حين تهتزُّ الأرض تحت أقدام الإنسان، وتسقط البيوت المرتفعة ذات الطَّوابق المتعدِّدة أمامه، وتنهار المنازل من حوله وقد كانت من قبل عامرة بأهلها، وتندكُّ الدّور على رؤوس أصحابها، ولا يظلّ لهم أثر يذكر أنَّهم كانوا هناك يسكنون، ويمرحون ويطربون، ويأكلون (...)
إن لحظات الاختلاء بالنفس هي من أجمل لحظات العمر التي تسبغ على الأرواح سبغة النّقاء والطُّهْر ، وتضمُّ جواهر معانيها في عقدٍ يسبر أغوار أسرارها ..
وإنّ اقتناص ساعاتِ التَّجَلّي في النّظر والاعتبار، يؤلِّف القلوب ويرتِّب حروف نبضها على سطورٍ قد حرّك (...)
أنّ الأوّل يسرق من جيبك وجيوب من حولك القرش ليشتري ما يسدُّ به الرّمق ويروي الظَّمأ ويشبع بطونًا تجوع وتعطش..
والثّاني يسرق من جيب عقلك وعقول من حولك العلوم والمعارف، والأفكار والمشاعر، والتُّراث والثَّقافة، والتّاريخ والجغرافيا، والأدب والفنّ، (...)
حين يرتقي بالإنسان في الأقوال والأفعال، فتصير أقواله أفعالاً تُرى وتُسمع، وتُشاهَد رَأْيَ العين والبصر والبصيرة في المواقف وما ينزل من النَّوازل، وما يجري من الأحداث، في السَّراء والضَّراء، واليَسار والإِعْسار، والرَّخاء والشِّدة، وفي سائر سلوكه، (...)
أنت تتصوَّر أحلامك وهمًا وخيالاً وسرابًا، لهذا لا تمتلك القدرة على أن تمتطي صهوة جِيادها، ورُكوبَ المتاعب والمشاق والأهوال، ومواجهة الشّدائد والأخطار، وخَوْض غمار الحياة وحروبها..
أنت لا تؤمن بأحلامك بيقين وعقيدة ثابتة، ومن كان لا يؤمن بقلبه وعقله (...)
أن تخرج حبيبنا وفلذة كبدنا ريان سالما من محنتك الشديدة ..
وعشنا أياما عصيبة، وقلوبنا وأفئدتنا معلقة معك، وألسنتنا لا تفتر تلهج بالدعاء لك، ورجاؤنا في الله عظيم، أن تنجو من ذاك الضيق وذاك الظلام وذاك الجب العميق، وتخرج من أزمتك لتبصر نور الحياة من (...)
حين يغادر قطارك محطته، وتختار رحلة سفرٍ طويلة، ويصير غيابك عمن تحبهم يتلوه الغياب..
وتفصل حياتك عن حياتهم، واهتماماتك عن اهتماماتهم، وتقرر وتختار بإحساسك وعقلك، أن تبتعد لأيّ سببٍ من الأسباب، أو لأيّ ظرفٍ أو عذرٍ من أعذار حياتك..
ثم تقرّر فجأة بعد (...)
إنّني ما زلت أتوقُ كلّ عامٍ جديد إلى موكب القراءة الشَّديد الالْتِحام بالحياة والنّاس..
وما زلت أقرع أبوابها، وَأُسَرّ ببشائرها وأطياف شموعها، وأُسْلِم روحي حين يلتحم قلمي بسطور حياتي وحياتها..
وإنّني ما زلت كلّ عامٍ جديد أقرأ في كُتب الحياة بشغفٍ (...)
إنَّها حروف الحياة القاسية تَخْفِق في محراب الكلمات المَضْمومَة على شفاهٍ مُطْبقَةٍ على صمتٍ آسِرٍ لحَناياي الثّائرة..
تُعيد طَقْطَقاتِ الحطب في مدفأتي، تُغْري حَوافِر الخيل فتركض بأحلامي حيث أشاءُ أن أمضي، وتبعث طرقات الإلهام وتملأ فراغ (...)
الكلمة الصّادقة هي التي جمعت حروفها في حالتي السِّلم والحرب، وولدت من مخاضٍ عسير، لتواجه وتقاوم وتخالط واقع الحياة ومعارك الحياة، وتعبِّر بجرأة ونزاهة، وصدق وأمانة عمّا يجري ويحدث وينزل من الوقائع والنَّوازل والأحداث..
والكلمة الصّادقة هي التي تُصاغ (...)
لقد اعتدت -لا قطع الله وصل عاداتنا الحسنة- أن أعلق وأعقب وأضيف -ضمن كناشة الفوائد والشوارد- على النصوص التي أختارها وأنتخبها من أصناف متنوّعة من الكتب والمصادر التراثية، في مواضيع شتى وفنون مختلفة، لأنّني أرى أن رسالتي العلمية تلزمني أن أقدمها إلى (...)
ما أسعد النَّفس التي تُقابِل من يُشارِكها ويُشاكِلُها فيما تقرؤه وتكتبه..
فالكلمة والمعنى محرِّكان قويّان، يَمْخُران بسفينة الحياة الخامِلَة عباب أمواجها، ويطهِّران مياهها الرّاكدة من أَنْجاسها وعفَنِها وخَبثِها..
وهما زيت قناديل شوارعها المظلمة، (...)
قد تكونُ الفرحة التي تقتلعها مِن قلب إنسان في لحظات شعوره بالسّعادة، هي كلّ ما تبقّى له من لحظات، ومن لذّات عيشٍ هنيء، وكلّ ما يملِكه مِن أحلامه ومسرّاته الجميلة ..
فتحرَّر مِن رفع مِنجلك الذي يلازمك في كلّ الفصول؛ فقد تحصُدُ به يومًا حتى أحلامَك، (...)
من بدَأ رَخْوًا ضعيفًا، ليِّن الجانِب والشَّكيمَة، وخائِر القوى والعَزيمة، ولا يَبْذُل قصارى جهده، ولا يَتحمَّل معاناة التَّفتيش في رُكام الكلام المَوْزون المَضْموم في صفحات الكُتُب، ولا يُسخِّر ما يملكُه من قُدرات ومَواهِب خَفِيَّة، ولا ما فطَره (...)
لا تعوِّل في الاحتجاج والاستدلال إلا على الآثار والأعمال، فهي التي تشرح الحقائق وتترجم عن السَّجايا والخَوالِب، من غيركذب ولا محاباة، وبلا مصانعة ولا مُداجاة.
خُذْ بيد عقلك هذا الميزان، وطُفْ به جميع عالم الإنسان، يظهرك على ما في الضّمائر، ويطلعك (...)
وأمام تلك السيدة التي تعودت أن أصغي لسرد حكاياتها ونظم فصول قصصها كنت أنسى أنَّني الكاتبة وأنسى قلمي وعلبة ألواني..
لقد صِرتُ أمامها أنا القارئة التي أَتعلَّم من أحاديثها أبجَدِيَّات القراءة، وأَنْسُج أفكارًا أُحَرِّرها وأبعث فيها روحها وحياة أخرى (...)
حقِّق الممكن الذي تحلم يوما أن يكون، فتكون لك حياة ويكون لك وجود، فأنت لا تحتاج إلى أن تحقِّق كلَّ أحلامك كي تشعر بالسَّعادة والاغْتِباط ويسكنك الدّفء ويحيط بأركانك الهدوء، ويرحل عنك الضّجيج والقنوط والعبوس..
بل يكفيكَ أن تُحَقِّق حلما واحدا فريدا، (...)
تروى القصص والحكايات في الماضي والحاضر أخبار من لحقهم الأذى وسوء العاقبة من الأبناء بسبب دعاء الآباء أو الأمهات عليهم في ساعات الغضب، أو بسبب ما يصدر عنهم من العقوق بهم وعدم الب بهم، أو بسبب النّفرة والكراهية التي تشتد بينهم، وكثرة الخلافات (...)
إنك لا تقدر أن تفرض احترامك على من حولك بسلطة الجَبْر والإلزام ، ولا بسلطة الغَلبَة والقَهْر، بل أنت من تعلِّمهم كيف يحترمونك وكيف يهابونك، ويرتقون بك المراتب العُلا، ومنازل الرِّفعة والسُّؤدد، بقدر انتهاجك للمنهج القويم في التفكير، وببراعتك في (...)
إذا انتشرت التفاهة داخل المجتمع، وانحسر عن أبنائه الارتقاء في الوعي والثقافة، وضعف اعتناء المعلمين والمتعلِّمين والحكومات بالتربية والتعليم، انتشرت الأمية والجاهلية الحديثة، وشاعت قلة الفطنة والغباوة في أبناء الأمة، واتخذت لها لباس التمدُّن (...)
أنت لا تحتاج إلى مَن يُقاسِمك معاناتك، أو مَن يحملها عن كاهلك؛ لأنك وحدَك مَن تشعر بأنينِ ألَمِك المزروع بصدرك، ومخاض أوجاعك حين تشتد ولا تهدأ، ولن تجد مصطلحاتٍ تحتوي معانيها العميقة كما تحتويها في رفوف ذاكرتك، ولن تجد لغةً تُفصِح عنها إلا لغة (...)
نواجه اليوم إعصارا جارفا صار يهزم عقول أبنائنا، ويحثو على رؤوسهم تراب الغفلة والتفاهة، وينفث في صدورهم سموم الغي والجهالة، ويبعث همتهم لاتباع كل ضال ناعق بضلالته وبدعته وفساد رأيه، ومن لا يستحق الاتباع ومن ليس أهلا للاقتداء، فيحملون عن كل لسان كذبه (...)
ليس من عبدٍ إلا وبينه وبين كسبِ يومه وقوته قدرٌ قد يزيد من فضل إكرامه ثوابًا، أو ينقص منه قدر بخله وشحِّه أضعافا، وهو بين جمع المال وإنفاقه في شؤونٍ وأحوال مختلفة وأطوار شتَّى، ويقوِّيه امتلاكه وكسبه على الوجه الحلال، وإنفاقه رضًا وطاعة للمنعِم عليه (...)