أفردت مجلة "جون أفريك" الفرنسية مقالا للمستشارة الملكية، زليخة نصري، سردت من خلاله خمس محاور ودعائم بصمت مسار الراحلة، باعتبارها أول مستشارة للملك في المغرب، واصفة إياها بالمرأة القوية والصارمة التي كانت "تستطيع الهمس في أذن الملك محمد السادس". وأورد موقع المجلة الفرنسية، اليوم الأربعاء، أن الفقيدة عرفت أوج قوتها في عهد الملك الحالي، وذلك بفضل الثقة التي منحها إياها، خاصة لعلمه بأنها سيدة مثابرة ومجدة تعمل على تحقيق الأهداف المسطرة في كل ملف تشتغل عليه، وبأنها لا تتراجع أبدا أمام العراقيل التي قد تعترض طريقها. امرأة من حديد زليخة نصري، المستشارة الملكية التي غادرت إلى دار البقاء في الساعات الأولى من صباح الأربعاء، وصفتها المجلة الفرنسية المذكورة بأنها سيدة تتعامل بلا هوادة مع معاونيها، وبأنها تتسم بالصرامة في عملها، ما يجعلها ترنو دوما نحو تحقيق التميز والنجاح في الملفات التي تباشرها. ولاحظ المنبر الفرنسي أنه بفضل انحدارها من بيئة اجتماعية متواضعة من مدينة وجدة، فإن لديها معرفة جيدة بالمواضيع المتعلقة بالفقر والإقصاء الاجتماعي في البلاد، ما أتاح لها أن تمتلك مقاربة متميزة، ومن نوع خاص، للملفات الاجتماعية ذات الصلة بحياة وعيش المغاربة. صورة "ملك الفقراء" وعادت المجلة الفرنسية إلى سنة 1999، حين اختار العاهل المغربي الراحلة زليخة نصري لتشرف على تسيير "مؤسسة محمد الخامس للتضامن"، وهي مؤسسة يقول المصدر ذاته سرعان ما غيرت وجه البلاد، ورسخت في ذهن الرأي العام محليا ودوليا صورة محمد السادس "ملك الفقراء". ومن أهم المشاريع المبتكرة التي اضطلعت بها "مؤسسة محمد الخامس للتضامن"، "إنشاء دار الطالبة التي تأوي الفتيات القرويات خلال فترات تمدرسهن، وذلك كمحاولة لمحاربة الهدر المدرسي"، تورد المجلة التي سجلت أن إشعاع المؤسسة تجاوز دعم الفتيات القرويات إلى أنشطة ومجالات شتى. وامتد عمل المؤسسة، التي كانت زليخة تقف وراء أشغالها، إلى مجال الدعم الاجتماعي لفئات المسنين والمعاقين والجالية المغربية بالخارج، لينسج الملك بفضل هذه الأعمال، وبفضل مجهودات نصري، شبكة واسعة حوله من الدعم من طرف الأشخاص الفقراء داخل المجتمع المغربي. المرأة التي تهمس.. وتوقفت المجلة الفرنسية عند ما يُحكى عن قوة شخصية المستشارة الملكية الراحلة، وصرامتها في تدبير الملفات التي تضطلع بإدارتها، حتى أنها قطعت أشواطا وسلالم كثيرة داخل القصر الملكي، دون مشاكل تذكر، بالرغم من "صراعات السلطة" التي قد تحضر في مثل هذه المهن والأماكن. وبحسب المنبر الفرنسي ذاته، فإن "زليخة لم تكن تتدخل في شؤون باقي مستشاري الملك، ولم تكن تحرص على أن ترخي السمع لما يُقال عن زملائها المستشارين داخل القصر"، مضيفا أن "زليخة لكونها كانت محسودة ومحترمة في الوقت نفسه، فقد كان لها وضع خاص". وفي العديد من المناسبات الرسمية، كانت زليخة تُشاهَد جالسة بالقرب من الملك محمد السادس، أو تقف خلفه في كثير من التدشينات وإطلاق المشاريع، حيث تبدو متأنية ومتأملة، و"بمرور 16 عاما بالقرب من العاهل المغربي، صارت تستبق انتظاراته وتتوقع أصغر تصرفاته". فضيحة "عين الشق" "جون أفريك"، وهي تتذكر أبرز المحطات الخمس التي بصمت مسار الفقيدة، عادت إلى سنة 2005، حيث يُنسب إلى زليخة نصري كونها تقف وراء كشف خيوط ما سمي بفضيحة المؤسسة الخيرية لعين الشق بالدار البيضاء، بعد أن توصلت بقرص مدمج من مجهول، يوثق وضعية مزرية للمؤسسة، ومعاملات سيئة للنزلاء. ويبدو أن نصري كانت وراء إخبار الملك بموضوع الخيرية، حيث ذهب لزيارتها ليقف عن كثب على أوضاعها، ويكتشف أوضاعا مزرية وحاطة بالكرامة، فجاءت القرارات التأديبية في حق مسؤولي الخيرية، وهي معطيات تدل على ما للمستشارة الراحلة من دور ومكانة لدى الملك. تقول المجلة الفرنسية إن "زليخة لم تكن مجرد مستشارة ملكية فقط، بل كانت بمثابة فرد من العائلة الملكية، كما أن ارتباطها بالملكية كان لا يتزعزع"، مشيرة إلى أنه بعد وفاة المستشار الراحل، مزيان بلفقيه عام 2010، "التفت الملك إلى نصري ليطلب منها الاضطلاع بالملفات التي كان يشتغل عليها بلفقيه". عين الملك على السجناء زليخة نصري كانت ناشطة نسائية بامتياز أيضا، فقد لعبت دورا كبيرا في صياغة "مدونة الأسرة"، كما كان لها دور معتبر في ربط الصلة بين الملك الحالي ومعارضي والده السابقين، في سياق المصالحة السياسية التي عمت أجواؤها المملكة، بعد وفاة الملك الراحل الحسن الثاني. ويُحسب للمستشارة الملكية الفقيدة، وفق ذات المنبر الفرنسي المعروف، أنها "كانت وراء إرساء العلاقة مع الناشطة النسائية الراحلة، آسية الوديع، من أجل إدماج السجناء المغاربة في النسيج المجتمعي"، من خلال الأدوار التي كانت تقوم بها مؤسسة محمد السادس لإدماج السجناء.