حدودا بين سكانه، بممارسة التنظيم والسياسة والتشريع، وعاملا رئيسا لدرء الانشطار الداخلي بإحداث التوازن داخل القبيلة أو اللف أو الاتحادية، من جهة، وخلق الانصهار القبلي في وجه كل خطر خارجي، من جهة أخرى؛ وذلك نظرا لطبيعة القبيلة القائمة على العصبية، خصوصا في البلاد السائبة أو بلاد السيبة. ننطلق في البداية من كون الصحراء عرفت بوجود قبائل قوية، والتي نجم عنها تشكيل العديد من اللفوف، والاتحاديات، كلف كزولة و تحاوكات الذي يجمع قبائل صحراوية وقبائل سوس الأقصى، ولف أيت الجمل و أيت عثمان وبلا الذي شكل لاحقا اتحادية تكنة، ولقد اعتبرت "أجماعة" المدبر الحقيقي لشؤون القبائل الصحراوية، كما نجد ذلك في ديوان قبائل أيتوسى أو الركيبات أو تكنة، وغيرها، بحيث تسهر "أيت لربعين" على سلامة تطبيقه باعتباره القانون المنظم لشؤون القبيلة الداخلية والخارجية. كما شكل حكم محكمة العدل الدولية بخصوص قضية "الصحراء الغربية" تزكية لهذا المنحى، خصوصا عندما تم تأويله من طرف المغرب وإسبانيا وموريتانيا لعقد اتفاقية مدريد سنة 1976، والتي تنص على ضرورة استشارة "أجماعة" في أي حل بخصوص الصحراء. والملاحظ أن دور "أجماعة" في القيام بالوظائف السابقة الذكر قد تراجع لصالح المؤسسات التي أوجدها الاستعماريين الفرنسي والإسباني، ولاحقا عند دخول المغرب إلى الصحراء ابتداء من سنة 1958، فصار منوطا ب"اجماعة" تزكية السياسات العمة فقط. وغياب أي دور تنظيمي أو سياسي أو تشريعي أو حتى استشاري لها.
10- الثروات الطبيعية في الصحراء و رهان التنمية. ذ.الناجم اسويح بالنظر للمؤهلات و القدرات الاقتصادية و خاصة الثروات الطبيعية (الثروات المعدنية...الثروة السمكية...موارد الطاقة...الثروات الحيوانية...) التي تزخر بها الصحراء, مقابل مؤشرات توزيع الثروة بين أفراد المجتمع فإن سؤال إنتاج الثروات سيظل من أهم الأسئلة المطروحة من أجل تنمية المواطن في الصحراء. هذه الثروات الطبيعية التي وصفها وزير خارجية اسبانيا "ألبرتو مارتين ارتاخو"سنة 1945 بسوق" المستقبل و أنها هبة العناية الإلهية لاسبانيا..." لاشك أن تدبير و معالجة إشكالية توزيع الثروات الطبيعية المستغلة و ربطها بشعار "خيراتنا كفيلة بتشغيلنا" الذي رفعه مخيم "اكديم ايزيك" و الذي وصل صداه إلى المؤسسات و المنظمات الدولية (مجلس الأمن الدولي...البرلمان الأوربي...البرلمان الاسباني...جمعيات المجتمع المدني.....) يستدعي أكثر من سؤال بحاجة إلى جواب مقنع يسمح بتسريع الخطوات نحو تنمية حقيقية و مستدامة، كما أن إشكالية الثروات الطبيعية كانت حاضرة بقوة في مناقشة اتفاقية الصيد البحري.... ذلك أن التفكير في معالجة أزمة الثروات الطبيعية يعد مدخلا محوريا و حاسما لكسب رهان التنمية بكل أبعاده المتشابكة و المعقدة و ارتباطها بالاحتجاجات و التصادمات و المواجهات في بعض الأحيان التي تشهدها الأقاليم الصحراوية بين المواطن والسلطة و مدى تأثرها وتأثيرها بالعوامل الداخلية و الخارجية المرتبطة بمستقبل النزاع في الصحراء، الشئ الذي يتطلب تضافر الجهود و تضامن الإرادات بين مختلف مكونات المجتمع الصحراوي و تعبئتها الكاملة و إشراكها للانخراط الجماعي في عمليات و محاور التنمية. و تستدعي هذه الإستراتيجية مبدأ أساسي هو أن يكون الإنسان الصحراوي أداة ووسيلة للإنتاج كما يجب أن يكون الإنتاج وسيلة لهدف هو حرية و رفاهية الإنسان. الإنسان بمواصفات حضارية جديدة هو الهدف والغاية. 11- وكالة الجنوب و سؤال التنمية الحقيقية الشيخ الوالي لطرش. يجمع المدافعون عن وكالة الجنوب أن حصيلة هذه المؤسسة مشرقة، غير أن واقع الأقاليم الجنوبية يجعل بعض الغيوم تعكر إشراق سماء الوكالة. فالحقيقة التي يقف عندها كل زائر لهذه المناطق، هو أن هناك وكالة الجنوب مطالبة بالزيادة في وتيرة مشاريعها..... هل ساهمت وكالة الجنوب في تنمية الأقاليم الصحراوية؟ سؤال يطرحه كل زائر لمدن وقرى هذه الأقاليم، لاسيما عندما يقف الزائر على النقص الكبير في البنيات التحتية في السمارة وطانطان أو غياب مشاريع مهيكلة في العيون والداخلة أو عندما لا يجد أي أثر للمراكز الاجتماعية والرياضية والثقافية في كلميم وأسا... لا يختلف اثنان على أنه منذ نشأة وكالة الجنوب وساكنة المناطق الجنوبية ينتظرون على أحر من الجمر أن تتجسد مشاريع وكالة الإنعاش والتنمية الاقتصادية والاجتماعية على أرض الواقع، وتساهم في تحسين ظروف عيشهم وتخفف عنهم صعوبة الحياة ومتطلباتها. فالمتتبعون لعمل الوكالة يجمعون على أن ثمانية سنوات من عمر وكالة الجنوب كانت كافية كي تحقق هذه المؤسسة التي تمول من بأموال هائلة، الهدف الذي أنشئت من أجله. لكن للأسف الشديد - تضيف نفس المصادر-لم تنجح الوكالة خلال هذه المدة في ترجمة شعاراتها على ارض الواقع ولم تتمكن من تفعيل و أجرأة مشاريع مهيكلة تعود بالنفع على الأقاليم الجنوبية وتساهم في انتشالها من التهميش والإهمال…؟؟ أي أن عمل هذه المؤسسة رغم مرور 8 سنوات عن ميلاد وكالة الجنوب، إلا أنها لم تستطع حل كل المشاكل التي تتخبط فيها الأقاليم الجنوبية مئة بالمائة «موارد مائية قليلة أو صعبة الولوج، زحف الرمال، انجراف الأراضي الخصبة، ضغط ديموغرافي قوي على المناطق الحضرية، ضعف ولوج الساكنة الحضرية لعالم الشغل، ضعف البنيات التحتية غياب قنوات الصرف الصحي..». لكن رغم كل هذه الانتقادات، فالمؤيدون لعمل الوكالة ودورها في تنمية الأقاليم الجنوبية يعتبرون أن ما حققته هذه المؤسسة في السنوات 8 بتنسيق مع شركائها لم تحققه مجالس جماعية وإقليمية لوحدها لسنوات طويلة، أي منذ التحاق هذه الأقاليم بأرض الوطن.. الأمر نفسه دافع عنه أحمد حجي مدير الوكالة، الذي يرى أنه من الحكمة تجاوز التحليل القطاعي الصرف والتركيز على مشاريع وكالة الجنوب من زاوية غايتها الاجتماعية، وعلى ضوء التوجيهات الملكية، والسياق العام لمشاريع المبادرة الوطنية للتنمية البشرية، أي أن الوكالة وبشراكة مع العديد من الهيئات والمؤسسات الحكومية والخاصة تعطي الأولوية لمشاريع القرب ذات التأثير الاجتماعي القوي...لكن الحال يؤكد غير ذلك أن عمل الوكالة بات تقليديا من خلال دعم المهرجانات و الملتقيات الجوفاء...التي تطبل لمقولة "العام زين", متناسية بذاك دورها التنموي و الأساسي بالأقاليم الصحراوية. 12- التنمية الاقتصادية بالصحراء بين إشكالية الثقة وضعف نمط الحكامة الشيخ محمد ماء العينين
إن من بين الإشكالات الحقيقية التي تواجه إقليم الصحراء إشكالية الحكامة والتمثيلية وسنبرز هنا عدة نقاط من شأنها إغناء النقاش حول ترشيد الحكامة والدفع بالتنمية الاقتصادية كرافعة لتحسين الوضع الاجتماعي وضمان المواطنة الكاملة والانخراط في دعم مسار البناء الديموقراطي والتمايز عبر العمل المنتج. فالجهة تعرف معدل نمو ديموغرافي مرتفع يصل إلى 2.6 في المائة بينما المعدل الوطني هو 1.7. كما أن ساكنة الجهة وصلت إلى 516 ألف نسمة موزعة بين أقاليم العيون 230 ألف بوجدور 70 ألف و طرفاية 15 ألف وأزيد من 150 ألف بالداخلة و اوسرد وحوالي 60 الفا بالسمارة. وتشكل جاذبية هذه المناطق ضغطا إضافيا إذ يتوافد على سبيل المثال حوالي 450 شخصا شهريا على إقليمالعيون وهو ما يزيد الضغط على سوق الشغل خصوصا وأنه يتسم بارتفاع عدد العاطلين كل هذه العناصر والأرقام تبين أن المعضلة الأساسية هي التشغيل ظلت بعيدة عن اهتمام القيمين عل تدبير الشأن المحلي فيم انصب جل اهتمامهم على التنشيط الثقافي أو مشاكل ثانوية أفضت إلى تأزيم الوضع وخلق جو من عدم الثقة بين المواطن –المنتخب- والسلطة وحدوث تقاطبات ثنائية مختلفة حسب الوضع السياسي والاجتماعي خصوصا أثناء فترة الانتخابات ليعاد إنتاج نفس الصيرورة ويتم استنساخ نمط تدبير المجالس المنتخبة السابق دون الاهتمام بالمشاكل التنموية أو تطوير آليات التواصل والتمثيلية التي تضمن شروط الإقلاع الاقتصادي والتنمية المستدامة بالإقليم بالإضافة بالطبع إلى تحقيق شروط المواطنة بعيدا عن التخوين والمزايدات السياسوية الضيقة. يشكل النشاط الاقتصادي الحلقة الأضعف إذ أن خمس الساكنة النشيطة تعاني من البطالة بالرغم من كون الاقتصاد المحلي أو الجهوي يساهم بنسبة تفوق المعدل الوطني للفرد، إذ أن النتاج الداخلي الخام للفرد بهذه الربوع يصل إلى 24 ألف درهم سنويا بينما المعدل الوطني هو 20 ألف درهم. قد تحمل هذه الأرقام تناقضا لكن إذا ما نظرنا إلى مساهمة هذه القطاعات في الناتج الداخلي نجد أن الإدارة تضطلع لوحدها ب 30 بالمائة من النتاج الداخلي الخام إما على شكل أجور أو خدمات بقيمة وصلت إلى 6,5 مليار درهم من مجموع 21,7 مليار وهي مساهمة الجهات الجنوبية في الناتج الداخلي الإجمالي الوطني بمعدل 3,5 من مجموع التراب الوطني بينما يشكل وزنها الديمغرافي فقط 2,7 بالمائة وتستهلك 3,5 بالمائة من مجموع الاستهلاك الوطني. بعبارة أخرى فإن وزنها الاقتصادي أكبر من وزنها الديمغرافي لكن بالمقابل تعجز عن خلق مناصب شغل لساكنتها النشيطة وتستهلك بقدر ما تنتج الثروة، في هذا الإطار يبرز مشكل الاستثمار الذي يعتبر الحلقة الأضعف في المعادلة فحجم الاستثمار لا يواكب خلق الثروة ومن بين القطاعات الأكثر تضررا في قطاع السياحة حيث لا تساهم هذه الأخيرة إلا بنسبة 0,8 بالمائة من النتاج الداخلي الإجمالي الجهوي لسنة 2007، ليس فقط قطاع السياحة ولكن الاستثمار الخاص يعاني من شبه جمود في المنطقة، وحده الاستثمار العمومي هو الذي يخلق الثروة ويحرك الاقتصاد في المنطقة إما عبر مشاريع ضخمة أو استثمارات عمومية غالبا في الإدارة وتتنافس عليها قلة من الشركات الكبرى الوطنية، أما الاستثمار الأجنبي فهو منعدم إلا من حالات متفرقة في إطار المناولة أو خدمات خاصة لا ترقى أن تذكر.
13- الحكامة الجيدة كآلية لخدمة التنمية المحلية: خديجة أبلاضي إن اختيارنا لموضوع الحكامة الجيدة كآلية لخدمة التنمية المحلية ينبع أساسا من قناعتنا الراسخة بأن كل تقدم و تطور في اتجاه الأحسن بهذه المنطقة يبقى رهين بالوعي الذي يستحضر أهمية هذا المفهوم بمختلف أبعاده الاقتصادية و الاجتماعية و الثقافية و ينطلق من كون : * الحكامة المحلية كإحدى الآليات التي تستقي عمقها الفلسفي من التصور العام للتدبير و الترشيد الجيد . * الفجوة العميقة الملاحظة بين ما تعبر عنه الإرادة السياسية للبلاد مقارنة مع مستوى الانجاز و التدبير الذي وصلته مختلف مشاريع التنمية بالمنطقة . * تعتبر الحكامة المحلية كإحدى الضمانات القوية لتنزيل مبادرة الجهوية الموسعة كخطوة أولى تليها مبادرة الحكم الذاتي باعتبارها خيارا استراتيجيا لحل مشكل الصحراء. * الإشكالية العامة انطلاقا من التعريف و تأسيسا على ما ورد في المواثيق الدولية وما عبرت عنه الإرادة العليا للدولة ، إلى أي حد يمكن الحديث عن حكامة محلية و فق المعايير والمقاييس السالفة الذكر ؟ محاور المداخلة 1- الحكامة المحلية و الإطار المرجعي : * المرجعية الدولية لمفهوم الحكامة المحلية * الإرادة العليا للدولة و تجسيد مفهوم الحكامة 2- الحكامة الجيدة : إحدى دعامات القوة للتنمية المحلية 3- الحكامة المحلية كإحدى الضمانات لتنزيل مبادرة الحكم الذاتي * الحكامة المحلية كمبدأ للتدبير المعقلن * الحكامة الجيدة و تحديات التنمية المحلي
14- قراءة في سوسيولوجية ثقافة الاحتجاج عند الشباب الصحراوي حسن الزواوي : دكتور في العلوم السياسية (خريج جامعة السوربون) لم تتوقف رياح الاحتجاجات الاجتماعية عن الهبوب بالأقاليم الصحراوية منذ أحداث اكديم إزيك، والتي لم يستطع الدخان الكثيف الناجم عن استعمال القنابل المسيلة للدموع إخفائها. إن طبيعة الاحتجاجات والعناصر الفاعلة فيها توحي فعلا على أن ثقافة الاحتجاج قد دخلت مرحلة جديدة تؤسس معها لانتقال في التصورات وطرق التفاعل مع الأحداث و الثورات التي يشهدها العالم العربي. لقد أصبح الفايسبوك على غرار الثورات التونسية والمصرية عبارة عن " لاغورا " l'agora مكنت من فتح نقاش عمومي حول المشاكل المتعلقة بالشأن الصحراوي بصفة عامة والمحلي بصفة خاصة. كما لاحظنا حدة العنف المصاحب لكل الاحتجاجات التي شهدتها مؤخرا الأقاليم الصحراوية. كل هذه المعطيات لا يمكن فصلها عن متغير العولمة و الانتقال الديمغرافي المتمثل في بروز فئة الشباب كمحرك للاحتجاج . فعلى عكس موقف الأباء يرى الشباب الصحراوي بإيجابية الاحتجاج كوسيلة تعبيرية لإرسال خطاباتهم إلى السلطات العمومية فمنهم من يتبنى بشكل كامل مرجعية "البوليساريو" ومنهم من يلح على ضرورة رد الاعتبار للمنطقة والقبيلة. ما يزيد من أهمية وصعوبة هذه الدراسة هو أن أغلب المقالات التي تعرضت لظاهرة الاحتجاج بالمناطق الصحراوية لم تتجرأ على اقتحام قلب العلبة السوداء وظلت في غالب الأحيان تستعرض أسباب ونتائج هذه الظاهرة ولكن دون الوقوف عند الفاعلين فيها و دلالتها والشعارات التي تحملها. من هذا المنطلق يظهر أنه من الضروري طرح مجموعة من التساؤلات التي ظلت مغيبة أو مقصية على مستوى التحليل: ما الذي يميز الثقافة الاحتجاجية بالأقاليم الصحراوية عن باقي الأقاليم المغربية؟ هل يمكن التعامل على مستوى التحليل مع احتجاجات الأقاليم الصحراوية بنفس الطريقة التي يتم بها الأمر في ما يخص المناطق الأخرى للمملكة؟
15- حقوق الإنسان و الوحدة الترابية محمد عالي الحيسن : رئيس منتدى الرأي لحقوق الإنسان و التنمية نقطة ربط وحدة تدبير برنامج جبر الضرر الجماعي الوحدة الترابية بحمولتها التاريخية و عمقها الجغرافي تجسد الوحدة الوطنية للشعب الذي يعيش من تربتها و يتنفس من هوائها. و الوحدة الترابية هي كل أجزاء الوطن الذي يجب الدفاع عنه و الحرص على تنميته و النهوض به. و لعل من أسباب التفريط في الوحدة الترابية هو عدم الاهتمام بالإنسان الضامن لها. ذلك أن الحركات الانفصالية و الاحتجاجات المطالبة بالانشقاقات و الانقسامات إنما هي نتيجة هذا التفريط و التمادي في إهمال العنصر البشري و اعتماد مقاربات تستبعد كل ما هو تنموي على حساب كل ماهو أمني: يقمع الحريات،و ينتهك حقوق الإنسان، و يعيق تطبيق الديمقراطية لتغيب بسبب هذا كله إرادة الوحدة الوطنية التي هي أساس الوحدة الترابية. من هدا المنطلق فان الحفاظ على الوحدة الترابية ينطلق من قيم الديمقراطية حيث حرية التعبير و حرية المشاركة السياسية و الحرية في الاختلاف من جهة، و من قيم حقوق الإنسان التي تصون كرامة المواطن و الحق في المواطنة و المساواة و تكافؤ الفرص من جهة أخرى. من هنا تأتي مداخلتنا لتعميق النقاش في هذا الجيل الجديد من المفاهيم و القيم.
16- الإعلام الرسمي و قضية الصحراء محمد راضي الليلي، إعلامي من منطلق أن للقناة الأولى مهمة إخبار الرأي العام الوطني و الدولي بمستجدات القضية تحاول عبر نشراتها الإخبارية و برامجها التوثيقية و لقاءاتها الحوارية القيام بذلك ،غير أن نتيجة الإخبار عادة ما تكون محل انتقاد لعدم الحيادية في التناول أو السطحية في التحليل أو الانحياز كليا لوجهة النظر الرسمية حتى في مستوى نقل الخبر الذي يفترض أن يكون تقديمه بعيدا عن التحليل غير المتوازن. و يلاحظ في العشرية الأخيرة أن الإعلام الرسمي فطن إلى ضرورة الاعتماد على أبناء المنطقة من الإعلاميين في تغطية الأحداث الخاصة بالصحراء وطنيا و دوليا و اتجهت إلى إنهاء احتكار تقديم الأخبار من قبل فئات ذات انتماءات جغرافية معينة فمنحت الفرصة لأبناء الصحراء في تقديم الأخبار حتى بات أحد أبناء وادنون أشهر مقدمي النشرة الرئيسة للأولى و أحتكر لنحو 3 سنوات أفضل نسب المشاهدة الصادرة عن مؤسسة ماروك ميتري لقياس نسب المشاهدة.و تطور هذا المجهود إلى مستوى جديد يجد صداه في المخيمات ففي كل مساء عندما يتابع سكان المخيمات خلسة أو علانية نشرة الأخبار المغربية لأنها قد تحمل جديدا لمعاناتهم فأنهم يلاحظون أن من يقدمها شخص يعرفون انتماءه القبلي و يشاركهم لغة تصل إلى وجدانهم و إن كنت في اعتقادهم صحافي يشتغل عند الادعاء. تنطوي هذه المهمة على جانب آخر من المعادلة و هو أن يكون لوجود أبناء الصحراء في الإعلام العمومي إضافة حقيقة إلى كيفية التعاطي مع الموضوع ،غير أن هامش الحرية قي يضيق أحيانا في مثل هذه القضايا الكبرى و المصيرية،و لكن هذا لم يمنع من الاجتهاد في حذف مفردات كالمرتزقة و مخيمات الذل و العار و الانفصاليين و عبارات أخرى كانت سيدة الخطاب الإعلامي في مناسبات عديدة.و للحقيقة لم توجه لنا في غالبية الأحوال أية تعليمات لقول هذه المفردة أو تلك بل كانت اساليبنا أحيانا دليلا للآخرين من الزملاء بالنظر أساسا إلى غياب متخصصين في كتابة التقديمات الإخبارية.غير انه دون كل ذلك لازالت المهمة صعبة و متواضعة و تحتاج إلى نقاش حقيقي و إلى وعي أساسي من أبناء الصحراء أنفسهم بضرورة تكثيف التوجه إلى الإعلام و الاشتغال في دروبه و نعيب في هذا المستوى على الدولة أنها لم تلحق بوكالة المغرب العربي للأنباء حتى الآن و لا صحافيا واحدا من أبناء المنطقة و نعيب في السياق أن توجه شباب الصحراء إلى الصحافة المكتوبة لازال محتشما.
17- أحداث مخيم كديم إزيك ومدينة العيون من خلال تقارير لجان تقصي الحقائق: دراسة مقارنة. محمد الإمام ماء العينين. باحث في علم السياسة مهتم بالشأن المحلي. حاصل على دبلوم الدراسات العليا المعمقة في علم السياسة.
لعل من نافل القول تأكيد الأهمية القصوى التي ينطوي عليها إحداث لجان تقصي الحقائق لما يمكن ان تسفر عنه أبحاثها وتجليه تقاريرها من حقائق تساهم في توضيح الرؤى وفهم ما جرى على أرض الواقع من أحداث وملابسات تهم نازلة أو واقعة معينة تشغل بال الرأي العام الوطني بصفة خاصة والرأي العام الدولي على وجه العموم. وضمن هذا السياق, حتمت أحداث اكديم إزيك ومدينة العيون الأليمة وما ترتب عنها من تداعيات خطيرة خلق مجموعة من لجان تقصي الحقائق التي أخذت على عاتقها الكشف عن الحقيقة وتنوير الرأي العام الوطني والدولي. وستحاول هذه الورقة المتواضعة إخضاع أربعة تقارير لمجهر التحليل والمقارنة, ويتعلق الأمر بتقرير اللجنة النيابية لتقصي الحقائق والتقرير المشترك لكل من الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان والمرصد المغربي للحريات العامة ومنتدى بدائل المغرب وتقرير الجمعية المغربية لحقوق الإنسان وتقرير تجمع المدافعين عن حقوق الإنسان بالصحراء الغربية. فكيف تناولت هذه التقارير أحداث مخيم كديم إزيك ومدينة العيون؟ ما هي منطلقاتها وآليات عملها؟ ما هي الخلاصات التي توصلت إليها؟ وما هي نقط التشابه والاختلاف بينها؟. تلك هي بعض الأسئلة التي ستحاول هذه المداخلة الإجابة عنها.
18- الإعلام و قضية الصحراء سعيد زعواطي صحفي و إعلامي ما الذي منع إعلامنا من فتح نقاش حول مخيم "اكديم إزيك" في بداية تشكيله؟ و ما الذي منعه من أن يجعل منه قضية رأي عام؟ و يجعل الرأي العام في صورة ما كان يتم التخطيط له؟ و ما الذي منعه من أن يكون هو مصدر الخبر؟" سؤال عريض أقتبسه كما جاء، في تقرير اللجنة البرلمانية لتقصي الحقائق التي أنشئت للتحقيق في أحداث العيون شهري أكتوبر و نوفمبر 2010، لأفتتح به هذه المداخلة. اقتباس لا يعني بالضرورة اقتناعي بما جاء في هذا التقرير الذي أرى أنه كان بعيدا جدا عن الإجابة عن الأسئلة التي أنشئ من أجل الإجابة عنها، و بالتالي يبقى السؤال الذي طرح فيه حول الإعلام، ربما في محاولة لإضفاء طابع الجرأة على التقرير الذي كان خاليا منها بالمناسبة، يبقى نموذجا فقط للاختلالات الكثيرة و المتكررة التي يشتغل فيها الإعلام المغربي لا سيما في سياق مقاربته لقضية الصحراء. فبالنظر للتحولات الديمقراطية التي يؤكد المغرب أنه انخرط فيها بلا رجعة منذ بداية العقد الأخير من القرن الماضي، بقي الإعلام الرسمي جامدا في تعاطيه مع هذا الملف، مع استثناء طفيف سجلته انطلاقة مشروع قناة العيون، التي ظهر فيما بعد للأسف عجز مبادرتها، و عدم إمكانية تحملها لمسؤولية تعاطي مهني مع عدد من القضايا التي تشهدها الصحراء. فيما بقيت القناتان الأولى و الثانية بعيدتان كل البعد عن التماهي مع الانشغالات السياسية و السوسيو اقتصادية، فضلا عن الثقافية لأهل الصحراء، لدرجة تكرس معها الاقتناع للأسف لدى شريحة هامة من الصحراويين عدم إمكانية تحقيق أي إحساس لدى هؤلاء، بإيجاد ذواتهم في هذا النوع من الإعلام. فالخروج "الجريء"، و إن كان محدودا، للقناة الجهوية و الذي تمثل في برامج قوية و صادحة بصوت صحراوي جهوري يخترق ما كان يعرف بالطابوهات السياسية في الصحراء، حقق لفترة تقاربا بين الرأي العام بالمنطقة و هذه القناة، قبل أن يقتنع المسؤولون أن السير في هذا الدرب غير مأمون العواقب، في الوقت الذي كنا نؤمن فيه أن الحل يأتي بتشريح المرض و الكشف عن عيوبه، قبل وضع الضمادات عليه و "ستره". أمر أثبتته التجربة و واقع الحال، حينما ظلت وسائل الإعلام الرسمية هذه بعيدة كل البعد عن تغطية ما يحدث بجانبها من احتجاجات و ردود أفعال، توجت بأحداث اكديم إزيك و العيون نهاية السنة الماضية. أحداث بقيت أمامها وسائل الإعلام هذه منتظرة نقل ما يحدث للمتلقي عن طريق ألسنة الوزراء و المسؤولين، فاسحة المجال لوسائل إعلام دولية و أجنبية لتكرس القرب مع المواطن الصحراوي على اختلاف توجهاته. إن الإعلام في مختلف أنحاء العالم يبقى صوتا أولا لكل شعوب العالم، و ليس صوتا لمسؤولين معينين يعتقدون أن بإمكانهم وحدهم تكييف حياة الناس كيفما يشاؤون، و أنهم يستطيعون توجيه تفكيرهم السياسي و الاجتماعي و الاقتصادي ب"مبادرات" فوقية، لا يعلم المجتمع بإعدادها قبل أن تنزل عليه بالمظلات. الشيء الذي يكرس البعد الكامل بين الأطراف في هذه المعادلة. يحدث هذا في الوقت الذي يبقى الإعلام في كل أنحاء العالم مرة أخرى هو أحد أهم صانعي الرأي العام من خلال فسح المجال لأفراد مجتمع ما، للتعبير عن انشغالات المجتمع و رغباته و ميولاته على اختلاف أنواعها، بدءا بالسياسي، مرورا بالاقتصادي، وصولا للاجتماعي و الثقافي و الرياضي. صنع الرأي العام في الصحراء هو ما حاول عدد من الصحف و المجلات المستقلة القيام به في أوائل التسعينيات لا سيما منذ انطلاق تغطياتها لأحداث 1999 الأليمة، قبل أن تمنع من الصدور كصحيفة "الصحيفة"، و "لوجورنال"، رغم ترابط الأسباب بقضايا مختلفة أخرى. أما الإعلام الرسمي، فلم يساهم في خلق نخب حقيقية بالصحراء، بقدر ما كرس نخبا تقليدية لا ننفي أهميتها، مع إصرارنا على ضرورة تجديدها وفقا للمتغيرات الإقليمية و الدولية، باستثناء الخطوات الأولى للقناة الجهوية قبل أن يتم تغيير وجهتها لأسباب نجهلها لحد الآن، حيث عملت فعلا على إظهار نخب من أبناء الصحراء الشباب، سياسيا، أكاديميا، فكريا، و سوسيوثقافيا… لكن عموما ظل هذا الإعلام مصورا للإنسان الصحراوي كذلك الرجل الذي يلبس دراعة، أو تلك المرأة المرتدية ملحفة، الجالسين أو الماشيين أمام خيمة في الصحراء بجوارها جمل و طبل، كما جاء على لسان أحد الفكاهيين المغاربة متندرا بحالنا، حيث يتم تصوير التراث الصحراوي في شكل فلكلوري سطحي يركز على الشكل و يغيب الجوهر الثقافي للشخصية الصحراوية و تعاملها مع هذا التراث. وضع لا يمكن أن يوصف إلا بكونه مستدعيا لإعادة النظر، إن تفاءلنا كثيرا و لم نشأ استعمال تعبير "كارثيا"، و يجدر بالمسؤولين الرسميين النأي بأنفسهم عن محاولة توجيه الفاعلين، و صنع الرأي العام، و ترك المهمة للحقل الفكري و الإنتاج الإعلامي الحقيقي المبني على المبادرة و روح الخلق لدى الشباب. و لنا في الثورات العربية الجارية، لا سيما في مصر و تونس إسوة حسنة، لنأخذ العبرة من إعلام البلدين في الفترة الأخيرة، و تحقيق ذلك في إطار ديمقراطي سلمي بعيد عن أي مطالبة تكون محتقنة، لنكرس فعلا الخيار الديمقراطي الحداثي الذي لا رجعة فيه، و التي يصر المغرب على السير فيه منذ أواخر العقد الأخير من القرن الماضي. أما عند استحضارنا للخطاب الملكي الأخير في تاسع مارس 2011، فسنجد أن سرعة السلحفاة التي يسير بها هذا الإعلام المغربي، لا سيما في ارتباطه بقضية الصحراء، لن تستطيع أبدا مواكبة التحولات السياسية و الدستورية الشاملة التي يقررها جلالة الملك واحدة تلو الأخرى. كما لن تستطيع مواكبة تحولات الشارع بوسائله الجديدة و الحديثة من قبيل الإعلام الإلكتروني و المواقع الاجتماعية. و بالتالي لن نستطيع أن نتوفر على إعلام حقيقي في ظل هذه الراهنية المتسمة بالتردد و لغة الخشب، و استغلال وسائل الإعلام من طرف مسؤوليها إما لتحسين علاقات الزبونية و المحسوبية، أو لتصفية الحسابات مع الخصوم (على أساس شخصي طبعا). فالخطاب الملكي حمل جوابا مقنعا لأولئك الذين ظلوا ينعتون كل الديناميات التي عرفها المغرب عموما و الصحراء بشكل خاص مؤخرا بكون أصحابها لهم أجندات خارجية و أنهم جزء من المؤامرة. و هنا أستعير تعبير الزميل "عبد الصمد بنشريف"، الصحفي و الإعلامي و منشط البرامج الحوارية و السياسية بالقناة الثانية، في قوله إن هناك حتى في الإعلام العمومي بلطجية يعتبرون أن كل من يحمل دعوة لتأهيل الإعلام، ولتوضيح خط التحرير داخل غرف الأخبار، و لإعطاء صورة جديدة للإعلام العمومي، له أجندة خارجية و يريد التشويش على الوضع القائم، و لا هدف له سوى الزج بهذه المؤسسات في مزايدات و ربما في انزلاقات البلد في غنى عنها. أمور و تفاهات جاء الخطاب الملكي الأخير مجيبا عنها بقوة و داعيا إلى الانخراط بقوة في مسلسل الإصلاحات الشاملة التي يبقى الإعلام أحد أهم ركائزها. و ما لم ينخرط الإعلام العمومي، و ما لم يتحول إلى منبر و فضاء لطرح الأفكار و النقاش و التناظر السياسي و الفكري بين مختلف مكونات البلاد، فسيبقى الرأي العام في واد و هذا الإعلام في واد آخر. و قد رأينا كيف انتفضت حركة 20 فبراير ضد الإعلام العمومي، و أدانت أداءه بشكل شعبي واسع، تماما كما تدين يوميا مختلف الفعاليات الشعبية بالصحراء أداء هذا الإعلام في مقاربته لمختلف المحطات و الأحداث بالمنطقة. إننا لنرجو فعلا تغييرا ينقلب على كل الممارسات البائدة في هذا الإعلام بناء على المنطق و المهنية، لا على الحماس فقط، و الأهواء و الأمزجة. في تناغم تام مع التوجهات الرسمية التي ليس من المفروض أن تكون أكثر مبادرة و سرعة من الفعاليات المختلفة و على رأسها ألإعلام.
التوصيات التي أسفرت عنها المناظرة في مختلف محاورها : 1- السعي إلى تأسيس مقاربة ديمقراطية ترمي إلى قطع الطريق على أساليب الماضي والتراكمات السيئة التي ولدت مشاكل اجتماعية وسياسية ساهمت في تغذية و زرع الانفصال كما أدت إلى أحداث العيون. 2- العمل على توسيع صلاحيات الكوركاس فهو بصورته الحالية لا يستجيب للطموحات وما يتطلبه ذلك من ضرورة إفساح المجال لنخب جديدة ذات غيرة وطنية على أن تكون فعلا قيمة مضافة وقادرة على تمثيل المشاريع ومواكبتها. 3- ضرورة انشاء مراصد جهوية بجهة الصحراء لتحضير مشروع الجهوية المقبل بغية متابعة معدلات الشغل والتنمية مع التنصيص قانونا على نشر المعطيات التي تم التوصل إليها . 4- العمل على تفادي الاستمرارية في التدبير الكلاسيكي لقضية الصحراء والذي يتسم بالشحن العاطفي والشعارات الجوفاء التي لا صدى لها خارج الحدود والعمل بعيدا عن المناسباتية التي تكرس واقع التعاطي مع ملف له مكانته الخاصة الأمر الذي يطرح تساؤلات حول مدى جدية الأدوار الموكولة للدبلوماسية الشعبية ولا أدل على دلك ما جرى في المنتدى الاجتماعي العالمي في دكار. 5- حسن استثمار العنصر البشري وبلورة برامج استعجاليه تراعي الاهتمام بالتربية على المواطنة وفك الارتباط مع الريع بشكل تدريجي والقطع مع عقلية الامتيازات والإكراميات . 6- ضرورة إنشاء خلية تفكير من النخب الشابة و المثقفة تحلل وتخرج بتوصيات تمد بها صناع القرار وتساعدهم على مواجهة مسار هدا الملف الشائك. 7- احياء وإثراء النقاش العمومي السياسي والانفتاح على أفراد النخبة من كل أطيافها لكسب الرهان الديمقراطي وتجاوز معضلة القبلية . 8- اعتبار القبيلة والديمقراطية مفهومين يمكنهما التعايش و التحقق في المجتمع إذا تعززت الثقة بتجاوز منطق المقاربة الأمنية . 9- اعتماد منهجية القرب في التواصل حول القضايا الكبرى. 10- تعميق البحث حول البنيات القبلية أساسا وكل ما يرتبط بالصحراء لاتخاذ القرارات الصائبة . 11- ضرورة تدقيق المشروع المجتمعي المنشود في الصحراء. 12- تفعيل البحث التربوي الجهوي والمناهج والبرامج الجهوية في مجال التربية والتكوين وفتح جامعة بالأقاليم الجنوبية . 13- ضرورة فتح نقاش جاد و مسؤول حول قضية الصحراء داخل الأقاليم الصحراوية بامتداداتها الاثنية. 14- ضرورة تحميل النخب بالصحراء مسؤوليتها في هده المرحلة التاريخية . 15- تفعيل مبدأ المحاسبة في الاستغلال القانوني للثروات الطبيعي. 16- فتح تحقيق نزيه ومسؤول في ملف بطاقات الإنعاش الوطني وميزانياته. 17- تشغيل الشباب المعطل حاملي الشهادات العليا . 18- على وزارة الخارجية وضع قاعدة بيانات بكل القرارات والتقارير المرتبطة بالنزاع و الصادرة عن الهيئات الدولية والإقليمية. 20- خلق صندوق من اجل تشجيع جميع المشاريع التي تهدف إلى إدماج العائدين 21- تفعيل مشروع الجهوية الموسعة على ارض الواقع بسرعة. 22- تسريع المسلسل الديمقراطي في الصحراء والقطع مع استعمال مال الأعيان. 23- تشجيع وتطوير الإمكانيات الفنية والثقافية لدى العائدين والاستفادة من الكفاءات والخبرات التي يتوفرون عليها. 25- جعل موضوع العودة مسؤولية الجميع حكومة وأحزاب ومجتمع مدني وخلق خلية لمرافقة العائدين من اجل اندماجهم بصورة طبيعية في المجتمع المحلي و الوطني. 26- ضرورة إنعاش القطاع السياحي عن طريق منح امتيازات من اجل الاستثمار فيه. 28- تفعيل الخطب الملكية المتعلقة بالصحراء. 29- إعادة النظر في دور وكالة الجنوب. 31- ضرورة تعزيز حرية الإعلام السمعي البصري والمكتوب بالأقاليم الصحراوية لتمكين الصحراويين من التعبير عن آرائهم . 33- رفع الوصاية عن وسائل الإعلام التي هي ملك للمواطنين بالدرجة الأولى. 34- اعتماد خط تحريري واضح يكون بمثابة مرآت تعكس الصورة الحقيقية للواقع المعاش. 35- تصحيح الصورة التي خلفها الإعلام وتخبط فيها خلال السنوات الماضية. 36- دعم البث الإذاعي السمعي وتنويع برامجه و تحسين ظروفه التقنية من أجل تجاوز صعوبة الالتقاط ببعض المناطق في الصحراء. 37- دعوة فدرالية ناشري الصحف بالمغرب والوزارة الوصية على قطاع الإعلام إلى ضمان وصول الصحف والمجلات الوطنية إلى جهة الصحراء في الوقت الملائم أسوة بباقي مدن المغرب. 38- نشر مضامين هده الندوة في الإعلام الوطني والدولي وتعميمها على الوكالات الدولية . 39- عقد مناظرة مماثلة في الأقاليم الصحراوية .