محمد الصادقي العماري [email protected] ليس معنى أن الإنسان التزم بشرع الله، وشرح الله صدره للإيمان، أنه أصبح عالما في الشرع، يؤخذ عنه العلم الشرعي، هذه نقطة جوهرية لابد من التنبيه عليها، وهذه المسألة عمت بها البلوى في مجتمعاتنا، لذلك لابد من التنبيه على هذا الأمر. فهذا الشخص الملتزم هو بنفسه في حاجة إلى من يفقهه ويبصره بأمر دينه ودنياه، قبل أن ينصب نفسه مرجعا دينيا، وإلا سقط فيما حذر منه النبي صلى الله عليه وسلم في قوله : “إن الله لا يقبض العلم انتزاعا ينتزعه من الناس ولكن يقبض العلم بقبض العلماء حتى إذا لم يترك عالما اتخذ الناس رؤسا جهالا فسئلوا فأفتوا بغير علم فضلوا وأضلوا” . لذلك لابد من التفريق بين الباحث في العلوم الشرعية، أو العالم فيها، وبين الملتزم بالعلوم الشرعية، الذي شرح الله صدره للإيمان وقواه على طاعته، فهذا متعلم مقلد، وذاك عالم متخصص، مع أنه لابد من الإشارة إلى أنه لابد للعالم الشرعي، أو الباحث في العلوم الشرعية أن يكون ملتزما بما يعرفه من أحكام، حتى يبارك الله له في علمه، ويتلقاه الناس عنه من غير تردد، ولنا في فقهائنا أسوة. فهذا الإمام مالك كانت تشغله المسألة، فربما منعته الطعام والشراب والنوم، فقيل له إن الناس يتلقون كلامك ويمتثلونه، وهو عندهم كالنقش على الحجر، قال رحمه الله: لا يكون هكذا إلا من كان هكذا. لكن هذا الملتزم، أو الممتثل للأمر الشرعي، والمنتهي عن النواهي، والطالب لكل ما من شأنه أن يقربه إلى رب العزة تبارك وتعالى فهو من عامة الناس، فهذا لا يجب عليه، بل يحرم عليه أن ينصب نفسه مرجعا دينيا، ويحرم على الناس كذلك التوجه إليه في هذا الشأن، لأنه على المؤمن أن يتحرى عمن يأخذ دينه، لقوله صلى الله عليه و سلم فيما رواه مسلم في مقدمة كتابه من طريق هشام عن ابن سيرين:”إن هذا العلم دين فانظروا عمن تأخذون دينكم” أو كما قال صلى الله عليه وسلم. بل الأحرى بهذا الملتزم بأوامر الله عز وجل، السالك في طريق الحق سبحانه، أن يعرف ما يقيم به فرضه ونفله، أما العلماء المتخصصون في العلوم الشرعية، فهم الوارثون لمهمة التبيان، وإفتاء الناس، والتوقيع عن الله، وهنا يبرز لنا بجلاء الفرق بين الأمرين، فلا يجوز بحال من الأحوال الخلط بين المهمتين. سبحان الذي تتم بنعمته الصالحات.