تروى القصص والحكايات في الماضي والحاضر أخبار من لحقهم الأذى وسوء العاقبة من الأبناء بسبب دعاء الآباء أو الأمهات عليهم في ساعات الغضب، أو بسبب ما يصدر عنهم من العقوق بهم وعدم الب بهم، أو بسبب النّفرة والكراهية التي تشتد بينهم، وكثرة الخلافات والشجارات التي تقع بينهم، أو ما من شأنه أن يقطع الأرحام، ويمزق ما يربطهم من صلات المودة، وشريان المحبة والرحمة.. ومما يروى ويذكرفي كتب التراجم، أن الزمخشري (أبا القاسم محمود بن عمر) صاحب كتاب " الكشاف في التفسير كان أعرجا يمشي في رجل من خشب، وروي أنّه لما كان ببغداد سأله أحمد بن علي بن محمَّد، أبو الحسن الدامغاني (ت 540 ه) عن سبب قطعها، فقال: " دعاء الوالدة، وذلك أنني في صباي أمسكت عصفورًا، وربطته بخيط في رجله، وانفلت من يدي، فأدركته، وقد دخل في خرق، فجذبته، فأنقطعت رجله في الخيط، فتألّمت أمّي لذلك، وقالت: قطع الله رجل الأبعد كما قطع رجله، فلمّا وصلت إلى سن الطلب، رحلتُ إلى بُخارى لطلب العلم، فسقطت عن الدابة، فانكسرت الرجل، وعملتُ عملاً أوجب قطعها". وكان، إذا مشى، ألقى عليها ثيابه الطوال، فيظنّ من يراه أنّه أعرج. وقال ابن خلكان في وفيات الأعيان : " وسمعت من بعض المشايخ أن إحدى رجليه كانت ساقطة، وأنه كان يمشي في جاون خشب، وكان سبب سقوطها أنه كان في بعض أسفاره ببلاد خوارزم أصابه ثلج كثير وبرد شديد في الطريق فسقطت منه رجله، وأنه كان بيده محضر فيه شهادة خلق كثير ممن اطلعوا على حقيقة ذلك خوفاً من أن يظن من لم يعلم صورة الحال أنها قطعت لريبة، والثلج والبرد كثيراً ما يؤثر في الأطراف في تلك البلاد فتسقط، خصوصاً خوارزم، فإنها في غاية البرد، ولقد شاهدت خلقاً كثيراً ممن سقطت أطرافهم بهذا السبب، فلا يستبعده من لم يعهده". الرواية في وفيات الأعيان (169.170/5).