سيتم حجب هذه الصورة تلقائيا عندما يتم الإبلاغ عنها من طرف عدة أشخاص.
في تقرير لمنتدى بدائل المغرب، المرصد المغربي للحريات العامة، الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان: أحداث مخيم «أكديم إيزيك» والعيون بين سؤال تدبير الشأن المحلي وإشكالات الانزياح
خلال ندوة صحفية عقدت بأحد فنادق الرباط يوم 4 دجنبر الجاري، قدمت ثلاث منظمات مغربية غير حكومية : الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان، المرصد المغربي للحريات العامة ومنتدى بدائل المغرب، تقريرا حول الأحداث التي عرفتها مدينة العيون مؤخرا. وتأتي أهمية التقرير من كونه ثمرة عمل تنسيقي لهذه المنظمات الثلاث، والذي تابع تطورات ما عرفته مدينة العيون منذ يونيو الماضي، أي قبل خمسة أشهر إلى 8 نونبر وما بعده. كما تكمن أهميته في مجموع الخلاصات والتوصيات الموجهة للداخل ، حكومة وأحزابا وبرلمانا ، كما هي موجهة إلى المنتظم الدولي لاسيما الجمعيات والهيئات الحقوقية والمؤسسات الدولية ذات الصلة بالنزاع المفتعل في جنوب المغرب. هذا وقد تمحور التقرير حول 5 محاور أساسية: - السياق ودوافع القيام بالتقصي - كرونولوجيا الوقائع - استقرار وتحليل النتائج - خلاصات - توصيات I. السياق 1 بخصوص فكرة التقصي: يأتي هذا التقرير في سياق استمرار اهتمام الهيئات الثلاث «الوسيط من أجل الديمقراطية وحقوق الإنسان»، و»المرصد المغربي للحريات العامة» و»منتدى بدائل المغرب»، بما يجري بمنطقة الصحراء، وهو التقرير الثاني للوسيط والمرصد خلال هذه السنة، حيث سبق وأن قدموا شهر يونيه الماضي تقريرا بخصوص «وضعية حقوق الإنسان بالمنطقة وأجندة النشطاء الصحراويين»، وذلك على خلفية وقفة احتجاجية تم تنظيمها كرد على تصريحات النشطاء خلال زياراتهم لمخيمات تندوف وما ترتب عن ذلك من احتكاك بين الطرفين، وكانت بعض أهم الخلاصات التي توصل إليها فريق التقصي آنذاك هي: 1. إن غياب وضوح أجندة النشطاء الحقوقيين خلال زياراتهم، وهيمنة منطق ترابطها باستحقاقات حقوقية دولية، يسقطها في افتعال هذه الأجندة، مما ظل يعيق إفراز نخبة حقوقية تعمل في علاقة بحقوق الإنسان في شموليتها. 2. إن جزءا كبيرا من تظلمات الناس واستيائهم ممن تم الاستماع إليهم بالرغم من تلبسها في الكثير من الأحيان قضايا الرأي السياسي، سواء في علاقة بهذا الطرف أو بالآخر، فإن عمقها يتصل بالموقف من الإعمال غير العادل والمنصف لتدبير السياسات العمومية محليا، خاصة في بعديها الاجتماعي والاقتصادي والمشاكل المتصلة بذلك. وقد تابع نفس الفريق المشترك للهيئات الثلاث إقامة المخيم والتفاعلات المحيطة به منذ بداياته، وباشر متابعته له على مرحلتين: ٭ المرحلة الأولى: (من 31 أكتوبر إلى 04 نونبر 2010): بعثت الهيئات بفريق مكون من ثلاثة أعضاء هم السادة: مصطفى حطاب وعزيز إدمين، وجواد الباقيلي. وقد تركزت مهمته بالأساس على زيارة المخيم، والاستماع إلى بعض مؤطريه، ونزلائه، وإلى عينة من الفعاليات المحلية، وتجميع المعطيات ذات الصلة. ٭ المرحلة الثانية: أوفدت الهيئات الثلاث فريقا للتقصي، أيام 9 - 10 11-- 12 نونبر 2010 ، ويتكون من: كمال لحبيب وخديجة مروازي ومحمد الصبار وحورية اسلامي حددت مهمته في ما يلي: * الاستماع لعينة من الساكنة، وللسلطات المحلية وفعاليات مدنية؛ * معاينة آثار الأحداث وحجم الأضرار والخسائر عبر زيارة مختلف الفضاءات التي كانت موضوعا للعنف والتخريب؛ * الاستماع إلى شهادات عينة من أسر الضحايا من أفراد القوات العمومية؛ * الوقوف على مدى إعمال القانون واحترام حقوق الإنسان في علاقة بالأحداث. وقد راسلت الهيئات وزارة الداخلية ووزارة العدل، للإخبار بمهمة التقصي. وفي هذا السياق تمكن فريق التقصي من مقابلة كل من: * والي جهة العيون * والي الأمن * مدير المستشفى الجهوي مولاي الحسن بالمهدي، وفريق من الأطباء بالمستشفى * مدير قناة العيون الجهوية * معايدة ومعاينة الجرحى والمصابين بالمستشفى * الاستماع إلى عينة من الساكنة من أحياء مختلفة بالمدينة، منهم من كانوا نزلاء بالمخيم، ومن كانوا شهود عيان خلال مختلف أطوار الأحداث. * معاينة المرافق والمنشآت والممتلكات والبنايات العمومية والخاصة التي تعرضت للتخريب. * جلسة تبادل مع موفدتي منظمة العفو الدولية المكلفتين بالتحقيق في أحداث العيون بتاريخ 01 دجنبر 2010 بعد رجوعهما إلى الرباط. وفي هذا السياق يتقدم فريق التقصي بجميع أعضائه وباسم الهيئات الثلاث بتشكراته لجميع ممثلي السلطات المحلية والهيئات والفعاليات المدنية والعائلات والأفراد الذين استجابوا لدعوة فريق التقصي، ومكنوه من مختلف الإفادات والدعامات التي كانت موضوع أسئلة الفريق وتحرياته. كل ذلك في جو من الثقة والاحترام المتبادل. 2 بخصوص منهجية العمل: بقدر ما يتحدد التقصي كرصد للوقائع واستقراء لها واستخلاص الدلالات عبر تقاطعاتها، فإن هذا التصور في علاقة بمخيم «أكديم إزيك» وما يتصل به من أحداث، لن يكون كافيا لفهم ما وقع من دون إعمال مختلف مستويات التحليل التي تتخذ من المعطيات وطرائق اشتغال الخطاب والتنقيب عن دعائم له، في علاقة باستحضار السياقات والترابطات، بينها وبين مختلف الوقائع، معطى أساسيا للمساهمة في فهم ما جرى. وقد اعتمدنا في ذلك على تجميع المعطيات واستخراج كرونولوجيا الوقائع، ومراكمة الإفادات واستقرائها على ضوء التقاطعات، وإعمال تقنيات التحليل باستدعاء السياقات وترابطاتها المباشرة وغير المباشرة بالمخيم وملابسات إقامته، وتنظيمه وتداعياته. II. كرونولوجيا الوقائع من 10 أكتوبر إلى 10 نونبر 2010 10 أكتوبر: احتج حوالي 173 شخصا على والي مدينة العيون بسبب وعود لم يف بها متعلقة بتوزيع بطاقات الإنعاش الوطني حسب تصريحهم؛ * نصب الأشخاص 173 حوالي 40 خيمة خارج المدار الحضري لمدينة العيون ب 12 كلم وإنشاء مخيم «أكديم إزيك»؛ 11 أكتوبر: وصل عدد الخيام 300 خيمة بالمخيم؛ * هيكلة المخيم بتشكيل لجنه وهي: لجنة التنسيق 27 عضو/ لجنة التنظيم والأمن وتضم 450 عضوا، وسيرتفع هذا العدد عند نهاية المخيم إلى ما يزيد عن 1200 عضو/ لجنة الحوار وتضم 9 أعضاء؛ * توزيع المخيم على 6 دوائر؛ * رفع المخيم لمطلبي السكن والشغل «للساكنة الأصلية لمدينة العيون» قبل فتحه في مرحلة لاحقة إلى جميع الساكنة؛ 12 أكتوبر: وصل عدد الخيام 800 خيمة؛ 14 أكتوبر:بداية بوادر الحوار بين ممثلي السلطة ولجنة الحوار المنبثقة عن المخيم؛ 17 أكتوبر: بلاغ للحكومة نشر في وكالة المغرب العربي للأنباء يعتبر أن المخيم ذو خلفية اجتماعية واقتصادية؛ 18 أكتوبر: خمسة من شيوخ وأعيان المدينة يلتقون بالمخيم بلجنة التنسيق دون أن تسفر عن نتائج ملموسة في مقابل استمرار النازحين للمخيم في بناء الخيم؛ 19 أكتوبر: وصول لجنة مركزية لوزارة الداخلية مكونة من ثلاثة ولاة هم السادة محمد اطريشة وابراهيم بوفوس ومحمد الإبراهيمي إلى مدينة العيون قصد إجراء أولى جولات الحوار مع ممثلي النازحين؛ 21 أكتوبر: بدء الجولة الأولى من الحوار بين الولاة الثلاثة ووالي الجهة مع لجنة الحوار؛ 22 أكتوبر: طرد أحد الأشخاص يدعى (م .د) من المخيم من قبل أجهزة المخيم بدعوى إخلاله بالنظام الداخلي للمخيم؛ 23 أكتوبر: حاول السيد « م د » رفقة 5 أفراد الدخول من المخيم من الخلف مما جعله يصطدم بنقط المراقبة التابعة للدرك الملكي، حيث اقتحم الحاجز بسيارة رباعية الدفع، واكبها إطلاق نار نجم عنه وفاة الطفل الناجم الكارح (عمره 14 سنة)؛ 24 أكتوبر: فتح تحقيق من طرف النيابة العامة حول أسباب الوفاة؛ 25 أكتوبر: إكمال الطوق الأمني حول المخيم من طرف القوات العمومية ؛ 26 أكتوبر: صدور البيان الأول للجنة الحوار موقع من قبل ثلاثة أشخاص، مدينا «استخدام الذخيرة الحية ضد الناجم الكارح»، ومجددا التأكيد على المطالب الاجتماعية للنازحين؛ * اللقاء الثاني بين ممثلي السلطة المركزية ولجنة الحوار على أساس مباشرة لإحصاء النازحين؛ 27 أكتوبر: اللقاء الثالث بين اللجنة المركزية ولجنة الحوار، طلبت الأخيرة مهلة خمسة أيام لإتمام الإحصاء؛ 28 أكتوبر: انطلاق عمليات توزيع البقع الأرضية وبطاقات الإنعاش على الأرامل والمطلقات وذوي الحاجة، من قبل السلطات المحلية، اعتبرتهم وزارة الداخلية من النازحين بينما اعتبر منظمي المخيم المبادرة استهدافا لإضعاف المخيم؛ 29 أكتوبر: وصول وزير الداخلية لمدينة العيون واجتماعه مع شيوخ قبائل وأعيان ومنتخبي المدينة؛ 31 أكتوبر: اللقاء الرابع بين السلطة المركزية ولجنة الحوار؛ 2 نونبر: اجتماع وزير الداخلية بلجنة الحوار حول المطالب؛ 3 نونبر: وصول عدد من برلمانيي المنطقة للمشاركة في إيجاد حل للمشاكل الاجتماعية للساكنة؛ 4 نونبر: لجنتي الحوار والإعلام بالمخيم تعلنان في بيان ثان عن براءتهما «من أية حلول صورية تستهدف الإعلام وتروج الأكاذيب دون التوصل لأي حل جذري للمشكل»؛ * اجتماع برئاسة وزير الداخلية بين ممثلي السلطة المركزية ولجنة الحوار، طلبت هذه الأخيرة بعد انتهائه الرجوع للمخيم للاستشارة قبل التوقيع على المحضر؛ * انتهاء الحوار بين الأطراف بالاتفاق على المطالب، مقابل رفض لجنة الحوار التوقيع على المحضر، وعلى أساس أن يقوم والي الجهة بزيارة للمخيم في يوم الغد الجمعة لإطلاق عملية التسجيل؛ 5 نونبر: منع والي الجهة رفقة مجموعة من رجال السلطة من الولوج للمخيم من قبل من يسمى ب»والي أمن المخيم»؛ * بلاغ وزارة الداخلية بوجود عناصر تحتجز أطفالا وشيوخا ونساء بالمخيم وتعمل وفق أجندة خارجية؛ 6 نونبر: خطاب ملكي بمناسبة ذكرى المسيرة الخضراء؛ 7 نونبر : قرار الوكيل العام للملك بتفكيك المخيم بما يضمن السلامة الجسمانية لنزلائه؛ * بداية إرسال شاحنات المياه في اتجاه المخيم مساء هذا اليوم وإنزال أمني كثيف؛ * إشاعة الخبربالمدينة واتجاه الساكنة واصطفاف مئات السيارات أمام نقطة التفتيش نحو المخيم نجم عنها احتكاك بين عناصر الأمن وبعض العناصر التي تنتظر النفاذ إلى المخيم؛ * مع عدم التمكن من النفاذ إلى المخيم، نقلت بعض العناصر هذا الاحتقان إلى مدينة العيون عند الساعة السابعة مساء؛ * اكتظاظ شبكة الاتصالات وتعذر الاتصال بين المخيم والمدينة؛ 8 نونبر: الساعة السادسة صباحا: طائرات مروحية تحلق فوق المخيم؛ * الساعة السادسة و 15 دقيقة: الطائرات تحلق فوق المخيم وتطالب بإخلاء المخيم من خلال مكبرات الصوت، والتوجه نحو الحافلات لنقلهم للعيون؛ * كانت الحافلات المخصصة لذلك تنتمي لإدارة «المكتب الشريف للفوسفاط»؛ * الساعة السادسة والنصف، دخول المجموعة الأولى من القوات المساعدة والدرك لتفكيك المخيم، ووجهت بمقاومة من قبل عناصر من داخل المخيم؛ * دخول المجموعة الثانية معززة بشاحنات المياه والقنابل المسيلة للدموع، وتم تفكيك المخيم في ظرف 55 دقيقة حسب البيانات الرسمية، بينما استمرت مواجهات العناصر بالمخيم مع أفراد القوات العمومية لمدة ساعة ونصف حسب تقاطع الشهادات؛ * الساعة السابعة والنصف: خروج عدد كبير من عائلات نزلاء المخيم بالعيون عند إشاعة بداية تفكيك المخيم لشارع السمارة، وضمنها عناصر بدأت تباشر عمليات التخريب وستتعزز أكثر بالتحاق العناصر المتواجدة في المخيم عبر سيارات رباعية الدفع، مسلحين بالسيوف والسكاكين ومحملين بالقنينات الحارقة؛ * غياب وجود عناصر الأمن؛ * الساعة الحادية عشر والنصف: ستتدخل مجموعات من الساكنة لتصد عشرات العناصر القادمة من عمليات التخريب بشارع السمارة والمتوجهة إلى ملتقى الدشيرة لمباشرة التخريب هناك، وانطلاق عمليات العنف المضاد من طرفهم؛ * امتداد العنف المضاد إلى تخريب المحلات التجارية والسكنية بحي «كلومينا» و»اسكيكيمة» وإحراق السيارات الخاصة واستعمال قنينات الغاز والضرب بأسلحة بيضاء وعصي؛ * الساعة الواحدة: بداية تدخل القوات العمومية بالمدينة؛ * الإعلان عن وفاة مدني بعد دهسه بسيارة أمن كانت مسرعة وتم نقله إلى المستشفى؛ * وفاة خمسة أفراد من قوات الأمن؛ * وجود عدد كبير من الجرحى في صفوف قوات الأمن والمدنيين؛ * إحراق عدة مؤسسات عمومية ومحلات سكنية وتجارية وسيارات؛ 9 نونبر : توافد مختلف أنواع القوات العمومية وانتشارها على مسافة من الأحياء التي طالها التخريب؛ 10 نونبر: بلاغ لوزارة الداخلية يحصر عدد القتلى والجرحى والموقوفين. IIII. استقراء وتحليل الوقائع أولا: على مستوى المخيم: 1- بخصوص فكرة المخيم وتركيبته: سبق أن حاولت مجموعة من الساكنة مرتين نصب مخيم نهاية شتنبر 2010، الأول ضم 6 خيام بالضاحية الشمالية لمدينة العيون (الطريق إلى طانطان) والثاني ضم 27 خيمة قرب أكديم إزيك في الضاحية الشرقية لمدينة العيون. وقد شكل أصحاب هذه المبادرة (الأولى والثانية)، النواة التي نقلت حركة احتجاجها إلى مخيم أكديم إزيك يوم 10 أكتوبر 2010. بمجرد ما اعتبره أصحاب المبادرتين الأولى والثانية تراجعا عن الاتفاق الأولي مع والي الجهة بخصوص مطلب السكن والشغل لمجموعة يتراوح عددها مابين 30 و40 فردا، تمت إشاعة خبر بالمدينة بخصوص تعبئة كل من لم يستفد من السكن والشغل للالتحاق بمنطقة «أكديم إزيك» مصحوبا بخيمته، مما سيجعل المخيم يستقبل على مراحل ودفعات ما يقارب 6000 خيمة خاصة على مدى الأسابيع الثلاثة الأولى، والتي تتسع لما يقارب 20000 فرد من النساء والرجال والشباب والشيوخ والأطفال، يلاحظ بخصوص أعداد الخيام وعدد النزلاء بها ما يلي: * هناك خيام نصبها أصحابها وسكنوها؛ * هناك خيام نصبها أصحابها وتركوها حيث لم يسكنها أحد وظلت مغلقة؛ * هناك خيام نصبت وظل يقصدها أصحابها أيام السبت والأحد، وأيام العطل؛ * هناك خيام لأشخاص غير موجودين كلية بمنطقة الصحراء جميعها، ونصبت بالنيابة عنهم من طرف جيرانهم، لمجرد أنهم قطنوا بالعيون خلال سنوات مضت؛ * هناك خيام نصبت من طرف أفراد غير قاطنين في العيون وأتوا من مدن أخرى؛ وهو ما سيجعل من عدد الخيام معطى قابلا للتحديد، على عكس الرقم الحقيقي لعدد النزلاء بالمخيم، فكما يمكن أن يقضي الليلة، بالمخيم مابين 900 و1200 فرد ، يمكن لهذا العدد أن يتضاعف ست مرات عند نهاية الأسبوع، مما سيجعل المخيم يتشكل من ساكنة متضررة على مستوى السكن والشغل، ومن متضامنين مع المتضررين على هذا المستوى، إلى جانب فئات ذات مصالح خاصة، وليتوزع مجموع المخيم على ست دوائر كل دائرة تتضمن ألف خيمة تقريبا وليتهيكل من خلال ما يلي: * فئة ذات مطالب اجتماعية؛ * مجموعات ذات ارتباطات متفاوتة بجبهة البوليساريو؛ * مجموعات ذات ارتباطات بالتهريب والهجرة السرية، والمبحوث عنهم من ذوي السوابق القضائية؛ * فئات ذات ارتباطات بالتقاطبات القبلية والسياسية والتمثيلية بالمنطقة وامتداداتها داخل المؤسسات، والمتنافسة على نفس المواقع والمصالح بالمنطقة، بمعنى أن هذه التقاطبات ستنقل جزءا من قاعدتها والمتعاونين معها إلى المخيم، بما يفسر الدعم المادي والمعنوي الملموس لنزلاء المخيم، وهو الوجود الذي سيتم على مراحل بناء على الرهانات الخاصة بكل طرف. * فئة من المهاجرين العائدين من إسبانيا على إثر الأزمة الاقتصادية؛ * فئة من العائدين من مخيمات تندوف. كل هذا سيجعل المخيم يتقدم كشكل احتجاجي بمنطلقات وأهداف متعددة، تخترقه فئات ومجموعات بمصالح متفاوتة ومختلفة وحتى متناقضة. بخصوص اللوجيستيك، وخلال زيارة الفريق الأول، تمت معاينة حجم الدعم المادي الذي كان يتدفق على المخيم والذي كان ظاهرا للعيان من قبيل انتظام التزويد بالمؤن الغذائية، واستعمال عدد هام من السيارات، خاصة منها الرباعية الدفع والمزودة باستمرار بالمحروقات، فضلا عن توفر أجهزة الهاتف المحمول المعبأة لجميع أعضاء اللجنة التنظيمية...، مع التذكير أن شريحة هامة من نزلاء المخيم كانت تتشكل من الشباب العاطل، حسب التوصيف الأولي لطبيعة المطالب الاجتماعية ولحامليها. سيظل المخيم على مدى وجوده قبلة لحركية ذهاب وإياب من المخيم إلى المدينة ومنها إلى المخيم، يخضع لمراقبة ثلاثة حواجز خاصة بأجهزة الأمن قبل الوصول إلى الحواجز الخاصة بالأمن الخاص للمخيم. 2 بخصوص مطالب نزلاء المخيم وشعاراته: - ينتظم المخيم ظاهريا من خلال المطالب الاجتماعية ذات الصلة بالفئة الأولى، المتضررة اجتماعيا سواء على مستوى السكن أو الشغل، وهي فئة تنتظم من خلال الأرامل والمطلقات والمعوزين والعاطلين. وقد شكلت مطالب هذه الفئة الواجهة المؤطرة للمخيم، والمنتجة لخطابه محليا ووطنيا، في علاقة بالطرف الرسمي في الحوار، وبالصحافة الوطنية وبالمجتمع المدني بالمغرب. - بينما ينتظم المخيم في علاقة بالخارج من خلال شعارات المجموعات ذات الارتباط بجبهة البوليساريو، وهي المتحكمة في الآلة الإعلامية الدعائية الخارجية له، عبر شعارات سياسية صرفة ومستنسخة على مستوى وثائقها ومواقعها الالكترونية. وهنا ينبغي التمييز بخصوص المطالب بين مستويين: * ما يعتبر مطالب اجتماعية لفئة من الساكنة، لم تستفد من السكن والشغل، بالرغم من وجودها بالمنطقة، وإحصائها كساكنة مند 1974، مقارنة باستفادة فئات واغتناء أخرى، بينما ظلت هي شاهدة على اختلالات تدبير الشأن المحلي، ورهنه بنفس الأشخاص ومصالحهم على مدى ثلاثة عقود، وهي المطالب التي ستشكل موضوعا للحوار بين لجنة المخيم وممثلي السلطة. * و ما يعتبر شعارات سياسية للمجموعات ذات الارتباط بجبهة البوليساريو، والتي لن تشكل موضوعا للحوار لأنها غير مصاغة كمطالب، بل موجهة إلى الخارج، كشعارات تشتغل بمنطق المحرك من أجل إدامة المخيم وبأفق تصعيد و تأزيم اتجاه إيجاد الحل، وهي المنتج الفعلي لشعار «خيرات أرضنا كفيلة بتشغيلنا»، الذي يتمحور حوله خطابها على المستوى الدولي، وما يترتب عنه من مطالب ومعجم خاص باستنزاف الثروات لدى جبهة البوليساريو. إن شعار الفئة ذات المطالب الاجتماعية والذي يتحدد في «السكن والشغل للساكنة الأصلية»، لا يعتبر امتدادا لشعار «خيرات أرضنا كفيلة بتشغيلنا»، بل تحويرا له واستلاء عليه، وهو ما ستعكسه نقطة التحول في حياة المخيم، وهو ينفتح أمام جميع الصحراويين بمطالب وشعارات مختلفة، ضمنية وصريحة، ليبدأ انتظام المخيم من خلال هاجس التعبئة لقاعدة واسعة غير منسجمة في مطالبها وأهدافها ، وليس فقط لساكنة أصلية متضررة اجتماعيا. إن صياغة مطالب اجتماعية محلية بنفس سياسي خارجي صرف يعكس منذ البدء التوجه الذي تحكم في المخيم، وليس فقط ما آل إليه. إن وجود مجموعات ذات ارتباطات متفاوتة بجبهة البوليساريو وجدانيا وسياسيا، وأخرى بشبكات التهريب والهجرة السرية وأصحاب السوابق حسب الملاحظين والمشاركين في المخيم، وتحالفها وتوحد مصالحهما من أجل إدامة المخيم، هو معطى ثابت وحاضر وملموس على امتداد وجود المخيم، والذي يمكن فهمه في السياق التالي: - منذ سنة ونصف بدأ ما يعرف بالنشطاء الصحراويين المدافعين عن حقوق الإنسان، بتنظيم زيارات لمخيمات تندوف كمجموعات على مراحل غطت ما يقارب 15 شهرا،كصيغة لتفعيل إحدى توصيات المؤتمر الثاني عشر لجبهة البوليزاريو والذي يراهن في بيانه الختامي على ما يسميه «تأجيج المقاومة في الأراضي المحتلة». غير أنه بعد تواتر هذه الزيارات إلى مخيمات تندوف، وبعد أن شارك فيها عشرات «النشطاء»، اتضح بأن هذه الصيغة لم تستطع تحقيق الأهداف المسطرة لها، وهو تعبئة وخلق رأي عام محلي ودولي من خلال المراهنة على ردود فعل الدولة المغربية، عبر المنع والتضييق على هؤلاء «النشطاء» عند رجوعهم من زياراتهم لمخيمات تندوف بالجزائر. وبينما تم اعتقال المجموعة الأولى بتاريخ 08 أكتوبر 2009، المكونة من 7 أفراد، سيفرج بعد أشهر عن 4 منهم، ومتابعتهم في حالة السراح، والإبقاء على الثلاثة الباقين رهن الاعتقال، في مقابل ذلك ستظل باقي المجموعات الأخرى تتحرك في اتجاه المخيمات وتعود منها بحرية، مما سيجعل هذه الصيغة المراهن عليها في توتير الأجواء بالمنطقة تستنفذ ذاتها. إن تقييما لهذه الاستراتجية الخاصة «بالنشطاء الحقوقيين» - حسب آراء وتفسيرات متداولة بالمنطقة - أظهر ضعف حصيلتها، وإتلاف أهدافها، خاصة المتصلة منها بالنتائج العكسية لرهاناتها ذات الصلة باستحقاقات من مستوى: قرار مجلس الأمن الدولي رقم 1920، القاضي باحتفاظ المينورسو بمهمتها الأصلية، وتجاوز ذلك إلى التوصية الأممية الخاصة بإحصاء ساكنة مخيمات تندوف عبر الحوارات الفردية، بما يعنيه ذلك من إشارات إلى احتضان المخيمات لساكنة تتوزع اليوم ما بين لاجئين ومحتجزين ومستقدمين ومن مناطق وبلدان غير معنية بالنزاع. - إن التحول الذي يعرفه الفاعلون اليوم من هوية «النشطاء الحقوقيين»، إلى «المدافعين الصحراويين» يجد تفسيره في بداية الالتفاف على مطالب فئات اجتماعية والتعبئة من خلالها واستقطاب مجموعات أخرى متضررة من الصرامة التي تعرفها المنطقة على مستوى التصدي لشبكات التهريب والهجرة السرية، وما يتصل بهما على مستوى الجريمة العابرة للحدود. إن التفاف النشطاء على التسلل للتعبئة من خلال المطالب الاجتماعية لا يمكن تصوره في غياب التنسيق وبناء التحالفات أو حتى تشجيعها مع هذه المجموعات، وهو ما يفسر منذ سنة التحول في هوية بعض المتابعين والمحكومين قضائيا على خلفية قضايا التهريب، والهجرة السرية المتواجدين بالسجون المغربية إلى مدافعين وأصحاب رأي سياسي، وتبني جبهة البوليساريو لهم وإدماجها إياهم في لوائحها ومواقعها الإلكترونية بهذه الصفة الجديدة، وإصدارها بيانات الاحتضان والتضامن ذات الصلة. يمكن التدليل على ذلك بأمثلة كثيرة نكتفي منها في علاقة بالمخيم بما يتعلق بمسار وبروفيل «والي أمن المخيم» بالمخيم، بسوابقه القضائية في مجال التهريب ومشاركته بل ريادته لمجموعة النشطاء والمدافعين في زيارتها للجزائر ومخيمات تندوف خلال شهر يوليوز الماضي، وكذا من خلال بروز مطلب وقف البحث والمتابعة بخصوص من صدر في حقهم مذكرات بهذا الشأن خلال مرحلة من مراحل الحوار. 3 بخصوص مسلسل الحوار وآلياته: منذ إطلاق المبادرتين الأولى والثانية لنصب الخيام، تم الاتصال بوالي الجهة حول مطالب المجموعة، وإذا كان لقاؤهم به قد أسفر على اتفاق أولي بتقديم بطاقات الإنعاش للمجموعة التي يتراوح عددها ما بين 30 و40 فردا، مقابل إزالة الخيام واستمرار الحوار بخصوص المطالب الأخرى، وهو الاتفاق الذي تعثر بسبب تراجع الوالي عن استقبال لجنة الحوار حسب تصريح أعضائها في الموعد المحدد لذلك، وبسبب عدم مجيئ لجنة الحوار للموعد المحدد حسب تصريح الوالي. - في مرحلة أولى، وبعد أيام عن نصب نفس الخيام بمنطقة «أكديم إزيك»التي توجد خارج المدار الحضري، شرق مدينة العيون وتبعد عنها ب12 كيلومترا تقريبا، دعا والي الجهة ومعه ممثلو السلطات المحلية اللجنة الممثلة للمخيم للحوار، وستشترط هذه الأخيرة منذ البداية أن يتم إبعاد شيوخ وأعيان المنطقة من الحوار. - وفي مرحلة ثانية سيباشر الحوار بلجنة مكونة من ثلاثة ولاة من الإدارة المركزية وسيتم اشتراط إبعاد تمثيلية أبناء المنطقة في الطرف الرسمي في الحوار . - وفي مرحلة ثالثة سيباشر وزير الداخلية جلسات الحوار مع اللجنة وذلك يوم 29 أكتوبر ويوم 4 نونبر 2010، وسيستمر نفس الشرط الخاص بإبعاد ممثلي المنطقة والمنتمين إليها من الطرف الرسمي في الحوار. بقدر ما لوحظ، عبر جلسات الحوار التي بلغ عددها (8)، التجاوب مع مطالب المحتجين، والإقرار بها واقتراح الحلول ذات الصلة،من طرف ممثلي السلطات المركزية، فإن سقف وطبيعة هذه المطالب سيظل يتسع ويتغير كل ما تم تسجيل التقدم بشأن المطالب الأصلية، وذلك عند الرجوع إلى المخيم والاستشارة مع آلياته، وذلك بإدماج مطالب جديدة، يلاحظ بشأنها إمكانية التعهد بها على مدى متوسط وبعيد والتي لا يمكن حسب السلطات المحلية الوفاء بتفعيلها على مدى قريب وبشكل آني مثل: (الطريق السيار الرابط بين أكاديروالعيون، إحداث كليات: الطب، الهندسة، إلغاء العقوبات من السجلات العدلية...). في غياب عدم تفعيل أعضاء لجنة الحوار - وبعد الاتفاق على المطالب خلال الاجتماع الثاني مع ممثلي السلطات المركزية، بتاريخ 26 أكتوبر- إحصاء المعنيين بمطلبي السكن والشغل، سيتم حسب أفراد من لجنة الحوار اقتراح إشراف الولاية على ذلك داخل خيام خاصة بالقرب من المخيم، في مقابل ذلك لم يسمح لنزلائه من طرف آليات المخيم بالتقدم نحو الخيام التي نصبت لإطلاق عملية التسجيل. بعد التردد على هذا المستوى، أطلقت الولاية مبادرتها بالنسبة للتسجيل في جلسة عمومية بنفس المعايير التي تم الاتفاق عليها وهي: المساواة، والاستحقاق، والشفافية مع الأسبقية للأرامل، والمطلقات، والعجزة... نقل مراسيم توزيع بقع أرضية للسكن، وبطائق الإنعاش الوطني عبر وسائل الإعلام المرئية، جعل آليات المخيم (لجنة الحوار والتنسيق والتنظيم والأمن)، تعتبر ذلك استهدافا للمخيم، وخاصة بعد ظهور بعض المستفيدين الذين لا تتوفر فيهم المقاييس السابقة. التنصيص بصرامة من طرف لجنة التنظيم والتنسيق والأمن كآليات للمخيم، من جديد بالتزام نزلاء المخيم بالبند الذي يقضي بالمنع من ترك المخيم وهدم الخيمة، إلى حين إيجاد الحل الكلي والشامل للجميع. سيعتبر اجتماع وزير الداخلية بلجنة الحوار (المخيم) يوم الخميس 4 نونبر مفصليا في تحديد التطورات اللاحقة، فبعد الاتفاق على جميع المطالب ذات الصبغة الاجتماعية والإستعجالية، والأخرى التي اتفق على برمجتها أو دراستها، تمت صياغة محضر الإجتماع، وهو ما تطلب توقيع الأطراف ذات الصلة على مضمون والتزامات أطراف الإتفاق. غير أن لجنة الحوار (المخيم) ستتردد في التوقيع على محضر الاتفاق، وتطلب مدة للذهاب إلى المخيم للتشاور. وعند رجوعها، جاء أعضاؤها بملاحظات إضافية على محضر الاجتماع الذي أخذوا معهم نسخة منه، ولائحة باسم 200 شخص في وضعية إعاقة يطالبون لهم ببطاقات الإنعاش، وتم قبول الملاحظات وإدماجها، كما تمت الموافقة على اللائحة، ومباشرة دعمها بالبطائق إبتداء من تلك الليلة. عند الانتقال إلى التوقيع على المحضر، طلب بعض أعضاء اللجنة دقائق لإجراء اتصالات هاتفية، وليتم إخبار وزير الداخلية ووالي الجهة ومن معهما، طلب أعضاء لجنة الحوار (المخيم) الاكتفاء بالمحضر دون توقيع، والاعتماد على مبدأ الثقة، وليتم الاتفاق على تحديد صباح يوم الجمعة 5 نونبر 2010، كموعد لالتحاق ممثلي السلطات المركزية لمباشرة إطلاق عملية التسجيل التي ستتم بالمخيم. سيتقدم الوالي مصحوبا بممثلين آخرين للسلطة من أبناء المنطقة والإعلام، متوجهين إلى داخل المخيم في حدود الساعة العاشرة صباحا إعمالا للإتفاق بين الطرفين، غير أنه سيتم منعهم من طرف والي أمن المخيم والذي لم تستطع لجنة الحوار تجاوزه والإقرار أمامه بالتزاماتها وضمنها ما ورد في محضر الاجتماع، ولتبرر ذلك لاحقا بتزامن ذلك مع شروعها في التواصل وإخبار نزلاء المخيم بالمعطيات. إن هذا الحادث يعتبر مؤشرا أساسيا للوقوف عند ما شكل عقدة أمام توصل مسلسل الحوار إلى التنزيل العملي للحل بالرغم من تقدمه، فجلسة العمل بين أطراف الحوار: (وزير الداخلية والولاة ولجنة المخيم)، أسفرت بشأن المطالب عن اتفاق بالتزامات واضحة بشأن تفعيل المطالب في علاقة بتسجيل المعنيين بها وحل المخيم، وذلك يوم الخميس 4 نونبر 2010، وهي التزامات ستتم مباشرة إعمالها من طرف مختلف الأطراف، بدءا من صباح يوم الجمعة 5 نونبر 2010 في الساعة العاشرة صباحا. بينما يفترض، التوصل إلى حل المشاكل، أن تكون الاجتماعات الخاصة للجنة الحوار بلجنة التنسيق والتنظيم والأمن، وكذا الجموع العامة مع النازلين بالمخيم، قد عقدت بمجرد عودة اللجنة من جلسة الحوار ليلة الخميس (4 نونبر). وقد صرح لنا أعضاء من لجنة الحوار بأنهم لم يبلغوا ساكنة المخيم، بتلبية مطالبهم تلك الليلة. في هذا السياق ستبدو لجنة الحوار مخترقة، عبر أعضائها بتوجهات ومصالح مختلف التيارات والفئات، بل ومتجاوزة للتحكم في مسار المخيم في علاقة صرفة بالمطالب الاجتماعية التي تحملها. فبالرغم من وجود من يمثل المطالب الاجتماعية للساكنة، فإن هذا التوجه غير محدد في حسم اتجاه وتوجيه المخيم، ليتقلص دوره في الحفاظ على إبراز الخطاب الاجتماعي في علاقة بالسلطات المحلية والمركزية، وبالصحافة الوطنية، كواجهة أساسية لاستدامة المخيم. في مقابل ذلك كانت الآراء الموالية لجبهة البوليزاريو تجد مختلف القنوات لتصدير مواقفها السياسية المتصلة بالانفصال وبشعاراته، يبرر أعضاء لجنة الحوار ذلك بعدم تمكن آليات المخيم من التحكم في ما يجري داخل الخيام بحكم اتساعه وتعدد مشاربه. بينما لم تتمكن أصوات أخرى من التعبير عن نفسها، بل وحتى النفاذ إلى المخيم، حيث تم منع دخول قناة العيون الجهوية وصحافييها، نفس الشيء بالنسبة لمراسلي «جون أفريك» و»رويترز»، وما تعرضا له من منع وصل إلى حد استنطاق أحدهما.. إن إفادات أحد أعضاء لجنة الحوار الذين حضروا جميع جلسات الحوار مع ممثلي السلطات، وبعد ثلاثة أيام على فك المخيم وعلى الأحداث، يؤكد في لقاء للفريق معه، بأن التجاوب الكلي لممثلي السلطات الترابية، وخاصة وزير الداخلية مع مطالبهم كان غير مسبوق، واعتبر من طرفهم مؤشرا على عدم جدية وصدقية الوعود والتعهدات، إذ لم يخفوا مفاجأتهم من الاستجابة الكاملة للمطالب الاجتماعية التي تقدموا بها. إن محدودية تجربة ووعي أعضاء من لجنة الحوار بدورهم في تحصين المخيم خلال إدارة دفاعهم على المطالب الاجتماعية، كان يقابله الوعي الحاد للمكونات الأخرى بدورها في رفع سقف المطالب المطروحة وعرقلة إيجاد الحل، والعمل على تمطيط وجود المخيم. اتضح على مدى مجموع جلسات الحوار ما بين ممثلي السلطة وممثلي المخيم، بأن الحوار في كثير من الأحيان ظل يتقدم أو يتعطل ليس فقط في علاقة بالمطالب، بل وأساسا في علاقة بأطراف الحوار، حيث ظلت لجنة الحوار بالمخيم تشترط رفض وجود أي صحراوي في الطرف الرسمي المحاِور. في مقابل ذلك ينبغي استحضار ظرفية وتزامن إقامة المخيم بسياق الاستحقاقات الوطنية والدولية والعلاقات التلازمية بينهما، والتي تشكل معطى أساسيا لقراءة وتيرة إدارة الحوار وتدبير مراحله، (تواجد الأمين العام للأمم المتحدة بالمغرب، وزيارة مبعوثه الخاص للمنطقة كريستوفر روس، عقد الدورة غير الرسمية للمفاوضات). في مقابل الاستحقاقات الوطنية من قبيل: تخليد ذكرى المسيرة الخضراء، إعادة النظر في تركيبة واختصاصات المجلس الملكي الاستشاري للشؤون الصحراوية «الكوركاس»، النقاش حول الجهوية الموسعة والحكم الذاتي، استحقاق الانتخابات المقبلة وتعيينات خاصة بالولاة والمؤسسات. ثانيا: على مستوى الأحداث: 1 بخصوص مجالها وامتداداتها: ترتبط بداية الأحداث باتخاذ السلطات المحلية قرار فك المخيم، والشروع في إعمال هذا القرار يوم الاثنين 8 نونبر 2010. بدأ تفكيك المخيم في الساعة 6 و45 دقيقة، بعد تعميم نداء إخباري شفوي باللهجة المحلية، عند الساعة 5 و50 دقيقة، وقبله كانت عمليات إزالة الجدران الرملية، التي كانت محيطة بالمخيم لتسهيل عبور الأفراد والسيارات الخاصة بالنزلاء، وهي العمليات التي استغرقت ليلة الأحد وصبيحة يوم الإثنين إلى حدود الساعة الرابعة صباحا تقريبا. وانطلاقا من تقاطع الإفادات والصور والتسجيلات التي تمت معاينتها، سيبدأ إخلاء المخيم، والاتجاه نحو الساحة، كما شرعت العناصر المسلحة بالسلاسل، والخناجر والسيوف والسكاكين، والعصي، وضمنها عناصر ملثمة ترمي بقنينات المولوتوف الحارقة بالقرب من الخيام وفي اتجاه القوات العمومية، مما شكل خطرا كبيرا على حياة نزلاء المخيم وهم يستعدون لترك الخيام، أو يتحركون نحو نقطة تجمعهم في الساحة. بموازاة ذلك كانت القوات العمومية ترمي بالقنابل المسيلة للدموع، وتطلق خراطيم الماء للتفريق وتسريع وتيرة إخلاء المخيم، بينما توجهت سيارات رباعية الدفع في ملكية نزلاء بالمخيم تحمل ملثمين، كما توجه أيضا عشرات العناصر الأخرى بساحة المخيم والمسلحة بسكاكين وعصي وسيوف في اتجاه الاشتباك بالقوات العمومية واستهدافها. خروج مواطنين من مختلف الفئات من الخيام والاتجاه إلى ساحة قريبة منها وتجمعهم بها لدقائق قبل بداية انطلاق مجموعات في اتجاه حافلات النقل (التابعة للمكتب الشريف للفوسفاط)، أو إلى مختلف المنافذ التي تم فتحها للخروج من المخيم، والسير مشيا في اتجاه المدينة والدخول إليها عبر شارع السمارة. تواصل المواجهات بين القوات العمومية (الدرك والقوات المساعدة)، وبين عشرات العناصر المسلحة من المخيم، ولتستمر عملية تفكيك المخيم وإفراغه حسب تقاطع الإفادات والبيانات الرسمية وغير الرسمية لمدة 55 دقيقة، بينما استمرت المواجهات مابين القوات العمومية، وعشرات العناصر، لما يقارب الساعة والنصف، سقط على إثرها قتلى في صفوف القوات العمومية، وجرحى من الطرفين. في مقابل ذلك، جرت اتصالات ما بين أفراد العائلات المتواجدة بالمخيم بمدينة العيون منذ الدقائق الأولى لتحليق طائرات الهيلكوبتر على المخيم، وبداية تعميم نداء إفراغه لتنطلق التعبئة في المدينة من أجل الخروج إلى الشارع للتظاهر اعتمادا على إشاعة مفادها أن مجزرة تقع في المخيم. يشكل شارع السمارة مدخلا للعائدين من المخيم، لذلك اتخذ منطلقا ومسرحا لتلك الأحداث، من خلال التظاهر من طرف نساء ويافعين التحقوا من ثانوية المصلى، بموازاة بداية اجتثات أعمدة الإنارة العمومية، وبناء المتاريس بها وبواسطة الحجر بشارع السمارة، والعجلات المطاطية المشتعلة بشارع السمارة، وبداية التخريب والحرق والضرب بالأسلحة البيضاء من طرف عناصر تعد بالعشرات، بعضها ملثم ويمتطي سيارات رباعية الدفع، وكل ذلك مصحوب بالزغاريد حسب الشهود. كانت كل سيارتين تتقدم لتقف بشكل معاكس كل واحدة في اتجاه يمين ويسار المنشآت العمومية والأبناك ومحلات تجارية، للقيام بتخريبها وحرقها وإتلاف ممتلكاتها. مختلف الملاحظين لاندلاع الأحداث بشارع السمارة يشيرون إلى الحرفية التي تحركت بها العناصر التي باشرت التخريب خلال مختلف عملياتها. طرائق تشغيل السيارات التي يتم امتطاؤها من دون وجود مفاتيح، ووضع قنينات الغاز لتفجير السيارات، والمحلات والعمارات. طريقة استهداف المنشآت العمومية، وتخريب ممتلكاتها. مثلا يمكن النظر إلى الوثائق المتلفة بالمقاطعات، (المقاطعة 7 مثلا والمسجل بها 42000 مواطن)، ومئات الوثائق الخاصة بمصالح الساكنة، والتي تم إتلاف الآلاف منها على جنبات شارع السمارة، والشوارع والأزقة المتقاطعة. استهداف أرشيف محكمة الاستئناف، ومكتب الوكيل العام للملك وإتلاف جزء منهما، بالرغم من كون الأرشيف والمكتب يقعان في مكان يصعب النفاذ إليه، خاصة حين يتم تجاوز مكاتب دون المس بها في الطريق إليه. شهد شارع السمارة، وما يلتقي به من شوارع وأزقة، خطط عنف وتخريب متواتر، سيبدو معها الهجوم - حسب بعض الشهادات - على المحلات التجارية والممتلكات الخاصة ذا طابع انتقائي استهدف محلات وممتلكات تجار ينتمون إلى مناطق شمال ووسط المغرب وبنايات في ملكية بعض الأعيان من أبناء المنطقة. خلال الهجوم على المؤسسات والمنشآت والمصالح، لوحظ حسب تقاطع إفادات، ضعف التغطية الأمنية خلال صبيحة الاثنين، بالشارع وبالقرب من تلك المنشآت العمومية، وأن وجودها بدأ يتعزز خاصة عند فندق «النكجير»، كما تم التدخل للحيلولة دون النفاذ إلى داخل قاعات قناة العيون الجهوية بعد استهدافها وإحراق ثلاث سيارات في ملكيتها، كانت رابضة بمدخل مبنى القناة. عند الحادية عشر بدأت العناصر التي أطلقت عمليات التخريب والحرق في التوجه نحو ملتقى الدشيرة، وهناك بالشارع تواجد العشرات من الساكنة التي تصدت لهم بعد أن عاينوا القوات العمومية تراقب أكثر مما تتدخل لحماية الممتلكات والأرواح، وليتقدم هؤلاء لملاحقة تلك العناصر وأخرى قادمة من «حي مولاي رشيد». وهي المرحلة التي ستشهد بداية رد الفعل الذاتي للساكنة للمواجهة المضادة، بعدما لاحظوا عدم تدخل القوات العمومية. اتسمت مواجهات الظهيرة بما يلي: - العشرات من الساكنة تنتظم للرد على العناصر التي باشرت التخريب ومنعها من التقدم نحو شوارع أخرى من المدينة، غير أنها هي نفسها توجهت إلى أحياء كولومينا واسكيكيمة، اعتقادا منها بالترابط ما بين انتقاء محلات معينة بشارع السمارة من طرف تلك العناصر، واستثناء نفس العناصر لهذه المحلات والأحياء. تمت معاينة بيوت تم اقتحامها وتكسير أثاثها، واستعمال قنينات الغاز الخاصة بها في حرق السيارات المتواجدة أمام تلك البيوت أو بأزقتها، وضرب وجرح مواطنين قاطنين بها بأسلحة بيضاء وعصي. 2 بخصوص تداعياتها: تم إطلاق المواجهات بالمدينة بموازاة عملية تفكيك المخيم، وعند اتخاذها شكل عمليات عنف وقتل وتخريب واسعة، سيترتب عنها إطلاق مواجهات وعنف مضاد، عند ملتقى الدشيرة، وسيلتحق بالسكان المتضررين أيضا، عناصر ستباشر التخريب بحي اسكيكيمة، وكولومينا، والذي ستتضرر منه محلات تجارية ومحلات سكنية كما هو الشأن بحي كولومينا، حيث تمت معاينة مستوى التخريب الذي طال منازل سكنية بحي «السلام ببلوك «5 والاستماع لأفراد من ساكنة الحي وضمنهم من تعرض للعنف. * على مستوى الضحايا: شكل قرار عدم استعمال القوات العمومية للأسلحة، خطرا محدقا بسلامة وحياة أفرادها، وهي تتقدم بالعصي فقط، وبعضها مجرد حتى من الوسائل الوقائية الخاصة بهذا النوع من التدخل، لتواجه عناصر مسلحة بالسيوف والخناجر والسكاكين والسلاسل وقنينات الغاز والمولوتوف. ستتحول عملية تفكيك المخيم إلى مواجهات دامية ستستمر على مدى ساعة ونصف، سقط على إثرها وبسببها قتلى وجرحى بإصابات بليغة في صفوف القوات العمومية، منهم من لا تزال حياته في مرحلة الخطر، ولتتحدد الحصيلة حتى اليوم في 11 قتيلا. إضافة إلى ارتكاب جرائم، وانطلاقا من الحالات التي تم ذبحها والتمثيل بجثتها في صفوف القوات العمومية، تم تسجيل إصابات في صفوف المدنيين تفاوتت، مابين الجروح والكدمات، وحالتي (2) وفاة، واحدة حسب البيانات المتوفرة حتى الآن تمت بسبب تعرض الضحية إلى دهس بواسطة سيارة خلال الأحداث التي جرت بمدينة العيون، والحالة الأخرى بالمستشفى. انطلاقا من مختلف الشهادات والمعاينات، وبناء على المعطيات التي تم تجميعها عند إمساك الفريق بالسجل الخاص باستقبال المرضى بالمستشفى الجهوي «مولاي الحسن بلمهدي بمدينة العيون» والذي وضعه بطلب من الفريق رهن إشارته، وانطلاقا من الاستماع لطاقم إداري وصحي يتكون من 5 أفراد (المدير الجهوي، 3 أطباء وموظف إداري)، وكذا زيارة من تبقى به من الجرحى والمصابين. تم تسجيل ما يلي: استقبل المستشفى 100 حالة من الجرحى، أغلبهم غادره بعد تلقي الإسعافات والعلاج، ولم يبق منهم سوى 6 أفراد، يوم زيارة الفريق للمستشفى، وكان سيغادر ثلاثة منهم المستشفى زوال يوم 10 نونبر 2010، ارتكزت الجروح والكدمات على مستوى الأطراف والقليل منها على مستوى الرأس حسب السجل. بينما لم يتمكن الفريق من الحصول على ما يمكن من التعرف على مجموع الرقم الخاص بالضحايا من الجرحى والمصابين في صفوف القوات العمومية، لتواجدها بالمستشفى العسكري بالعيون، وقد تناهى إلى علمنا نقل الحالات المستعصية وذات الجروح البليغة نحو المستشفى العسكري بكلميم والرباط. خلال زيارتنا للمستشفى، لم تتم معاينة أية إصابة بالسلاح الناري، بينما تناهى إلى علمنا من خلال إفادتين من مجموع الإفادات والمعاينات تعرض شخصين لطلقات نارية، طلبنا معلومات عن هويتهما للتحقق من مضمون تلك الإفادة، وتوصلنا مؤخرا بخصوصها باسم أحد الحالتين (ه.ج)، وانطلاقا من تواتر نفس المعلومة علمنا بفتح تحقيق قضائي بشأن تلك الادعاءات. * على مستوى الاعتقال والمتابعة: انطلاقا من التقاطع بين إفادات والي الأمن وبلاغ وزارة الداخلية، فقد تم اعتقال 180 شخصا، ممن اشتبه في مسؤوليتهم في الأحداث، خضعوا للاستجواب من قبل الضابطة القضائية تحت إشراف النيابة العامة، لتتم إحالة 6 منهم على المحكمة العسكرية و64 على ذمة التحقيق، بينما أطلق سراح 7 منهم وإخلاء سبيل الباقي. كما تم اعتقال مجموعة أخرى في وقت لاحق تضم 36 فردا، وإحالتها على المحكمة حسب بلاغ الوكيل العام للملك بينما تم الحديث عن لوائح إضافية للمعتقلين، غير أن الطرف الذي صرح بذلك لم يقدم أسماء أو لوائح خاصة بهؤلاء. وبخصوص احترام فترة الحراسة النظرية، أكد والي الأمن أن الضابطة القضائية قد حرصت على احترام المدة القانونية للاعتقال الاحتياطي، وأنه لم يتم طلب تمديد هذه الفترة في أي من الحالات. كما تم التأكد من عدم وجود نساء وأحداث رهن الاعتقال خلال لقائنا بالسيد والي الأمن يوم الجمعة 12 نونبر، غير أن اللائحة التي سلمها لنا مصدر حقوقي والتي تضم 100 معتقل تتضمن امرأة واحدة، وحسب نفس المصدر فقد أحيل هؤلاء يوم 12 و13 نونبر على قاضي التحقيق وبعد ذلك على السجن المحلي بالعيون. وبهذا الصدد، لم يتوصل الفريق خلال تواجده بالمنطقة بإفادات من شأنها أن تؤكد أو تنفي المعطيات السابقة الذكر. * على مستوى الاختطاف: لم نتوصل كفريق ولا كهيئات بشكايات في الموضوع، كما أن حالة السيد سيدي عبد الرحمان زايو واسمه الثلاثي أيضا (عبد الرحمان سلامة علي)، التي تحدث عنها بيان صادر عن المجلس الإداري لرابطة الأطر الصحراويين بالعيون الصادر بتاريخ 23 نونبر 2010، تأكد لنا وجوده ضمن المعتقلين. وانطلاقا من تواتر الأخبار حول من لا يزال مختبئا، ومن توجه إلى مخيمات تندوف أو وجهات أخرى، وانطلاقا من قرينة اختفاء مجموعة من السيارات الرباعية الدفع عن الأنظار، والتي كانت تستعمل طيلة مدة إقامة المخيم، فإن الحسم في وجود اختطاف من عدمه سيكون سابقا لأوانه. وهنا ندرج مثلا على ذلك: ما تم ترويجه من اختطاف أسماء معينة من أعضاء لجنة الحوار، تمكن فريق التقصي من لقاء ومحاورة نفس الأشخاص موضوع مزاعم الاختطاف. وقد تلقى الفريق بعض الإفادات بخصوص حدوث تجاوزات مرتبطة بمداهمة البيوت خلال البحث عن متهمين في قضايا القتل والتخريب والعنف وأعمال الشغب، من دون احترام المساطر القانونية في ما يتعلق بالإذن القضائي بالتفتيش أومن ناحية التوقيت أو باستعمال العنف. * على مستوى التعذيب وسوء المعاملة: كما بلغ إلى علم أعضاء فريقي التقصي إفادات بالتعذيب داخل مخافر الشرطة، لم يتمكن من التحقق من صدقيتها ومداها. خاصة حين يتماهى الحديث عن الضرب والعنف والمعاملة السيئة، ومختلف الممارسات ضمن سجل التعذيب. * على مستوى الأضرار والخسائر المتصلة بالمنشآت والممتلكات: انطلاقا من حدة أعمال العنف والتخريب التي طالت مدينة العيون على مدى يوم 8 نونبر 2010، فقد ترتبت عن العنف والعنف المضاد، أضرار وخسائر بالغة تتحدد فيما يلي: بخصوص مؤسسات عمومية: عدد من المقاطعات الحضرية؛ محكمة الاستئناف؛ مجموعة من الدوائر الأمنية؛ أكاديمية التربية والتكوين؛ مؤسسات تعليمية ابتدائي - ثانوي؛ المركز الجهوي للاستثمار؛ مندوبية وزارة الطاقة والمعادن - مركز صحي بالعودة؛ إدارة البريد؛ مجموعة من الدوائر الأمنية؛ إحراق سيارات مصلحة عمومية؛ الهجوم على مقر الإذاعة والتلفزة الجهوية. بخصوص محلات تجارية وسكنية وممتلكات: صيدليات؛ منازل سكنية؛ المركز الاجتماعي للعصبة المغربية لحماية الطفولة؛ وكالات بنكية، المحلات التجارية؛ مخزن للصباغة؛ سيارات خاصة، معرض للسيارات. I. خلاصات: أولا: بخصوص تفكيك المخيم والأحداث المتصلة به: انطلاقا من مختلف الإفادات التي تم تجميعها عن طريق الإستماع، والمعاينة، وبناء على إعمال تقنية التقاطع بينها واستحضار السياقات والترابطات ووصفها واستقرائها، تم ترجيح القناعة لدى فريق التقصي في القضايا ذات الصلة بالمخيم وما تزامن معه وترتب عنه من أحداث كما يلي: 1 بخصوص إقامة المخيم: ليس هناك من تكييف قانوني لهذا الشكل الاحتجاجي الذي لا تأطير له ضمن مدونة الحريات العامة. فالمخيم ليس بتجمع ولا تظاهرة ولا مسيرة، وإن تضمن على امتداد وجوده بعضا من هذه الصيغ على مستوى تواصله الداخلي. إن إقامة المخيم على مدى 4 أسابيع تقريبا (28 يوما) يسائلنا من زاوية مدى احترام القوانين الجاري بها العمل على مستوى الحريات العامة، ووجوب إيداع تصريح مسبق بالنسبة لأي شكل من أشكال التجمع أو التعبير عن الاحتجاج لدى السلطات المحلية، سواء في علاقة بالنواة التي دعت إلى إقامة المخيم، وكذا في علاقة بالسلطات المحلية ومدى حرصها على احترام تطبيق القانون. إننا أمام تجاوز مزدوج للقانون، من طرف المحتجين، ومن طرف السلطات المحلية التي لم تلجأ إلى إعمال ما يستوجبه القانون مند البداية بخصوص هذه النازلة. 2- في مقابل ذلك تم ترجيح القناعة بخصوص احترام الضوابط القانونية في تفكيك المخيم، سواء بالنسبة لاستصدار الأمر القضائي، أو الإنذار المسبق قبل الشروع في التدخل، وفتح جميع منافذ الجلاء، وتوفير عشرات الحافلات لنقل النساء والأطفال والشيوخ وحمايتهم، 3- إن الحصيلة الثقيلة المعلنة في صفوف قوات الأمن كانت نتاج عدم التناسب المعكوس في استعمال القوة، وعدم تقدير وترقب حجم المواجهة، لأن التخلي عن مقاربة أمنية متشددة لصالح احترام القانون في تفكيك المخيم، لا ينبغي أن يتم على حساب سلامة وحياة أفراد القوات العمومية، والزج بها في تدخل مماثل دون تحسب وتوقع لحجم المخاطر. وهي الحصيلة التي ستصل إلى المس بحياة أحد عناصر الوقاية المدنية التي تتركز وظيفتها الأساسية في الإسعاف والإنقاذ. 4- إجماع مختلف الشهادات والمعطيات بعدم استعمال الأسلحة النارية سواء بالمخيم أو بأحياء المدينة، في انتظار ما سيؤول إليه التحقيق القضائي بشأن احتمال إصابة حالتين. 5- كشفت الأحداث عن غياب الأمن خلال صبيحة الأحداث بمدينة العيون، في الوقت الذي برز فيه مطلب الأمن لدى المواطنين كأولوية ملحة. 6- الاستهداف المدبر والممنهج لعمليات التخريب لبعض المرافق العمومية الذي من شأن تبعاته أن تحول دون تمكين الساكنة من النفاذ إلى حقوقها، وهو ما يعكسه إتلاف أرشيف المقاطعات والمحكمة والأكاديمية الجهوية للتربية والتكوين. ثانيا: بخصوص طبيعة الحركة الاحتجاجية: 1- انطلاقا من اختيار موقع وشكل المخيم بجميع أبعاده الجغرافية التنظيمية والرمزية المستوحاة، وانطلاقا من الشعارات التي تم الترويج لها دوليا عبر منابر صحفية أجنبية محددة، وانطلاقا من الرفض الممنهج لوجود محاورين من أبناء المنطقة في الطرف المحاور من السلطة. وانطلاقا من رفض ممثلي نزلاء المخيم التوقيع على محضر الاتفاق، وانطلاقا من منعهم دخول مسؤولي السلطة إلى المخيم لمباشرة عملية التسجيل للراغبين في الاستفادة من السكن والتشغيل بناء على اتفاق مسبق، وبناء على هذه القرائن وغيرها، فإن التوصيف الذي رافق المخيم والخطاب الذي ساد حول الطبيعة الاجتماعية الصرفة لمطالبه، يبدو متسرعا ومجانبا للحقيقة. فعلى الرغم من وجود فئة معنية فعليا بمطلب التشغيل والسكن، وسعي الماسكين بزمام المخيم بجعل مطلبها في الواجهة، فقد تم التضحية بها وبمطالبها،لحساب أجندة سياسية واضحة وضاغطة في اتجاه التأزيم والتدويل وإدامة المخيم. 2- إن تحليل مسار ومآل مسلسل الحوار أبان بأن لجنة الحوار لم تكن معبرة ولا ممثلة للمخيم. 3- إن رفض لجنة حوار المخيم ومقاومتها لوجود صحراويين في الطرف الرسمي للحوار، يعتبر امتدادا وتوقيعا سياسيا في جعل وحصر الصراع حول الصحراء كصراع بين الدولة المغربية وبين الصحراويين. II. التوصيات: أولا: بخصوص المنتظم الدولي: 1- انطلاقا من متابعة الأحداث وتطورها على صعيد الصحراء ومخيمات تندوف والمنطقة بصفة عامة، وانطلاقا من الأسلوب الذي انتهج في عمليات الحرق والقتل والذبح والتمثيل بجثث القوات العمومية واستعراضها خلال أحداث 8 نونبر بأكديم إيزيك والعيون، فإننا نلفت انتباه المنتظم الدولي والدول والهيئات المعنية إلى رفع درجة الاهتمام وتقدير ما يحدق بالمنطقة من أخطار من شأنها أن تقوض الأمن والاستقرار في مجموع المنطقة. 2- إن هذه الأحداث وما يماثلها على امتداد العشرية الأخيرة، بينت التوظيف الواضح لسجلات حقوق الإنسان كواجهة من واجهات الصراع حول ملف الصحراء من منطلق سياسي صرف بهدف الضغط عند حلول كل استحقاق تفاوضي. وإذ ننبه لهذه الممارسات فضلا عن كونها تطرح مشكل أخلاقيات ومستلزمات النضال الحقوقي بما يستوجبه من قيم ومعايير وسلوكات، فإنها تشكل عنصرا من عناصر عرقلة مساعي الأممالمتحدة والآليات ذات الصلة في اتجاه التوصل إلى تسوية عادلة. 3- لقد أثبتت المعطيات أن المجهودات التي بذلت على مدى ثلاثة عقود بالصحراء، قد مكنت من إحداث تغيير أساسي بخصوص مؤشرات التنمية منذ جلاء القوات الإسبانية سنة 1975. وعلى الرغم من ذلك، فإن المنطقة لا تزال تتطلب المزيد من الجهد التنموي، لذلك سيكون من الواجب على المنتظم الدولي أن يتحمل مسؤوليته في دعم المغرب كدولة مسؤولة على إدارة المنطقة في مجهودات التنمية، وتأمين حاجيات الساكنة لا سيما مع تزايد وتيرة أعداد العائدين. ثانيا: بخصوص الدولة المغربية: 1 على مستوى التدبير القضائي والأمني: سيكون مطلوبا من الدولة ومؤسساتها المعنية بالتدبير القضائي والأمني في علاقة بالأحداث وتداعياتها ما يلي: * العمل على استكمال البحث وتسريع مساطر الإحالة على العدالة بشأن كل من يثبت تورطه في هذه الأحداث وتداعياتها، وتمتيعه بضمانات المحاكمة العادلة خلال جميع أطوارها؛ * الحرص على إجراء التحقيقات وفقا لمقتضيات قانون تجريم التعذيب واتفاقية مناهضة التعذيب وغيره من ضروب المعاملة، أو العقوبة القاسية أو اللا إنسانية أو المهينة. * الحرص على احترام وإعمال مقتضيات مدونة الحريات العامة في ما يتعلق بالتنظيم والتعبير، والتظاهر في الإطار السلمي والمشروع؛ * الحرص على المساواة في ضمان السلامة البدنية والحق في الحياة لجميع الأشخاص، مدنيين وقوات عمومية، لأن حماية المدنيين لا ترتهن بالمخاطرة بأرواح القوات العمومية؛ وذلك إعمالا لمبدأ الحق في الحياة وحمايته للجميع بدون تمييز، وكما هو مكفول في الأوفاق الدولية؛ * كشفت هذه الأحداث مرة أخرى راهنية مطلب الحكامة الأمنية في أبعاده المرتبطة بتحديث أساليب عمل مختلف الأجهزة والتنسيق المحكم بينها، ونجاعة تدخلها، وتمكينها من وسائل التدخل المتناسبة مع كل الحالات التي تواجهها، في إطار مخططات أمنية واضحة المعالم ومحددة للمسؤوليات وملائمة لتدبير الحالات الاستعجالية، تماشيا مع المواثيق الدولية بما يضمن احترام حقوق الإنسان في شموليتها. 2 على مستوى التدبير الاجتماعي: سيظل إعمال ترشيد السياسات العمومية والتنسيق بين مختلف قطاعاتها، وتحديد أولوياتها وترشيد مواردها في إطار التكامل والإلتقائية أمرا مطلوبا ومستعجلا بما يتطلب ذلك من: * ضرورة إعادة طرح المطالب الاجتماعية في إطارها المؤسساتي والقانوني والمشروع من خلال إعمال مبدأ المساواة بين الجميع، في الحقوق والواجبات وإتاحة الفرص، دون تمييز. لأن التمايز بين المناطق لا يمكن أن يكون أساسا للتمييز والامتياز، إلا بما يخدم مبدأ التضامن. 3 على مستوى الفاعل السياسي ونخبه: إن التحليل الموضوعي للأحداث التي شهدتها العيون على خلفية إقامة المخيم وتفكيكه، والوقوف عند ملابساتها وتداعياتها يستدعي بالضرورة استحضار سؤال النخب الحزبية الصحراوية. إن تغليب المصلحة الخاصة أو الفئوية، أو القبلية، قد ساهم في تأجيج الصراع بالمنطقة وإفراز مسلكيات باتت خارجة ومنفلتة عن كل تأطير حتى بالنسبة لجزء من الذين دعموا هذه الحركة الاحتجاجية في علاقة بمخيم «أكديم إزيك»، وهو ما يطرح إشكال التأطير الحزبي بهذه المنطقة، سواء في علاقة النخب الصحراوية المنتخبة بالساكنة التي تمثلها، أو في علاقة الأحزاب الوطنية بمنتخبيها في هذه المنطقة، مما يستوجب استعجالية انكباب الأحزاب السياسية على التعاطي مع هذه التحديات. 4 على مستوى الفاعل المدني ونخبه: إن الشكل الذي اتخذه مخيم «أكديم إيزيك» وتطور من خلاله، ينبغي أن يسائل الفاعل المدني بمنطقة الصحراء على أكثر من مستوى. وإذا كان هذا التقرير قد بين بعض الجوانب المرتبطة بتجاوز الحركة الاجتماعية بالمخيم للسقف الاجتماعي الذي حددته لنفسها، فإن استقراء الأحداث بكل ملابساتها يستوجب: * إعادة النظر في تعاطي الفعاليات المدنية مع تدبير الشأن المحلي، وذلك بالتأسيس لصيغ وآليات للعمل الموازي الذي يمكن من متابعة ومساءلة عمل المؤسسات الجماعية والحرص على فضح الاختلالات والممارسات الفاسدة وتوسل الدفاع عن الشفافية والمساءلة لحماية المال العام والتوزيع العادل للثروات بشكل متواصل. * العمل على تكريس قيم المواطنة الفاعلة بما هي حقوق والتزامات وإشعاع لثقافة المجهود والاستحقاق للمساهمة في إحداث القطيعة مع سلوكات وممارسات تكرس سيدة منطق الامتيازات والريع. 5 على مستوى الإعلام: نسجل بإيجابية مختلف المبادرات التي أقدمت عليها المجموعة من المنابر الصحفية بإرسال صحفيين إلى عين المكان على امتداد مرحلة إقامة المخيم، وأثناء الأحداث وبعدها، لإنجاز تحقيقات مكنت من إخبار الرأي العام وإطلاعه على مجموعة من المعطيات. في مقابل ذلك كشفت الأحداث الأخيرة بوضوح ضعف المقاربة الإعلامية للدولة، مما يستوجب تجاوز «إعلام الأزمات»، إلى بناء استراتيجية إعلامية متواصلة تتجاوز الشعارات وتحميل المسؤولية للآخر، بل تنبني أساسا على المنجز الاجتماعي والاقتصادي لما يخدم مصلحة الساكنة في المنطقة. * إن تغييب النقاش الموازي من الإعلام السمعي البصري العمومي والخاص عند إقامة المخيم، وخلال مختلف تطوراته، يؤكد من جديد عدم الوعي بدور الإعلام العمومي خاصة في النهوض بمهامه الإخبارية والمرافقة لكل المستجدات والأحداث. إن فتح مختلف وسائل الإعلام السمعي البصري لجميع الأطياف والحساسيات بالمنطقة، للتعبير بحرية، والالتزام صراحة بطبيعة المطالب الاجتماعية، والبحث في أسباب تعثر الحوار، بالإضافة إلى أنه يتيح للجميع الحق في الخبر والمعطيات والتحاليل حول ما يجري، فإنه يسهم في بناء التعاقدات بين مختلف هذه الأطراف، وفي ذات الوقت يؤسس لتشكل الرأي العام وإشهاده على الإنزياحات وكشف مختلف أشكال التوظيف في أوانها في حالة وجودها. * الحاجة إلى وضع سياسة إعلامية عمومية تتوخى في أول المطاف توفير المعلومة الموثوقة، اعتمادا على المصادر وتضمن المواكبة الآنية للحدث، وتنوع دعائمها لنشر المعلومات (التلفزة، الراديو والمواقع الالكترونية..)، وأيضا إتاحة المتابعة والتحقيق لمختلف المنابر الإعلامية الوطنية والدولية، إعمالا لمبدأ الحق في الولوج إلى المعلومة. 6 على مستوى المؤسسة البرلمانية: انطلاقا من وعي الهيئات الثلاث (الوسيط والمرصد والمنتدى)، بمحدودية ما توصلوا إليه من نتائج بخصوص مهمتهم في تقصي الحقائق حول مخيم «أكديم إيزيك والعيون» وبالنظر لإمكانياتها الذاتية، لما أتيح لها من وسائل، وكذا ما تمليه عليها وظيفتها كمنظمات غير حكومية معنية بحقوق الإنسان، وانطلاقا من قناعتنا بأن تشكيل مجلس النواب للجنة برلمانية لتقصي الحقائق يمكن أن يشكل فرصة سانحة لتسليط الضوء على العديد من الجوانب، والكشف عن كل المعطيات التي من شأنها أن تعرف الرأي العام، والمهتمين بحقيقة ما جرى يوم 8 نونبر 2010 بالعيون، وما سبقه من أحداث. فإننا نتطلع كهيئات بأن تتولى لجنة تقصي الحقائق البرلمانية على وجه الخصوص: * استكشاف المزيد من المعطيات حول أسباب وملابسات إقامة مخيم «أكديم إيزيك» وتحديد المسؤوليات بشكل دقيق في هذا الأمر؛ * تدقيق المعطيات بشأن أحداث 8 نونبر بالعيون من حيث حصر أسبابها المباشرة وغير المباشرة وحصيلة المواجهات؛ * تحديد المسؤوليات الفردية والجماعية في ما وقع، بما في ذلك مسؤولية مختلف الجهات والأجهزة ومختلف الأطراف المعنية بشكل مباشر وغير مباشر في هذا الأحداث والتنصيص على إعمال مبدأ عدم الإفلات من العقاب. III. ملاحق: 1- شهادات عينة ممن تم الاستماع إليهم والاتصال بهم: { شهادة 1: «....العنف والتخريب الذي عرفه شارع السمارة كان خطيرا وغير مسبوق، الذين كانوا بالمخيم انطلقوا منه وتدفقوا أيضا على شارع السمارة، واختلطوا بعناصر أخرى مسلحة بالسكاكين والسيوف، منهم من لهجته مزيج من لهجتنا المحلية مع لكنة جزائرية، اجتثوا أعمدة الإنارة، ووضعوا المتاريس، وبدأوا يتحركون بحرفية خارقة، في حرق السيارات، والهجوم على المنشآت، وتشغيل السيارات المرابضة داخل الإدارات أو بالشارع، تقدمت في اتجاههم، وهم يحضرون الغاز لحرق إحدى الصيدليات الكبرى، توسلتهم، ووضحت لهم بأن صاحبها صديق ويدين كل الصحراويين بالأدوية، إضافة إلى مبررات أخرى مرتبطة بفضائل الرجل وهي حقيقة، فتراجعوا، وقصدوا ممتلكات أخرى». } فاعل مدني { شهادة 2: «....كنا قد اتفقنا كفعاليات محلية، على الانتشار على امتداد شارع السمارة، عندما بدأ التخريب، كي نحاول أن نقلص ما أمكن الخسائر. حياتنا فعلا كانت مهددة، فكان هناك شباب ونساء يتظاهر ويشاغب، لكن المرشدين كانوا من هؤلاء للعناصر المنظمة والمحترفة لأفعال التخريب، والمسلحة بسكاكين تشبه السيوف أو هي فعلا سيوف، بعض تلك العناصر كان يبدو في حالة غير طبيعية، وكأنهم تحت تأثير حبوب هلوسة انطلاقا من الطريقة التي ظلوا يتحركون بها وهم يخربون.. } فاعل سياسي { شهادة 3: «....كان هناك خصاص على مستوى الأمن بالمدينة بعد فك المخيم، أعتقد أن السلطات راهنت على عودة القوات العمومية للمدينة ، مباشرة بعد تفكيك المخيم، لكن وجود مسلحين بالمخيم، جعل الاشتباكات تتجاوز مدة تفكيك المخيم، بالإضافة إلى العودة من المخيم لعشرات الساكنة فضلوا الدخول مشاة وآخرون ركبوا الحافلات، ستعرقل وصول القوات العمومية بسرعة إلى المدينة. بشارع السمارة حاولت أن أحول بينهم وبين تخريب ممتلكات وسيارات. كان أحد هؤلاء الملثمين يصرخ في وجهي باسمي لكي أبتعد، يبدو انه يعرفني، يصرخ وهو يشير إلى باقي العناصر الملثمة التي تقوم بالتخريب قائلا: «اهرب سيقتلونك، إنهم لا يعرفونك، اهرب أسي ......» } فاعل مدني { شهادة 4: «....في اليوم الثالث بعد الأحداث، طرق باب بيتي بقوة، كنت وأبنائي بالبيت، فتحنا وإذ بعشرة أفراد من القوات العمومية دخل منها 8 بالقوة، وبقي 2 أمام الباب، بدؤوا بالصراخ وأنا أطالبهم بالإدلاء بأمر التفتيش ببيتي، كانوا يتفوهون بكلمات نابية في حقي، أصاب الخوف والهلع بناتي، وأغمي على واحدة، بينما كانوا يفتشون كل الغرف وكأنهم يبحثون عمن يختبئ عندي، صعد بعضهم إلى الطابق الأول وبدأوا في ضرب باب غرفة نومي المغلق بقوة بأحذيتهم، أعطيت ابنتي المفتاح وعندما دخلوا اجتثوا العلبة الخاصة بالأنترنيت .... ». } فاعلة مدنية { شهادة 5: «...لم نفهم معنى الهجوم على بيوتنا، وإحراق السيارات، ولم نفهم أكثر لماذا رد الفعل تجاهنا، لم نشارك لا في المخيم ولا في الأحداث؛ كان هناك غياب لرجال الأمن، حتى الساعة الواحدة، ما يزال العنف والتخريب متواصلا..» } مواطنة { شهادة 6: «... لم نعاين استعمال السلاح، هناك شخص أصيب برصاصة مطاطية أسفل إبطه، ولكن المؤكد هو أن القوات العمومية بالتعليمات التي أعطيت لها بعدم استعمال السلاح الناري، وأمام العنف والتخريب، وقتل وذبح عناصر منها، وجدت نفسها متجاوزة....» } فاعل سياسي { شهادة 7: السيد محمد النشيوي: والد عبد المنعم النشيوي/ الرباط « .....الفقيد من مواليد 30 يناير 1982، شرع في الخدمة ضمن القوات المساعدة سنة 2007 أعزب. ابني كان ضمن عناصر القوات المساعدة التي رافقت المسؤولين إلى مخيم أكديم إزيك من أجل المساعدة على إحصاء الراغبين في الحصول على السكن والتشغيل، وحسب ما أخبرني به بعض زملائه أنه كان أول الضحايا إثر الاعتداء الذي تعرض له من الخلف بآلة حادة، وكان خلالها بدون سلاح، ولا أية وسيلة دفاع، كما تعرض بعد الطعن بالسلاح للدهس بالسيارة لعدة مرات. { شهادة 8: السيد ميلود بن الهواري أب أنس الهواري / سلا « ...الفقيد من مواليد 1987، دركي تحت التدريب بمركز تكوين الدركيين بمراكش ، أعزب. كانت هذه أول مهمة يقوم بها ابني في مدينة العيون، وكان قبلها بثلاثة أيام بمدينة بوجدور. وقد أبلغت عن وفاته التي تمت على إثر تلقيه لضربة على الرأس بواسطة حجر وطعنة بواسطة آلة حادة على مستوى العنق. ابني قتل مغدورا كما كان الأمر بالنسبة لزملائه الآخرين من قوات الأمن لأن جل إصاباتهم القاتلة كانت من الخلف، فضلا عن أنهم لم يكونوا مسلحين لدفع الخطر عنهم. { شهادة 9: السيدة أمينة بن نجوات أرملة عالي الزعري / قلعة السراغنة « ...الفقيد من مواليد 1972 قضى 15 سنة في الخدمة بالعيون ضمن سلك الأمن الوطني، خلف ثلاث بنات. أصيب المرحوم في صبيحة يوم الإثنين وتحدث معي في الهاتف، وطلب مني أن أحتفظ بالبنات في البيت وألا أرسلهن إلى المدرسة لأن المدينة ليست آمنة، وطلب مني المكوث بالبيت رغم إلحاحي عليه بالالتحاق به في المستشفى. عند الخامسة بعد الزوال لم يعد يستطع الكلام، ونقل ليلا إلى المستشفى العسكري بكلميم، وظل في حالة غيبوبة إلى أن توفي ليلة العيد. المرحوم مات بعد تعرضه لضربة من الخلف على الرأس وتم دهسه بعدها بالسيارة. حملت بناتي الثلاث ، مروى وصفاء ومريم وعدت إلى عائلتي بالعطاوية..» { شهادة 10: « ..... أولى جلسات الحوار كانت مع والي العيون، ثم جاءت لجنة الولاة : الإبراهيمي وبوفوس واطريشة. خلال الحوارات طرحت جميع المطالب الاجتماعية. ثم جاء اللقاء مع وزير الداخلية لمدة أربع ساعات بحضور والي العيون ووالي الشؤون العامة بالداخلية، حيث إن اللجنة رفضت جميع الأعيان والمنتخبين من أبناء المنطقة. التزم الوزير بتلبية جميع المطالب، إلى حد أن اللجنة تخوفت من الاستعداد الكامل للوزير لتلبية جميع المطالب. كان يتم إبلاغ اللجنة التنسيقية بجميع نتائج الحوارات ويكون على اللجنة أن تتولى تبليغ ساكنة المخيم بذلك. ....نعم صدرت بيانات باسم المخيم لم يكن لنا علم بها. أما بخصوص التموين، فكان عبر مساعدات عينية ومالية متواصلة من طرف الجميع. لا يمكن أن أجزم كم كان عدد العائدين في المخيم، أصحاب السوابق التحقوا بالمخيم، وكان مطلب محو السوابق العدلية من السجلات مطروحا. نعم الوزير سمع بهذا المطلب لكنه لم يلتزم به. المخيم كانت به أسلحة بيضاء.» عضو من لجنة الحوار بالمخيم