أثار التقارب المغربي المصري بعد احتواء التوتر الظرفي الذي ساد العلاقات الثنائية بين البلدين، حفيظة الموالين للأطروحة الانفصالية وعلى رأسهم السلطات الجزائرية، حيث تجندت بعض وسائل الإعلام لتشن هجوما غير مسبوق على القيادة المصرية بسبب دعمها لمقترح الحكم الذاتي دون أن تغفل عن توجيه اتهامات لا تقع تحت حصر إلى المملكة المغربية. وأكد نوفل البعمري عضو الوفد الشبابي المغربي لمخيمات تندوف والناشط الحقوقي أن الهجوم الإعلامي الجزائري "هو تعبير عن فشل النظام الجزائري في محاولته لاستقطاب مصر للتموقع إقليميا ضد المصالح الحيوية للمغرب خاصة منها الموقف من الوحدة الترابية". وأضاف البعمري في تصريحات ل"العرب" قائلا: "هجوم الإعلام الجزائري على المغرب متوقع لأن الجزائر لا يروق لها أن تكون العلاقات المغربية المصرية جيدة ووثيقة، هناك مخاوف حقيقية من انتصار الدبلوماسية الرسمية المغربية التي نزلت بكل ثقلها من أجل فرض احترام الوحدة الترابية". يشار إلى أن الموقف الجزائري من النظام المصري اتخذ وضعية الهجوم بعد الإعلان الرسمي والصريح للمسؤولين المصريين عن دعمهم الدائم واللا مشروط لسيادة المغرب على صحرائه. ولم يمنع التقارب المعلن بين الجزائر ومصر وعلاقات التعاون الثنائية، الإعلام الجزائري من توجيه انتقادات حادة إلى القيادة المصرية وتناول الموضوع بطريقة مبالغ فيها إلى حدّ ما، فقد هاجم الإعلام الجزائري "عودة الدفء" إلى العلاقات المغربية المصرية، واصفا الموقف المصري من قضية الصحراء والقاضي بدعم مقترح الحكم الذاتي بأنه انقلاب على الجزائر. وقالت صحف جزائرية محلية إن وزير الخارجية المصري وضع العلاقات بين بلاده والجزائر جانبا وهو يؤكد من الرباط في بيان مشترك مع نظيره المغربي دعم بلاده لمقترح الحكم الذاتي في الصحراء والتزام القاهرة بالحل الأممي للقضية. هذا وقد أجرى الرئيس المصري عبدالفتاح السيسي، يوم الثلاثاء الماضي، اتصالا هاتفيا بالعاهل المغربي الملك محمد السادس، حيث أكد على اعتزازه بالعلاقات التاريخية بين البلدين، فضلا عن عمق الروابط التي تجمع بين الشعبين الشقيقين. غير أن استقبال الملك محمد السادس لوزير الخارجية المصري سامح شكري، في مدينة فاس شكل نقطة فاصلة في مسار العلاقات، حيث نقل المسؤول المصري إلى الملك دعوة من السيسي، للقيام بزيارة رسمية لجمهورية مصر العربية. ويرى مراقبون أن الإعلام الجزائري يريد أن يفرض نفسه وصيّا على مواقف الدول وسياساتها الخارجية، خاصّة إذا ما تعلّق الأمر بقضية الصحراء التي تعدّ طرفا فاعلا فيها لأنها تتبنى الأطروحة الانفصالية وتدعم جبهة البوليساريو ماديا. وشدد نوفل البعمري في هذا السياق، على أن الجزائر تحاول أن تجعل من قضية الصحراء، مجالا للتراشق الإعلامي أو للمزايدة على المغرب. وقال: "إن السياسة الواقعية والواضحة للمغرب تجاه الخارج أفشلت محاولات النظام الجزائري، وعززت عزلته الإقليمية، كما أن الانتصارات الدبلوماسية التي يحققها المغرب ستجعل الجزائر مضطرة إلى الاستمرار في سياسة الاستفزاز الإعلامي". ودائما ما يقوم الإعلام الجزائري بحملات دعاية لجبهة البوليساريو باستضافة مسؤوليها في البرامج التلفزية والترويج لفكرة أن قضية الصحراء هي قضية تصفية استعمار وليست قضية نزاع إقليمي، ويغيب عن المنابر الحوارية الصحراويون الرافضون للأطروحة الانفصالية حيث يمنعون من التعبير عن مواقفهم وإيصالها إلى الرأي العام المغاربي. ويرتبط الهجوم الجزائري على المغرب في غالبه بقضية الصحراء، ففي العام الماضي تفجرت حرب إعلامية بين الرباطوالجزائر بعد انتهاء جولة المبعوث الخاص للأمين العام للأمم المتحدة كريستوفر روس في الأقاليم الجنوبية، فمن جهة يعتبر مؤيدو مقترح الحكم الذاتي أن الجزائر تتدخل في الشأن المغربي وتقوم بالتصعيد عوض محاولة احتواء الأزمة وتهدئة التوتر، ومن جهة أخرى يؤكد مسؤولون حكوميون جزائريون احترامهم لسيادة الدول، مشدّدين على ضرورة استفتاء ساكنة الصحراء المغربية لتقرير مصيرهم، وهو طرح لا تؤيده أغلب الدول على المستويين العربي والأوروبي. ومع كل ذكرى سنوية لانطلاق المسيرة الخضراء، تشن الطبقة الحاكمة بالجزائر هجمات إعلامية موجهة ضدّ المغرب، ولعل أبرز هجوم قام به الإعلام الجزائري سنة 2012 بعد الخطاب الملكي بمناسبة حلول الذكرى ال37 لانطلاق المسيرة الخضراء، حيث قطعت الجزائر مع مرحلة الهدنة الإعلامية بين البلدين، التي وعد بها سابقا الناطق الرسمي باسم الحكومة مصطفى الخلفي، ليتضح استهتار بعض الإعلاميين الجزائريين بدقة المرحلة وأهمية عقلنة الخطاب الإعلامي وتهدئة الأجواء بين البلدين وهو ما ينسحب على بعض الإعلاميين المغاربة أيضا. عن العرب