لا يكمن الحديث عن الصحافة بالعالم بصفة عامة والمغرب بصفة خاصة دون التطرق إلى موضوع غاية في الأهمية، ويتمثل في الدور الذي تضطلع به هذه المسماة "الصحافة" بكل أصنافها؛ السمعية البصرية والمكتوبة أو الصحافة الالكترونية لأجل تأطير المجتمع ولعب دور السلطة الرابعة التي تؤثر في بقية السلط ،ولأجل تغيير نظرة ونمط تفكير المجتمع في جميع القضايا التي تشغل باله وتفكيره. كما لا يمكن لأحد أن ينكر هذا الدور المهم الذي تقوم به من أجل توعية المجتمع والتعريف بقضاياه السياسية و الاجتماعية والاقتصادية والثقافية......إلا أن الأمر ليس بهذه البساطة التي يبدو عليها في أول وهلة. فالبعيدون عن ميدان الصحافة والإعلام لا يمكنهم تصور مدى قوة الصعوبات التي والتضييق الممارس على العاملين بالميدان بسبب الكم الهائل من القوانين التي تقيد حريتهم إضافة إلى وجود العديد من الخطوط الحمراء التي ليس بمقدورهم تجاوزها والتي لا تمكنهم من التعبير بكل حرية ومسؤولية وإظهار المسكوت عنه . لكل هذه الأسباب لا بد من التطرق للدور الحقيقي للصحافة هل هو الإعلام أم التواصل ؟ و أين يكمن وضع الصحافة المغربية بين هذين الدورين؟هل صحافتنا تدخل في إطار الصحافة المؤثرة في الرأي العام أم أنها صحافة استهلاكية هدفها الأول هو الربح من وراء المتاجرة بمشاكل الشعب بدل التواصل الايجابي مع شرائح المجتمع؟ هل الصحافة بالمغرب مشروع مجتمعي أم هي مجرد شعارات للاستهلاك الإعلامي؟ إن المتتبع للمشهد الصحفي والإعلامي ببلادنا لا يمكنه مهما حاول إنكار حقيقة لا تحجبها شبكة الغربال مفادها تلك الطفرة النوعية التي عرفها الإعلام المغربي التي بدأت مع ظهور الصحافة المستقلة التي أخذت المشعل من يد الصحافة الحزبية وسيطرت على المشهد الصحفي المكتوب،إلى فترة تحرير المجال السمعي البصري إن كان هناك تحرير فعلي مما أدى إلى ظهور عدة منابر إعلاميه تريد أن تضع لها موضع قدم في هذا القطاع الحيوي، على الرغم من القول بأن هذه المنابر الإذاعية والتلفزية قد أغرقت نفسها في البرامج التجارية والترفيهية أكثر من البرامج الهادفة. من هذا المنطلق يمكننا القول أن الإعلام المغربي لا يستطيع الخروج من قفصه الإعلامي الذي يستبلد الجمهور المغربي بعيدا كل البعد عن تحقيق تواصل فعلي معه وذلك من خلال ما يقدمه من خطابات لا ترقى إلى تطلعاته وانتظارا ته؛ ظنا من القائمين على هذه المنابر أن هذا الجمهور غافل عن ما يدور حوله، خصوصا في وقت أصبحنا نعيش في عالم أصبح أصغر من قرية صغيرة بسبب كثرة القنوات التي يمكن أن يتوصل بها المرء من بالمعلومات أو بسبب سطوة الشبكة العنكبوتية والتأثير الرهيب الذي تمارسه على المتلقي. لم يعد من المسموح إخفاء الحقائق أو البعض منها أو ما يراد اعتبارها حقيقة، فالباحث عن الحقيقة يتجه للبحث عنها في منابر أخرى ليكتمل له الصورة التي بدأت معالمها مع الإعلام المغربي،هذه المنابر قد تكون خطيرة على تفكيرهم ولكن رغم ذلك يكون لهم إحساس بأنها تكون أكثر صدقا لأنها تكمل لهم الصورة وتتواصل معهم وجدانيا وعقليا بدل اعتبارهم مجرد متلقين قاصرين.هذا المعطى هو من يجعل تناول إعلامنا لبعض القضايا لابتسم بالمصداقية والاحترافية المطلوبة ،مما يعطي الفرصة لانتقادنا والنيل منا ومن قضايانا العادلة دون أن نجد الطريقة المثلى للرد عليهم سوى الصراخ والتنديد. كثرة هي القضايا التي انشغل بها الرأي العام المغربي وكثيرة هي الإخفاقات التي سقط فيها إعلامنا الذي ترك وظيفة التواصل بين جميع شرائح المجتمع المغربي وفضل عليها دور الإعلام لأجل تحقيق أرباح تجارية في المقام الأول. نتمنى من إعلامنا أن يفيق من غفلته ويقوم بالدور المنوط به لأننا بلد وشعب نستحق احتراما من طرف الجميع أكثر من هذا الذي نعرفه حاليا... عبد العالي زينون - طالب بالمعهد العالي للإعلام والإتصال