كنت أشتم رائحة الحزن في ذاك المساء الحزين ، تلون ساعتها بالفرح النزق ، أعيش بين المنزلتين لست أجهش بالبكاء ولا أطرب لأنغام الفرح ، كنت سعيدة في تلك الأيام التي استطعت أن أحدد هويتي ،عندما كنت متيقنة بأني تلميذة مثقلة بالهموم ، تحمل أحلاما متوارية ، (...)
بعد أن يتلاشى الضوء في ظلمة الليل الدامس ، ساعة بعد صلاة العشاء ، يخيم الهدوء على قريتنا ، ما عدا حركة بعض الحشرات التي تلف على أعمدة الضوء الخشبية ، واحد قبالة باب القرية ،حيث ينزوي السي المكي ‘ داخل جلبابه النتن ،و ثان قبيل المسجد ،وثالث يطل (...)
دلف باب المدرسة لأول مرة خوفا من شبح الأستاذ، تقلب بين الحجرات عن غير وعي، مل تلك الجدولة الزمانية الراتبة بين أقسام آيلة للسقوط، جدرانها من تراب وحجر متراص وسقفها من أعواد وخشب منخور مغطى بسعف الجريد والقصب، وهو في الصف الخامس ابتدائي بدأ يشعر (...)
حوار
راسل الفقير الرئيس قائلا : بمقدوري أن أموت دون معاونة
أجاب الرئيس غير مكترث :فل تموت
اندهش الفقير وقال على مضض: وصياح الصغار؟
رد الرئيس خجولا :سأعطيكم نارا تساعدكم على الحياة
ندم
من خلف كوة ضيقة بصرت بسهام عينيها فطفقت تخسف على خديها (...)
مرت سنة بكاملها وأنا أسير على الرصيف كل صباح وعند الظهيرة وفي روحة الشمس ،ألتقي رجلا عجوزا يلتحف بزة نتنة عليها بقع مزركشة ،وسروالا خافت اللون تتخلله ثقب هنا وهناك ، كان رجلا أحنف في مشيته ،يميل على رجله اليسرى ويتأبط كتابا أومجموعة كتب عبارة عن (...)
ليس من الغلو القول إن الكاتب المغربي بوشما حميد يبقى من بين أولئك الذين سطع نجمهم في سماء الخيال ، واستقام عودهم في فن كتابة القصة بمختلف ألوانها ، وأصبح القلم أداة طيعة بين أيديهم ،لا سيما أن الكاتب اختار فن الكتابة و سار على دربها ؛ ولعل أعماله (...)
لا زالت المرأة العجوز ،صاحبة الدار المكتراة تقول لنا : احذروا واعقلوا فإن في الدار امرأة عجوز وثلاث فتيات عانسات ، يخرجن في كل صباح للعمل ويعدن في المساء منهمكات كل متنهن .فلا تكلمهن إلا بوجودي بينهمن أما إن تغيبت فبينكم وبينهن بعد المتخاصمين
ثم (...)
دأب المؤذن على عناده مع القبيلة... يستيقظ باكرا وقت السحر ، يسير في اتجاه المسجد... يصعد إلى سطحه مهتديا بقنديله العتيق ثم يبدأ باللف و الدوران واضعا يديه خلف أذنيه و هو يصيح بأعلى صوته "الصلاة خير من النوم " ، يجلس لبرهة من الزمن ثم يأذن لصلاة (...)
داخل سوق أسبوعي ،يستقبل الزوار من كل حدب وصوب ومن كل صعد و صبب ،نازحين إليه مشيا على الأقدام أو راكبين المطايا (البغال و الحمير)، دخل كعادته غير مبال بمن حوله ،رمق بطرف العين العسس يتجاذبون أطراف خصام حاد مع رجل اتخذ من الفقر أنيسا له و أراد أن (...)
أخذ القط يبكي بعدما أثقل كاهله بالقيود ، فالأسد قد كلف الكلاب بحرصه ومنعه من الصيد ، ومباشرة أعمال، تضمن له قوت يومه ، سئم من ذلك وفقد الأمل ....فحبس نفسه في جدع شجرة منعزلة. وبعد مرور بضعة أيام استسلم جسده لموت استل منه روح الحياة ...و في الصباح (...)
لا أدري لماذا يشده الشوق إليها ويجعله الحنين يرسم طيفها بسواد حزن عكر على ورقة العتمة ، في جنابات ليل مغس. ذات برهة حاول أن يكسر رتابة الضيم الذي أضحى كائنا لا محيد له من جسده. وظل عنان المرض فيه على حاله إلى أن نشب اليأس مخالبه في واسع من أحشائه، (...)
استقر به الزمان على حافة هراس من لظى فأيقن أن المصير حياله ولابد للمصير أن يعاش، و إن كان العيش في أبهى صوره دما قاتما تحكيه الرزايا و ترعى على جانبيه أيادي مسلولة لا حظ لها من هذه الحياة، كانت تنعم بالضحك الساذج في أيام الصبا وتمرح للهوى ويستهويها (...)
شكل أحمد نقطة النون وثلاث فتيات ذيله ،كله حياء و خجل،صفر الحياء البدوي سيده و التواضع الخجل جذموره .
في نفسه يحوم الكثير ، فبعد أن يستقر على حافة حداثة منفتحة يدفعه الأمل إلى تجاذب أطراف الحديث مع أولئك الفتيات الثلاث، فيبدأ بترديد الكلام في خلده (...)