بقليل هديرٍ عصَفت ذبذبةٌ دامتْ
بِضْعَ ثَوَانٍ بجهات كانت هادئة في القلب،
وما بعُدتْ عنهُ أو طلبَتْ شيئًا،
حتى لم تتمالك جدران أن ترفَعَ أستارًا عن أسرارٍ
باحتْ بشهادات حظائر يسكنها أحفاد حضارات بادت ،
لتحدّث أجداثٌ ثاوية من عهد ثمُودَ وعادٍ،
في عمق (...)
منذ الساعات الأولى
من فلق الصبح إذا يتنفَّسُ أفتحُ عينِيَّ بُعَيْدَ هجودٍ
لا أبصر ما حولي أو حتى إن أبصرتُ
فلستُ أميِّزُ أشخاصًا من أحياءٍ تسعى أو أجداثِ لُحُود :
لا شيء أمامي يصعد:لا شرفات تدنو نحوي
أو تمشي نحو الأزرق في بحْر أو أفُقٍ،
لا عينَ (...)
1 شاطئ بلا وباء
على هذا الشاطئ لم تعد لك من متعة، فقد أصبحت خطواتك تتشنج وأنت تنظر إلى ما كان يسمى من قبل « ممر أقدام» أو «مارشا بيي» بلغة مارتين الرجل الذي أعطى اسمه لهذا المكان، أيام كانت ذات «سُكّانه الأصليين» مقيدةً خرساء. بينما يقشعرّ جلدك وأنت (...)
كان قد غادر مدينته في السابعة صباحاً، ووصل إلى المحطة الكبرى بعد ساعة ونصف عبر طريق تملأها الحفر والمنعطفات، اعتاد سائقو حافلات السفر السير عليها ببطء قتل في الركاب كل حلم بوجود مركبة تقطع المسافات الطويلة بيسر ذات يوم قريب أو بعيد، بل كل قدرة على (...)
أن أكتب مثل آلة يعني أن أكتب الموت،
فما ذا تعني نسبة الأناشيد إلى موتَى،
أول ما كانوا فقدوه وهم يحلُّون ضيوفاً على ظلمات وفضاءات لا
ألوان لها أصواتُهم وأبصارُهم؟
بل إن أحبابي الذين أخذهم من بين ذراعيّ موتٌ،
بطيئاً كان أم خاطفا ،
لا يزورونني حين (...)
أنا في غرناطةَ المقهى،
وشمسُ الصُّبْح في عَيْنِيَّ،
لا ظل من الحمراء في وجهيَ،
مدَّ الشجر الواقف في الناصية الأقرب،
دفقاً من شعاعٍ مرَّ كالطيف بها
ظليَ في يومٍ له لَوْنُ حريق،
أوْ غناءٌ بلَّهُ في داخلي
منْسكب يجهشُ،
لا أنسامَ من حوليَ، هبَّتْ
في (...)
كان جناحاها عاجزين، فهي لم تكد تحلق بهما لمسافة تطول أو تقصر، حتى ألقياها حيث لا تريد، لكنني لما رأيتها قد حطت قريبة مني، إزاء مدخل بيتي من جهة السطح، حيث كنت أجلس في لحظة فراغ انتظار وجبة الغداء، خُيِّلَ لي أنها لم تأت إلا لحرماني مما يمكن أن يكون (...)
أفقتُ من قيلولة استسلمت إليها تحت تأثير دوار كنت قد تمنيت أن ينجيني لجوئي الاضطراري إلى هذه الغفوة منه، ومن أي أعراضٍ جانبية لما أتناوله من أدوية، لكنّ كابوساً كان يضغط عليّ ويعود بي إلى أجواء زمان بعيد، وأنا أرى، لا أدري أين؟ امرأة أدركها الكبر دون (...)
قمت صباح أمس، بزيارة خاطفة إلى تلك المدينة الشاطئية الخانعة بعد شهور من مغادرتها، وبها كنتُ تابعتً دروسي الثانوية قبل أكثر من نصف قرن، ثم عدت إلى الإقامة بها في السنوات الأربع الماضية ، لكن حدث بعد ذلك ما حملني على اللجوء إلى السكن في مدينة (...)
عامان مرا على وفاة شقيقي الشاعر محمد الميموني، يوم 12/10/2017 ،وإني !لأعجب كيف يزداد حضوراً في َّ قدر ما تفرُّ مني الكلمات، وتغيب الحياة
لماذاّ؟ الأن حقيقة الموت أقوى من جوهر الحياة ، ومن أي حقيقة أخرى، فأمام الموت ، وحتى دون أن ننهزم ، نشعر أن كل (...)
( تحية إلى مدرسة محمد الخامس الحُرَّة ، في مدينة شفشاون أواخر خمسينات القرن الماضي)
*
قبل قليل، كان لون هذا الصباح أقرب ما يكون إلى رماد منطفيءٍ،بارداً كان الجوّ، ورغم ذلك لم أتكاسل أمام رغبةعادية، كانت تدفعني إلى فتح نافذة الحجرة، ورفع أستارها، وإن (...)
في مدينة الدهليزالأطول، الممتد في ضيق لا مثيل له، سهوتُ فسرتُ بضع خطوات في زقاق ، فقادتني نحو حارة المدفونين، وتنبهت إلى نوافذ، كنّ ثلاثأ، أو اثنتين ربما، كانتا مغلقتين إغلاقاً محكما، وقد أضيفت لتثبيت إغلاقهما من الخارج ألواح سُمِّرَتْ على شكلِ ، (...)
…..
خطواتي التي تقبع الآن في قيد شيخوختيِ،
المستكينة بعد جموحيَ إثْرَ غروب ظلال
يفاع تركتُ ورائيَ أفياءها،
كم تَحِنًّ إلى طرقات عدوتُ بها،
ثم أبتً إلى ساحةٍ وجثمتُ بها.
…
وانثنيتُ إليها بأجنحة الحلم،
لم يكن الطفل يخشى سراديب خلفِها ،
أو يتراجع عن (...)
تصورتُ وأنا أمسك بأصابع يده اليمنى وقد ألقى بها إلى جانبه في وهن، على الأريكة حيث كان يجلس بعض الوقت أو يلقي برأسه على وسادة في طرفها الأقصى، أنني أدعوه إلى البقاء بينا كان يلح هو في كل كلمة أو إشارة تصدر عنه على رغبته في الذهاب، فقد كان كمن يشعر (...)
إذا كان كل ما هو جوهري وكل ما هو مطلق، يشهد بأن كل شيء في تغيرٍ دائم،وفي صيرورة دائمة، فما السبيل إلى أن أملكَ ، أنا المغربي العربي المسلمَ، وعياُ بالتاريخ، ومن ثمَّ فكراً تاريخياً، بينا أعيش في ظلّ نظام كامل مغلق سوسيوثقافي مكتفٍ بثبوت رؤاه (...)
…ذات مرة، تحركتُ وأنا أهم بالانصراف قائلاً:
إلى اللقاء.
فرفع نحوي عينيه وهو يتبسَّم:
في الجنة.
فنظرتُ إليه في غمرة من حيرة ويقين، وخوف وإشفاق، متبسماً مثله.
…
وفي المرة الأخيرة ، بادرني وأنا أقرِّبُ كرسياً للجلوس أمامه، قريباً منه:
هل ما يزال بين (...)
عاد في رخصة قصيرة،بعد غياب، لم يجدها في البيت، فأرغى وأزبد، وأَرْعَدَ وهَدَّدَ، عرف من ارتعاش صوت أمها أنها ذهبت إلى مناسبة فرح، فاندفع مُمْسِكاً بذراعها لتدله على دار العرس، فوجئت المسكينة بمن تهمس لها بعودته، وهي في غمرة عاصفة غِنَاٍء نِسويٍّ (...)
1979/07/23 : كنت في الثلاثين، وكان من عادتي أن أمضي كل العطل المدرسية في مدينتي، ولم يحدث أن سافرت إلا في مناسبات قليلة، ورغم طول العطلة الصيفية ، فقد كنت أمضي معظم أيامها بشفشاون، لكن ماحدث في هذا اليوم جعلني أفكر في طريق للنجاة مما طوق كل مقيم بها (...)
كان اليوم صيفياً، والوقت يقارب الظهيرة، وكل شيء حولي وفي داخلي يغرق في بياض مطلق دون أن يغادر أحساسي بالمكان الذي كنت فيه، بياض غير منتمٍ إلى أي معنى أو دلالة أو رغبة… كنت أسير في ضوء لا أرى مصدره، يالتأكيد لم يكن مصدره مصباحاً أو ما أشبه؛ كان (...)
عِشْتُ فيها مُتَعاً شَتَّى، وشفتاي تتلمَّظانِ مِنْ
إيقاع الحرمان على جِلْدِي
واسترجعتُ أزمنة مُصِرّاً على الإمساكِ
بظلال ملذاتٍ متخيَّلَةٍ من كل جنسٍ.
وفيها ذُقْتُ غُصَصا بلا عَدَدٍ،
تحت سقفها أشعلني شوقٌ ولم ينطفيء
لأنه سمعني أهمس في لا مبالاة (...)
ياأيها الذين شُرِّدُوا من أصقائي ، في ليال خائبة مَضَتْ،
في انتظار أي شيء يمكن أن يخفف من عبء خساراتنا المظلمة المفروضة،غير المستحقة،
انتظار أن تشرق الأرضُ، أو تغرب شمس أقوياء، أو تتكلم نجوم لا يكاد يصلنا منها إلا أوهن ضوء، به تقول في ومض باهت: أنا (...)
تهاوَى عالَمي ميْتاً،
وقد نهَدَتْ إليهِ صرخةٌ في الأرضِ تأبى
ما تفسَّخ من عفونتهِ وأيديهِ
فذاق الطردَ عضّ على حديدِ مرارةٍ مِنَّا،
فأودَع ما تمنَّى
حالِماً ما بين بُرْدَيْ طائرٍ أعمَى،
مع الأقداركان يمرُّ ركضاً فوق من سحقوا ، على جُثَثٍ
فُرادَى أو (...)
1
رغم ما يمكن أن يقال عن انطلاقة أحداث رواية (عودة المعلم الزيْن) من كابوسين لم يستيقظ منهما من وقع تحت أهوالهما، إلا بعد مجاهدة ومكابدة شديدتين فقد استمر الكابوسان طويلاً، ورغم ما تم من تقديم لبعض مشاهد الحرب الأهلية الإسبانية عبر أفظع مواقفها، (...)
لا شيء يرضيني، وإن جاءت إليّ بمشرق الضحكات من لم يرضها قتلي، وكانت كل آمالي ، إلى أن عادني منها الذي ضجَّت به الأفواه من أضواء ما لمسته خائنة العيون من اندلاعي عاريا في الضوء أدفع عزمَتي مستشهداً ما ضاءت بغير جراحه رؤيا الذي يمتد من ماضيَّ أنشره (...)
ليس صحيحاً أن القصة مجرد كذبة متفق عليها بين الكاتب والقارئ، ذلك أنها لا يمكن أن تنطلق من فراغ، أو أن تقوم على غير أساس، وأجمل تعريف يحضرني الآن وقد سمعته من اساتذتي ، ذات يوم بعيد : أن القصة (حدَثٌ وَقَعَ أو يمكن أن يقع) ذلك أنها حقاً في المحصلة (...)